20 غشت ملحمة شعبية…


بريك عبودي
السبت 20 أغسطس/أوت 2011


يحتفل الشعب المغربي بذكرى 20 غشت 1953 ، و هذا التخليد يعد في حد ذاته حافلا بالمعاني و الدلالات ، فهو يعبر عن تمسك الشعب المغربي بتلك الروح التي اذكت فيه قوة النضال لصون هويته و كرامته . و يمكن بهذه المناسبة تعداد ما ترمز إليه الذكرى من دلالات ، لكنها تنتمي كلها – إن شئنا الاختصار- عند دلالة واحدة كفيلة باستيعابها و حفظها ، أن تصل حاضرنا و مستقبلنا بماضينا ، فما العبرة إلا بالاستمرار ، ذلك هو الدرس الذي يملي أن نحافظ كشعب على جذوة الحياة فينا .


و ما هي هذه الشعلة غير أن تتمثل في استمرار عشق الوطن و الحياة ، و في استمرار النضال على جميع المستويات . فالكفاح كان من أجل الاستقلال و في 20 غشت من كل سنة نسترجع ذاكرتنا و تاريخنا الوطني لنتذكر جميعا أن الشعب المغربي و فئاته المقهورة كانوا هم صانعي الملحمة الرائعة التي مكنت من تحقيق استقلال البلاد من قبضة الاستعمار ، و جنود الميثاق الوطني من أجل الاستقلال الذي ربط بين المغفور له الملك محمد الخامس و الحركة الوطنية ، و بالتفاف الشعب المغربي حول حركته الوطنية و حول الميثاق الوطني أمكن دحر مخططات الاستعمار و المعمرين الفاشستيين و أذنابهم و تحقيق رجوع الملك إلى الوطن.

ترمز ذكرى 20 غشت إلى دلالات تاريخية عظيمة في تاريخ الشعب المغربي ، ففي هذا اليوم من سنة 1953 انتفض شعبنا تشبثا باستقلاله و بملكه، الذي استهدفت المناورة الاستعمارية بنفيه ضرب ما يمثله من معاني السيادة الوطنية و ضرب ذلك التلاحم الذي كان بينه و بين القوى الوطنية . و قد عرف يوم 20 غشت 1953 ردا شعبيا حازما عن تلك المناورة الاستعمارية الخبيثة ، ثم لم يلبث أن عرف المغرب أحداثا مماثلة لذلك في 20 غشت 1955 كانت شديدة القوة و واجهتها القوات الاستعمارية بشراسة و همجية بمنطقة وادي زم و اخريبكة.
20 غشت هو تاريخ يملكه الشعب المغربي بقدر ما صنعه بالتضحيات و الملاحم و بالعمل و الإبداع... هو تاريخ يسفر عن شعب عظيم و متلاحم ينبض بالحياة، و مازال يذكر تاريخه و يعرف نفسه و يمتد إلى جذوره... و هذا ليس فقط كنزا ينبغي أن لا يضيع ، بل هو من تجليات روح عظيمة ينبغي أن لا يضعف!

إن الخصائص التي تميزت بها ثورة الملك و الشعب التي انطلقت في 20 غشت 1953 تحتم على المفكرين المغاربة استغلال كل الفرص من أجل تحسيس الأجيال الصاعدة بمغزى هذا الحدث العظيم في تاريخ المغرب المعاصر ، و من خلال جرد شامل و كامل لكل الثورات التي عرفتها دول في العالم الثالث و المقارنة بينها و بين ثورة 20 غشت فإن هذه الأخيرة تمثل قمة القمم لأنها عرفت مشاركة شعب بأكمله إلى جانب ملك عظيم زهد في عرشه بكل امتيازاته ليبقى إلى جانب شعبه و هذه الخاصية لم توجد في الثورات الأخرى ، و هذه المقارنة تجعلنا نرتب 20 غشت في قمة الثورات لأنها اعتمدت فقط على مصداقية مطالبها و عدالة قضيتها من غير أن تكون وراءها أية قوة أخرى عكس الجانب الآخر الذي كانت وراءه قوات ومصالح معروفة آنذاك.

مقالات ذات صلة