عندما كان الشباب يتظاهرون في الشارع تعبيرا عن مطالبهم، كان هناك أيضا نوع أخر من التظاهر يعيش في قلوب كل الآباء الذين يعرفون جيدا أن أبناءهم ينتمون إلى جيل جديد له طموحاته وله تطلعاته، ففي الوقت الذي تسود فيه حالة الخوف على الولد من أي مكروه يهيمن على النفس خوف من نوع أخر، خوف على الوطن من الفتن ومن المنزلقات لأن تحرك الشباب له طابعه العفوي ولا تخلو الساحة من الانتهازيين والنفعيين والمتربصين بمصالح بلدنا الحبيب. سألني مجموعة من الأصدقاء عن سبب خروج الشباب إلى الشارع وهل هي نفس الموجة كما في مصر وتونس فقلت لهم إننا في المغرب نعيش في ظل نظام سياسي عريق يعي جيدا أصول الحكم، وليس حديث عهد بتسيير شؤون شعبه لذلك حينما علم جلالة الملك بمطالب الشباب لم تتدخل السلطة لقمع المتظاهرين وهذا هو العنوان الحقيقي والعربون الواضح على أن ملك البلاد اعزه الله يفتخر بشبابه سواء الذي خرج إلى الشارع أو الذي ظل أمام شاشات التلفزة ليتابع ما يحدث في دول أخرى وهو يفتخر بنعمة الاستقرار . حينما نزلت إلى ساحة البريد بالرباط مساء يوم الأحد وكعادتى لاقتني جرائد الغد واكتشفت أن شبابنا قد أمضوا يومهم في الاحتجاج وانسحبوا بكل هدوء ، تذكرت كلام والدي رحمه الله وهو ابن الوطني والمقاوم المعروف القايد علي أمزيان الذي تفانى في نواحى كروان في مقاومة الاستعمار . كان دائما يردد على مسامعي أن المغرب شعب الأبطال وان المغاربة لا يميلون مع الريح وأن المغربي حر في نفسه وغيور على أرضه وهو مستعد في أي وقت للتضحية بنفسه في سبيل وطنه. لقد تذكرت هذا الكلام وأنا انظر في عيون المارة في الشارع وخصوصا الشباب منهم وأقول في نفسي كم هو محق جلالة الملك حينما يفتخر بشبابه، وهو الملك الشاب ابن الأسرة المقاومة العريقة المتجذرة في أعماق المغاربة. إننا ننعم في هذا البلد العريق بنعمة الاستقرار التي يفتقدها جيراننا اليوم ولذلك سوف يكثر خصومنا وحسادنا وقد يقع شبابنا في أيادي بعض المتربصين والانتهازيين والمسؤولية على الآباء أولا في تحصين شبابهم من أن يستغل أعداء الوطن حماستهم فما أكثر من يصطاد في الماء العكر ويدبر السوء لهذا البلد ونحن اليوم في أمس الحاجة للروح الوطنية الأصيلة التي قاومت الاستعمار و التفت وراء الملكية للنهوض بالوطن وما التفاف شعارات الشباب حول ملكهم لخير دليل على أن المغرب بألف خير.