2017 سنة سلم وحوار رغم ترامب وتصاعد ترسانة الدمار


محمد الحجام
الخميس 10 نونبر 2016




مختلف التحليلات الإستراتيجية، لما سيكون عليه العالم في سنة 2017، تركزت حول الاجابة عن سؤال: هل ستسود الحلول السياسية العلاقات الدولية أم الحروب في حل بؤر التوثر الكثيرة، والتي يشكل الشرق الأوسط أحد مسارحها خصوصا مع تصاعد وتقدم القوة الروسية والصينية والإيرانية (بريكس)، وتولي ترامب لرئاسة أمريكا وتصريحاته المتهورة.

وبالموازاة يشهد العالم في الفترة الأخيرة تحركات عسكرية جديدة ، حيث بدأت روسيا تتحرك بقوتها الضاربة، في هدوء وانسجام، مع حلفائها وأصدقائها، نحو علاقات عسكرية جديدة تنعكس في سلسلة مشاهد ومناورات في بقاع عدة من العالم، على أرضية علاقات وتفاهمات تسعى من خلالها روسيا إعادة تشكيل موازين جديدة للقوى العالمية، ورسم خريطة جديدة للعلاقات تستند إلى الندية، بدل الزعامة التي ظلت الولايات المتحدة الأمريكية تدعيها عبر سنوات عدة، والتي بدأت تعرف تراجعا أمام القوة الروسية الصاعدة وحلفائها من القوى الإقليمية الصاعدة هي الأخرى.

في الذكرى الـ70 لعيد النصر الروسي الذي أقيم يوم 9 ماي 2016 ، عرضت روسيا مجموعة من أحدث أسلحتها البرية والبحرية والجوية، وشارك في هذا العرض العسكري المهيب مجموعات عسكرية من الصين والهند وعدد من الدول الحليفة والصديقة، و لم يمر وقت طويل حتى بدأت روسيا مجموعة من المناورات، منها المناورات العسكرية المشتركة مع الصين، وعدة مناورات في البحر الأسود، وصولا إلى المناورات المشتركة مع مصر في عرض البحر المتوسط.

وقد اعتبر الكثير من المحللين ومؤسسات الدراسات والإعلام أن هذه التحركات التي بدأت تتشكل وتتبلور منذ سنوات، قد بدأت ترسم ميزانا جديدا للقوى الدولية وتضع خرائط مستحدثه للعلاقات الدولية، وسحب البساط من تحت أقدام أمريكا، نتيجة التراجع الأمريكي على المستوى العالمي، هذا التراجع الذي بدأ بالتدهور الاقتصادي والسياسي، وأصبح يتجلى الآن في تراجع عسكري واضح في مناطق مختلفة من العالم، كنتيجة طبيعية للتكامل بين روسيا كعملاق عسكري كبير والصين كعملاق اقتصادي سيؤدى إلى قوة دولية تستطيع أن تكون مواجهة للهيمنة الأمريكية، هذه الأخيرة التي إذا استحضرنا ما تشهده أمريكا من تراجع لدورها ودور حلفائها ووكلائها الإقليميين في منطقة الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم، وهو ما يتضح بشكل أكثر من خلال الميل الواضح والنزوح الصريح الذي تتحدث به أمريكا وحلفاؤها المقربون عن ضرورة إطفاء بؤر التوتر والحرائق التي تشتعل في مناطق العالم والتوجه نحو الحلول السياسية ، خصوصا الشرق الأوسط بشكل عام والمناطق الملتهبة مثل سوريا بشكل خاص، مما سيؤدي إلى وضع لن تكون فيه الولايات المتحدة قادرة أن تستمر في التلاعب بالملفات الإقليمية أو حتى عبر حلفائها، الشيء الذي سيؤدي بكل تأكيد إلى توجه الملفات الساخنة إلى الحلول السياسية باعتبار أن الصراع اليوم يتبلور بشكل ما كصراع بين قوى سلم وقوى حرب في العالم.

وحسب ما نشرته "صحيفة فاينانشيال تايمز" البريطانية الوثيقة الصلة بالمؤسسات الاستخباراتية والعسكرية الأمريكية والغربية في مقالها، الذي عنونته: خريطة تغير موازين القوى بالشرق الأوسط خلال 2017.. النصر لروسيا وإيران.. انهيار حلم خلافة داعش وتحولها للإرهاب العالمي.. تركيا تتحول إلى الشرق.. والسعودية توقف اعتمادها على النفط.

واعتبرت أن 2017 عام الحظ لأنه سيمثل عام الحظ الجيد لروسيا وإيران اللتان تمكنتا من إرباك خصومهما بالشرق الأوسط وفي أوروبا نفسها الأمر الذي نجحا من خلاله بنشر الفوضى والتقسيم داخل القارة الأوروبية، فضلا عن حليف روسيا القوى الجديد الرئيس المنتخب حديثا دونالد ترامب والمفترض أن يتولى حكم الولايات المتحدة رسميا في 20 يناير المقبل، و خلال 2017 تتحول تركيا نحو الشرق بعد ما تعرضت مؤسساتها للتدمير بعد حملة التطهير التي شنها الرئيس رجب طيب أردوغان بحجة المحاولة الانقلابية في يوليو الماضي، كما تتوسع عمليات الاستيطان الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية في معظم أجزاء الضفة الغربية المحتلة مستغلة تعيين ترامب لمساعدين داعمين للاستيطان.

وستتجه المملكة العربية السعودية إلى التخلص من اعتمادها على النفط، ولكنها في الوقت ذاته، وفق الصحيفة يجب أن تُبِعد التعليم عن أيدي رجال الدين الوهابيين في الوقت الذي تبدو فيها إيران على وشك النجاح في تحقيق أهدافها باعتبارها الخصم الإقليمي للسعودية.

ورأت الصحيفة أن الانتصار في حلب دعم موقف المحور الشيعي العربي في المنطقة، ولكن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتمزيق الاتفاق النووي مع إيران وهو أمر ربما يقوي موقف المتشددين في إيران.

وضمن توقعات 2017 يأتي انهيار الخلافة التي أعلنها تنظيم داعش الإرهابي في سوريا والعراق بعد خسارتهم لمدينة الموصل العراقية والرقة السورية لتتحول بعد ذلك إلى تنظيم داخلي متمرد وإرهاب عالمي مستغلين الفراغ المؤسسي داخل سوريا والعراق واستبدالهم بالقوات شبه العسكرية وأمراء الحرب.

وبالنسبة لنا في المغرب، فإن الحذر الكبير سيتمثل طبعا، في عودة المقاتلين الداعشيين المنتمين للبلدان المغاربية، ومن المحتمل طبعا، في هذه السنة ان تتشكل الحكومة وفق ما حمله اخنوش لبنكيران، خصوصا ان حزب الاستقلال قرر البقاء في الاغلبية بدون شروط، وربما حتى بدون حقائب، كما من المحتمل ان يحصل بن عبد الله على تأديب والمصباح سيعد له برنامج لتقليصه، لانه غير مقبول ان يكبر الخدم المخزني اكثر من اللازم.

مقالات ذات صلة