أحزاب الدول، وأحزاب الشعوب


محمد الحنفي
الأحد 3 يوليو/جويلية 2011



إلى

الواهمين بأن أحزاب الدول سوف تستمر.


لقد كثر الحديث مؤخرا عن أحزاب الدول، خاصة بعد أن تم حل حزب الدولة في تونس، وحل حزب الدولة في مصر، بعد انتصار الثورة في كل من تونس، ومصر.

والحديث عن أحزاب الدول، يقتضي في المقابل، الحديث عن أحزاب الشعوب كذلك، فإذا كانت الدول، باعتبارها أدوات للسيطرة الطبقية، تتخذ لها أحزابا معينة، تقف وراء عملية الفساد المستشري في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، فإن الشعوب، وبحكم الصراع الذي تعرفه إيديولوجيا، وتنظيميا، وسياسيا، تفرز أحزابها التي تقاوم ما تقوم به الدول، وأحزابها، وتقود نضالات الشعوب ضد الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، ومن أجل تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

وهاتان التشكيلتان من الأحزاب: أحزاب الدول، وأحزاب الشعوب، تنسجمان مع الفرز الطبقي القائم في المجتمعات العربية، وفي باقي مجتمعات المسلمين، والمتمثل، بالخصوص، في الطبقات الممارسة للاستبداد، بأشكاله المختلفة، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، حتى يصير، كذلك، الاستبداد وسيلة لتكريس كافة أشكال الاستغلال الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي الممارس على الشعوب العربية، وباقي شعوب المسلمين. والطبقات التي يمارس عليها الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والتي تتشكل من غالبية الشعوب، وتعاني من القهر، والظلم، والاستغلال الهمجي المزمن، والمستنزف لمقدرات المنتجين، والخدماتيين، لصالح الطبقات الممارسة للاستغلال الهمجي على كادحي الشعوب.

وبما أن الطبقات الممارسة للاستغلال في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، هي صنيعة الدول القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، فان الأحزاب التي تنتظم فيها هذه الطبقات، هي، أيضا، صنيعة الدول المذكورة.

وبما أن أجهزة سلطة كل دولة، هي التي تشرف على تنظيم الأحزاب البرجوازية، أو الإقطاعية، أو أحزاب التحالف البرجوازي الإقطاعي المتخلف، فان الأحزاب التي تشرف على تنظيمها الأجهزة المذكورة، هي أحزاب الدول.

فما هي المهام الموكولة إلى أحزاب الدول المذكورة؟

إن العادة تقتضي أن الأحزاب التي تشرف الدول، في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، لا ينتمي إليها من صنعتهم الدول من البرجوازيين، وعملائهم، والإقطاعيين، وعملائهم، وكل ذوي النفوذ السلطوي، أو المالي، عن طريق الامتيازات التي لا حدود لها، والتي تقدم إليهم من قبل الدول، وعلى مدار الساعة، من أجل التمكن من تكديس الثروات، التي لا حدود لها، وعلى جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، سعيا إلى تسييدهم في الأوساط الشعبية، باعتبارهم يصيرون قادرين على إيجاد حلول لمختلف المشاكل الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ومن منطلق أنهم يساعدون الدول في تأطير المجتمعات في الاتجاه الذي تريد.

وما دامت الطبقات الممارسة للاستغلال المادي، والمعنوي، هي أحزاب الدول، فان المهام الموكولة إليها تتمثل في:

1) خدمة مصالح الدول التشريعية، التي تؤدي إلى تقوية الأنظمة القائمة، على أساس التشريعات الصادرة عن المؤسسات التي تتمتع فيها أحزاب الدول بالأغلبية، التي تمكنها من إصدار التشريعات المذكورة.

2) خدمة مصالح أجهزة الدول المختلفة، وفي جميع القطاعات، بدعم الفساد المستشري فيها، والتستر عليه، مما يؤدي بالعاملين، في مختلف الأجهزة، إلى الاستفادة من الفساد الإداري، الذي يسرع بتكديس الثروات على مختلف المستويات، والارتقاء، ماديا، إلى مستوى أصحاب الامتيازات، الذين كدسوا ثروات هائلة، على حساب تعميق إفقار الكادحين، وتكريس حرمانهم من مختلف الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.

3 ـ خدمة مصالح البرجوازية، والإقطاع، والتحالف البرجوازي / الإقطاعي المتخلف، الموجود في الأصل على أساس الولاء المطلق للدول القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وبناء على الامتيازات اللا محدودة، المقدمة إلى هذه البرجوازية، وهذا الإقطاع، وهذا التحالف البرجوازي / الإقطاعي المتخلف، والتي تمكنه من الحصول على الثروات التي لا حدود لها.

4) خدمة مصالح مهربي البضائع المختلفة، من، وإلى البلاد الأجنبية، عن البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين. هؤلاء المهربون الذين يجنون ثروات هائلة، تمكنهم من احتلال المراتب المتقدمة، على حساب الاقتصاد الوطني، الذي يصير، بسبب ذلك، اقتصادا هشا، وعلى حساب الكادحين الذين يستهلكون بضائع بأثمان منخفضة، وبجودة ضعيفة، نظرا لضعف الدخل الذي يحصلون عليه.

5) خدمة مصالح تجار المخدرات، بكافة أنواعها، حتى يستمروا في تخريب المجتمعات في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ومن أجل أن يجنوا، من وراء ذلك، الثروات الهائلة، التي توظف لخدمة مصالح الطبقات المستغلة، والمستفيدة من الاستغلال، وهو ما يساهم في تقوية أحزاب الدولة في نفس الوقت.

6) خدمة مصالح الأعضاء الحزبيين في المجالس المحلية، وفي البرلمان، من أجل أن يتمكنوا من نهب الثروات الشعبية، المرصودة للجماعات المحلية، ومن أجل الحصول على المزيد من الامتيازات، مما يسرع من مراكمة المزيد من الثروات الهائلة، على حساب غالبية كادحي الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

7) خدمة مصالح المنتمين إلى أحزاب الدول، الذين يشرفون على تدبير شؤون الأحزاب، فيعملون على التعريف بها في صفوف الشعوب العربية، وباقي شعوب بلدان المسلمين، وإيهام البسطاء من الشعوب، بأن هذه الأحزاب، سوف تخدم مصالحهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، من أجل الإيغال في تضليل الشعوب، حتى يستفيد أعضاء أحزاب الدول، مما يجعلهم يراكمون المزيد من الثروات، ويصنفون إلى جانب البرجوازية، أو الإقطاع، أو التحالف البرجوازي / الإقطاعي المتخلف.

8) خدمة مصالح الوسطاء، والانتهازيين، والوصوليين، والمنتفعين، والراشين، والمرتشين، والمتاجرين بضمائرهم، ومزوري الانتخابات، وغيرهم، ممن لا كرامة لهم، في كل البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، الذين يستفيدون من خدمات أحزاب الدول، وتستفيد أحزاب الدول من خدماتهم، وخاصة في المحطات الانتخابية، التي تعرف تزويرا جارفا لإرادة الشعوب. ذلك التزوير الذي لا تستفيد منه إلا الطبقات والفئات التي تخدم أحزاب الدول مصالحهم.

ولذلك، فأحزاب الدول، عندما تقدم خدماتها للأصناف البشرية التي ذكرنا، تساهم، بشكل كبير، في إنتاج الكثير من الممارسات التي تتضرر منها الشعوب في البلدان العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. ومن هذه الممارسات نجد:

1) اعتبار المؤسسات المنتخبة أفضل وسيلة لنهب مختلف ثروات الشعوب المخصصة للمؤسسات المنتخبة، سواء كانت محلية، أو إقليمية، أو جهوية، أو وطنية؛ لأنه بدون ذلك النهب المنظم، لا داعي لوجود أحزاب الدول في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

2) سيادة العلاقات المشبوهة بين مؤسسات الدولة، والمؤسسات المنتخبة، وبين المواطنين في كل البلاد العربية، التي ينشط فيها الوسطاء، الذين يرتبطون بأحزاب الدول، التي يسود فيها الإرشاء، والارتشاء، والوصولية، والمحسوبية، والزبونية، وغيرها، مما يسيء إلى كرامة المواطن.

3) انتشار الفساد الاقتصادي، المتمثل في سيادة الإرشاء، والارتشاء، والتهريب، والاتجار في المخدرات، واقتصاد الريع، وغير ذلك، مما يمكن اعتباره جزءا لا يتجزأ من الفساد الاقتصادي، الذي وقف وراء حرمان الكادحين من التمتع بالحقوق الاقتصادية، ووراء غياب الاقتصاد المنتج للخيرات، والمشغل للعاطلين، والمعطلين، وضمان دخل مشرف للدول القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

4) انتشار الفساد الاجتماعي، المتمثل في ضعف مردودية التعليم العمومي، وفي انعدام الخدمات الطبية المجانية، وفي انسداد آفاق التشغيل أمام العاطلين، والمعطلين، وفي استمرار ضعف تمكين المواطنين من السكن اللائق، وغير ذلك، وانتشار التعليم الخصوصي، وخوصصة الخدمات الصحية، لا يعبر إلا عن انتشار الفساد الاجتماعي. والتشغيل الذي لا يتم إلا بالوصولية، والمحسوبية، والزبونية والإرشاء، والارتشاء، لا يعبر الى عن استشراء الفساد في مجال التشغيل. والتلاعب الذي يحصل في السكن الاقتصادي، المخصص لذوي الدخل المحدود، وللذين لا دخل لهم، أو لسكان مدن القصدير، ليس إلا تكريسا للفساد الاجتماعي السائد، بسبب وجود ما يعرف بأحزاب الدولة.

5) تفشي الفساد الثقافي، المتمثل في انتشار القيم الثقافية، المنحطة، التي تفسد العلاقات الثقافية بين الأفراد، والجماعات، والشعوب، عن طريق دعم، وتشجيع الثقافة المائعة، التي لا علاقة لها بالثقافة الجادة، والمساهمة في البناء المتماسك للشخصية الفردية، والجماعية، والشعبية في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين حيث نجد أن الثقافة تتأرجح بين أن تكون مائعة، وبين أن تكون مغرقة في الظلامية، لتبقى الثقافة الجادة التي تساهم في تقدم المجتمع، وفي تطوره، من شان الجمعيات الثقافية المبدئية، التي تبادر إلى تقديم رؤيا ثقافية متقدمة، ومتطورة، بهدف إنتاج قيم ثقافية بديلة للقيم السائدة، التي تسعى أحزاب الدول إلى فرض تكريسها في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

6) استشراء أمر الفساد السياسي، المتمثل، بالخصوص، في غياب دساتير ديمقراطية، وشعبية في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وفي غياب قوانين انتخابية ضامنة لنزاهة الانتخابات، وفي عدم إشراف جهة مستقلة، ونزيهة على الانتخابات في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، مما يؤدي الى تزوير إرادة الشعوب، وإفراز مؤسسات تمثيلية مزورة، عن طريق التلاعب في نتائج صناديق الاقتراع، وشراء الضمائر، وغير ذلك من أشكال التزوير، حتى تكون نتائج الانتخابات لصالح أحزاب الدول، وتصير المؤسسات، المسماة منتخبة، زورا، تحت تصرف أحزاب الدول، وفي خدمة الجهات المستغلة، والمستفيدة من الاستغلال، وناهبي ثروات الشعوب، والمهربين، وتجار المخدرات، والمستفيدين من اقتصاد الريع، والمنتمين لأحزاب الدولة، والعاملين في مختلف أجهزتها، والأعضاء الجماعيين، والإدارة الجماعية، ممن تعودوا على نهب ثروات الجماعات المحلية، والإقليمية، والجهوية، وممن تمرسوا على تلقي رشاوى، سواء كانت بسيطة، أو هائلة، مما يجعلهم يكدسون ثروات هائلة، تتناقض تناقضا مطلقا مع مستوى دخلهم الحقيقي، الذي لا يكفيهم حتى في معيشتهم اليومية.


وهذه الأشكال من الفساد المشار إليها سابقا، والتي استفحلت في البلاد العربية، وفي باقي بلاد المسلمين، على مدى سنوات استقلال هذه البلدان، وقفت وراء استفحالها أحزاب الدول، التي كانت تتحكم بيد من حديد، في كل ماله علاقة بالاقتصاد، والاجتماع والثقافة، والسياسة، حتى يوظف كل ذلك لصالح الطبقة الحاكمة، وباقي الطبقات الممارسة للاستغلال بشكل، أو بآخر.

فأحزاب الدول هي المفرخة لكل أشكال الفساد المادي، والمعنوي. ولذلك تعاني منه الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وهي لكونها منتجة للفساد في تجلياته المختلفة، لا يمكن ان تكون إلا فاسدة، ولا ينتمي إليها إلا الفاسدون الراغبون في ممارسة الفساد.

وانطلاقا من هذه الوضعية التي توجد عليها أحزاب الدول، فإن هذه الأحزاب، يصير وجودها مرتبطا بالأنظمة القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

فإذا استمرت هذه الأنظمة، تبقى أحزاب الدول مستمرة، وإذا سقطت الأنظمة المذكورة، أو بعضها، فان أحزاب الدول تسقط أيضا، كما حصل في تونس، ثم في مصر، وفي أي بلد يكون نظامه مرشحا للسقوط.

فهل تتم مراجعة الدول، التي لم تستهدف بالسقوط، لسياستها اتجاه شعوبها، وتعمل على تفكيك أحزابها، وتترك أمر تكوين الأحزاب إلى المواطنين؟

أم أن الاستمرار في قهر الشعوب، وتكوين أحزاب مدعومة من الدول، وممولة من قبلها، سيبقى قائما.

وفيما يخص أحزاب الشعوب، فإن هذه الأحزاب، لا يمكن أن تكون إلا منفرزة عن واقع الصراع، الذي تعرفه الشعوب ضد الاحتلال الأجنبي، وضد الاستغلال القائم في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، وضد الاستعباد، والاستبداد الممارس في هذه البلدان.

وأحزاب الشعوب ليست ممولة من الدول، ولا متبناة من قبلها، وليست موالية لها، لأنها وجدت، في الأصل، لتناهض مال تقوم به الدول في حق الشعوب، التي تسلب إرادتها. وهي لذلك لا تكون إلا في معارضة تقود الصراع الإيديولوجي، والسياسي، والتنظيمي، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، ضد الطبقات الحاكمة، وضد سياسة دولها، وضد أجهزة الدول، وإيديولوجياتها، وتنظيماتها، واختياراتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وتسعى إلى فرض اختيارات بديلة، تتمثل في العمل على تحقيق الحرية على أنقاض الاستعباد، والديمقراطية على أنقاض الاستبداد، والعدالة الاجتماعية على أنقاض الاستغلال الهمجي.

فما هي المهام الموكولة الى أحزاب الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين؟

إن المهام الموكولة الى أحزاب الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، لا يمكن أن تكون إلا نقيضة للهام الموكولة الى أحزاب الدول. وهي لذلك لا يمكن ان تكون إلا مخلصة للشعوب، في البلاد المذكورة. وإخلاصها هو الذي يدفعها الى العمل على استيعاب الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي تعاني الشعوب من رداءتها، وانحطاطها، والوقوف على الأسباب، والشروط الموضوعية، التي أدت إلى تردي تلك الأوضاع، ودور الطبقات الحاكمة، ودولها، وأحزاب دولها، على مدى عقود سنوات الاستغلال، في تعميق رداءة، وانحطاط واقع الكادحين.

وماذا يجب أن تعمل من أجل تغيير الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، سعيا إلى تحقيق الأهداف المرحلية، والإستراتيجية، لقلب ميزان القوى لصالح الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

وبناء على ما ذكرنا، فان أحزاب الشعوب تعمل على انجاز المهام المتمثلة في:

1) خدمة مصالح الشعوب على المستوى التشريعي، في حالة وصولها الى المجالس التشريعية، على مستوى:

ا ـ أن تكون القوانين المشرعة في خدمة مصالح الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، ومتلائمة مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ب ـ إعادة النظر في القوانين المعمول بها، في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، من أجل ملاءمتها مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، من أجل تمكين كادحي الشعوب، في البلاد المذكورة، بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي منصوص عليها في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.

ذلك، أن خدمة مصالح الشعوب على المستوى التشريعي، لا تتم إلا بإيجاد تشريعات تضمن احترام كرامة الشعوب، من خلال احترام كرامة الإنسان، التي بدونها لا تكون للشعوب كرامة.

2) خدمة مصالح الشعوب على المستوى الاقتصادي، من خلال العمل على:

ا ـ تحرير الاقتصاد الوطني في كل بلد من البلاد العربية، وحتى في باقي بلدان المسلمين، من التبعية إلى النظام الرأسمالي العالمي، ولمؤسساته المالية، وللشركات العابرة للقارات، والقطع النهائي مع اقتصاد الريع، واعتماد الإنتاج الصناعي، كأساس للاقتصاد الوطني المتحرر، بالإضافة إلى اعتماد التشريع العادل للدخل الوطني، من خلال ضمان تمتيع جميع أفراد الشعب بكل الخدمات الضرورية، ورفع الأجور، حتى تستطيع مسايرة ارتفاع الأسعار، وتشغيل العاطلين، والمعطلين.

فتحرير الاقتصاد الوطني من التبعية، يعتبر شرطا لأي تطور في البلاد المذكورة.

ب ـ وضع حد لنهب ثروات الشعوب، من قبل المسؤولين على اختلاف مستوياتهم، وخاصة أولئك الذين لهم تأثير كبير في تدبير ثروات الشعوب في البلاد العربية، ومنهم الحكام، والحكومات، ومسؤولو أحزاب الدول، وأعضاء المجالس المنتخبة: التشريعية، والجماعية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والمستفيدين من كل أشكال اقتصاد الريع، والمهربين، وتجار المخدرات، والمرتشين، والوسطاء، وكل المساهمين في نهب ثروات الشعوب بشكل، أو بآخر، واسترجاع الثروات المنهوبة، وتوظيفها لخدمة مصالح الشعوب، وخاصة في مجال التعليم، والصحة، والتشغيل، والسكن؛ لأن ما ينهبه الحكام، يعني لشعوب البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، ويحرر اقتصاد البلدان المذكورة.

ج ـ نسج علاقات اقتصادية مع مختلف الدول، على أساس الندية، حتى تفرض البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، شروطها على مختلف الدول الأجنبية، مهما كانت مكانتها الاقتصادية، خاصة، وأن البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، تزخر بثروات هائلة، يعمل الحكام، وأذنابهم على نهبها، وتفويت استغلالها للرأسمال الأجنبي، ومن أجل أن تصير في خدمة الرأسمال الأجنبي، بدل أن تصير في خدمة الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

فخدمة مصالح الشعوب على المستوى الاقتصادي، من خلال تحرير الاقتصاد الوطني في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يعتبر مسالة أساسية بالنسبة للشعوب المذكورة، كما أن وضع حد لنهب ثروات الشعوب، من قبل الحكام، وأذنابهم، يدفع بالاقتصاد المتحرر، إلى التطور المستمر، والنوعي، ونسج علاقات اقتصادية، على أساس الندية، يعتبر مسالة أساسية، وضمانة أكيدة لحماية الاقتصاد الوطني.

3) خدمة مصالح الشعوب على المستوى الاجتماعي، الذي يعرف ترديا لا حدود ل،ه وفي مختلف المجالات الاجتماعية:

ا ـ ففي المجال التعليمي، نجد أن التعليم في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، يعرف ترديا لا محدودا على مستوى البرامج، وعلى مستوى تكوين الأطر التربوية، وعلى مستوى المردودية، وعلى مستوى الرؤيا التربوية، التي يتم تقويم ملكيات الأجيال الصاعدة على أساسها، فكأن هذا التردي الذي يعرفه التعليم في البلاد المذكورة، يعتبر مقصودا، من أجل توجيه من لهم دخل الى التعليم الخاص، الذي تستجيب له الطبقات الميسورة، ليصير التعليم العمومي خاصا بأبناء الكادحين.

وأحزاب الشعوب تناضل من أجل جودة البرامج، وجودة الأطر، وجودة الأداء، وجودة المردودية، لضمان تقدم البلاد، وتطور الشعوب، من منطلق أن التعليم الجيد، لا بد أن يقف وراء تنمية جيدة.

والتنمية الجيدة، لا بد أن تقود إلى تطور الشعوب على المستوى الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، باعتبار ذلك التطور ضروريا للانخراط في عصر التقدم، والحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي تعيشها العديد من شعوب العالم.

ب ـ خدمة مصالح الشعوب على المستوى الصحي، الذي صار يعرف بدوره ترديا لا حدود له، يسير في نفس اتجاه توجيه المرضى إلى القطاع الخاص، مادام القطاع العام لا يعرف تطورا يذكر، في تقديم الخدمات الصحية. وهو ما يعني دفع المرضى الى وضع أنفسهم رهن إشارة الاستغلال الهمجي الذي يعرفه القطاع الخاص.

ومهمة أحزاب الشعوب، بأن تعمل على أن تصير الخدمات الصحية في القطاع العام، رهن إشارة المرضى، وبجودة عالية، وبدون مقابل، لأن القطاع العام يمول من أموال الشعب، التي تتعرض لنهب لا حدود له، في كل القطاعات: العامة، وخاصة في قطاع الصحة.

وحتى تقوم أحزاب الشعوب بدورها، عليها أن تعمل على فضح، واستئصال الفساد المستشري في قطاع الصحة، الذي يحتاج الى جهد كبير، وصبر ثابت، وصمود نادر، من أجل تقويمه، حتى يصير في خدمة الشعوب، ومن أجل أن يصير وسيلة لإحداث تنمية متقدمة، ومتطورة للشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، خاصة وان دور الخدمات الجيدة، هو المحافظة على سلامة الأجساد، التي تعتبر مطية لسلامة العقول، تكريسا لمقولة: العقل السليم في الجسم السليم.

ج ـ خدمة مصالح الشعوب على مستوى السكن، الذي صار، في الظروف الراهنة، من باب المستحيلات، بالنسبة لذوي الدخل المحدود، إلى جانب الذين لا دخل لهم، والذي صارت الحاجة إليه، عند هذه الفئات المذكورة، وسيلة لنهب جيوبهم، وكنسها، مما يمكن أن يتبقى فيها من نفوذ، ليصير مالكو العقار محتكرين لملكية السكن، واستغلاله، كوسيلة من وسائل اقتصاد الريع.

ودور أحزاب الشعوب، هو العمل على أن يصير السكن اللائق في متناول ذوي الدخل المحدود، في متناول جميع الكادحين، عن طريق العمل على تعميم السكن الاقتصادي على جميع المحتاجين إليه من أفراد الشعب، وفي كل بلد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، حتى يتأتى لكل فرد، من أي شعب، أن يحفظ كرامته، وكرامة أسرته من المهانة التي تمارس عليه، وعلى أسرته، من مستأجري السكن الخاص، وبالأثمنة التي تفوق قدرة ذوي الدخل المحدود.

وأحزاب الشعوب عندما تناضل من أجل توفير السكن اللائق، لكل فرد من أفراد شعوب البلاد العربية، وباقي شعوب بلدان المسلمين، فلأنها تدرك جيدا أهمية السكن بالنسبة لاستقرار الأسر، واطمئنان الشعوب على مستقبل أبنائها وعلى وعيها بذاتها، وعلى مستقبل شبابها، الذين يعتبرون أمل المستقبل، الحالم بالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي تقوم على أنقاض مظاهر التخلف المختلفة.

د ـ خدمة مصالح الشعب على مستوى الشغل، الذي يعرف تراجعا كبيرا، في ظل تحكم الأنظمة المستبدة، التي تحرص على مصادرة كافة الحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، حتى تتمكن من نهب ثروات الشعوب في البلاد العربية،وفي باقي بلدان المسلمين، وتكديسها في حسابات بنكية خارجية، أو تجميدها في عقارات ثمينة، موزعة عبر العالم.

فتفاحش أمر البطالة، هو نتيجة حتمية لغياب تنمية حقيقية، وغياب تنمية حقيقية، هو نتيجة حتمية لممارسة نهب ثروات الشعوب من قبل الأنظمة، بأجهزتها المختلفة، برؤسائها، ووزرائها، وكل المسؤولين عن تدبير ثروات الشعوب.

ولذلك نجد أن على أحزاب الشعوب أن تناضل من أجل وضع حد للفساد الإداري، والاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، والعمل على إخضاع الحكام، وجميع المسؤولين للمساءلة، والمحاسبة، والمحاكمة، إن اقتضى الحال، وإرجاع أموال الشعوب المنهوبة، من أجل توظيفها في إيجاد مشاريع اقتصادية، واجتماعية، وثقافية، تؤدي إلى تشغيل كافة العاطلين، والمعطلين، من منطلق أن الشغل حق من الحقوق، التي يجب أن يتمتع بها كل فرد من أفراد الشعب، في أي بلد من البلاد المذكورة، والتعويض عن فقدان الشغل، أو عن العطالة، كذلك حقا من الحقوق التي يجب أن يتمتع بها فاقدو الشغل، أو العاطلون، والمعطلون.

ولذلك، فنضال أحزاب الشعوب في هذا الاتجاه، يعتبر مسالة أساسية بالنسبة لفرض تحقيق مكسب الشغل للجميع، وكحق من الحقوق، وليس امتيازا، حتى تتجاوز الشعوب في البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، أزمة التشغيل التي هي المدخل لتحقيق كرامة الإنسان، التي بدونها لا يكون أي فرد إنسانا.

ه ـ خدمة مصالح الشعب على مستوى الترفيه، الذي لا يرد في اختيارات الأنظمة الاستبدادية القائمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، إلا إذا تعلق الأمر بالحكام، وبالطبقات الحاكمة، وبسائر المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال، وبالعاملين في مختلف أجهزة الدولة، الذين يمارسون الارتشاء، ومن بابه الواسع، فكأن الترفيه حق للمستغلين، وللمساهمين في الاستغلال المادي والمعنوي للشعوب، ولمنظمي عملية الاستغلال لصالح المستغلين، أما العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فلا حق لهم في الترفيه، لأنهم لا يحصلون على الثروة التي تمكنهم من التمتع بذلك الحق.

ولذلك فإن أحزاب الشعوب، أن تناضل من أجل أن يصير الترفيه حقا للجميع، ومن خلال إقامة المنتزهات العامة، والمحروسة، ومن خلال إقامة حدائق الحيوانات، ومن خلال إقامة الملاعب الرياضية، و مركبات العاب القوى في مختلف الأحياء الشعبية، ومن خلال القيام برحلات جماعية الى مختلف المنتزهات، والمآثر التاريخية، حتى يصير الترفيه الفردي، والجماعي، حقا من الحقوق التي يتمتع بها كل فرد من أفراد الشعب، وفي كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ذلك أن الترفيه يلعب دورا كبيرا في الترويح عن النفس.

وهذه الخدمات مجتمعة، تدخل في جوهر ما يناضل من أجله أحزاب الشعوب المعبرة عن طموحات الشعوب التواقة إلى الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي بدونها لا يمكن للخدمات الاجتماعية المختلفة، أن ترقى إلى مستوى الطموحات المذكورة في كل بلد من البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

4) خدمة مصالح الشعوب على المستوى الثقافي، لإنتاج القيم الثقافية النبيلة، والمتقدمة، والمتطورة، والهادفة إلى جعل أفراد الشعب في كل بلد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، يستحضرون احترام كرامتهم الإنسانية قبل أي شيء آخر، حتى لا تستمر الشعوب المذكورة في إعادة إنتاج نفس القيم المتخلفة، والتي لا تخدم إلا مصالح المستغلين، والمستفيدين من الاستغلال المادي، والمعنوي، ومصالح الحكام، والمسؤولين عن مختلف الأجهزة: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، التابعة للدول في البلاد المذكورة، ومصالح المنتخبين في مختلف المؤسسات، ومصالح المسؤولين عن المؤسسات المنتخبة المذكورة.

ومن اجل إنتاج القيم الثقافية المتقدمة، والمتطورة، والمطورة لثقافة الشعوب، لا بد من قيام أحزاب الشعوب ب:

ا ـ العمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية؛ لأنه بدون مجال تنعم فيه الشعوب بكامل حريتها الفردية، والجماعية، لا يمكن أن يتم إنتاج القيم الثقافية المتقدمة، والمتطورة، كما أنه بدون قيام ديمقراطية حقيقية، بمضمونها الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والمدني، والسياسي، يبقى الحديث عن إنتاج قيم ثقافية نبيلة، متقدمة، ومتطورة، من باب المستحيلات، لأنه من شروط ازدهار الثقافة، تحقيق الديمقراطية. وبالإضافة إلى ذلك، فانه بدون تحقيق العدالة الاجتماعية بين أفراد الشعوب المشار إليها، يكون التفكير في شيء اسمه الثقافة بمعناها الجاد، والمتقدم، والمتطور من باب المستحيلات. ولذلك فشرط قيام ثقافة حقيقية، وبالمعنى الذي ذكرنا، من باب المستحيلات.

ب ـ الحرص على توفر الإرادة السياسية، لإيجاد ثقافة جادة، ومنتجة للقيم النبيلة، التي تساهم في تقدم الشعوب، وتطورها، على أن تكون لتلك القيم علاقة بالنسيج الاجتماعي، وبمختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والسياسية، حتى تصير عاملا من عوامل التقدم، والتطور، وحتى يتحول جميع أفراد الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، في اتجاه نبذ القيم الدنيئة، والمنحطة، ومقاومة وجودها في النسيج الاجتماعي، وخاصة تلك القيم التي لها علاقة بقبول الاستعباد، والاستبداد، والاستغلال، والعمل على تسييد القيم البديلة، المتمثلة في الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، في أفق جعل الشعوب المذكورة: أفرادا، وجماعات، تمارس حريتها، وتتشبث بالممارسة الديمقراطية، وتحرص على فرض تكريس العدالة الاجتماعية، التي تضمن التوزيع العادل لثروات الشعوب، كقيم ثقافية إنسانية، ومتطورة.

ح ـ الحرص على أن تصير المدرسة الوطنية في كل بلد من البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين، مصدر إشعاع ثقافي على المستوى الشعبي، ومن أجل أن تعمل على بث القيم النبيلة المتقدمة، والمتطورة، بين الأجيال الصاعدة، التي تعتبر أمل الشعوب التواقة الى العدالة، على أن تكون تلك القيم ذات بعد إنساني، من أجل أن تكون القيم الإنسانية المتطورة مصدرا للتوحد، والانسجام بين أفراد الشعب الواحد، لقطع الطريق أمام قيم الطائفية، التي تنخر كيان الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، كما تكون مصدرا للتآخي بين الشعوب المذكورة، وبينها وبين الشعوب في جميع أنحاء العالم. فاعتبار المدرسة الوطنية مصدر إشعاع ثقافي، إلى جانب دورها التعليمي / التعلمي / التربوي، يمكن هذه المدرسة من أن تقوم بدورها الريادي في اتجاه الشعوب، وفي اتجاه الإنسانية.

د ـ الاهتمام بالمؤسسات الثقافية، وبدور الشباب في كل البلاد العربية، حتى نستطيع تمكين الشباب بالخصوص، من التمرس على الإبداع الثقافي الجاد، في مجالات المسرح، والموسيقى، والغناء، والقراءة، وتبادل الخبرات في المجالات المذكورة، التي تصير مصدرا للإشعاع الثقافي الهادف إلى بث قيم الحرية، والديمقراطية، والنقد الذاتي، والمحاسبة الفردية، والجماعية، وغيرها من القيم التي تكتسب عادة من خلال الاحتكاك بين الشباب في دور الثقافة، ودور الشباب، وفي مختلف الإطارات الجماهيرية الجادة، التي تنشط في هذه الدور، والتي لا بد أن تقوم بدورها في إشاعة القيم الثقافية الجادة بين أفراد الشعب الواحد، وبين جميع الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين.

ه ـ الاهتمام بالمكتبات العامة على مستوى الوجود، كوجود، وعلى مستوى التزود بالكتب في مختلف المجالات المعرفية: قديمها، وحديثها، على مستوى قاعات المطالعة، وقاعات العروض، حتى تصير تلك المكتبات مقصدا للباحثين، وللراغبين في المطالعة، ومن أجل أن يصير البحث، والمطالعة، وإقامة العروض، والندوات، حول مواضيع الكتب، وسيلة من الوسائل التي تعمل على إشاعة القيم الثقافية النبيلة، والمتقدمة، والمتطورة، بين الشعوب التي تتعافى من أمراض الثقافات الموبوءة، التي تبثها الطبقات الحاكمة في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين. ذلك أن المكتبات العامة، لا تكتفي، فقط، بمد الرواد بما يمكنهم من إرواء حاجتهم، من المعرفة العامة، والخاصة، بقدر ما تشبعهم بالقيم النبيلة، التي تزخر بها المعرفة التي يبحثون عنها، سواء تعلق الأمر بالمعرفة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

ولذلك، فالاهتمام بالمكتبات العامة، يعتبر ضروريا، لجعلها تقوم بدورها لصالح الشعوب في البلاد المذكورة.

و ـ تقديم الدعم اللازم للجمعيات الثقافية، والفنية والمسرحية، والتربوية، التي تنشط في دور الثقافة، ودور الشباب، وعلى جميع المستويات المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، حتى تتمكن هذه الجمعيات من القيام بدورها في إشاعة، وترسيخ القيم الثقافية الجادة، والنبيلة: المتقدمة، والمتطورة، بين أفراد الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ومن اجل ان تستيقظ الشعوب من سباتها، الذي جعلها تعيش خارج تاريخ الإنسانية، لاستغراقها في قيم التخلف المتعددة الأوجه، وفي جميع المجالات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.

وهذا الاستغراق في قيم التخلف، هو الذي يفرض ضرورة تقديم الدعم إلى كل الهيئات التي تقوم بدور معين، في أفق النهوض بالشعوب المتخلفة في البلاد المذكورة، على مستوى القيم الثقافية المتقدمة، والمتطورة.

ز ـ ضرورة قيام الأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، والعمالية، باعتبارها أحزاب الشعوب، بإيلاء أهمية خاصة للبرنامج الثقافي الحزبي، الذي يوجه ممارسة الحزبيين على المستوى العام، وعلى مستوى تواجدهم في مختلف الإطارات الجماهيرية، كما يوجه ممارسة الجماهير الشعبية الكادحة، في أفق الأخذ بالقيم الثقافية، الجادة، والمتقدمة، والمتطورة، والديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، في أفق ترسيخها في مسلكيات الأفراد، والجماعات، وفي كل البلاد العربية، وباقي بلدان المسلمين.

ذلك أن التصور الثقافي للأحزاب الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، والانطلاق من هذا التصور، يعتبر مسالة أساسية، من أجل العمل على إعادة صياغة القيم، كما تراها أحزاب الشعوب، والعمل على ترسيخها بين أفراد الشعوب، التي تتحول في اتجاه الأحسن، بفعل تلك القيم الجادة، المتقدمة، والمتطورة. وهو ما يقود في نهاية المطاف إلى إعادة صياغة الواقع، سعيا إلى تغييره، حتى ينسجم مع طبيعة القيم الثقافية الجديدة، التي تجعل الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، تعيش عصرها، بتحقيق القيم الديمقراطية، والتقدمية، واليسارية، والعمالية، في إطار التحقيق الشامل للحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.

ح ـ اعتبار الإعلام، في مستوياته المختلفة: المرئية، والمسموعة، والمقروءة، والالكترونية، وسيلة أساسية لإشاعة ثقافة التقدم، والتطور، والديمقراطية، والحرية، والعدالة الاجتماعية.

وفي أفق اعتبار الإعلام كذلك، لا بد من نضال أحزاب الشعوب، من أجل أن يصير مستقلا، وفي متناول جميع التوجهات القائمة في المجتمع، وعلى أساس المساواة فيما بينها، حتى تمر المواقف، والتصورات الثقافية، إلى جميع أفراد الشعب، في كل بلد من البلاد العربية، ومن باقي بلدان المسلمين.

ونحن لا نشك أن الإعلام عندما يقوم بدوره، تتمكن الشعوب من التفاعل مع القيم الثقافية المتنوعة على أن تختار منها ما يساعد على تحقيق طموحاتها في التقدم والتطور.

والإعلام لا يمكن أن يقوم بدوره كاملا، إلا إذا كان متحررا من التبعية للدولة، ومن أي جهة يمكن أن تتحكم في ممارسته، لتحقيق أهداف معينة؛ لأن تبعية الإعلام، وتوجيهه، يفقدانه القدرة على التمكن من القيام بدوره الإيجابي تجاه الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، التي تحرم من الإعلام المتحرر، والديمقراطي، مما يجعلها تحرم كذلك من التفاعل مع مختلف الثقافات، التي يفترض تفاعل قيمها في الواقع، كما يفترض احتكاك الشعوب بقيمها، ليصير ذلك التفاعل وسيلة لفرز قيم التطور كوسيلة، وكهدف.

وبذلك يتبين أن خدمة مصالح الشعوب، على المستوى الثقافي، التي تقودها أحزاب الشعوب في البلاد العربية، وفي باقي بلدان المسلمين، ترتبط بالعمل على تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، وبالحرص على حضور الإرادة السياسية، وعلى أن تصير المدرسة الوطنية مصدر إشعاع ثقافي متقدم، ومتطور، وبالاهتمام بالمكتبات الوطنية، كمراكز للإشعاع الثقافي المتطور، والمتجدد، وبتقديم الدعم اللازم لكل الهيئات الثقافية، على اختلافها، وتنوعها، باعتبارها مساهمة في إنتاج القيم الثقافية، وبقيام أحزاب الشعوب بإيلاء أهمية خاصة لبناء تصوراتها للثقافة، حتى تساهم بتلك التصورات في إنتاج الثقافة المتقدمة، والمتطورة، وفي اعتبار الأعلام وسيلة أساسية لإشاعة القيم الثقافية في المجتمع، وإقناع الشعوب، وأفرادها، باعتماد تلك القيم في المسلكية، حتى تترسخ في الممارسة الفردية، والجماعية، وصولا إلى تحول القيم الثقافية أساسا، ومنطلقا لتطور الشعوب المذكورة، في اتجاه فرض التمتع بحقوقها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وفي إطار دول الحق، والقانون، التي تلتزم باعتماد احترام الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية.




مقالات ذات صلة