في غياب مقاومة حقيقية من لدن العمال و المناضلين تبقى خوصصة المكتب الشريف للفوسفاط مسألة حتمية.
رغم التطمينات التي يحاول المسؤولون إيهامنا بها و على رأسهم مصطفى التراب من خلال تصريحه مؤخرا في استجواب أجرته جريدة المساء عدد 265 "المكتب الشريف للفوسفاط ليس في لائحة المؤسسات التي ستخوصص، وأنا شخصيا مع مراقبة الدولة للقطاعات الإستراتيجية"، وأضاف أنه "في المقابل يمكن ولوج البورصة جزئيا، وهي عملية تتطلب إعدادا على امتداد 3 سنوات، كما أننا نستعد للعمل بالمعايير الدولية في المحاسبة IFRS، وسنبدأ في نشر الحصيلة والبيانات واعتماد كل معايير الشفافية، كما أن الإدراج قد يكون ببورصة الدار البيضاء وبورصة أجنبية معا، مع العلم بأن ولوج البورصة سيسمح لنا برفع رساميل ضخمة مع الاحتفاظ بالمراقبة".
إن المتتبعين لمسلسل خوصصة القطاعات و المؤسسات العمومية بالمغرب لا يمكن أن ينطلي عليهم هذا التمويه حيث سبق أن قدم أكثر من مسئول في عدة مؤسسات إستراتيجية أخرى تصريحات مماثلة من قبيل عدم الخوصصة، احتفاظ الدولة بحصة الأغلبية، تحكم الدولة في التسيير أو ما شابه ذلك ليتم التراجع في الأخير عن تلك التصريحات و الرضوخ لتوجيهات المؤسسات المالية العالمية و أطماع الشركات المتعددة الاستيطان العالمية و المحلية و على رأسها الشركة الأخطبوط أونا. هذه الشركات التي يسيل لعابها على الأرباح التي يذرها هذا القطاع خاصة بعد الإرتفاع الأخير الذي عرفته أثمنة المنتوجات الفوسفاطية و على رأسها الحامض الفسفوري.
هذا بالإضافة إلى أن خوصصة المكتب هي عملية جارية مند سنوات في انتظار الضربة القاضية عنوان جانبي و ذلك سواء بصفة غير مباشرة من خلال المشاريع الجديدة و التي تمت كلها بشراكة مع شركات عالمية أجنبية (إيمافوس (بلجيكا و المانيا)، إيماسيد (الهند)، باكفوس (باكستان) و أخيرا بانغ (البرازيل)) أو البيع المباشر لجزء من رأسمال الدولة في بعضها و هو ما تم فعلا بالنسبة لشركة إيماسيد حيت انتقلت ملكية المكتب في هذه الشركة من 50 في المائة سنة 1999 إلى 33 في المائة في مارس 2005 لفائدة شركة هندية جديدة لتصبح ملكية هذه الشركة مقسمة بالشكل التالي : (1/3 OCP, 1/3 Chambal Fertiliser-Inde, 1/3 Tata Chemicals Ltd-Inde )
وقد أضاف مصطفى التراب أن "هناك عدة فرضيات لمساهمة صندوق الإيداع والتدبير كأن يدخل هذا الأخير كمساهم في إحدى الشركات الفروع للمكتب الشريف للفوسفاط أو أن تخلق شركة مختلطة يساهم فيها الصندوق إلى جانبنا، كما أنه بالإمكان أن يصبح المكتب الشريف للفوسفاط شركة مساهمة مجهولة الاسم يساهم فيها صندوق الإيداع والتدبير. هناك، إذن، عدة خيارات، لكن لا يجب الخلط بين تحويل الوضع القانوني للمكتب من مؤسسة عمومية إلى شركة مساهمة والخوصصة كما هو متعارف عليها عالميا" و هذه الديماغوجية أيضا لا يمكن أن تنطلي على المتتبعين و المستخدمين خاصة مستخدمي المؤسسات التي تمت خوصصتها.
كلهم يعرفون أن التحول من مؤسسة عمومية أو شبه عمومية إلى شركة مساهمة لا يشكل إلا تمهيدا لخوصصتها (حالة اتصلاات المغرب، حالة التبغ، حالة مكتب استغلال الموانىء...) و ماذا يعني أسي التراب إدراج الشركة في بورصة البيضاء و بورصة أجنبية ؟ ألا يعني إمكانية شراء أسهمها عن طريق البورصة ؟
الوضع النقابي
لدر الرماد في عيون الفوسفاطيين و الفوسفاطيات قامت الإدارة العامة مع مختلف النقابات الممثلة داخل المكتب بتوقيع "ميثاق التشاور الاجتماعي" في سنة 2005 زمن المدير العام السابق السيئ الذكر مراد الشريف. لقد فتحت الإدارة الباب أمام ممثلي و مناذيب العمال و المستخدمين و الأطر (لاحظ الفصل الحاصل بالنسبة للمهندسين الذين يتوفرون على لجنة تمثيلية فقط تبقى ذيلية للإدارة) و أجرت معهم حوارات و اتفاقات و لا نقول مفاوضات فشتان بين الحوار و التفاوض.
و قد أقرت الإدارة بعض الزيادات و المكتسبات الهزيلة بعد أن وصل السيل الزبى. في هذا الإطار يأتي برتوكول اتفاق 2007 الأخير و الذي بموجبه أقرت الإدارة بعض المطالب النقابية كان أهمها زيادة 550 درهم في أجرة كافة العمال و الأطر بالمجموعة. فهذا السخاء من طرف الإدارة ليس مزاجيا و إنما يدخل في إطار استباق و تهدئة الأوضاع الاجتماعية. خاصة أمام غضب و غليان العمال و فقدانهم الثقة في مثل هذه الحوارات الزائفة و كدا من اجل التغطية عن ما يعرفه المكتب من فساد و اختلاسات و هدر للمال العام و من اجل تمرير المخططات التي تهيئها الإدارة.
فمباشرة بعد توقيع هذا البرتوكول الاتفاق حول الملف المطلبي يوم 13 يوليوز 2007 قامت الإدارة العامة ممثلة بمديرها العام مصطفى التراب في 19 يوليوز2007 بالتوقيع مع الحكومة و صندوق الإيداع و التدبير CDG اتفاق إطار يتم بموجبه تفويت الصندوق الداخلي للتقاعد لفائدةRCAR .
إن النقابات الخمس الممثلة صوريا داخل المجموعة (ضعف كبير على مستوى المنخرطين و لا دل على ذلك مشاركتهم المحتشمة في استعراضات فاتح ماي) و من خلال ملفاتها المطلبية تعبر عن تورطها في مسايرة الإدارة و مخططاتها اللاجتماعية و استفادة بيروقراطيتها من بعض الامتيازات السخيفة (المنح السنوية، التفرغ، النوادي الرياضية، الرحلات ...). فجل الملفات المطلبية تجدها تركز على نقط ثانوية كالزيادة في بعض المنح و التعويضات، النقل و توقيت العمل تاركة أهم المطالب و التي تشغل بال العمال السلم المتحرك للأجور، التقاعد، السكن، التغطية الصحية، الاعتراف و التعويض عن الامراض المهنية....
أضف إلى ذلك إدخال بعض المفاهيم الخطيرة من قبيل الوسطية النقابية، الأجور العادلة، النقابة المواطنة و المقاولة المواطنة إن خط هذه البيرقراطيات النقابية الانتهازية هو خط تكريس الاستسلام الاجتماعي و زرع الانتظارية و القدرية وسط الشغيلة و ضرب و تمييع العمل النقابي المناضل و المكافح من أجل الدفاع عن حقوق العمال و كرامتهم و وحدتهم.
إن النضال من اجل تحسين الأوضاع الاجتماعية عبر مواجهة تجميد الأجور و المطالبة برفعها هو الحلقة الأولى من اجل مواجهة السياسات الاشعبية التي تنتهجها الدولة. و هو نضال لا ينفصل عن النضال من اجل إيقاف مسلسل الخوصصة و مواجهة غلاء المعيشة. فكيف يعقل أن هذه النقابات لم تنخرط في موجة مواجهة الغلاء داخل تنسيقيات مناهضة الزيادة في الأسعار. فجل النقابات قاطعت أنشطة و نضالات التنسيقيات و على رأسها المسيرات الشعبية 24 دجنبر 2006 و البيضاء 24 مارس كأنهم غير معنيين.
. آفاق العمل طريق الأمل
إن مرور حوالي 14 سنة على مسلسل خوصصة مجموعة من المؤسسات العمومية (أكثر من 106 عملية تفويت) و التراجع الكبير الذي عرفته مكتسبات العمال سواء خلال التحضير أو بعد تفويت هذه المؤسسات يجعل من مهمة التوعية و فضح الأكاذيب حول مزايا الخوصصة مهمة ملحة.
رغم السلبية التي تطبع معظم مستخدمي مجوعة المكتب الشريف للفوسفاط بفعل البطالة، سنوات القمع و الترهيب و الخيانات المتتالية التي تعرض لها العمل النقابي المكافح بالمغرب عامة و بالمجموعة خاصة، فإن صغر سن المستخدمين الجدد، ارتفاع مستواهم الدراسي و إمكانيات التواصل و نشر المعلومات التي يوفرها اليوم تطور وسائل الاتصال و على رأسها الأنترنيت. كل هذه العوامل تفتح إمكانية تطوير عمل نقابي مناضل داخل المجموعة. بطبيعة الحال إذا تحمل المناضلون العماليون و أنصار الطبقات الكادحة مسئولياتهم في التأطير و التوعية من اجل الدفاع عن المكتسبات الاجتماعية من خلال رفع مطالب حقيقية من قبيل :
تحسين الوضعية الاجتماعية للمستخدمين عبر الرفع من الأجور فعليا و نوعيا بشكل يمكنهم من تغطية حاجياتهم دون اللجوء إلى الساعات الإضافية.
تقليص الأجور العالية و الامتيازات الكبيرة التي يتمتع بها المسئولون و المدراء بالمكتب.
تحصين و توحيد معاشات المتقاعدين سواء القدماء أو الفئات الشابة المشغلة حديثا بعد احتسابهم على RCAR مع التأكيد على التقاعد كخدمة اجتماعية مبنية على تضامن الأجيال و ليس كسلعة مدرة للأرباح.
ترسيم العمال المؤقتين عمال SMESI كمثال.
تحسين ظروف العمل عبر احترام شروط السلامة. توفير مطاعم . مستودعات. .. و ملائمتها مع المعايير الدولية.
تكريس مفهوم السكن الاجتماعي و عدم تفويت السكن الوظيفي كما تطالب به بعض النقابات و إنما المطالبة بحق العمال في امتلاك مسكن عبر استثمارات في مشاريع سكنية لفائدة المأجورين و ليس تفويت ما هو موجود.
تحصين مكتسبات التغطية الصحية و المطالبة بتحسينها و تطويرها -عبر الرفع من نسبة التعويضات من 80 إلى 100 في المائة- و ليس تفويتها للخواص
جرد و الاعتراف بالأمراض المهنية و ملائمتها مع المعايير الدولية في هذا المجال خاصة لوائح منظمة العمل الدولية المتعلقة بالعمل في المناجم و في الصناعات الكيماوية.
المطالبة باطلاع المستخدمين و الرأي العام على نتائج الافتحاصين و محاسبة المسئولين عن الفساد و المخالفات و تقديم المتورطين منهم للمحاكمة و إرجاع الأموال المسروقة.
المطالبة بالزيادة في وثيرة التشغيل خاصة الشباب حاملي الشواهد و الكف عن سياسات الترقيع من قبيل استخدام المتقاعدين و الساعات الإضافية و وسطاء التشغيل و شركات المناولة.
الوقوف أمام مخططات خوصصة المجموعة و تفويتها للرأسماليين المحليين و الأجنبيين على طبق من ذهب.
الدفاع على استقلالية المجموعة عن الشركات الأجنبية عبر نهج سياسة بحث علمي حقيقي هدفه تطوير المجموعة عبر الاستثمار في مراكز الأبحاث و المختبرات و مكاتب الدراسات و تشجيع التحسينات العملية التي يقترحها العمال من خلال تجربتهم في أفق العمل بطرق إنتاج PROCEDE محلية دون اللجوء لشرائها من الخارج بأثمان خيالية
رفع السر المهني و اطلاع العمال على نتائج و دفاتر حسابات مجموعتهم )حجم المبيعات الأرباح الصافية و طرق توزيعها