صعب أن تدخل في نقاش مع أناس اعتادوا معاكسة التاريخ والتقاط مبادئهم من إيديولوجيات عف عليها الزمن، يلحفونها بالإثنية والحديث عن الحقوق الثقافية والحرية والديمقراطية. والمقصود هنا هم أعضاء المرصد الأمازيغي للحقوق والحريات الذي اعتاد منذ نشأته أن يكون بريد بيانات وبلاغات وحالة إعلامية أكثر منه حالة حقوقية. فعندما يُعرض رأيه أو موقفه على الاستشارة العامة يلفظ إلى هامش التاريخ كما لفظت قبله العديد من التيارات والمنظمات المعاكسة لحركية التاريخ. وأمثلة ذلك كثيرة نأخذ منها:
ــ في أتون الحملة الانتخابية قاد المرصد تعبئة من أجل عرقلة وصول حزبي العدالة والتنمية والاستقلال إلى قيادة الحكومة وسخر في ذلك قدراته المادية والمعنوية وقاموسه الحجاجي والمفاهيمي المتخم بالدلالات المتجاوزة واقعيا ومعرفيا. ولأن ذكاء المغاربة لا يخدع فقد كان الجواب واضحا في 26 نونبر. وللعجب أن الناخبين حافظوا لسادة المرصد على الترتيب: العدالة والتنمية أولا والاستقلال ثانيا. فكان بيان التعليق على الانتخابات مفعما برائحة الفشل.
ــ بعدها بدأت محاولات تأويل الفشل حين تبين الحجم الطبيعي والحقيقي للمرصد وسادته، فغدا كبيرهم يحدثنا عن حجم المشاركة والتشكيك في النزاهة وعدم قدرة الحزب على تغيير نمط السلوك السياسي ومناقشة الهامش المتاح للحركة.... وكل هذه الأمور لم تكن مطروحة وهم يحلمون بعودة حزب السلطة للتسيد. لكن كل الاستطلاعات المحايدة التي نظمت أثبتت ثقة المغاربة في حكومة بنكيران وحلفائه، وثقتهم في رؤيتهم لمسار التغيير الذي بدأ من تغيير في مسلكيات التداول الحكومي والتعاطي مع الإعلام والمواطنين ودمقرطة اختيار الوزراء والقوة التنظيمية والتفاوضية، وبدأ وزراء البيجيدي يعطون درسا تلو الآخر في التواضع والسمو الأخلاقي والاقتراب من المجتمع. بل انتقل السمو إلى التواصل مع شيوخ القبائل السياسية المغربية بمختلف مرجعياتها ومكوناتها واحتضان كل الأطياف التي تشترك في هم الوطن والأمة.
ــ وخرجت علينا بعض الأصوات النسائية "القليلة" في المرصد، مريم الدمناتي المرأة الثانية من تسعة أعضاء، لتتعامى عن كل هذا وتحدثنا عن حضور المرأة في الحكومة، متباكية على زمن كانت المرأة تقحم إقحاما وبصورة شكلية وبضغوط من الخارج والداخل، باعترافها، وتحدثنا عن المناصفة والمساواة والتمييز الإيجابي الذي لم تحققه في عقر مرصدها وتريده في حكومة المغاربة. لا ضير في ذلك فهي نفسها التي هددت الاستقلال والبيجيدي في أتون الحملة الانتخابية بدفع الثمن !!!!
وبعد هذا هل يمكن لسادة المرصد أخذ العبرة ونقد المسار؟
من الصعب على توجه أسس شرعيته على الإطلاقية المبدئية والتعبئة الإعلامية أن يستوعب الدروس المتوالية. حيث اجتمعت مظاهر الفشل لتنتج خطابا تعبويا لا علاقة له بحقوق المغاربة ولا بإثنياتهم ولا بحاجاتهم المعيشية بل هو خطاب انتقامي يؤسس لمرحلة ما بعد رفض المغاربة له ولمنظومته المرجعية. وملامحه البادية كثيرة. فقد تحدثت الدمناتي عن "تقوية القوى النسوية المناضلة وكل حلفائها الديمقراطيّين من أجل المزيد من المكتسبات وصيانة المُحقّق". ودعا "إعلان الفشل" الذي أصدره المرصد بعد انتصار القطب الهوياتي الأمازيغ إلى تنظيم صفوفهم وتعبئة كل الإمكانات من أجل تحصين المكتسبات الأمازيغية التي انتزعت وروكمت في العشرية الأخيرة خوفا من الفتن والاضطرابات على حد زعمه. ورسم العديد من قادته خارطة طريق مسار الانتقام من هزيمة المرصد وأدعيائه بالعودة إلى الشارع والبدء في تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات بغية عرقلة مسار التغيير بعد أن أبرزت الديمقراطية أن لا مكان لهم في وطن اسمه المغرب. وليست مسيرة تاودا، التي ضمت عشرات من النشطاء، والتي دبجت الدعوة لها بمطالب وشعارات لا علاقة لها بالجوهر المحرك لها، إلا دليلا على محاولات المرصد وحلفائه إيقاف مسلسل الدمقرطة والإصلاح الذي بدأه المغاربة وليس لهم فيه مكان. فالأكيد أن الجميع يعرف أن هذه المسيرة وما يتلوها ليس الغرض منه الدفاع عن الأمازيغ ولا عن الحرية ولاشيء من الشعارات البراقة، لأن الأمازيغ صوتوا للبيجيدي، وبقليل من الحرية صدر المغاربة القطب الهوياتي، لكن الغرض الحقيقي هو فرض نموذج قيمي مغاير على المغاربة بالقوة مادامت الديمقراطية التي يتبجحون بها قد خانتهم. وكانت البداية بمحاولة التأثير في التصريح الحكومي.
كثيرا ما كتبنا عن أزمة الخطاب الأمازيغي الذي تميز منذ انطلاقته بنخبويته ولاوطنيته وعمله بأجندات خارجية ومخالفة لواقع المجتمع المغربي لا علاقة لها بحاجيات المغاربة أو همومهم أو تطلعاتهم أو قيمهم. لذا فعندما يخير المغاربة ولو بهامش ضيق من الحرية يلفظون سدنة المرصد وأدعياءهم ودعواتهم. فلا يبقى لهم إلا حلا من اثنين: إما الانصياع لرغبات المغاربة والدخول في مسار التغيير وفق منظومة القيم المغربية، وإما معاكسة حركية التاريخ وبث الفوضى. فهل يستوعبون الدرس؟
ــ في أتون الحملة الانتخابية قاد المرصد تعبئة من أجل عرقلة وصول حزبي العدالة والتنمية والاستقلال إلى قيادة الحكومة وسخر في ذلك قدراته المادية والمعنوية وقاموسه الحجاجي والمفاهيمي المتخم بالدلالات المتجاوزة واقعيا ومعرفيا. ولأن ذكاء المغاربة لا يخدع فقد كان الجواب واضحا في 26 نونبر. وللعجب أن الناخبين حافظوا لسادة المرصد على الترتيب: العدالة والتنمية أولا والاستقلال ثانيا. فكان بيان التعليق على الانتخابات مفعما برائحة الفشل.
ــ بعدها بدأت محاولات تأويل الفشل حين تبين الحجم الطبيعي والحقيقي للمرصد وسادته، فغدا كبيرهم يحدثنا عن حجم المشاركة والتشكيك في النزاهة وعدم قدرة الحزب على تغيير نمط السلوك السياسي ومناقشة الهامش المتاح للحركة.... وكل هذه الأمور لم تكن مطروحة وهم يحلمون بعودة حزب السلطة للتسيد. لكن كل الاستطلاعات المحايدة التي نظمت أثبتت ثقة المغاربة في حكومة بنكيران وحلفائه، وثقتهم في رؤيتهم لمسار التغيير الذي بدأ من تغيير في مسلكيات التداول الحكومي والتعاطي مع الإعلام والمواطنين ودمقرطة اختيار الوزراء والقوة التنظيمية والتفاوضية، وبدأ وزراء البيجيدي يعطون درسا تلو الآخر في التواضع والسمو الأخلاقي والاقتراب من المجتمع. بل انتقل السمو إلى التواصل مع شيوخ القبائل السياسية المغربية بمختلف مرجعياتها ومكوناتها واحتضان كل الأطياف التي تشترك في هم الوطن والأمة.
ــ وخرجت علينا بعض الأصوات النسائية "القليلة" في المرصد، مريم الدمناتي المرأة الثانية من تسعة أعضاء، لتتعامى عن كل هذا وتحدثنا عن حضور المرأة في الحكومة، متباكية على زمن كانت المرأة تقحم إقحاما وبصورة شكلية وبضغوط من الخارج والداخل، باعترافها، وتحدثنا عن المناصفة والمساواة والتمييز الإيجابي الذي لم تحققه في عقر مرصدها وتريده في حكومة المغاربة. لا ضير في ذلك فهي نفسها التي هددت الاستقلال والبيجيدي في أتون الحملة الانتخابية بدفع الثمن !!!!
وبعد هذا هل يمكن لسادة المرصد أخذ العبرة ونقد المسار؟
من الصعب على توجه أسس شرعيته على الإطلاقية المبدئية والتعبئة الإعلامية أن يستوعب الدروس المتوالية. حيث اجتمعت مظاهر الفشل لتنتج خطابا تعبويا لا علاقة له بحقوق المغاربة ولا بإثنياتهم ولا بحاجاتهم المعيشية بل هو خطاب انتقامي يؤسس لمرحلة ما بعد رفض المغاربة له ولمنظومته المرجعية. وملامحه البادية كثيرة. فقد تحدثت الدمناتي عن "تقوية القوى النسوية المناضلة وكل حلفائها الديمقراطيّين من أجل المزيد من المكتسبات وصيانة المُحقّق". ودعا "إعلان الفشل" الذي أصدره المرصد بعد انتصار القطب الهوياتي الأمازيغ إلى تنظيم صفوفهم وتعبئة كل الإمكانات من أجل تحصين المكتسبات الأمازيغية التي انتزعت وروكمت في العشرية الأخيرة خوفا من الفتن والاضطرابات على حد زعمه. ورسم العديد من قادته خارطة طريق مسار الانتقام من هزيمة المرصد وأدعيائه بالعودة إلى الشارع والبدء في تنظيم الاحتجاجات والتظاهرات بغية عرقلة مسار التغيير بعد أن أبرزت الديمقراطية أن لا مكان لهم في وطن اسمه المغرب. وليست مسيرة تاودا، التي ضمت عشرات من النشطاء، والتي دبجت الدعوة لها بمطالب وشعارات لا علاقة لها بالجوهر المحرك لها، إلا دليلا على محاولات المرصد وحلفائه إيقاف مسلسل الدمقرطة والإصلاح الذي بدأه المغاربة وليس لهم فيه مكان. فالأكيد أن الجميع يعرف أن هذه المسيرة وما يتلوها ليس الغرض منه الدفاع عن الأمازيغ ولا عن الحرية ولاشيء من الشعارات البراقة، لأن الأمازيغ صوتوا للبيجيدي، وبقليل من الحرية صدر المغاربة القطب الهوياتي، لكن الغرض الحقيقي هو فرض نموذج قيمي مغاير على المغاربة بالقوة مادامت الديمقراطية التي يتبجحون بها قد خانتهم. وكانت البداية بمحاولة التأثير في التصريح الحكومي.
كثيرا ما كتبنا عن أزمة الخطاب الأمازيغي الذي تميز منذ انطلاقته بنخبويته ولاوطنيته وعمله بأجندات خارجية ومخالفة لواقع المجتمع المغربي لا علاقة لها بحاجيات المغاربة أو همومهم أو تطلعاتهم أو قيمهم. لذا فعندما يخير المغاربة ولو بهامش ضيق من الحرية يلفظون سدنة المرصد وأدعياءهم ودعواتهم. فلا يبقى لهم إلا حلا من اثنين: إما الانصياع لرغبات المغاربة والدخول في مسار التغيير وفق منظومة القيم المغربية، وإما معاكسة حركية التاريخ وبث الفوضى. فهل يستوعبون الدرس؟