مدينة ابن جرير اليوم في حاجة الى مئات لجن التفتيش وعشرات التدخلات الحكومية لوقف النزيف، حيث اضحت المدينة مرتعا خصبا لكل انواع التجاوزات خاصة في مجال التعمير، كل شيء اصبح فيها مفضوحا، فيها من يمثل السكان، من يستعملون اليوم سرعتهم القصوى للإنتفاع وقضاء اغراضهم الخاصة، يتجاهلون انهم بمثل هذه الأعمال إنما يدقون آخر المسامير في نعش مستقبل حزبهم السياسي بالمدينة، فولاية جماعية من ست سنوات هي مجرد لحظة في تواريخ الشعوب وذاكرة الناس لا تنسى.
مدينة غابت عنها الاخلاق ونخرها الفساد السياسي والاجتماعي وحلت محلها الإنتهازية والإنتفاعية.
فقد تراكمت مشاكل جل احياء المدينة وصار السكان يتطلعون الى توفير ابسط شروط الاستقرار ومتطلبات الخدمات البسيطة، الحفر تغزو جل طرقات الاحياء بشكل يدعو للغرابة ومع التساقطات المطربة تتحول لشبه برك ومستنقعات مائية، رغم ان بعض الاحياء المحظوظة استفادت من عملية تهيئة وتقوية الطرق والأزقة بطرق مغشوشة، بالمقابل تعرضت احياء أخرى من بينها حي المجد 1 للإقصاء والإهمال اللاهم عمليات للتدمير والتخريب خاصة في مجال الصرف الصحي، وقد عبر مجموعة من المواطنين من ساكنة هذا الحي عن غضبهم واستنكارهم لبطء وتأخر تهيئة أزقة الحي المذكور، وحسب ما ذكره بعض هؤلاء بأن الجماعة الحضرية فشلت في انهاء تهيئة شوارع وأزقة هذا الحي، بل هناك حديث عن توقف وعجز المجلس عن كل هذا، وهو ما خلق ويخلق اليوم مجموعة من المشاكل الكبرى للساكنة هناك الى جانب أضرار كثيرة نتجت عن توقف الأشغال وباتت الجماعة الحضرية تواجه مشكلا كبيرا وفضيحة في ظل محدودية خياراتها ومسؤوليتها في انهاء المشاريع المبرمجة بالمدينة في التوقيت المحدد لها ووفق المعايير التقنية المتفق عليها كما هو الحال في مشروع السوق الاسبوعي الجديد، وان تعطيل مشاريع التأهيل التي رصدت لها مبالغ جد هامة هو جريمة في حق المدينة وأبنائها، هذا في وقت اصبح يطالب فيه بعض المستشارين بالمجلس وفعاليات مدنية وحقوقية بإخضاع بعض الأشغال المنجزة لخبرة تقنية وهو ما أثار جدلا في أوساط بعض الجهات وخاصة بعض المقاولات وهو ما يبين على أن غضب الساكنة لن يتاتى اعتباطيا.
اما خدمات الأزبال فتظل ضعيفة ولا تلبي متطلبات السكان ، فمجموعة من أحياء المدينة ما زالت على حالتها الكارثية بالرغم من الوعود الكثيرة التي أعطيت لإصلاحها، لكن هذه الوعود لم تتجسد على أرض الواقع لتتبخر معها أحلام وطموحات ساكنة هذه الأحياء، وضعية كارثية انعكست سلبا على حياة السكان اليومية نتيجة الإنتشار الكثير للحفر والمستنقعات.
وفي ظل ما تشهده مدينة ابن جرير من تناسل مهول للبناء العشوائي الذي توغل الى كافة الأحياء سيما الهامشية منها وذالك امام صمت السلطات المعنية التي تعتبر سببا مباشرا في تفشي هذه الظاهرة دون ان تتخذ الاجراءات اللازمة لذلك وتساهم في ايجاد حل للأخطاء المجالية والتعمرية التي احدثتها بمحيط المدينة، حيث تحولت هذه الأحياء الهامشية الى ملجأ للمنحرفين ومروجي المخدرات ومصدر خطر يهدد ساكنة المدينة في كل حين، ناهيك عن أصحاب النفوذ الذين يخرقون كل القوانين لتشييد بنايات دون المرور عبر المساطر الادارية المعلومة، ولأسباب أو أخرى تناسلت مجموعة من البنايات وأحياء عشوائية بكاملها في ظرف قياسي بالمدينة، كما هو الحال في احتلال الملك العمومي بالمدينة الذي اظهرت السلطات المحلية والاقليمية عجزا واضحا في تنفيذ البرنامج الوطني الرامي الى محاربة ظاهرة احتلال الملك العمومي التي انطلقت بمختلف ربوع الوطن، وهكذا ركزت السلطات في محاربتها على شوارع بعينها واستثنت باقي الشوارع ومن أهمها شارع الأمير مولاي عبد الله بالحي الجديد، الشيء الذي أفرغ هذه العملية الوطنية من محتواها الحقيقي لتختم بعودة الظاهرة وهي اكثر حدة وتجديدا وابداعا، أما المساحات الخضراء فتبقى الحلقة المفقودة في التوسع العمراني الذي تعرفه المدينة مما يجعل من مدينة ابن جرير عرضة للتلوث البيئي الذي تنجم عنه عدة انعكاسات سلبية تهدد في صمت صحة الساكنة.