الانتخابات الجماعية المقبلة لا يفصلنا عنها سوى بضع شهور و هي فترة زمنية لم تعد تمهل و تستلزم من الهيئات السياسية اعادة ترتيب أوراقها ، و لم تعد تترك المجال لصرف الجهود في غير اتجاهها ، فهذه معركة و هذا اوانها و ان الفاصل الزمني قصير لاحداث القطيعة مع ممارسات الماضي ، و لا مبالغة اذا ما ذهبنا الى ان بلادنا اصبحت تتوفر الان على مفسدين اقوياء يشكلون اخطبوطا و لوبيا قويا يقف في وجه تصحيح الانحراف الذي تعاني منه الممارسات الديقمراطية ببلادنا ، مما يطرح مشكل النزاهة و مصداقية المؤسسات ، و انه لازالت الذاكرة تختزن صورا لا تليق بدور السلطات الادارية المفترض فيها دستوريا و قانونيا الحرص على حيادها التام ، فالنزاهة ليست ترفا سياسيا تقوم عليها جميع العلاقات و تتوحد حولها الرؤى المختلفة و هي مطلوبة كذلك من جميع الهيئات السياسية كيفما كانت ايديولوجيتها ، فالتعفف عن القبيح من الافعال اثناء الانتخابات اضحى امرا لا يقبل التاجيل و لا التحايل لان المسالة تتعلق بالوطن ، و ان دور الاحزاب السياسية ضروري لانجاح المشروع الديمقراطي الحداثي الذي تنشده بلادنا باعتبار الاحزاب ركيزة اساسية للنظام الديمقراطي و لا يمكن ان نتصور أي تحول ديمقراطي او ديمقراطية بدون احزاب ، فالديمقراطية كما تحققت في العالم هي ديمقراطية الاحزاب السياسية ان بلادنا قد ادركت ان عهد المؤسسات المغشوشة قد ولى و ان الجماهير الشعبية لم تعد مستعدة للمشاركة في انتخابات لم تضمن فيها النزاهة و هذه الحقيقة هي السبب في العزوف الذي نلحظه و نشاهده عند الشباب بصفة خاصة سواء في مرحلة التسجيل في اللوائح الانتخابية و في عدم الاهتمام بكل ما هو انتخابات ، و ان اعادة الثقة و القضاء على اسباب الياس الذي يهيمن على فئات الشباب يستلزم التعامل مع الشان السياسي بمفهومه النبيل و ذلك رهان صعب لتغليب المصلحة العليا للبلاد فعلينا ان نكون في الموعد .