لم أتوقع أن يكون رد فعل بعض الفضلاء الذين كلفوا أنفسهم مشكورين عناء قراءة المقال الذي نشرته هذا الأسبوع بهسبريس لتسليط الضوء على العمليات الإرهابية التي استهدفت مصر، ردا عنيفا كما بدا واضحا من خلال تعليقات بعض القراء " مغاربة ومصريين" ، ولاسيما، أولائك الذين حاولوا تجريدنا من حق مناقشة الأوضاع في مصر بحجة أن الأمر لا يدخل في نطاق أولوياتنا كمغاربة وكأننا نعيش خارج العولمة أو في ظل الدولة القطرية المركزية.
هل كانت مصر ستصل إلى ما وصلت إليه لولا اشتعال شرارة الثورة في تونس؟ هل كان بإمكان الشعب الليبي أن يرفع السلاح في وجه العقيد معمر القدافي من دون أن يقع التفاعل مع ما يجري في دول الجوار؟ هل كانت ستخرج حركة 20 فبراير في تظاهرات حاشدة في أكثر من 50 عمالة وإقليم في المغرب للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد لولا تفاعلها مع الحركية الاحتجاجية في محيطها العربي والمغاربي؟
النقاش الديمقراطي الهادف والهادئ والرزين يقتضي احترام وجهات نظر الآخر الذي يختلف معي. كما يستدعي مقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة وليس التبخيس والسب وموقعة الناس اديلوجيا في المكان الخطأ لمجرد أن أفكارهم غير مناسبة أو مزعجة أو في غير محلها..
التعاطي مع أفكار الغير بهذه العقلية الماضوية والمتحجرة والعسكريتاريا مؤشر سلبي على تفشي ظاهرة العنف في مجتمعاتنا على المستوى الفكري وهذا أكبر خطر يتهدد مشاريع الانتقال نحو الديمقراطية في بلداننا للأسف الشديد
وصفي لما جرى ويجري إلى غاية اليوم في مصر بالانقلاب العسكري الدموي وصف حقيقي وله مبرراته الحقوقية والقانونية والدستورية القوية....والباحث الأكاديمي عندما يتناول الأوضاع من الزاوية البحثية، التي يخضع فيها تحليل الأحداث والوقائع السياسية والاجتماعية لقواعد قانونية دقيقة، ينبغي أن يخلع عنه رداء الاديلوجية مهما كانت الحاجة ماسة لهذا الرداء، وهذا ما أقوم به شخصيا، دون التوجس من رد فعل معين طالما أنني أصرف أفكاري وقناعاتي بشكل حر وواعي
أقولها للمرة الألف، مكان الجيوش هو الثكنات وليس القصور الرئاسية، ووظيفتهم هي حماية حدود الدولة وأمنها واستقرارها من كل عدوان يتهدد حوزة ترابها، وليس اغتصاب السلطة، و عزل الرئيس الشرعي مهما كان دينه أو انتمائه الفكري والسياسي، وقهر الناس وحكم الدولة بقوة السلاح ..
الحديث عن وجود تحول ديمقراطي بعد إسقاط الشرعية الديمقراطية في مصر وإراقة دماء الآلاف من المصريين، أكبر كذبة يروج لها الجيش المصري وشبكات المصالح الدولية الداعمة له، لإقناع الرأي العام الدولي بمخاطر استمرار جماعة الإخوان المسلمين في الحكم، بعد أن عجزوا وبقوة السلاح على شل التظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب العسكري والمؤيدة لشرعية الرئيس محمد مرسي العياط
لماذا لم يتدخل الجيش في تونس لإزاحة حزب النهضة بعد اكتساحه لنتائج الانتخابات الأولى بعد سقوط نظام الطاغية زين العابدين بن علي مع العلم أن مرجعية هذا الحزب إسلامية ويقال بأنه له علاقة بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين التي انقلب عليها العسكر في مصر؟ لماذا انسحب هذا الجيش من الشارع وعاد إلى ثكناته عندما تشكلت المؤسسات بعد الاستحقاقات الانتخابية، دون أن يفكر في اغتصاب السلطة وانتهاك حرمة الصناديق الانتخابية كما حصل في مصر؟
بخلاف المؤسسة العسكرية في مصر كمؤسسة صانعة للقرار السياسي مند عقود من الزمن، تتمتع مؤسسة الجيش في تونس بوضع خاص وقياداتها العسكرية الوطنية قيادات تعرف أين تبدأ أدوارها ووظائفها وأين تنتهي؟
بعد الانقلاب العسكري على الشرعية الديمقراطية في مصر تم الزج بالرئيس محمد مرسي وبقيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين في السجون، وتم تعطيل دستور البلاد وإغلاق القنوات الإعلامية الداعمة للرئيس مرسي حتى يطلق الجيش الانقلابي العنان لقنوات الفلول لتدجين عقول المصريين. كما تم اللجوء إلى مواجهة المسيرات والتظاهرات السلمية بالرصاص الحي في ميادين الاعتصامات وفي الشوارع...
في ظل هذا الوضع المأساوي الذي أدخل مصر بتاريخها وتراثها الحضاري والإنساني في غياهب المجهول يريد البعض إقناع العالم بأن ما يجري اليوم في بلاد النيل تحول ديمقراطي !!!! ما هدا الحمق الإعلامي والسياسي؟
بعد ترقية وزير الدفاع عبد الفاتح السيسي إلى رتبة مشير أعرب قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر عن عدم ممانعتهم في ترشيحه للانتخابات الرئاسية....هل هذا هو الانتقال الديمقراطي الذي يراد لنا مباركته والتصفيق له والاعتراف بحكومته الانتقالية وبرئيسه المقبل من قبل أشقائنا المصريين والمغاربة المغرمين بغزوات الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسي في مؤيدي وأنصار الرئيس المعزول بقوة السلاح؟
ما هذا القلب الغريب للحقائق؟ هل تحول السيسي من جنرال عسكري قاتل للمواطنين المصريين إلى قائد سياسي وطني منقذ وحامي لأمن الوطن والمواطنين واستقرار البلاد في رمشة عين؟
منح الرئاسة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لا يحول بأي حال من الأحوال دون محاكمته أمام الجنائية الدولية عندما سيختل ميزان العلاقة بين الغربيين والأوروبيين والطغمة العسكرية الحاكمة اليوم في مصر بقوة السلاح بغض النظر عن مساحيق الاستفتاء الدستوري والانتخابات القادمة
مما لاشك فيه أن قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي يتمتع اليوم بدعم كبير جدا من قبل أطراف دولية واقليمية وازنة للحيلولة دون عودة الشرعية الديمقراطية للبلاد...لكن لا أحد بإمكانه توقع المستقبل السياسي لهذا الرجل على المدى القريب أوالمتوسط على أبعد تقدير. كما أن المؤشرات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر لا تبشر بالخير وفشل الجيش في إدارة البلاد وضمان سلمها الأمني والأهلي نتيجة متوقعة:
ليس ثمة في القانون الدولي ما يعطي للجيش حق فض الاعتصامات والتظاهرات السلمية بقوة السلاح بل على العكس من هذا تماما فان الحق في التظاهر يعد من الحقوق المكفولة بموجب القانون الدولي الذي فرض حماية على حرية الرأي و التعبير واعتبرها مصونة بالقانون الدولي العام وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما يعتبر هذا الحق من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان ومن القواعد الآمرة فيه فلا يجوز الانتقاص منه أو الحد منه، علاوة على أنه حق من الحقوق الطبيعية التي تلتصق بالإنسان ولا يجوز الاتفاق علي مخالفتها لأنها قاعدة عامة..
لذلك فإن قمع المظاهرات بالشكل الذي تعامل به الجيش الانقلابي في مصر يندرج ضمن خانة الجرائم الدولية التي تستوجب المحاكمة لتوقيع العقاب المناسب على مقترفيها
الحصانة التي يتمتع بها حكام الدول التي تمارس مخالفات قانونية ضد المتظاهرين السلميين لا تقف حائلا دون محاكمتهم أمام القضاء الدولي وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (27) التي نصت على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية فذكرت:
أولا: يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية, وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص, سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً, لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسئولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي, كما أنها لا تشكل في حد ذاتها, سبباً لتخفيف العقوبة.
ثانيا: لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي, دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.
وأكدت المادة (28) على مسئولية القادة والرؤساء الآخرون حيث أشارت إلى ما يلي:
* يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري مسئولاً مسئولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة, نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة.
أ ) إذا كان ذلك القائد العسكري أو الشخص قد علم ، أو يفترض أن يكون قد علم ، بسبب الظروف السائدة في ذلك الحين ، بأن القوات ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب هذه الجرائم.
ب) إذا لم يتخذ ذلك القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
* فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس يسأل الرئيس جنائياً عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة.
أ ) إذا كان الرئيس قد علم أو تجاهل عن وعي أي معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.
ب) إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسئولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
ج) إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
وبالرجوع إلى المادة الخامسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي حددت بشكل حصري، نوع الجرائم التي تختص هذه المحكمة بالنظر فيها، نجد بأن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي، قد ارتكب في حق مؤيدي الشرعية الديمقراطية في البلاد جرائم ضد الإنسانية. وقد كان من نتائج هذه الجرائم التي تشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني قتل ألاف المصريين المؤيدين للشرعية الديمقراطية مع كل ما يترتب عن هذا القتل من مصادرة غير مشروعة لحق الإنسان في الحياة كحق أصلي للإنسان تتفرع عليه باقي الحقوق الأخرى المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية
الفريق الأول عبد الفتاح السيسي الذي تم ترقيته إلى مشير والرئيس الانتقالي عدلي منصور ورئيس الوزراء الببلاوي يتحملون كامل المسؤولية عن الجرائم الفضيعة التي اقترفت من قبل جهاز الشرطة والجيش، في حق المتظاهرين السلميين والعزل، ضدا على القوانين والتشريعات الدولية التي تكفل حق التظاهر السلمي للمواطنين، في ظل تواطؤ إقليمي وغربي وأوروبي فضيع..
لقد كان على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يتحرك ويفتح التحقيق من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بالجرائم التي ارتكبها السيسي وتدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، سيما، بعد إدانة الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، وعدد من المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، لقتل المتظاهرين السلميين من أنصار الشرعية الديمقراطية للرئيس محمد مرسي..وبعد أن أصبحت أدلة الإدانة في مواجهة رموز الانقلاب في مصر موثقة بالصوت والصورة...لكن شتان بين القانون والواقع
هل كانت مصر ستصل إلى ما وصلت إليه لولا اشتعال شرارة الثورة في تونس؟ هل كان بإمكان الشعب الليبي أن يرفع السلاح في وجه العقيد معمر القدافي من دون أن يقع التفاعل مع ما يجري في دول الجوار؟ هل كانت ستخرج حركة 20 فبراير في تظاهرات حاشدة في أكثر من 50 عمالة وإقليم في المغرب للمطالبة بإسقاط الفساد والاستبداد لولا تفاعلها مع الحركية الاحتجاجية في محيطها العربي والمغاربي؟
النقاش الديمقراطي الهادف والهادئ والرزين يقتضي احترام وجهات نظر الآخر الذي يختلف معي. كما يستدعي مقارعة الفكرة بالفكرة والحجة بالحجة وليس التبخيس والسب وموقعة الناس اديلوجيا في المكان الخطأ لمجرد أن أفكارهم غير مناسبة أو مزعجة أو في غير محلها..
التعاطي مع أفكار الغير بهذه العقلية الماضوية والمتحجرة والعسكريتاريا مؤشر سلبي على تفشي ظاهرة العنف في مجتمعاتنا على المستوى الفكري وهذا أكبر خطر يتهدد مشاريع الانتقال نحو الديمقراطية في بلداننا للأسف الشديد
وصفي لما جرى ويجري إلى غاية اليوم في مصر بالانقلاب العسكري الدموي وصف حقيقي وله مبرراته الحقوقية والقانونية والدستورية القوية....والباحث الأكاديمي عندما يتناول الأوضاع من الزاوية البحثية، التي يخضع فيها تحليل الأحداث والوقائع السياسية والاجتماعية لقواعد قانونية دقيقة، ينبغي أن يخلع عنه رداء الاديلوجية مهما كانت الحاجة ماسة لهذا الرداء، وهذا ما أقوم به شخصيا، دون التوجس من رد فعل معين طالما أنني أصرف أفكاري وقناعاتي بشكل حر وواعي
أقولها للمرة الألف، مكان الجيوش هو الثكنات وليس القصور الرئاسية، ووظيفتهم هي حماية حدود الدولة وأمنها واستقرارها من كل عدوان يتهدد حوزة ترابها، وليس اغتصاب السلطة، و عزل الرئيس الشرعي مهما كان دينه أو انتمائه الفكري والسياسي، وقهر الناس وحكم الدولة بقوة السلاح ..
الحديث عن وجود تحول ديمقراطي بعد إسقاط الشرعية الديمقراطية في مصر وإراقة دماء الآلاف من المصريين، أكبر كذبة يروج لها الجيش المصري وشبكات المصالح الدولية الداعمة له، لإقناع الرأي العام الدولي بمخاطر استمرار جماعة الإخوان المسلمين في الحكم، بعد أن عجزوا وبقوة السلاح على شل التظاهرات السلمية الرافضة للانقلاب العسكري والمؤيدة لشرعية الرئيس محمد مرسي العياط
لماذا لم يتدخل الجيش في تونس لإزاحة حزب النهضة بعد اكتساحه لنتائج الانتخابات الأولى بعد سقوط نظام الطاغية زين العابدين بن علي مع العلم أن مرجعية هذا الحزب إسلامية ويقال بأنه له علاقة بالتنظيم الدولي لجماعة الإخوان المسلمين التي انقلب عليها العسكر في مصر؟ لماذا انسحب هذا الجيش من الشارع وعاد إلى ثكناته عندما تشكلت المؤسسات بعد الاستحقاقات الانتخابية، دون أن يفكر في اغتصاب السلطة وانتهاك حرمة الصناديق الانتخابية كما حصل في مصر؟
بخلاف المؤسسة العسكرية في مصر كمؤسسة صانعة للقرار السياسي مند عقود من الزمن، تتمتع مؤسسة الجيش في تونس بوضع خاص وقياداتها العسكرية الوطنية قيادات تعرف أين تبدأ أدوارها ووظائفها وأين تنتهي؟
بعد الانقلاب العسكري على الشرعية الديمقراطية في مصر تم الزج بالرئيس محمد مرسي وبقيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين في السجون، وتم تعطيل دستور البلاد وإغلاق القنوات الإعلامية الداعمة للرئيس مرسي حتى يطلق الجيش الانقلابي العنان لقنوات الفلول لتدجين عقول المصريين. كما تم اللجوء إلى مواجهة المسيرات والتظاهرات السلمية بالرصاص الحي في ميادين الاعتصامات وفي الشوارع...
في ظل هذا الوضع المأساوي الذي أدخل مصر بتاريخها وتراثها الحضاري والإنساني في غياهب المجهول يريد البعض إقناع العالم بأن ما يجري اليوم في بلاد النيل تحول ديمقراطي !!!! ما هدا الحمق الإعلامي والسياسي؟
بعد ترقية وزير الدفاع عبد الفاتح السيسي إلى رتبة مشير أعرب قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة في مصر عن عدم ممانعتهم في ترشيحه للانتخابات الرئاسية....هل هذا هو الانتقال الديمقراطي الذي يراد لنا مباركته والتصفيق له والاعتراف بحكومته الانتقالية وبرئيسه المقبل من قبل أشقائنا المصريين والمغاربة المغرمين بغزوات الجنرال الدموي عبد الفتاح السيسي في مؤيدي وأنصار الرئيس المعزول بقوة السلاح؟
ما هذا القلب الغريب للحقائق؟ هل تحول السيسي من جنرال عسكري قاتل للمواطنين المصريين إلى قائد سياسي وطني منقذ وحامي لأمن الوطن والمواطنين واستقرار البلاد في رمشة عين؟
منح الرئاسة لوزير الدفاع عبد الفتاح السيسي لا يحول بأي حال من الأحوال دون محاكمته أمام الجنائية الدولية عندما سيختل ميزان العلاقة بين الغربيين والأوروبيين والطغمة العسكرية الحاكمة اليوم في مصر بقوة السلاح بغض النظر عن مساحيق الاستفتاء الدستوري والانتخابات القادمة
مما لاشك فيه أن قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي يتمتع اليوم بدعم كبير جدا من قبل أطراف دولية واقليمية وازنة للحيلولة دون عودة الشرعية الديمقراطية للبلاد...لكن لا أحد بإمكانه توقع المستقبل السياسي لهذا الرجل على المدى القريب أوالمتوسط على أبعد تقدير. كما أن المؤشرات الأمنية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية في مصر لا تبشر بالخير وفشل الجيش في إدارة البلاد وضمان سلمها الأمني والأهلي نتيجة متوقعة:
ليس ثمة في القانون الدولي ما يعطي للجيش حق فض الاعتصامات والتظاهرات السلمية بقوة السلاح بل على العكس من هذا تماما فان الحق في التظاهر يعد من الحقوق المكفولة بموجب القانون الدولي الذي فرض حماية على حرية الرأي و التعبير واعتبرها مصونة بالقانون الدولي العام وخاصة القانون الدولي لحقوق الإنسان.
كما يعتبر هذا الحق من النظام العام في القانون الدولي لحقوق الإنسان ومن القواعد الآمرة فيه فلا يجوز الانتقاص منه أو الحد منه، علاوة على أنه حق من الحقوق الطبيعية التي تلتصق بالإنسان ولا يجوز الاتفاق علي مخالفتها لأنها قاعدة عامة..
لذلك فإن قمع المظاهرات بالشكل الذي تعامل به الجيش الانقلابي في مصر يندرج ضمن خانة الجرائم الدولية التي تستوجب المحاكمة لتوقيع العقاب المناسب على مقترفيها
الحصانة التي يتمتع بها حكام الدول التي تمارس مخالفات قانونية ضد المتظاهرين السلميين لا تقف حائلا دون محاكمتهم أمام القضاء الدولي وهذا ما نص عليه النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية في المادة (27) التي نصت على عدم الاعتداد بالصفة الرسمية فذكرت:
أولا: يطبق هذا النظام الأساسي على جميع الأشخاص بصورة متساوية دون أي تمييز بسبب الصفة الرسمية, وبوجه خاص فإن الصفة الرسمية للشخص, سواء كان رئيساً لدولة أو حكومة أو عضواً في حكومة أو برلمان أو ممثلاً منتخباً أو موظفاً حكومياً, لا تعفيه بأي حال من الأحوال من المسئولية الجنائية بموجب هذا النظام الأساسي, كما أنها لا تشكل في حد ذاتها, سبباً لتخفيف العقوبة.
ثانيا: لا تحول الحصانات أو القواعد الإجرائية الخاصة التي قد ترتبط بالصفة الرسمية للشخص سواء كانت في إطار القانون الوطني أو الدولي, دون ممارسة المحكمة اختصاصها على هذا الشخص.
وأكدت المادة (28) على مسئولية القادة والرؤساء الآخرون حيث أشارت إلى ما يلي:
* يكون القائد العسكري أو الشخص القائم فعلاً بأعمال القائد العسكري مسئولاً مسئولية جنائية عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب قوات تخضع لإمرته وسيطرته الفعليتين، أو تخضع لسلطته وسيطرته الفعليتين، حسب الحالة, نتيجة لعدم ممارسة القائد العسكري أو الشخص سيطرته على هذه القوات ممارسة سليمة.
أ ) إذا كان ذلك القائد العسكري أو الشخص قد علم ، أو يفترض أن يكون قد علم ، بسبب الظروف السائدة في ذلك الحين ، بأن القوات ترتكب أو تكون على وشك ارتكاب هذه الجرائم.
ب) إذا لم يتخذ ذلك القائد العسكري أو الشخص جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
* فيما يتصل بعلاقة الرئيس والمرؤوس يسأل الرئيس جنائياً عن الجرائم التي تدخل في اختصاص المحكمة والمرتكبة من جانب مرؤوسين يخضعون لسلطته وسيطرته الفعليتين نتيجة لعدم ممارسة سيطرته على هؤلاء المرؤوسين ممارسة سليمة.
أ ) إذا كان الرئيس قد علم أو تجاهل عن وعي أي معلومات تبين بوضوح أن مرؤوسيه يرتكبون أو على وشك أن يرتكبوا هذه الجرائم.
ب) إذا تعلقت الجرائم بأنشطة تندرج في إطار المسئولية والسيطرة الفعليتين للرئيس.
ج) إذا لم يتخذ الرئيس جميع التدابير اللازمة والمعقولة في حدود سلطته لمنع أو قمع ارتكاب هذه الجرائم أو لعرض المسألة على السلطات المختصة للتحقيق والمقاضاة.
وبالرجوع إلى المادة الخامسة من نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية والتي حددت بشكل حصري، نوع الجرائم التي تختص هذه المحكمة بالنظر فيها، نجد بأن الفريق الأول عبد الفتاح السيسي، قد ارتكب في حق مؤيدي الشرعية الديمقراطية في البلاد جرائم ضد الإنسانية. وقد كان من نتائج هذه الجرائم التي تشكل انتهاكا جسيما للقانون الدولي الإنساني قتل ألاف المصريين المؤيدين للشرعية الديمقراطية مع كل ما يترتب عن هذا القتل من مصادرة غير مشروعة لحق الإنسان في الحياة كحق أصلي للإنسان تتفرع عليه باقي الحقوق الأخرى المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والدينية
الفريق الأول عبد الفتاح السيسي الذي تم ترقيته إلى مشير والرئيس الانتقالي عدلي منصور ورئيس الوزراء الببلاوي يتحملون كامل المسؤولية عن الجرائم الفضيعة التي اقترفت من قبل جهاز الشرطة والجيش، في حق المتظاهرين السلميين والعزل، ضدا على القوانين والتشريعات الدولية التي تكفل حق التظاهر السلمي للمواطنين، في ظل تواطؤ إقليمي وغربي وأوروبي فضيع..
لقد كان على المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية أن يتحرك ويفتح التحقيق من تلقاء نفسه على أساس المعلومات المتعلقة بالجرائم التي ارتكبها السيسي وتدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية، سيما، بعد إدانة الأمين العام للأمم المتحدة بان كيمون، وعدد من المنظمات الحقوقية الدولية والإقليمية، لقتل المتظاهرين السلميين من أنصار الشرعية الديمقراطية للرئيس محمد مرسي..وبعد أن أصبحت أدلة الإدانة في مواجهة رموز الانقلاب في مصر موثقة بالصوت والصورة...لكن شتان بين القانون والواقع