كاد المغرب أن يعيش انتكاسة كبيرة على إثر التوصية التي تبنتها الحكومة الأمريكية، والمتعلقة بتوسيع مهام المينورسو لتشمل حقوق الإنسان.
حيث أن هذه التوصية ترمي إلى إعطاء صلاحيات واسعة للمينورسو لمراقبة كل ما يتعلق بحقوق الإنسان التي يدعي الصحراويون أنهم يعانون منها.
حيث أن من شأن توسيع هذه الصلاحيات يجعل من المينورسو طرفا في النزاع، بل حكما في كل ما يثار حول الإنتهاكات الناتجة عن خرق لحقوق الإنسان في الصحراء، وبهذه الصلاحيات يفقد المغرب سيادته على أقاليمه الجنوبية، وتصبح بذلك المنطقة الصحراوية بشكل من الأشكال محمية أممية، ويصبح معها الحضور المغربي فيها شكليا فقط.
والآن، فقد استطاع المغرب أن يتجنب هذه المؤامرة التي حيكت خيوطها بدقة كبيرة في دهاليز الإدارة الأمريكية، التي اخترقتها الجزائر والبوليساريو اختراقا واسعا، رغم ما تبديه الحكومة الأمريكية من ميل ظاهري للموقف المغربي، فقد أظهر هذا الحدث أن مسألة الإنسان بالغة الجدية في عالم اليوم، فهي ليست ترفا أو مجرد مطلب سياسي، ولكنها تعتبر شرطا أساسيا للولوج إلى عالم اليوم، الذي يجعل الإنسان في صلب اهتمامه.
ورغم أن المغرب، وإن أبدى نوعا من التفتح في هذا المجال في السنوات الأخيرة التي تلت سنوات الرصاص الرهيبة، وأنشأ هياكل خاصة تعني بهذه الإشكالية، فإنه لازال ينتظره بذل جهود أكبر.
تعتبر حقوق الإنسان إشكالية جوهرية وجدية وحساسة تأخذ باهتمام الحكومة المغربية، وليس مجرد شعارات ترفع هنا وهناك وينص عليها في الترسانة القانونية، وبما أن الإيمان الحقيقي لمشروعية حقوق الإنسان هو القطع الجذري مع ترسبات الماضي بكل سلبياته والولوج إلى الحداثة الحقيقية التي تجعل من الإنسان المغربي مواطنا كامل المواطنة يجد نفسه في المؤسسات، ويكون لصوته ولرأيه الوزن الذي يستحقه.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن مسألة حقوق الإنسان لا تهم فقط الصحراويين، ولكن جميع المواطنين المغاربة ومنهم بصفة أخص موطنونا المحتجزون بمخيمات تندوف.
إذ أنه من المفارقة العجيبة أن ترفع الجزائر صوتها بالمطالبة باحترام حقوق الإنسان في الصحراء، وفي نفس الوقت تحكم الخناق على مواطنيها في الجزائر وعلى المحتجزين على أراضيها في تندوف وغيرها. ومن المؤسف كذلك أن تبكي البوليساريو على مصير الصحراويين في الصحراء المغربية فقط وتمارس على الصحراويين وغيرهم المحتجزين لديها كل أنواع القهر والتعسف والإهانة.
لكن من غير المفهوم أيضا، أن الرأي العام الدولي، ومعه بعض المنظمات الدولية، أن تسير على هذا الطرح الذي لا يهتم إلا بما يقع بالصحراء المغربية فقط، متناسين أن مسألة حقوق الإنسان هي مسألة كونية دون تمييز في الزمان والمكان. لذلك فإنه يجب على المغرب إن أراد أن يربح الرهان، أن يكون فاعلا حقيقيا وفعالا في هذا المجال، على امتداد جغرافية الوطن ككل، وجب وضع حقوق الإنسان بمضمونها الشامل بما فيه الشق الاقتصادي في صلب اهتماماته وفي جميع مخططاته التنموية.
فلا معنى لحقوق الإنسان إذا لم ترق بالإنسان المغربي إلى مستوى المواطن المتمتع بجميع حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتية (معالجة من مرض، وإنصاف من ظلم، وتشغيل من تخرج، و...)، وتمكينه من خلق مؤسساته التي تمثله حقيقة ويجد فيها نفسه ومصالحه.
من هنا يجب على المغرب كذلك أن يقطع كلية مع العمل الدبلوماسي العتيق والعقيم والمتجاوز الذي سار عليه إلى حد الآن.
وإنه يجب على دبلوماسيتنا أن تؤمن بدورها الفعال في هذه المرحلة، وذلك بالتحلي الإستقلالية اللازمة في اتخاذ القرار وفي معالجة جميع الملفات المتعلقة بها، ومنها ملف الصحراء وباقي جميع أراضينا المغتصبة شرقا وشمالا وجنوبا على أرضية برنامج وخطة وتصور شامل يستثمر ويستنهض وينظم الأداء الدبلوماسي الرسمي والموازي.
كما يلزم بأن تتم مناقشات النشاط الدبلوماسي في المؤسسات التمثيلية والمدنية، وأن لا يبقى حبيس الدهاليز الخاصة ينتظر التعليمات من الفوق.
فإذا سار المغرب على هذا النهج الذي يحترم مواطنة الإنسان المغربي وذكاءه، فإنه سيربح رهان الصحراء والإنسان المغربي معا، في وسط جيوسياسي لازال يجر وراءه أحلام التوسع والهيمنة والمصالح ولا يقيم أي وزن لمفهوم حقوق الإنسان، إلا من باب الضغط والابتزاز .
أمام المغرب فرصة تاريخية لولوج عالم الحداثة بكل متطلباتها الفكرية والمؤسساتية الحقيقية.
إذن فلنجعل من هذه الأزمة بداية يقظة وإنخراط حقيقي في تحقيق وبناء متطلبات المواطنين والوطن والعالم، بإعطاء المضمون الحقيقي لحقوق الإنسان. والثمن هنا يستوجب استكمال هاته الحقوق بمحاربة الريع الاقتصادي والتوازن في توزيع الثروة ومحاربة الفساد.
وعلى دبلوماسيتنا الموازية من أحزاب وهيئات مدنية أن تلعب دورها الريادي داخليا وخارجيا، وذلك بعدم ترديدها لنسخة مطابقة للدبلوماسية الرسمية، بتسميتها للأشياء والوقائع بمسمياتها.
أليست حركة البوليساريو في بدايتها لم تكن حركة انفصالية؟ ألم تكن حركة ثورية تأسست على أرضية فكرة البؤرة الثورية المسلحة ضد الطغيان في سنوات الرصاص، والعمل إلى جانب الحركات الثورية في المغرب آنذاك من أجل بناء مغرب موحد تحت نظام ديمقراطي وعادل؟.
ومع القمع الشديد الذي تعرضت له ودخول الجزائر على الخط وترويجها لخيار الانفصال وقتلها لرموز خيار الوحدة (مصطفى الوالي ورفاقه) تحولت هاته الحركة إلى تابعة للجزائر وخادمة لحلمها التوسعي والهيمني، وهكذا تحولت البوليساريو إلى تنظيم انفصالي خان منطلقاته التأسيسية والفكرية، لأنه بأية حال من الأحوال لا يمكن للتقدمي أن يكون انفصاليا، ولأن الأنظمة والحكومات تتغير والتراب يبقى، وبهذا المعنى يمكن اعتبار مسعى الجزائر يخدم المخططات الامبريالية في مزيد من التجزئة والتقسيم، عبر ابنها اللاشرعي البوليساريو الحالي.
إن قضية الصحراء في عمقها هي عقدة الوحدة أو التجزئة للاتحاد المغاربي، فحداري يا جزائر من عناصر تفككك الداخلي !!
حيث أن هذه التوصية ترمي إلى إعطاء صلاحيات واسعة للمينورسو لمراقبة كل ما يتعلق بحقوق الإنسان التي يدعي الصحراويون أنهم يعانون منها.
حيث أن من شأن توسيع هذه الصلاحيات يجعل من المينورسو طرفا في النزاع، بل حكما في كل ما يثار حول الإنتهاكات الناتجة عن خرق لحقوق الإنسان في الصحراء، وبهذه الصلاحيات يفقد المغرب سيادته على أقاليمه الجنوبية، وتصبح بذلك المنطقة الصحراوية بشكل من الأشكال محمية أممية، ويصبح معها الحضور المغربي فيها شكليا فقط.
والآن، فقد استطاع المغرب أن يتجنب هذه المؤامرة التي حيكت خيوطها بدقة كبيرة في دهاليز الإدارة الأمريكية، التي اخترقتها الجزائر والبوليساريو اختراقا واسعا، رغم ما تبديه الحكومة الأمريكية من ميل ظاهري للموقف المغربي، فقد أظهر هذا الحدث أن مسألة الإنسان بالغة الجدية في عالم اليوم، فهي ليست ترفا أو مجرد مطلب سياسي، ولكنها تعتبر شرطا أساسيا للولوج إلى عالم اليوم، الذي يجعل الإنسان في صلب اهتمامه.
ورغم أن المغرب، وإن أبدى نوعا من التفتح في هذا المجال في السنوات الأخيرة التي تلت سنوات الرصاص الرهيبة، وأنشأ هياكل خاصة تعني بهذه الإشكالية، فإنه لازال ينتظره بذل جهود أكبر.
تعتبر حقوق الإنسان إشكالية جوهرية وجدية وحساسة تأخذ باهتمام الحكومة المغربية، وليس مجرد شعارات ترفع هنا وهناك وينص عليها في الترسانة القانونية، وبما أن الإيمان الحقيقي لمشروعية حقوق الإنسان هو القطع الجذري مع ترسبات الماضي بكل سلبياته والولوج إلى الحداثة الحقيقية التي تجعل من الإنسان المغربي مواطنا كامل المواطنة يجد نفسه في المؤسسات، ويكون لصوته ولرأيه الوزن الذي يستحقه.
ولابد من الإشارة هنا إلى أن مسألة حقوق الإنسان لا تهم فقط الصحراويين، ولكن جميع المواطنين المغاربة ومنهم بصفة أخص موطنونا المحتجزون بمخيمات تندوف.
إذ أنه من المفارقة العجيبة أن ترفع الجزائر صوتها بالمطالبة باحترام حقوق الإنسان في الصحراء، وفي نفس الوقت تحكم الخناق على مواطنيها في الجزائر وعلى المحتجزين على أراضيها في تندوف وغيرها. ومن المؤسف كذلك أن تبكي البوليساريو على مصير الصحراويين في الصحراء المغربية فقط وتمارس على الصحراويين وغيرهم المحتجزين لديها كل أنواع القهر والتعسف والإهانة.
لكن من غير المفهوم أيضا، أن الرأي العام الدولي، ومعه بعض المنظمات الدولية، أن تسير على هذا الطرح الذي لا يهتم إلا بما يقع بالصحراء المغربية فقط، متناسين أن مسألة حقوق الإنسان هي مسألة كونية دون تمييز في الزمان والمكان. لذلك فإنه يجب على المغرب إن أراد أن يربح الرهان، أن يكون فاعلا حقيقيا وفعالا في هذا المجال، على امتداد جغرافية الوطن ككل، وجب وضع حقوق الإنسان بمضمونها الشامل بما فيه الشق الاقتصادي في صلب اهتماماته وفي جميع مخططاته التنموية.
فلا معنى لحقوق الإنسان إذا لم ترق بالإنسان المغربي إلى مستوى المواطن المتمتع بجميع حقوقه السياسية والاقتصادية والاجتماعية والخدماتية (معالجة من مرض، وإنصاف من ظلم، وتشغيل من تخرج، و...)، وتمكينه من خلق مؤسساته التي تمثله حقيقة ويجد فيها نفسه ومصالحه.
من هنا يجب على المغرب كذلك أن يقطع كلية مع العمل الدبلوماسي العتيق والعقيم والمتجاوز الذي سار عليه إلى حد الآن.
وإنه يجب على دبلوماسيتنا أن تؤمن بدورها الفعال في هذه المرحلة، وذلك بالتحلي الإستقلالية اللازمة في اتخاذ القرار وفي معالجة جميع الملفات المتعلقة بها، ومنها ملف الصحراء وباقي جميع أراضينا المغتصبة شرقا وشمالا وجنوبا على أرضية برنامج وخطة وتصور شامل يستثمر ويستنهض وينظم الأداء الدبلوماسي الرسمي والموازي.
كما يلزم بأن تتم مناقشات النشاط الدبلوماسي في المؤسسات التمثيلية والمدنية، وأن لا يبقى حبيس الدهاليز الخاصة ينتظر التعليمات من الفوق.
فإذا سار المغرب على هذا النهج الذي يحترم مواطنة الإنسان المغربي وذكاءه، فإنه سيربح رهان الصحراء والإنسان المغربي معا، في وسط جيوسياسي لازال يجر وراءه أحلام التوسع والهيمنة والمصالح ولا يقيم أي وزن لمفهوم حقوق الإنسان، إلا من باب الضغط والابتزاز .
أمام المغرب فرصة تاريخية لولوج عالم الحداثة بكل متطلباتها الفكرية والمؤسساتية الحقيقية.
إذن فلنجعل من هذه الأزمة بداية يقظة وإنخراط حقيقي في تحقيق وبناء متطلبات المواطنين والوطن والعالم، بإعطاء المضمون الحقيقي لحقوق الإنسان. والثمن هنا يستوجب استكمال هاته الحقوق بمحاربة الريع الاقتصادي والتوازن في توزيع الثروة ومحاربة الفساد.
وعلى دبلوماسيتنا الموازية من أحزاب وهيئات مدنية أن تلعب دورها الريادي داخليا وخارجيا، وذلك بعدم ترديدها لنسخة مطابقة للدبلوماسية الرسمية، بتسميتها للأشياء والوقائع بمسمياتها.
أليست حركة البوليساريو في بدايتها لم تكن حركة انفصالية؟ ألم تكن حركة ثورية تأسست على أرضية فكرة البؤرة الثورية المسلحة ضد الطغيان في سنوات الرصاص، والعمل إلى جانب الحركات الثورية في المغرب آنذاك من أجل بناء مغرب موحد تحت نظام ديمقراطي وعادل؟.
ومع القمع الشديد الذي تعرضت له ودخول الجزائر على الخط وترويجها لخيار الانفصال وقتلها لرموز خيار الوحدة (مصطفى الوالي ورفاقه) تحولت هاته الحركة إلى تابعة للجزائر وخادمة لحلمها التوسعي والهيمني، وهكذا تحولت البوليساريو إلى تنظيم انفصالي خان منطلقاته التأسيسية والفكرية، لأنه بأية حال من الأحوال لا يمكن للتقدمي أن يكون انفصاليا، ولأن الأنظمة والحكومات تتغير والتراب يبقى، وبهذا المعنى يمكن اعتبار مسعى الجزائر يخدم المخططات الامبريالية في مزيد من التجزئة والتقسيم، عبر ابنها اللاشرعي البوليساريو الحالي.
إن قضية الصحراء في عمقها هي عقدة الوحدة أو التجزئة للاتحاد المغاربي، فحداري يا جزائر من عناصر تفككك الداخلي !!