البيان العام لاتحاد العمل النسائي في مؤتمره الخامس.


حقائق بريس
الثلاثاء 1 مارس 2016



أنهي اتحاد العمل النسائي اشغال مؤتمره الخامس الذي انعقد يومي 26-27 من شهر فبراير2016 بنادي المعد العالي للقضاة بالرباط، بانتخاب مكتبه الاداري المكون ب61 عضو ومكتبه الوطني الذي تكون من 13 عضو، فيما تم تأجيل انتخاب رئيسة الجمعية بعد أسبوعين باجتماع المكتبين المنتخبين. المؤتمر الخامس لاتحاد العمل النسائي، الذي اتخذ كشعار له: ” من أجل أعمال الحقوق الانسانية والدستورية النسائية، جاء في سياق وطني خاص تميز بمناقشة عدد من القوانين والتشريعات التي نص عليها الدستور والتي تثير نقاشا لدى المجتمع المدني والحركة الحقوقية، كما اصدر المؤتمر بيانا عاما جاء فيه مايلي :



إن المؤتمر الخامس لاتحاد العمل النسائي المنعقد بالرباط يومي 26 و 27 فبراير 2016، تحت شعار "من أجل إعمال الحقوق الإنسانية والدستورية للنساء"، بعد استحضاره لروح فقيدتي الاتحاد والحركة النسائية واالمغرب ككل، الأيقونتين زهور العلوي وفاطمة المرنيسي، وبعد تدارسه للسياق الوطني والإقليمي والدولي ولأوضاع حقوق النساء وتحليله للسياسات العمومية من منظور حقوقي مرتكز على مقاربة النوع ومحاربة التمييز والمساواة والمناصفة بين الجنسين، يسجل ما يلي:
• رغم ما تحقق من مكتسبات دستورية تتمثل أساسا في الإقرار بالمساواة بين النساء والرجال في كافة الحقوق والحريات، والمناصفة، وحظر ومحاربة التمييز، وإحداث هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز، واعتماد مبدإ سموالمواثيق الدولية والالتزم بحقوق الانسان في كونيتها وعدم قابليتها للتجزيء، لم تعمل الحكومة على تفعيل هذه المقتضيات بل على العكس من ذلك التفت عليها في محاولة للارتداد إلى الوراء وضرب المكتسبات التي حققتها الحركة النسائية بنضالاتها لأكثر من ثلاثة عقود.
• إن هيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز التي أحدثها الدستور والتي كان من المفروض أن تلعب دورا أساسيا في النهوض بحقوق النساء وحمايتها والتقدم في تحقيق المناصفة، تم تغييبها من طرف الحكومة في فترة حاسمة للتفعيل الديمقراطي للدستور، بإرجاء إعداد مشروع القانون المتعلق بها إلى نهاية الولاية، وهو مشروع يتعارض مع روح ونص الدستور، ويضرب مبدأ استقلالية الهيئة وجوهرها كمؤسسة دستورية لحماية حقوق الانسان وحمايتها باختزال صلاحياتها في مجرد هيئة استشارية، وتعويم اختصاصها المحدد دستوريا في المساواة ومحاربة التمييز بين النساء والرجال.
• رغم ما يعرفه المغرب من تنامي العنف ضد النساء بكل أشكاله (أزيد من 62 بالمائة من النساء)، ورغم نضال الحركة النسائية وضمنها اتحاد العمل النسائي، من أجل قانون شامل للقضاء على العنف المبني على النوع، ما زالت الحكومة تتلكأ في إصداره إلى اليوم، كما أن المشروع الذي ما زال حبيس دواليبها لا يرقى إلى مستوى قانون بالمعايير الدولية لمحاربة العنف ضد النساء والحماية والوقاية والتكفل بالناجيات منه وعدم الإفلات من العقاب. وفي غياب قانون وآليات للحماية والوقاية وتفشي الأفلات من العقاب، يستشري العنف ويتخذ أشكالا فظيعة، حيث يتناسل قتل الزوجات كان آخرها الجريمة الشنيعة في حق ربيعة الزايدي بالعرائش التي يتداخل فيها العنف المبني على النوع واستغلال النفوذ والفساد.
• وعلى الرغم من التعبئة الواسعة للحركة النسائية من أجل عدالة جنائية للنساء في إطار مراجعة جوهرية وشاملة للمنظومة الجنائية تنبني على المقاربة الحقوقية وعلى مبدأي المساواة وعدم التمييز وعلى حماية الحقوق والحريات العامة والفردية، تقطع مع المقاربة المحافظة لمفهوم النظام العام والأسرة المنبني على مقاربة أخلاقية ورجعية تهدف إلى استدامة نظام تقليدي أبوي قائم على التمييز والتراتبية بين الجنسين وبين النساء أنفسهن، لم يتم الأخذ بمطالبنا في مشروع إلاصلاح بل تم وضع خطوط حمراء من طرف الحكومة بالنسبة لقضايا جوهرية في مقترحاتنا، وتم إرجاء الأصلاح إلى أجل غير مسمى.
• أما على مستوى الحقوق السياسية والمشاركة في مواقع القرار، فلم يتم تفعيل مبدإ المناصفة لا في التعيينات في المناصب العليا التي لا تتعدى 12 في المائة، كما لم يتم التقدم المطلوب في الآليات التي تمكن من رفع تمثيلية النساء في انتخاب الجماعات الترابية والغرف المهنية ومجلس المستشارين، خاصة على مستوى الرئاسة وأجهزة المسؤولية، علاوة على محدودية تمثيلية النساء في مجلس النواب (17 بالمائة أي أدني من المعدل في منطقة شمال إفريقيا والشرق الأوسط ، 19.1 بالمائة، المتأخرة أصلا في ترتيب الجهات في العالم).
• لم تعرف الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء أي تقدم ملموس، في ظل تأنيث الفقر، واستمرار تفشي الأمية والإقصاء الاجتماعي بينهن، وتراجع نسبة النساء النشيطات مقابل ارتفاع نسبة البطالة وسطهن خاصة بين حاملات الشواهد العليا. كما لا زالت وفيات الأمومة مرتفعة بالقياس للمعايير والالتزامات الدولية. أما الولوج إلى الموارد والملكية فلا زال يتسم بالتمييز والاقصاء في حق النساء في غياب قوانين تنبني على مبدإ المساواة بين الجنسين وسياسات عمومية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي للنساء. وفي هذا السياق، تعد أوضاع النساء القرويات جد مزرية إذ يعانين من أقصى درجات التهميش والحرمان من أبسط الحقوق ومن الخدمات والبنيات الأولية.
• ان بنيات الثقافة الذكورية والمحافظة التي لازالت تكرسها السياسات العمومية والمدرسة ووسائل التواصل، وتعمقها التصريحات والمواقف التمييزية والمحقرة للنساء، وإنتاج خطاب نكوصي معاد لقيم المساواة والديمقراطية والحرية والحداثة، كلها تعيد إنتاج الميز والتهميش والكراهية في حق النساء.
• إن حقوق النساء وحرياتهن ترتبط بشكل وثيق بالسياق العام لحقوق الإنسان والحريات العامة والفردية، وهو ما شهد خروقات متزايدة في ظل الحكومة الحالية، من قمع للحركات الاحتجاجية وتضييق على الحريات (تأسيس الجمعيات، تنظيم أنشطتها، التجمع والتظاهر)، وظواهر جديدة للمس بالحرية الشخصية. كما تشهد الساحة الوطنية ديناميات مجتمعية حاملة لتطلعات المجتمع بمختلف فئاته إلى الكرامة والمساواة وتكافؤ الفرص والحقوق الأساسية، لن تخمدها المقاربات الأمنية بقدر ما تقتضي إعمالا لآليات الحوار وللحقوق والحريات الأساسية التي يضمنها الدستور والشرعة الدولية لحقوق الإنسان.
• إن الأوضاع المزرية لمواطناتنا المحتجزات في تندوف الناتجة عن الخرق المتواصل للحقوق والحريات الأساسية من طرف الطغمة المستحكمة في البولزاريو والأجهزة الجزائرية، تزداد استفحالا مع تمادي هذه الأخيرة في استدامة وضعهن كرهائن وقربانا لرهانات السلطة والنفوذ والهيمنة الإقليمية والمصالح المادية للمنتفعين من اختلاس المساعدات الدولية وصفقات التسليح، ضدا على حقوق وحريات المحتجزين والمحتجزات وعلى الوحدة الوطنية للمغرب وللمغاربة بكل مكوناتهم، وللاندماج الإقليمي للمغرب الكبير والتنمية المستديمة والمتكاملة لبلدانه، عبر التصعيد المستمر وعرقلة الوصول إلى حل سياسي دائم وعادل يضمن الحكم الذاتي لمواطنينا في الأقاليم الجنوبية في ظل سيادة الدولة المغربية.
• إن السياق الدولي والإقليمي بما يشهده من تفشي مرعب للإرهاب ومن تقتيل همجي لشعوب المنطقة وتهجير لها، ومن تدمير لبنياتها وعمرانها ومؤسساتها ومورثها وكل مقدراتها، تقع النساء على رأس ضحاياه بالتقتيل والتشريد والتجويع والاغتصاب والاحتجاز وبيعهن في سوق النخاسة وتزويجهن قصريا واستغلالهن جنسيا بدعوى "نكاح الجهاد" وحرمانهن من الحقوق والحريات الأساسية باسم ما ادعي "أحكام الشريعة". إن المخطط الرامي إلى تفجير المنطقة وتهديم كياناتها واستنزاف شعوبها ومقدراتها وإعادة تشكيل خريطتها بما يضمن تجزيئها وإضعافها وتعزيز مصالح قوى دولية وإقليمية، تدفع النساء ثمنه مضاعفا ويتأثرن بوقعه على امتداد المنطقة بتفشي الفكر المتعصب والتكفيري الذي يجعل المرأة موضوع استهدافه الأساس.

بناء على كل ذلك فإن اتحاد العمل النسائي يطالب ب :
• التفعيل الديمقراطي للدستور الذي حدد الأطار المعياري الوطني للمساواة والمناصفة ومحاربة التمييز ضد النساء في التشريعات والسياسات والتدابير والآليات.
• مراجعة جذرية لمشروع القانون المتعلق بهيئة المناصفة ومحاربة كل أشكال التمييز في اتجاه مطابقته مع مقتضيات الدستور والمواثيق الدولية والمعايير ذات الصلة.
• إصدار قانون شامل لمناهضة العنف ضد النساء يضمن الزجر والوقاية والحماية والتكفل وعدم الغفلات من العقاب.
• مراجعة شاملة وعميقة للمنظومة الجنائية تضمن العدالة الجنائية للنساء وتنبني على المساواة وعدم التمييز وحماية الحقوق والحريات الأساسية العامة والفردية.
• ملاءمة كل القوانين مع الدستور واتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
• مواصلة إصلاح مدونة الأسرة بما يضمن المساواة بين الجنسين والحقوق الانسانية والمادية للنساء، والقضاء على تزويج الطفلات وتعدد الزوجات.
• إصدار قانون خاص بمحاربة الاتجار بالبشر خاصة النساء والأطفال يضمن الزجر والحماية والوقاية والتكفل بالضحايا.
• مراجعة كل القوانين الانتخابية وتلك المتعلقة بالتعيين في مناصب المسؤولية وفي المؤسسات الدستورية باعتماد مبدإ المناصفة.
• النهوض بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية للنساء واتخاذ كل السياسات والتدابير الكفيلة بضمان التمتع بها وممارستها على أساس من المساواة التامة بين الجنسين في مجالات التعليم والتكوين والتشغيل والصحة والسكن والولوج إلى الموارد، وخاصة في المجالين القروي وشبه الحضري.
• محاربة الفكر الأبوي التقليدي المكرس للتمييز والأفكار النمطية عن النساء، خاصة عبر مراجعة المنهاج الدراسي وإلزام وسائل الإعلام والتواصل باحترام مبدأي المساواة وعدم التمييز، ونشر ثقافة المساواة وسط المجتمع بصفة عامة.
• إن المؤتمر، إذ يثمن الديناميات المجتمعية حول قضايا الحقوق الأساسية والحريات العامة والفردية، يطالب بإيقاف كل أشكال القمع والتضييق على الحقوق والحريات ويدعو الحكومة إلى نهج الحوار والتجاوب مع المطالب المشروعة والعادلة العامة والفئوية للشعب المغربي تفعيلا للدستور وللالتزامات الدولية للمغرب.
• وهو إذ يشجب مؤامرات أعداء الوحدة الوطنية، ويعبر عن تشبثه بمشروع الحكم الذاتي كحل سلمي وعادل للنزاع المفتعل، يدعو المسؤولين إلى وضع الانتهاكات الجسيمة لحقوق مواطناتنا المحتجزات في تندوف في قلب الانشغالات والملف المغربي لفضح سياسات الخصوم في مجال حقوق الانسان، وللعمل من أجل وضع حد لمآسيهن وتمكينهن من العودة إلى الوطن واستعادة الكرامة بإنهاء النزاع.
• يندد بالارهاب والتعصب والكراهية وبحمام الدم الذي تشهده بلدان شقيقة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وبركوب قوى دولية وإقليمية على ما سمي "الربيع العربي" لتفجيرالمنطقة وتصفية شعوبها وتسليح وتمويل الجماعات الإرهابية ونشر الفكر المتطرف باسم الاسلام، يطالب بالاقرار بكون الوقع المضاعف لهذا الوضع على النساء اللواتي أصبحن سلاح حرب، جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب يحاسب عليها كل من أسهم فيها مباشرة وعبر الافتعال والتأجيج والتمويل والتسليح، أمام المحكمة الجنائية الدولية، ويدعو إلى وضع خطة إقليمية لتفعيل قرار مجلس الأمن 1325 المتعلق بالنساء والسلم والأمن وإشراك المجتمع المدني في بلورتها وتفعيلها.




مقالات ذات صلة