وما رأيناه، يتعلق بالدواعي الذاتية، أما بالنسبة للدواعي الموضوعية، التي تساهم بشكل كبير في إقرار الأزمة التعليمية في بلادنا، فإننا نجد أن الأوضاع الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية المتردية، تلعب دورا كبيرا، وأساسيا، في تجسيد الأزمة المجتمعية، التي تعتبر الأزمة التعليمية مجرد تمظهر من تمظهراتها.
ذلك، أن الأوضاع الاقتصادية لعموم الكادحين، متردية إلى حد كبير، وغالبية المنتمين إلى الطبقة الوسطى، يعانون من ثقل القروض، وإمكانية مواجهة متطلبات الحياة التعليمية، غير وارد بالنسبة للكثير من الأسر المنتمية إلى الطبقات المسحوقة، وإلى الطبقة المعتبرة متوسطة، خاصة، وأنه أصبح إعطاء الدروس الإضافية الخصوصية، المؤدى عنها، من لوازم المدرسة العمومية، مما يجعل الدخل الاقتصادي للأسر، غير قادر على مواجهة متطلبات دراسة أبنائهم، نظرا لسيادة الأزمة الاقتصادية العامة، بالإضافة إلى عدم استجابة الدولة لمتطلبات المدرسة العمومية على مستوى البنيات، وعلى مستوى التأطير، وعلى مستوى التجهيز، وعلى مستوى إعادة النظر في البرامج الدراسية في مختلف المستويات، وفي كل التخصصات، وعلى المستوى الجامعي، في الوقت الذي تتوفر فيه الشروط الاقتصادية، لدى الأسر المنتمية إلى الطبقة البورجوازية، والإقطاعية، وإلى الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة، مما يجعلهم قادرين على الاستجابة لمتطلبات التدريس في المدارس الخصوصية، وعلى أداء واجب الدروس الخصوصية.
والوضعية الاقتصادية لمختلف الأسر، تفرض إما عدم القدرة على الاستجابة لمتطلبات التدريس في التعليم الخصوصي، أو لمتطلبات إعطاء الدروس الخصوصية، أو القدرة على كل ذلك، مما يجعل التعليم المغربي لا يخدم إلا مصالح الطبقات البورجوازية، والإقطاعية، والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، بينما تبقى الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، وكل الكادحين، محرومين من صيرورة التعليم في خدمة مصالحهم، مما يؤدي إلى تخلفهم.
ومن خلال صيرورة التعليم تعليما طبقيا، فإن الطبقة البورجوازية، والإقطاعية، والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، هي المستفيدة من النظام التعليمي المغربي، أما باقي الطبقات الأخرى. ونظرا لوضعيتها الاقتصادية، فإنها تصير غير مستفيدة من النظام التعليمي المغربي؛ لأن وضعيتها الاقتصادية التي لا تمكنها من ذلك.
وبما أن الدولة المغربية تعتمد اختيارات رأسمالية تبعية، فإن هذه الدولة، لا يمكن أن تعتمد اختيارات ديمقراطية شعبية، ولا يمكن أن تسعى إلا إلى قيام تعليم طبقي، وفي خدمة مصالح الطبقات الممارسة للاستغلال في حق كادحي المجتمع، وضد مصالح الكادحين؛ لأنها تعتبر نفسها دولة طبقية، وليست دولة كل أفراد الشعب. ولذلك نجد أنها ترعى مصالح الطبقات الاجتماعية، الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه، وتمارس كافة أشكال الحيف في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وما يجري في المغرب دائما، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، يعبر، وبشكل واضح، عن قيام أزمة اقتصادية مزمنة، لا بد أن تقف وراء قيام باقي الأزمات الأخرى، التي تعتبر الأزمة التعليمية جزءا لا يتجزأ منها.
ولذلك، فالأزمة الاقتصادية القائمة في المغرب، تعتبر شرطا موضوعيا لقيام الأزمة في التعليم العمومي في المغرب.
والوضعية الاجتماعية، تعبر، كذلك، عن شدة احتداد الأزمة المجتمعية، في مجالات اجتماعية متعددة، كالتعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، وغير ذلك.
فالتعليم، ومنذ استقلال المغرب، يعيش أزمة بنيوية متميزة، وبنياته تعرف ترديا، وعدد التلاميذ في الحجر الدراسية في تزايد مستمر، والأساتذة لا يتحملون مسؤوليتهم في إنجاز العملية التربوية التعليمية التعلمية كما يجب، ليتحولوا، بفعل الاكتظاظ، إلى مجرد حراس أمن التلاميذ في الحجر الدراسية، والإدارة التربوية لا تقوم بدورها، لصالح إنجاح العملية التربوية التعليمية التعلمية، بتقديم الخدمة اللازمة، ولا تتواصل مع مختلف الأطراف المعنية، ولا تحرص على ترتيب قواعد العمل التربوي المتواصل، والمراقبة التربوية لا تسعى إلى أن تضبط العمل التربوي في شموليته، على مستوى المؤسسة ككل، وعلى مستوى الحجر الدراسية، والمحيط لا يتفاعل أبدا مع المدرسة العمومية، ولا يعمل على الرفع من مستواها، مما يجعل الأزمة التعليمية مضاعفة، بسبب كل ذلك، باعتبارها أزمة بنيوية شمولية عميقة، كامتداد لأزمة المجتمع ككل، وتمتد إلى المستقبل، لتطال الأجيال المقبلة، ما لم تتغير الاختيارات الرأسمالية التبعية، باختيارات ديمقراطية شعبية، تعمل على إيجاد حلول جذرية للأزمة المجتمعية العميقة، وللأزمة التعليمية بصفة خاصة، حتى يجد أبناء الشعب المغربي متنفسا، وفي إطار ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
والصحة، تتحول إلى خصوصية كذلك، مما يجعل كادحي المجتمع، لا يقوون على العلاج من مختلف الأمراض، كنتيجة لاعتماد الاختيارات الرأسمالية التبعية، مما يجعل الخدمات الصحية غير واردة، إلا بالنسبة لمن يستطيع الدفع، سواء تعلق الأمر بالعلاج العمومي، أو بالعلاج الخصوصي؛ لأن العلاج العمومي في المستشفيات العمومية، صار مؤدى عنه كذلك؛ لأنه صار، بدوره، مخوصصا بطريقة، أو بأخرى. وهو ما يجعل المرضى الكادحين، لا يقوون على العلاج في المستشفيات العمومية، التي صارت مخوصصة للدولة، إلى جانب الفساد الذي يستشري فيها.
ولذلك، فالصحة، كالتعليم، تعرف أزمة حادة في المجتمع المغربي، بصيرورة العلاج في مختلف المستشفيات العمومية طبقيا، لا يخدم إلا مصالح من يستطيع الدفع، وهي بذلك تصير امتدادا للأزمة المجتمعية العامة، التي تمتد إلى الخدمات الصحية العمومية، كما امتدت إلى المدرسة العمومية، ولا يمكن تجاوزها إلا باعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية، والتخلي عن الاختيارات الرأسمالية التبعية، حتى تصير الخدمات الصحية ديمقراطية شعبية، وفي خدمة مصالح كادحي المجتمع.
وبالنسبة للسكن، فإنه يعرف، هو بدوره، أزمة حادة، بصيرورته وسيلة لنهب كادحي المجتمع، ولتحقيق أرباح طائلة، على حساب ذوي الدخل المحدود، ممن يحسبون على الطبقة الوسطى، ولصالح الشركات العقارية، ومالكي العقار، ولصالح الأبناك، كذلك، التي تتمسك بارتفاع قيمة الخدمات، التي تقدمها إلى زبنائها، ممن يقترضون منها، مما يجعل أزمة السكن قائمة باستمرار، ولا يمكن أن يتحول السكن إلى سكن ديمقراطي شعبي، إلا بتبني اختيارات ديمقراطية شعبية، تجعل السكن اللائق في متناول كادحي المجتمع، من أجل التخلص من استغلال مالكي العقار لحاجة الكادحين، وكافة العاملين، إلى السكن اللائق، لرفع قيمة الكراء، أو لرفع قيمة العقار، من أجل تحقيق أرباح طائلة.
أما الشغل، فيرتبط بطبيعة التنمية القائمة في المغرب، والتي لا ترتبط أبدا بالتعليم. فهي تنمية رأسمالية تبعية، مرتبطة بالمؤسسات المالية الدولية، وبالشركات العابرة للقارات، مما يجعل مصير الأجيال المتعاقبة مجهولا، ويصير خريجو المدارس، والمعاهد، والكليات، معرضون لخطر العطالة، والتعطيل، بسبب غياب تنمية مستدامة، في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، مما يجعل العاطلين، والمعطلين، يتزايدون باستمرار. وهو ما يجعل أزمة التشغيل أزمة بنيوية قائمة، لا يمكن تجاوزها، إلا بنهج سياسة تنموية نقيضة، للسياسة المتبعة حتى الآن، في المجالات التنموية المختلفة، وإلا باعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية، تهدف إلى تغيير موازين القوى لصالح الكادحين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن يعرف المغرب حركة تنموية رائدة، تقف وراء تشغيل العاطلين، والمعطلين.
وبالنسبة للترفيه، فهو غير وارد بالنسبة للكادحين، ولأبنائهم، ليصيروا في متناول أبناء الطبقات البورجوازية، والإقطاعية، والطبقات المتوسطة نسبيا، وقد كان المفروض أن يصير الترفيه شعبيا، وديمقراطيا، حتى يصير في متناول الجميع، عن طريق إلزام الجماعات المحلية، بإعداد الفضاءات اللازمة لذلك، وفي مختلف الأحياء، سواء تعلق الأمر بالملاعب الرياضية، أو بألعاب القوى، أو بدور الشباب، أو دور الثقافة، أو غيرها، لإبعاد الأطفال، واليافعين، والشباب، عن اللجوء إلى الأوكار السيئة، التي يبتلون فيها، باكتساب المسلكيات الشاذة، التي تجعل شخصياتهم منحرفة، وتدفعهم إلى التشبع بالقيم السلبية، التي تجعلهم يلحقون أضرارا كبيرة بالمجتمع.
ولذلك، فالترفيه، لا يمكن، كذلك، أن يصير شعبيا ديمقراطيا، ما لم تتغير الاختيارات الرأسمالية التبعية، باختيارات ديمقراطية شعبية، تجعل الترفيه في متناول جميع أبناء المغاربة، وعلى جميع المستويات العمرية.
وبذلك يتبين أن الأزمة الاجتماعية، بتفرعاتها المختلفة، وببنيويتها، تصير كذلك شرطا موضوعيا، لقيام الأزمة التعليمية الحادة، التي تقف وراء طبقية التعليم ،وطبقية الصحة، وطبقية السكن، وطبقية الشغل، وطبقية الترفيه: أي أن جميع الخدمات الاجتماعية، تصير في متناول الطبقات الميسورة في المجتمع، أما الطبقات الكادحة، وسائر المحرومين، فيحرمون من تلك الخدمات، لا لشيء، إلا لكونهم لا يملكون ما يمكنهم من الأداء اللازم، لتلقي الخدمة، أي خدمة: تعليمية، أو صحية، أو سكن، أو تشغيل، أو ترفيه، أو غيرها، وخاصة في بلد استشرى فيه الفساد الإداري، والسياسي، وباقي أشكال الفساد الأخرى
ذلك، أن الأوضاع الاقتصادية لعموم الكادحين، متردية إلى حد كبير، وغالبية المنتمين إلى الطبقة الوسطى، يعانون من ثقل القروض، وإمكانية مواجهة متطلبات الحياة التعليمية، غير وارد بالنسبة للكثير من الأسر المنتمية إلى الطبقات المسحوقة، وإلى الطبقة المعتبرة متوسطة، خاصة، وأنه أصبح إعطاء الدروس الإضافية الخصوصية، المؤدى عنها، من لوازم المدرسة العمومية، مما يجعل الدخل الاقتصادي للأسر، غير قادر على مواجهة متطلبات دراسة أبنائهم، نظرا لسيادة الأزمة الاقتصادية العامة، بالإضافة إلى عدم استجابة الدولة لمتطلبات المدرسة العمومية على مستوى البنيات، وعلى مستوى التأطير، وعلى مستوى التجهيز، وعلى مستوى إعادة النظر في البرامج الدراسية في مختلف المستويات، وفي كل التخصصات، وعلى المستوى الجامعي، في الوقت الذي تتوفر فيه الشروط الاقتصادية، لدى الأسر المنتمية إلى الطبقة البورجوازية، والإقطاعية، وإلى الشرائح العليا من الطبقة المتوسطة، مما يجعلهم قادرين على الاستجابة لمتطلبات التدريس في المدارس الخصوصية، وعلى أداء واجب الدروس الخصوصية.
والوضعية الاقتصادية لمختلف الأسر، تفرض إما عدم القدرة على الاستجابة لمتطلبات التدريس في التعليم الخصوصي، أو لمتطلبات إعطاء الدروس الخصوصية، أو القدرة على كل ذلك، مما يجعل التعليم المغربي لا يخدم إلا مصالح الطبقات البورجوازية، والإقطاعية، والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، بينما تبقى الشرائح الدنيا من الطبقة الوسطى، وكل الكادحين، محرومين من صيرورة التعليم في خدمة مصالحهم، مما يؤدي إلى تخلفهم.
ومن خلال صيرورة التعليم تعليما طبقيا، فإن الطبقة البورجوازية، والإقطاعية، والشرائح العليا من الطبقة الوسطى، هي المستفيدة من النظام التعليمي المغربي، أما باقي الطبقات الأخرى. ونظرا لوضعيتها الاقتصادية، فإنها تصير غير مستفيدة من النظام التعليمي المغربي؛ لأن وضعيتها الاقتصادية التي لا تمكنها من ذلك.
وبما أن الدولة المغربية تعتمد اختيارات رأسمالية تبعية، فإن هذه الدولة، لا يمكن أن تعتمد اختيارات ديمقراطية شعبية، ولا يمكن أن تسعى إلا إلى قيام تعليم طبقي، وفي خدمة مصالح الطبقات الممارسة للاستغلال في حق كادحي المجتمع، وضد مصالح الكادحين؛ لأنها تعتبر نفسها دولة طبقية، وليست دولة كل أفراد الشعب. ولذلك نجد أنها ترعى مصالح الطبقات الاجتماعية، الممارسة للاستغلال، والمستفيدة منه، وتمارس كافة أشكال الحيف في حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
وما يجري في المغرب دائما، وخاصة في السنوات العشر الأخيرة، يعبر، وبشكل واضح، عن قيام أزمة اقتصادية مزمنة، لا بد أن تقف وراء قيام باقي الأزمات الأخرى، التي تعتبر الأزمة التعليمية جزءا لا يتجزأ منها.
ولذلك، فالأزمة الاقتصادية القائمة في المغرب، تعتبر شرطا موضوعيا لقيام الأزمة في التعليم العمومي في المغرب.
والوضعية الاجتماعية، تعبر، كذلك، عن شدة احتداد الأزمة المجتمعية، في مجالات اجتماعية متعددة، كالتعليم، والصحة، والسكن، والشغل، والترفيه، وغير ذلك.
فالتعليم، ومنذ استقلال المغرب، يعيش أزمة بنيوية متميزة، وبنياته تعرف ترديا، وعدد التلاميذ في الحجر الدراسية في تزايد مستمر، والأساتذة لا يتحملون مسؤوليتهم في إنجاز العملية التربوية التعليمية التعلمية كما يجب، ليتحولوا، بفعل الاكتظاظ، إلى مجرد حراس أمن التلاميذ في الحجر الدراسية، والإدارة التربوية لا تقوم بدورها، لصالح إنجاح العملية التربوية التعليمية التعلمية، بتقديم الخدمة اللازمة، ولا تتواصل مع مختلف الأطراف المعنية، ولا تحرص على ترتيب قواعد العمل التربوي المتواصل، والمراقبة التربوية لا تسعى إلى أن تضبط العمل التربوي في شموليته، على مستوى المؤسسة ككل، وعلى مستوى الحجر الدراسية، والمحيط لا يتفاعل أبدا مع المدرسة العمومية، ولا يعمل على الرفع من مستواها، مما يجعل الأزمة التعليمية مضاعفة، بسبب كل ذلك، باعتبارها أزمة بنيوية شمولية عميقة، كامتداد لأزمة المجتمع ككل، وتمتد إلى المستقبل، لتطال الأجيال المقبلة، ما لم تتغير الاختيارات الرأسمالية التبعية، باختيارات ديمقراطية شعبية، تعمل على إيجاد حلول جذرية للأزمة المجتمعية العميقة، وللأزمة التعليمية بصفة خاصة، حتى يجد أبناء الشعب المغربي متنفسا، وفي إطار ربط التعليم بالتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية.
والصحة، تتحول إلى خصوصية كذلك، مما يجعل كادحي المجتمع، لا يقوون على العلاج من مختلف الأمراض، كنتيجة لاعتماد الاختيارات الرأسمالية التبعية، مما يجعل الخدمات الصحية غير واردة، إلا بالنسبة لمن يستطيع الدفع، سواء تعلق الأمر بالعلاج العمومي، أو بالعلاج الخصوصي؛ لأن العلاج العمومي في المستشفيات العمومية، صار مؤدى عنه كذلك؛ لأنه صار، بدوره، مخوصصا بطريقة، أو بأخرى. وهو ما يجعل المرضى الكادحين، لا يقوون على العلاج في المستشفيات العمومية، التي صارت مخوصصة للدولة، إلى جانب الفساد الذي يستشري فيها.
ولذلك، فالصحة، كالتعليم، تعرف أزمة حادة في المجتمع المغربي، بصيرورة العلاج في مختلف المستشفيات العمومية طبقيا، لا يخدم إلا مصالح من يستطيع الدفع، وهي بذلك تصير امتدادا للأزمة المجتمعية العامة، التي تمتد إلى الخدمات الصحية العمومية، كما امتدت إلى المدرسة العمومية، ولا يمكن تجاوزها إلا باعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية، والتخلي عن الاختيارات الرأسمالية التبعية، حتى تصير الخدمات الصحية ديمقراطية شعبية، وفي خدمة مصالح كادحي المجتمع.
وبالنسبة للسكن، فإنه يعرف، هو بدوره، أزمة حادة، بصيرورته وسيلة لنهب كادحي المجتمع، ولتحقيق أرباح طائلة، على حساب ذوي الدخل المحدود، ممن يحسبون على الطبقة الوسطى، ولصالح الشركات العقارية، ومالكي العقار، ولصالح الأبناك، كذلك، التي تتمسك بارتفاع قيمة الخدمات، التي تقدمها إلى زبنائها، ممن يقترضون منها، مما يجعل أزمة السكن قائمة باستمرار، ولا يمكن أن يتحول السكن إلى سكن ديمقراطي شعبي، إلا بتبني اختيارات ديمقراطية شعبية، تجعل السكن اللائق في متناول كادحي المجتمع، من أجل التخلص من استغلال مالكي العقار لحاجة الكادحين، وكافة العاملين، إلى السكن اللائق، لرفع قيمة الكراء، أو لرفع قيمة العقار، من أجل تحقيق أرباح طائلة.
أما الشغل، فيرتبط بطبيعة التنمية القائمة في المغرب، والتي لا ترتبط أبدا بالتعليم. فهي تنمية رأسمالية تبعية، مرتبطة بالمؤسسات المالية الدولية، وبالشركات العابرة للقارات، مما يجعل مصير الأجيال المتعاقبة مجهولا، ويصير خريجو المدارس، والمعاهد، والكليات، معرضون لخطر العطالة، والتعطيل، بسبب غياب تنمية مستدامة، في مختلف المجالات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، مما يجعل العاطلين، والمعطلين، يتزايدون باستمرار. وهو ما يجعل أزمة التشغيل أزمة بنيوية قائمة، لا يمكن تجاوزها، إلا بنهج سياسة تنموية نقيضة، للسياسة المتبعة حتى الآن، في المجالات التنموية المختلفة، وإلا باعتماد اختيارات ديمقراطية شعبية، تهدف إلى تغيير موازين القوى لصالح الكادحين، اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، وسياسيا، من أجل أن يعرف المغرب حركة تنموية رائدة، تقف وراء تشغيل العاطلين، والمعطلين.
وبالنسبة للترفيه، فهو غير وارد بالنسبة للكادحين، ولأبنائهم، ليصيروا في متناول أبناء الطبقات البورجوازية، والإقطاعية، والطبقات المتوسطة نسبيا، وقد كان المفروض أن يصير الترفيه شعبيا، وديمقراطيا، حتى يصير في متناول الجميع، عن طريق إلزام الجماعات المحلية، بإعداد الفضاءات اللازمة لذلك، وفي مختلف الأحياء، سواء تعلق الأمر بالملاعب الرياضية، أو بألعاب القوى، أو بدور الشباب، أو دور الثقافة، أو غيرها، لإبعاد الأطفال، واليافعين، والشباب، عن اللجوء إلى الأوكار السيئة، التي يبتلون فيها، باكتساب المسلكيات الشاذة، التي تجعل شخصياتهم منحرفة، وتدفعهم إلى التشبع بالقيم السلبية، التي تجعلهم يلحقون أضرارا كبيرة بالمجتمع.
ولذلك، فالترفيه، لا يمكن، كذلك، أن يصير شعبيا ديمقراطيا، ما لم تتغير الاختيارات الرأسمالية التبعية، باختيارات ديمقراطية شعبية، تجعل الترفيه في متناول جميع أبناء المغاربة، وعلى جميع المستويات العمرية.
وبذلك يتبين أن الأزمة الاجتماعية، بتفرعاتها المختلفة، وببنيويتها، تصير كذلك شرطا موضوعيا، لقيام الأزمة التعليمية الحادة، التي تقف وراء طبقية التعليم ،وطبقية الصحة، وطبقية السكن، وطبقية الشغل، وطبقية الترفيه: أي أن جميع الخدمات الاجتماعية، تصير في متناول الطبقات الميسورة في المجتمع، أما الطبقات الكادحة، وسائر المحرومين، فيحرمون من تلك الخدمات، لا لشيء، إلا لكونهم لا يملكون ما يمكنهم من الأداء اللازم، لتلقي الخدمة، أي خدمة: تعليمية، أو صحية، أو سكن، أو تشغيل، أو ترفيه، أو غيرها، وخاصة في بلد استشرى فيه الفساد الإداري، والسياسي، وباقي أشكال الفساد الأخرى