قال الصحفي أبوبكر الجامعي إن الطرح الذي تدفع به جماعة “العدل والإحسان” وحزب “النهج الديمقراطي” بعدم المشاركة في الانتخابات، والإيمان بعدم جدوى التغيير من داخل المؤسسات لم يفشل، بعد النكسة التي تعرض لها حزب “العدالة والتنمية”.
وأشار الجامعي في ندوة نظمتها قناة “الشاهد” التابعة لجماعة “العدل والإحسان”، أمس الأربعاء، بعنوان “المشهد السياسي المغربي بعد انتخابات الثامن من شتنبر”، أن حزب “العدالة والتنمية” لم يفهم أن النظام المغربي لن يقبل بأن نجاح الإصلاحات يأتي على أيدي أي حزب لديه قليل من التجذر الشعبي.
وأضاف” لهذا لم تقبل السلطة بالشق الثاني من برنامج إصلاح صندوق المقاصة، والخاص بتقديم مساعدات مباشرة إلى المواطنين المحتاجين في عهد حزب العدالة والتنمية”.
وأبرز الجامعي أنه سابقا فهمت النخب المخزنية أن سلاح التعسف لوحده لا يجدي، ولذلك لجأت إلى فكرة التناوب التوافقي الذي سيوصل للحكومة وليس للحكم”.
وأوضح في سياق شرحه لهذه الفكرة، أنه من الأخطاء التي يتم ارتكابها عند الحديث عن المخزن، هو الكلام عنه ككتلة لا تتغير، مشيرا أن تجربته كصحفي ورجل أعمال أيضا وكبنكي في سنوات التسعينات، أظهرت له أن داخل المخزن كان هناك بعض الناس الذي يعتبرون أن استمرار الملكية يقتضي إحداث نوع من الانفتاح.
وتابع ” لهذا جيء بالتناوب التوافقي وبعبد الرحمان اليوسفي وتم السماح لحزب الاتحاد الاشتراكي بالوصول إلى الحكومة، والقيام بإصلاحات لا تريد الملكية أن تحمل لوحدها عبأها”، موضحا أن التجربة تكررت أيضا مع حزب “العدالة والتنمية”.
وزاد ” معضلة الإصلاح هو أنه دائما فيه رابحون وخاسرون ولكن الأهم هو أن يجتاز البلد الفترات الصعبة وينجح في الخروج من النفق، ولهذا مرر النظام تلك الفترة بحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية”.
وأكد الجامعي أن الإطاحة بحزب “الاتحاد الاشتراكي” جاءت مع فترة محمد السادس وليس مع الحسن الثاني الذي فهم أن الحزب يجب أن تبقى له القليل من المصداقية لتمرير الإصلاحات”.
وأضاف ” لكن مع العدالة والتنمية فإن المخزن لم يوصل هذا الحزب للحكومة بل رياح الربيع العربي وما حصل سنة 2011، وبالتالي كان مرغما على القبول به”.
وشدد الجامعي على أن الفكرة الإصلاحية التي كانت مع النخب المخزنية القديمة تبخرت، وحدث تغيير في طريقة تعامل الملكية مع الفئات الأخرى سواء من أحزاب ونقابات ومنظمات المجتمع المدني، ووقع استيلاء على جميع أماكن اتخاذ القرار.
وأكمل بالقول ” أحداث سنة 2011 كانت بمثابة صفعة للمخزن، لكن مع ذلك ومع الأسف المخزن الجديد لم يعد متشبثا بفكرة أن استمرارية المؤسسة الملكية مرتبطة بالإصلاجات”.
وأضاف ” عندما يكون عندك نظام مبني على الأشخاص وعلى الحكم الفردي الأدوات التحليلية التي تحتاجها لكي تفهم ما يقع في البلاد لا تتطابق مع الأدوات التي تتيحها العلوم السياسية أو الاجتماعية والاقتصادية، بل مع الأدوات النفسية والمزاجية”.
وأكد الجامعي أن كل من يفهم في الأرقام الاقتصادية والاجتماعية يدرك أن حالة البلاد مزرية، ومن يطبخ كل هذه المصائب التي يعشيها المغرب يسير بنا نحو الحائط بسرعة فائقة، لذلك نحتاج إلى نخبة من داخل النظام تقول إن الطريق الذي نسير فيه غير سوي، وأن تكون هناك محاسبة.