قال إسماعيل العلوي القيادي والأمين العام السابق لحزب “التقدم والاشتراكية”، إن المغرب يواجه تحديات كبرى قد ترهن مستقبله، وهو ما يستدعي تبني مقاربة تنموية جديدة وملحة، من أجل توطيد مغرب المواطنة المتجددة.
وجاء كلام العلوي خلال كلمة ألقاها باسم مجموعة من المؤسسات الفكرية، في ندوة نظمت عن بعد، اليوم السبت، منها مؤسسة علال الفاسي، مؤسسة عبد الرحيم بوعبيد، مؤسسة علي يعتة، مؤسسة أبي بكر القادري للفكر والثقافة، مؤسسة محمد عابد الجابري للفكر والثقافة، ومركز محمد بن سعيد آيت ادير للأبحاث والدراسات، ومركز محمد بلحسن الوزاني للديمقراطية والتنمية البشرية.
المساواة الفعلية
وأشار العلوي أن هذه المؤسسات التي اجتمعت من أجل إطلاق حوار وطني شامل، عنوانه “مغرب المواطنة المتجددة”، ترى أنه يتعين بذل المزيد من الجهد واستنهاض إرادة سياسية جامعة لضمان المساواة الفعلية بين المواطنين والمواطنات، ترتكز على مبادئ تكافؤ الفرص بين الجميع.
وأوضح أنه أمام هذه الظرفية الصعبة نحتاج إلى تقوية الوحدة الوطنية ودعمها بالتعبئة المتضامنة للجميع، والتي تعتبر شرطا ضروريا لوضع البلاد على السكة الصحيحة، ولهذا اتفقت هذه الهيئات على تصور القيام بمبادرة جماعية ذات بعد مواطنتي، نائية بنفسها عن أي مزايدة سياسية أو حسابات انتخابية أو تنافس حزبي.
ولفت إلى أن هذه الهيئات عقدت عدة لقاءات لتوحيد الرؤى وتقوية المشترك لبحث سبل الاطلاع بأدوارها في ظل السياقات العامة والمصيرية التي تمر منها البلاد، محاولة طرح السؤال الصحيح أولا، قبل تلمس الإجابة الجماعية عليه ثانيا.
فراغ فكري وسياسي
وأكد أنه بعد نقاش عميق وجاد وهادئ، وأمام الفراغ الفكري السائد، وغياب النقاش العمومي الجاد والحوار السياسي المسؤول، حيث تقدمت كل مؤسسة بورقتها المتضمنة لتصوراتها واقتراحاتها، فقد ارتأت أن تطلق نداء موجها لكل القوى الحية في البلاد من أجل حوار وطني شامل لبناء مغرب جديد، يضم كل مكونات وفئات البلاد لتوطيد الثقة وتوفير الشروط الضرورية لإنجاح مشروع نراهن جميعا أن يؤسس لتعاقد اجتماعي متجدد.
وشدد على أن هذه الهيئات ملتزمة بالانخراط بقوة في هذا الحوار والنقاش المجتمعي والتعبئة الوطنية في أفق البلورة الجماعية لمواطنة متجددة، وتحصين الوطن في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
وأبرز أن هدف هذه المؤسسات الفكرية هو ملء الفراغ وخلق فرص للنقاش والحوار دون أي دغمائية أو تحجر فكري، مشيرا أن هذه المبادرة ليست جامدة أو منغلقة على ذاتها، كما أنها ليست صدامية ولا تهدف لأي مواجهة كيف ما كانت، وستظل منفتحة على كل الفعاليات والطاقات الوطنية.
وأكد أن ما يحرك هذه المؤسسات التي ستعقد سلسلة من الندوات وحوارا وطنيا شاملا، هو الإحساس العالي بالمسؤولية والروح الوطنية الصادقة، لأن التاريخ لا يرحم ويسجل كل شيء، ولذلك فعرفانا بالأسماء الوطنية الكبيرة التي تحملها هذه المؤسسات والمراكز، واستحضارا لتضحياتها الجسام فإنها تبادر لخلق هذا الحوار الوطني، الذي ينسجم مع رغبات المغاربة المتعطشين لبناء مغرب الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية.
إخفاقات وثغرات
ونوه العلوي بمشروع التغطية الاجتماعية، وبالتطور الملحوظ على مستوى البنية التحتية، مؤكدا أنها إنجازات ومكتسبات لا يمكن التردد في تثمينها، مضيفا ” أنه رغم كل هذه الإيجابيات إلا أنه وبكل موضوعية وبدون سقوط في أي مزايدة مجانية لا بد من الاعتراف بالنقائص والثغرات المسجلة على الخصوص في المجالات الاجتماعية، وفي برامج محاربة الهشاشة”.
واعتبر أن هذه الإخفاقات المتجلية في تعميق الفوارق الاجتماعية والمجالية واستفحال مظاهر التخلف والإقصاء الاجتماعي، والزيادة في حدة الشعور بالحرمان والبؤس لدي الكثير من المواطنات والمواطنين، مؤكدا أنها كلها ناتجة عن سوء توزيع الثروة الوطنية، وفي افتقاد العديد من السياسات العمومية للفعالية والنجاعة، بسبب غياب الالتقائية وعدم التوفيق بين النجاعة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية لتحقيق التنمية المستدامة والشاملة.
خطر الانزلاق
وأضاف “أمام صعوبات الأوضاع وتضرر فئات واسعة من شعبنا خاصة الفقيرة منها، وتلك التي تعاني من وضعية هشة يضطر جزء منها إلى اللجوء إلى مختلف الطرق وأسوئها أحيانا بحثا عن لقمة العيش، منها ما تعيشه بعض المناطق القروية والبوادي من اختلالات تؤدي إلى استنزاف البيئة وتدميرها”.
وشدد أن كل هذا يؤكد أن بلادنا تعيش ومنذ سنوات وضعية أقل ما يقال عنها أنها مقلقة تساءل كل الفاعلين والقوى الحية في بلادنا، مبرزا أن ظرفية الجائحة لم تفاجئ المغاربة فقط مثل بقية العالم، بل نزلت عندنا كسيل جارف لتعمق هشاشة الأوضاع ولتكشف عن القصور في طرق تدبير الشأن العام.
وأكد أن إنقاذ الوطن من الانزلاق إلى وضع يزداد تدهورا، يقتضي خلق الشروط التي تسمح بإطلاق نقاش شامل بين مكونات المغرب شعبا ودولة، بهدف تهيء الأجواء لهبة وطنية جامعة، مشددا أن أول أمر يفرض نفسه علينا لتفادي هذا الانزلاق هو إرجاع الثقة للعلاقة بين المجتمع ومؤسسات الدولة.
وأبرز أنه من واجب الدولة الإنصات لصرخات الغضب الصادرة من عمق المجتمع، وتجنب التصرفات السلبية التي تؤدي إلى التشنج والتطاحن والتوتر وحتى إلى مواجهات.