المسألة الزراعية بين المخزنة وضرورة الدمقرطة والتحديث

الحركة الوطنية والمسألة الزراعية والفلاحية


حقائق بريس
الجمعة 28 أكتوبر 2011



لم يكن من السهل على الحركة الوطنية التي نشأت في المدن وترعرعت فيها ، فهم التحولات الكبرى التي طرأت على البادية ، فهما موضوعيا يؤهلها الى قيادة الجماهير القروية وادماجها ضمن العمل السياسي الحديث .

ا إن إحدى أسباب ذلك و أهمها هو عدم قدرة مشروع هذه الحركة التي انطلقت منذ أواسط القرن التاسع عشر على الاقل . على اختراق معاقل النظام القبلي بالمغرب ، فضلا عن عجزها التاريخي في مراكمة الرأسمال الكافي الذي يحقق هذا المشروع ويغرسه كبديل اجتماعي ويعطي الإجابة التاريخية على مخاضات القرن التاسع عشر وتقلباته .
ففي الوقت الذي كانت فيه الحركات الاصلاحية بالمدن تطالب بتحديث نظام الحكم المخزني وبنا دولة عصرية لها دستور
بفاس عندما صاغت النخبة المدنية دستورا يعتبر متقدما في بعض جوانبه 1908ومؤسسات سياسية منتخبة ، كما حصل في
عما نعرفه اليوم من أشكال دستورية في هذا الوقت كانت الحركات الاحتجاجية والتمردية بالبادية تسبح ضد تيارات التحديث والعصرنة ، فقد برزت وتقوت حركات المهدوية والقبلية ضمن ما عرف بحركات السيبة ، كعلامة على انقسام البديل 1930المجتمعي لدى الشعب المغربي هذا " الانقسام" هو الذي يعطي التفسير لتوزع المقاومة وانحصارها في البادية قبل سنة
وانتشار الوعي والعمل السياسي الوطني بالمدن ، ثم في الخمسينات بالبادية ، وحتى عندما تاسس جيش التحرير المغربي ، الذي لعب دورا رائدا في الضغط على الاستعمار ، فان الوعي الوطني الحديث لم يتجدر في صفوف الفلاحين الا ببطئ شديد دون أن يتم ذلك على حساب الوعي الاقليمي والقبلي الذي ظل يشكل ، مع ذلك أغلبية عناصر البنية الذهنية والسياسية للفلاح المغربي .

هذا الواقع وإضافة إلى دور الاستعمار في منع تجدر الحركة الوطنية بالبادية وقصور مضمون الاستقلال عند الحركة الوطنية ونهج الحاكمين لنفس السياسة السابقة جعل الانطباعات المتسرعة حول مثانة الجسور بين الفلاحين والحركة السياسية ، وتصاب بالذهول الشديد عندما استعاد الاعيان والخونة << ثقة>>56بالمدن تفاجأ بتلاشي عوامل الوحدة مع الفلاحين بعد
الفلاحين وأدمجوهم من جديد في العلاقات اللاطبقية التي توسع شبكة الزبونية والانتماءات والولاءات التقليدية .

والجدير بالذكر ،أن المشروع الوطني لم يستطع أن يفرض نفسه كبديل عن الإطارات الاجتماعية التقليدية بالبادية ، على الرغم من التغيرات التي عصفت بالبنيات المادية للقبيلة والجماعة والزاوية ، ورأسملة العلاقات الاجتماعية عن طريق الإدارة وتعميم النقد كوسيط وطني وأممي ربط الاقتصاد الزراعي بالمصالح الإمبريالية.

وإذا كانت إحدى عوائق هذا الفشل تعود إلى الكيفية الفجائية التي ميزت التحولات العميقة في بنية الأرض والسلطة أساسا والتي أكدت أن الفلاحين غير مستعدين لتقبل المشروع الرأسمالي ، فان التفسير الآخر يتعلق بالأصل الطبقي وطبيعة التصور للمسالة الفلاحية لدى القادة الوطنيين .

إن البرجوازية المتوسطة والصغرى التي تقود نضالات الحركة الوطنية والإصلاحية ، لم تكن مؤهلة للاجابة موضوعيا عن المسالة الزراعية ، وتصورها للفلاحين ككثلة حضارية وبشرية تشكل الأغلبية الساحقة من الشعب المغربي ، زاد من توسيع الهوة بينها وبين الجماهير القروية . هذا التصور الذي تحكمه النظرة الدونية للفلاح وتتأسس على مقولات التخلف والاستلاب والتدجين والتأخر ، كمقولات مسبقة أدت إلى تغييب الفلاحين نهائيا عن المشاركة النضالية لارساء دولة الحق والقانون .

مقالات ذات صلة