الميركاتو السياسي لمن يدفع أكثر ، مزاد غير معلن لكنه بادي للعيان ، هي رحلة بالمقابل لكن في نفس الوقت صك اتهام للهيئات السياسية سواء التي استقبلت والأخرى التي غادرها ، تلتقي في فكرة واحدة : الإعتماد على الجاهز وضرب لشعار الحزب ولأطروحته التي يفندها الواقع حيث يدعي زورا أنه فضاء لتكوين الطاقات الشابة والكفاءات البديلة ،لكن يبدو أننا لانجيد سوى تفريخ بروليتاريا السخرة أكثر من شيء آخر ، ليبقى الزعيم وحاشيته او لنقل بصريح العبارة زبانيته في التسيير والقيادة والباقي لاحول لهم ولاقوة سوى تلقي الأوامر وتنفيذ القرارات. إنها السياسة كما يفهمها مدبروها وكما هي عند محترفيها أو من أبتليت بهم كمقاولة إن لم تكن ورشة تسعى للربح لكن لصاحبها فقط. ومادونه لايجنون سوى السهر والتعب او كما قال متتبع في مشهد كاريكاتوري ” المانوفر وصداع الراس وتمرميد ”
السياسة حين يصيبها الإفلاس ويختل رصيدها وتوازنها بجملة من الأعطاب التي تتيح لمنظريها استغلالها في أبشع الصور وهم يقدمونها لمستهلكيها في إشهارات خاطفة لا تكاد تلتقطها العين . هم باقون بقاء صرمديا يحتلون مواقعها بشرعية التأسيس والتاريخ يستنزفون كل مقدراتها ولايتركون للأتباع سوى الفتات. يحرصون في المقابل على لي وإخضاع رقاب المستضعفين كقرابين وكعربون وفاء لأسيادهم ممن يمتلكون زمام الأمر والمبادرة. إنه المخزن بكل تجلياته ، الذي يجيد هندستها في قوالب قابلة للإستهلاك ودون تعقيب أورد.
السياسة في المملكة السعيدة لها منطق خاص يصعب على الدارسين الوقوف على هويتها ومنطق اشتغالها. تبدو مغرية في واجهتها النضرة التي حيكت بصورة لاتقاوم هناك من يستغلها لمصالحه وهناك من تستعمله ليصبح قطع غيار يحرك دواليبها فتلفظه وقت انتهاء الصلاحية، هكذا هي لاترحم. دعونا من الشعارات التي يرفعها المسؤولون في كل مناسبة وحتى بغير مناسبة يكررونها بشكل ببغائي دون تفسير ولا حتى تعديل مادام مضمونها مهزوزا يخدم مصالحهم الضيقة. قد يعدلون من شكلها ظنا منهم أنهم يحسنون صنعا لكنها تبقى محنطة تأبى التغيير. باقية مابقي صاحبها متمسكا بالكرسي فلا ينهي مساره ومسؤوليته إلا بالموت أو الإقالة والإنقلاب. وفي أسوأ الحالات بالإعتقال لعل من الاستثناءات التي تربك استيعابك للاشتغال السياسي ويشكل قناعة لديك أن الرأسمال القيمي والأخلاقي لكل تيار سياسي كركيزة أساسية إنما هو محض خيال ودعاية مجانية لاصطياد المغفلين وإلا فكيف يمكن أن نفسر عدة آجراءات وسلوكات تفصح عن نوايا هيئة سياسية كيفما كان توجهها وهي تنهج ازدواجية في تدبير مسارين مختلفين بل متناقضين.
المسار الأول حيث تعتمد على مناضليها وأبنائها الشرعيين الذين يناضلون في السراء والضراء بالغالي والنفيس من أجل إبراز مقدرات هذا التنظيم والدعاية له والترويج لمبادئه وعناوينه وهنا تحظرني بعض الوقائع إن لم تكن حقائق صادمة أغلب كثلة التنظيمات غير مستوعبة لأطروحة الحزب وورقته المذهبية وقوانينه.
المسار الثاني إعتبارها جحافل من الكادحين لتلميع صورة الزعيم في كل مناسبة إنتخابية ، إنها في نظر قيادييها بكل بساطة احتياط لتدبير مرحلة ليس الا.
الميركاتو إنتقال لايخضع لتوقيت معين ولايمكن أن ننسبه لفصل بعينه ، فهو هروب آمن في لحظة معينة قبل الحسم لشخص ارتبطت به مجموعة من خلال خدمات معينة لاعلاقة لها بالإنتماء العضوي او التنظيمي الحزبي وتعتبر كثلة بشرية ضاغطة تؤمن لرمزها المكانة اللائقة به وهو يحرص على بقائها دون نقصان إن لم تكن دائما في زيادة.
أقف مشدوها أمام قدرة البعض في تدبير المواقف والمبادئ أيضا وفي صور لايقبلها عقل ولامنطق ، فيستطيع فاعل سياسي أن ينقلب من إتجاه معين كما يدعي بقوة مائة وثمانين درجة وبسرعة فائقة من وضعية ما إلى نقيضها الأكثر تطرفا دون أن يرف له جفن. في الحقيقة اول معيق للإستيعاب أن تجد المواطن ورغم كل أشكال الطرافة والإستغراب في الموضوع يستسيغ الموضوع دون تحفظ ودون ان يسأل نفسه من ينقلب في مواقف ” الحزة ”
كيف ننتظر منه الإلتزام ؟
يبقى سؤال له راهنيته في عالم من التناقضات وغياب مبررات التعليل والقرار. لكن تستبد الحالة لأن الطبقة المتوسطة المنهكة بأرق التفكير للخروج من هذا المأزق وضيق العيش الذي ساءت أحواله بعد كل القرارات المكلفة والجائرة ، فئة مقاطعة للإنتخابات لأنها تعتبر كل شروط الممارسة والإنجاز غير متوفرة وبالتالي لن تقبل أن تكون مجرد ديكور لمجموعة من لصوص المال العام وأميين لايجيدون سوى سرقة هذا الوطن. تبقى الفئة الناخبة الوحيدة الغالبة لتحديد المصير السياسي مياومون للحملة الإنتخابية ضحايا تدبير أزمة وبطالة مقنعة تستغل كل فرصة محدودة للعيش ظنا منها أن الطريقة التي يمارسون مجرد نوع من الشطارة للإنتقام من ساسة فسدة لايظهرون إلا في مناسبة واحدة لجني أصوات المغفلين والمهمشين بمبلغ زهيد إنها تعبر حقيقة عن سوق نخاسة يباع فيه مصير أمة بأبخس الأثمان.