تعاني البلاد العربية، ومنها المغرب، من الكوارث التي تنتجها النخبة الحاكمة، أو المتحملة للمسؤولية في الأحزاب، والنقابات، والجمعيات الحقوقية، والثقافية، وغيرها من الجمعيات القائمة في الواقع العربي، والمغربي.
فهذه النخبة، تعتبر نفسها هي صاحبة الحل، والعقد، سواء تعلق الأمر بالنسبة لنخبة الحكم، التي لا تولي أية أهمية للشعب المغربي، الذي يعتبر هو الأحق بأن يصير مصدرا للسلطات، أو تعلق بالنخبة الحزبية، التي لا تعطي أية قيمة للقواعد الحزبية، إذا استثنينا قلة منها، أو بالنخبة النقابية، التي صارت تتاجر في تدخلها، من أجل تسوية وضعيات أفراد الشغيلة الإدارية، إذا استثنينا النقابيين الشرفاء، أو النخبة الجمعوية، التي تتخذ العمل الجمعوي مطية لنسج علاقات مشبوهة مع الإدارة، لتحقيق التطلعات الطبقية، إذا استثنينا الجمعيات الجادة، والمسؤولة.
وهذه النخبة، تعتبر نفسها أذكى من في المجتمع. وهذا الذكاء الزائد، إن كان هناك ذكاء فعلا، هو الذي يعطي الحق لهذه النخبة، من أجل أن تفعل ما تشاء، سواء كانت متحملة للمسؤولية في أجهزة الدولة، أو في الأحزاب، أو في النقابات، أو في الجمعيات، لتجعل مصير الشعب المغربي بين يديها، حتى توظف لصالح تحقيق تطلعاتها الطبقية.
والفساد الذي تسعى حركة 20 فبراير إلى إسقاطه، والذي يشمل الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، هو عين الفساد الذي تنتجه هذه النخبة، في مختلف إدارات الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات ،هو عين الفساد الذي تنتجه هذه النخبة الذكية، والتي تتقن استغلالها للمسؤوليات، من أجل تحقيق تطلعاتها الطبقية، التي تنقلها إلى احتلال أماكنها، في تكتل التحالف الطبقي البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، الناهب لثروات الشعب المغربي.
فما المراد بالنخبة؟
وماذا نعني بذكاء النخبة؟
وما هي المستويات التي تتحرك فيها هذه النخبة؟
وما هي الأمراض المتفشية في أوساط هذه النخبة؟
وما العمل من أجل تتبع، وفضح، ومحاصرة ممارساتها على جميع المستويات؟
وما المراد بذكاء النخبة؟
وما هي مستويات هذا الذكاء؟
وما هي الغاية من قيام هذه النخبة بتوظيف ذكائها؟
كيف يتم محاصرة قوة ذكاء النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من الكوارث، التي تقف وراءها هذه النخبة؟
ما مصير واقع الشعب المغربي، بالتخلص من الكوارث التي تقف وراءها النخبة الذكية؟
ما العمل من أجل سد الطريق، أمام استغلال النخبة لذكائها، ضد مصالح الشعب المغربي؟
ـ على مستوى أجهزة الدولة؟
ـ على مستوى الأحزاب السياسية؟
ـ على مستوى النقابات؟
ـ على مستوى الجمعيات؟
فالنخبة التي نتكلم عنها، هي فئة من المجتمع، تصل بطريقة، أو بأخرى، إلى مراكز المسؤولية في أجهزة الدولة، أو في قيادات الأحزاب السياسية، أو في قيادات النقابات، أو في قيادات الجمعيات، لفرض الممارسة البيروقراطية في أجهزة الدولة، أو في القيادة الحزبية، أو النقابية، أو الجمعوية، مادامت الممارسة البيروقراطية، هي الوسيلة المثلى، التي تمكنها من فرض رأيها، الذي لا يخدم إلا مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وقطع الطريق أمام إمكانية سريان الرؤى النقيضة، التي قد تأتي من هنا، أو هناك، على مستوى أجهزة الدولة، ومؤسساتها المختلفة، وعلى مستوى الأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات، حتى تصير النخبة المشار إليها، هي صاحبة الحل، والعقد، على كل المستويات المذكورة.
ومن أهم ما تتميز به هذه النخبة، هو كونها تدعي الذكاء الزائد، الذي لا تقابله إلا البلادة الزائدة، التي يتصف بها الذين لا رأي لهم، على مستوى أجهزة الدولة، أو على مستوى قواعد الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، من وجهة نظر النخبة الذكية، التي تبني ممارستها على قاعدة البقاء للأقوى، التي تدفع بها إلى القول بأنها قوية بذكائها، وعلى قاعدة البقاء للأصلح، التي تدفع بها كذلك إلى القول بأنها هي الأصلح لذكائها. وبما أن غيرها بليد، فإن من حقها أن تجعله في خدمة مصالحها.
والذكاء هنا، لا يعني إلا إتقان طريقة انتهاز الفرص، لتحقيق الأهداف المتعلقة بالتسلق، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليصير الذكاء بذلك مساويا للممارسة الانتهازية، في أبشع صورها، التي لا تخدم إلا مصالح أفرد نخبة السلطة، أو الأحزاب، أو النقابات، أو الجمعيات، وغيرها، فحيثما كانت هناك نخبة، كان هناك ذكاء، وكانت هناك انتهازية، وكان هناك تحقيق للتطلعات الطبقية، وكان هناك تهميش للشعب، ولقواعد الأحزاب، والنقابات، والجمعيات. والتهميش لا ينتج إلا الفقر، والبؤس، والشقاء، وعدم إيجاد حلول للمشاكل القائمة في الواقع، والتي تقف وراء المصير المظلم، لعموم كادحي الشعب المغربي، وطليعتهم الطبقة العاملة.
والنخبة التي هي موضوع حديثنا، تتحرك على مستويين رئيسيين:
أولا: المستوى العمودي، الذي يبدأ من أعلى الأجهزة، ويمتد ليشمل أدناها، سواء تعلق الأمر بأجهزة الدولة، أو أجهزة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، حتى تصير نخبة الأجهزة الدنيا، في خدمة مصالح نخبة الأجهزة العليا، وفي خدمة مصالحها هي، في نفس الوقت.
ثانيا: المستوى الأفقي، حيث تنتشر هذه النخبة، الحاملة للممارسة الانتهازية، في كل أماكن تواجد أجهزة الدولة المختلفة، وحيثما تواجدت أجهزة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، تلك الأجهزة التي توظفها النخبة الذكية، لخدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتتحول النخبة، ومعها الأجهزة، إلى وسيلة لممارسة الابتزاز، على المعنيين بتلك الأجهزة، من أجل تلقي الخدمات الضرورية، للحياة اليومية، ولنهب ثروات الشعب المغربي، ومالية الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بسبب التمرس على استغلال النفوذ.
وهذان المستويان المشار إليهما سابقا، يعتمدان في تصنيف النخبة على:
أولا: نخبة أجهزة الدولة، وأجهزة الجماعات المحلية، التي تتفنن في الارتشاء، وفي نهب ثروات الشعب المغربي، وفي استغلال النفوذ، وفي السطو على ممتلكات الشعب المغربي، وفي اعتماد علاقات المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، لتقديم الخدمات للمواطنين، بعيدا عن القاعدة، وبعيدا عن الاستحقاق، وغير ذلك، مما يؤدي إلى جعل جميع أفراد الشعب في خدمتهم، لتحقيق تطلعاتهم الطبقية.
ثانيا: نخبة الأجهزة الحزبية، التي تتفنن في عمالتها لنخبة أجهزة الدولة، من أجل أن تصير مختارة في الانتخابات المزورة، لشغل عضوية البرلمان، أو عضوية أحد المجالس الحضرية، أو القروية، حيث يستغل تلك العضوية، للوصول إلى مركز القرار، من أجل الاحتيال على نهب ثروات الشعب المغربي، إلى جانب الاحتيال على نهب ثروات الحزب، والاحتيال على المواطنين، من أجل ممارسة الابتزاز عليهم، وجعلهم في خدمة تحقيق تطلعاتهم الطبقية.
ثالثا: النخبة النقابية، المتواجدة في الأجهزة النقابية، اللا مبدئية، أو حتى تلك التي تنص في أدبياتها على ضرورة احترام مبادئ معينة، والتي تستغل الأجهزة في ثلاثة اتجاهات:
ا ـ اتجاه احتلال مراكز نقابية معينة على المستوى الوطني، حتى ترفع تلك المراكز مكانة النخبة الانتهازية النقابية، أمام المسؤولين في القطاع، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، حتى تحتل النخبة الانتهازية مكانة مهمة، وأساسية أمامهم، مما يجعلها تحظى بالامتيازات التي تقدم لها من قبلهم، كما تحظى بإمكانية رفع مستوى الابتزاز، الذي تمارسه على المعنيين بالعمل النقابي.
ب ـ اتجاه احتلال المراكز المتقدمة أمام الإدارة المعنية، بخطاب نقابي معين، من أجل ممارسة الضغط عليها، لمضاعفة الامتيازات المقدمة إلى نخبة هذا الاتجاه، حتى تحتل مكانة معينة، في المجال الذي يتحرك فيه.
ج ـ اتجاه تكثيف التواصل مع المعنيين بالعمل النقابي، من أجل أن يتضاعف الذين يتعرضون لممارسة الابتزاز عليهم، من أجل تسوية أوضاعهم الإدارية، التي كان بالإمكان العمل على أن يقوم المعنيون بتسويتها، بدون الحاجة إلى النخبة النقابية، التي تحولت، في معظمها، إلى نخبة مرتشية.
وهذه النخبة النقابية، وبهذه الممارسة المتعددة الأوجه، هي التي أفسدت العمل النقابي جملة، وتفصيلا، مما جعل المعنيين بالنقابة، أي نقابة، يفقدون ثقتهم بها.
ثالثا: نخبة الأجهزة الجمعوية، التي تنقسم إلى نخبة جمعوية ثقافية، ونخبة جمعوية حقوقية، ونخبة جمعوية تربوية، ونخبة جمعوية تنموية.
فالنخبة الجمعوية الثقافية، قد تكون مقتنعة بالتوجه الثقافي الرسمي، لتسعى بذلك إلى إعادة إنتاج نفس القيم الثقافية الرسمية، المدجنة للشعب، والتي تجعل منه مجرد مجال لتكريس الاستغلال الهمجي على كادحيه. وفي هذه الحالة، فالنخبة الجمعوية لا تختلف عن نخبة الدولة الفاسدة، كما لا تختلف عن نخبة الأحزاب، والنقابات الفاسدة، لتصير هي بدورها فاسدة، توظف العمل الجمعوي، لتحقيق تطلعاتها الطبقية، من خلال عمالتها لكل رموز الفساد، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية. وقد تكون مقتنعة بالعمل على إنتاج القيم الثقافية البديلة للقيم الثقافية السائدة، لتصير بذلك النخبة الجمعوية الثقافية، نخبة مناضلة، تنبذ من بين صفوفها كل أشكال العمالة الطبقية، وتصير بذلك مخلصة لأبناء الشعب، وتناضل من أجلهم.
والنخبة الجمعوية الحقوقية، قد تكون، هي بدورها، إما متبنية لوجهة النظر الرسمية، في مجال حقوق الإنسان، لتصير بذلك عميلة لنخبة أجهزة الدولة الفاسدة، ولنخبة الأحزاب، والنقابات الفاسدة. وهذه النخبة الجمعوية الحقوقية، لا يهمها تحقيق احترام حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، بقدر ما تحرص على توظيف العمل الحقوقي، لخدمة تحقيق تطلعاتها الطبقية. وإما مبدئية في ممارستها، والعمل على خدمة حقوق الإنسان، عن طريق التعريف بها، وإشاعتها بين المواطنين، وتوعيتهم بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وتوعيتهم، كذلك، بضرورة الانخراط في النضال من أجل فرض احترامها.
والنخبة الجمعوية التربوية، قد تكون مهووسة بإعادة إنتاج القيم التربوية الرسمية، لإرضاء النخبة في أجهزة الدولة الرسمية، من أجل أن يصير ذلك وسيلة لقيام النخبة الجمعوية التربوية، بممارسة العمالة لنخبة أجهزة الدولة الفاسدة، من أجل الحصول على امتيازات معينة، تمكن نخبة العمل الجمعوي التربوي، بتحقيق تطلعاتها الطبقية، وقد تكون مبدئية، ومناضلة، تعمل على إشاعة القيم التربوية المتقدمة، والمتطورة، والهادفة إلى إنشاء إنسان حر، وديمقراطي، وعادل، في ممارسته، وفي علاقاته، وفي قيمه، وفي كل ما يقوم به. ذلك أن النخبة الجمعوية المناضلة، تستطيع أن تنجز الكثير، من خلال الجمعيات التربوية، التي تستطيع أن تقدم تصورا تربويا بديلا، لنشأة الإنسان المغربي، إذا هي حرصت على أن تقيم حدا فاصلا بين العمل الجمعوي التربوي، وبين تفشي الممارسة الانتهازية، بين ممارسي العمل الجمعوي التربوي، مادامت الممارسة الانتهازية هي المدخل الرئيسي لتحريف العمل الجمعوي التربوي، عن مساره المنتج للقيم التربوية البديلة، ومن أجل قطع الطريق أمام العمل الجمعوي التربوي الانتهازي، الذي أفسد جمعيات تربوية أخرى.
والنخبة الجمعوية التنموية، التي قد تكون إما منتجة للعمل التنموي، الذي لا يتجاوز أن يكون مجرد إعادة إنتاج التصور الرسمي لنخبة أجهزة الدولة، في مجال التنمية، التي لا تخدم إلا مصالحها، ومصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح الأجهزة المخزنية، والرأسمال المحلي، والعالمي. والنخبة الجمعوية التنموية، التي لا يمكن أن تكون إلا عميلة لنخبة أجهزة الدولة، وملتزمة بالأخذ بتعليماتها، ومسخرة للمشاريع التنموية في خدمة مصالحها الطبقية، حتى تحصل من تلك النخبة على المزيد من الامتيازات، وقد تكون نخبة الجمعيات التنموية، كذلك، ملتزمة بمبادئ العمل الجمعوي التنموي، ومناضلة من أجل ترسيخ تنمية حقيقية، تنعكس إيجابا على الواقع الجماهيري، من خلال الإخلاص في إنجاز المشاريع الممولة، والحرص على أن يصير ذلك الإنجاز في خدمة جماهير الكادحين. وهذه النخبة، ومن هذا النوع، لا يمكن أن ترسخ مفهوم التنمية البديل، إذا لم تقطع مع الممارسة الانتهازية، أنى كان مصدرها، في مجال العمل الجمعوي التنموي، ومع العمالة، تجاه نخبة أجهزة الدولة، على جميع المستويات، بما فيها المستوى المحلي؛ لأن من شأن العمالة، إذا تسربت إلى العمل الجمعوي التنموي البديل، فإنها تعمل على تخريبه. والانتهازية عندما تصير من سمات العاملين في العمل الجمعوي التنموي، تصير وسيلة لجعل العمل الجمعوي التنموي في خدمة مصالح الانتهازيين.
فالنخبة تتحرك في عدة مستويات: مستوى أجهزة الدولة، ومستوى الأحزاب، ومستوى النقابات، ومستوى الجمعيات. وهي إما أن تكون عميلة لأجهزة الدولة، مما يجعلها تقف وراء انتشار أشكال الفساد في المجتمع، وإما أن تكون مبدئية، فلا تصير إلا في خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، نظرا لاقتناعها بذلك.
وبالنسبة للأمراض المتفشية في أوساط النخبة اللا مبدئية، فإنها تتمثل في:
أولا: كون هذه النخبة اللا مبدئية، منتجة للممارسة الانتهازية، التي تعتبر مصدرا لكل الأمراض التي تعرفها أجهزة الدولة، على المستوى الوطني، كما تعرفها أجهزة الأحزاب العميلة لأجهزة الدولة، والنقابات اللا مبدئية، والجمعيات اللا مبدئية، وغيرها من الجمعيات، التي تتفشى بين نخبتها الممارسة الانتهازية.
ثانيا: كونها تحرص على خدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا تهتم أبدا بمصالح المواطنين، سواء تعلق الأمر بالنخبة المتحملة لمسؤوليات أجهزة الدولة، أو بالنخبة المتحملة لمسؤوليات الأحزاب العميلة لأجهزة الدولة، أو النخبة المتحملة لمسؤوليات النقابات، والجمعيات اللا مبدئية. فالمواطنون بالنسبة إليهم، هم مجرد احتياطي، يتم اللجوء إليه في الانتخابات، التي تجري كل خمس، أو ست سنوات. وهم مجرد أناس، عليهم أن يدفعوا الرشوة إلى النخبة العاملة، في مختلف الإدارات، وأن يلجأ إلى المحسوبية، والزبونية، إن هو أراد أن يحقق مكاسب معينة، قد تكون غير مشروعة.
ثالثا: كونها تختار أن تصير عميلة لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة، حتى تصير عمالتها وسيلة لتمكينها من الامتيازات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتي تساعدها على تحقيق تطلعاتها الطبقية المادية بالخصوص. وهو ما يجعل النخبة العميلة، نخبة منبطحة أمام أرباب النعم، التي تغدق عليها.
رابعا: كونها تمارس الاستخفاف بالمواطنين، الذين لا يملكون إلا قوة عملهم، من منطلق أنهم لا يستطيعون تقديم الامتيازات لنخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، إضافة إلى نخبة أجهزة الدولة المختلفة، مما يجعل المواطنين ضحايا ممارسات مختلف النخب، التي تمهد الطريق أمام تفعيل الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، باعتبارها اختيارات لا تخدم إلا مصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، ومجموع الطبقات العميلة للتحالف المذكور.
خامسا: كونها تلجأ إلى القيام بالممارسات اللا مشروعة، كالتهريب، والاتجار بالمخدرات، والقيام بالوساطات، ونهب ثروات الشعب المغربي، والتحايل على نهب أموال الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بطريقة، أو بأخرى، مما يجعلها نخبة فاسدة بالدرجة الأولى. وفسادها هذا، هو الذي يقف وراء انتشار الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي خرب الواقع المغربي، وحال دون قيام مستقبل تتوفر فيه شروط إمكانية تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي بدونها لا تتحقق كرامة الإنسان المغربي.
ونظرا لتفشي هذه الأمراض المشار إليها، في نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، فإننا لا ننتظر من هذه النخبة إلا إنتاج الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وأكثر مما هو حاصل الآن، إن لم يتم التخلص من هذه النخب البذيئة، والمنحطة، والمتخلفة، والتي لا ترى إلا نفسها.
وللتخلص من ممارسات هذه النخبة، لا بد من:
أولا: فضح ممارساتها، حتى تصير معروفة عند عامة الناس، حتى تصير منبوذة عند الجميع، سواء تعلق الأمر بممارسات نخبة الدولة، أو نخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، أو تعلق بالنخبة ذات الطابع المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني.
ثانيا: القيام بحملة توعوية وطنية، في صفوف المواطنين، على اختلاف مستوياتهم، بهدف الوعي بخطورة الممارسات التي تنتجها نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب المستفيدة من الوضع المتردي القائم، ونخبة النقابات، والجمعيات اللا مبدئية، من أجل جعل المواطنين ينخرطون في فضح ممارسات النخب المذكورة، والشروع في محاربتها، حتى يتأتى للمواطنين اكتساب المناعة، ضد كل الممارسات المسيئة إلى المواطن، وإلى كرامته، مما يجعل النخبة الفاسدة تراجع نفسها، وتتوقف عن إنتاج الفساد، الذي يتضرر منه المواطنون، وخاصة نخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، التي يفترض فيها وقوفها إلى جانب المواطنين، في تضررهم من ممارسة نخبة أجهزة الدولة، وعملها، من أجل وضع حد للشروط القائمة، التي تجعل نخبة أجهزة الدولة فاسدة.
ثالثا: القيام بحملات، للمطالبة بمحاسبة النخبة الفاسدة في أجهزة الدولة، ومحاكمتها، إذا ثبت في حقها قيامها بممارسة الفساد، ومحاسبة النخبة الحزبية الفاسدة، من قبل الإطارات الحزبية، المسؤولة عن المحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية، في حق النخبة الحزبية الفاسدة، حتى تصير الأحزاب منتجة فعلا للنخبة الحزبية المبدئية، والمناضلة، والمطالبة بمحاسبة النخب النقابية الفاسدة، في الإطارات النقابية المعنية بتلك المحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية، ضد الممارسات التي تسيء إلى النقابة، والنقابيين، حتى تصير النخبة النقابية مبدئية قولا، وعملا، والمطالبة بمحاسبة النخبة الجمعوية الفاسدة، من قبل الإطارات الجمعوية المعنية بالمحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية كذلك، حتى تصير النخبة الجمعوية نخبة مبدئية مناضلة، في ظل الوعي القائم، ومن أجل أن تصير الجمعيات مناضلة فعلا: قولا، وعملا.
رابعا: إنشاء جهاز لمراقبة الخروقات، التي ترتكبها نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، وتوثيق تلك الخروقات، حسب الزمان، والمكان، والأشخاص، والعمل على القيام بالإجراءات الضرورية، لوضع حد لها، وتوعية المواطنين بخطورتها، وإعدادهم لمحاربتها، والنضال من أجل عدم تكرارها، وإصدار تقرير سنوي يبقى شاهدا على تاريخها، أملا في أن يبقى شاهدا على تاريخها، أملا في أن يبقى ذلك التقرير مرجعا للعاملين على مناهضتها.
والقيام بهذه الإجراءات، يعتبر ضروريا، لمحاصرة الممارسات البذيئة، والمنحطة، التي تقوم بها النخبة في مستوياتها المختلفة.
والمراد بذكاء النخبة، هو الكيفية التي يتم بها إتقان الحيل، التي تلجأ النخبة إلى استعمالها، للوصول إلى تكريس مختلف الخروقات، التي يصير ارتكابها عرفا، في علاقة النخبة الفاسدة، والذكية جدا، بالمواطنين الأغبياء، ما دامت تلك الحيل تؤدي إلى جعل المواطنين البسطاء، في خدمة مصالح النخبة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ولذلك، فالذكاء، باعتباره إتقانا للحيل، يعتبر وسيلة مثلى، وعملة صعبة، يتم التعامل بها في مختلف أجهزة الدولة، وفي علاقة تلك الأجهزة بالمواطنين البسطاء، على جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، بهدف إذلال المواطنين، ودوس كرامتهم، وجعلهم يشعرون بأنهم لا يساوون شيئا، أمام تشكيلة النخبة العاملة في أجهزة الإدارة المغربية، والمسؤولة عنها، وكذلك نجد أن ذكاء النخبة، يعتبر عملة صعبة، تلجأ إلى استعمالها نخبة الأحزاب السياسية، في علاقتها بالقواعد الحزبية، وبالمواطنين البسطاء، من أجل جعلهم في خدمة مصالح النخبة الحزبية، التي توظف نفس العملة الصعبة، في علاقتها بنخبة الأجهزة الإدارية للدولة، باعتبارها وسيلة للتواصل معها، لخدمة المصالح المشتركة فيما بينها، وذكاء النخبة يعتبر أيضا عملة صعبة، بيد نخبة النقابات، في علاقتها بالقواعد النقابية، التي تصير في خدمة مصالحها، إن كانت لها قواعد، كما يعتبر أيضا عملة صعبة، بيد نخبة الجمعيات، التي توظفها في علاقتها بقواعدها، من أجل إعدادهم للقبول بذلك الذكاء، كواقع لا مفر منه، وكممارسة تهدف إلى جعل النقابات، والجمعيات تنفر المواطنين من الارتباط بالعمل النقابي، مهما كانت الضرورة إليه، ومن العمل الجمعوي، مهما كانت الضرورة إليه، كذلك، وهو ما يؤكد أن النخبة المغربية، في مستوياتها المختلفة، لا تفكر إلا فيما يخدم مصالحها، التي تمكنها من تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعلها تلجأ إلى مختلف الحيل، التي تؤدي إلى ذلك، في علاقتها فيما بينها، وفي علاقتها بالمواطنين البسطاء، وبالأغبياء من القواعد الحزبية، والنقابية، والجمعوية، الذين يلجأون، كذلك، إلى اعتماد الحيل، وإتقان اعتماد الحيل، لتحقيق التطلعات الطبقية، هو الذي نسميه ذكاء النخبة المغربية، الذي يقف وراء هذا التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يعاني منه عموم الشعب المغربي.
وهذا الذكاء، وبهذا المفهوم، الذي حاولنا توضيحه، الذي تتميز به النخبة المغربية، يتخذ عدة مستويات، تختلف باختلاف نوعية النخبة المعتمدة للذكاء.
ولذلك نجد أن مستويات هذا الذكاء الذي وضحناه، تتمثل في:
أولا: مستوى ذكاء النخبة العاملة في مختلف أجهزة الدولة المغربية، والمسؤولة عنها، والتي تتقن جيدا كيف تهين كرامة المواطن المغربي، وكيف تمارس الإهانة بطريقة، أو بأخرى، في حق نخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات.
ثانيا: مستوى ذكاء نخب الأحزاب المسؤولة عنها، والتي تتقن كيفية إهانة القواعد الحزبية، ودوس كرامتهم، إضافة إلى إلحاق الإهانة بجموع المواطنين، حتى لا يفرزوا من بينهم، من يسعى إلى جعل النخبة الحزبية، رهن إشارة القواعد الحزبية، ورهن إشارة المواطنين البسطاء.
ثالثا: مستوى ذكاء النخبة النقابية، والمسؤولة عنها، والتي تتقن كيفية إهانة، وإذلال القواعد النقابية، وإخضاعها لخدمة مصالح النخبة النقابية، بما يساهم في تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية بالخصوص، ويساهم، كذلك، في تشجيع النخبة النقابية، على ممارسة عمالتها لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة، في نفس الوقت.
رابعا: مستوى ذكاء النخبة الجمعوية، الذي يسعى إلى إذلال العاملين في العمل الجمعوي، وجعلهم يضعون أنفسهم رهن إشارة النخبة الجمعوية، سعيا إلى جعلهم يحققون مصالحهم الطبقية، ويشجعهم، كذلك، على ممارسة العمالة لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة كذلك.
وهكذا نجد أن مستويات ذكاء النخبة المغربية، ما هي إلا مستويات فساد هذه النخبة، التي تكلف الشعب المغربي الإصابة بالكثير من الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بسبب الفساد الذي تمارسه النخبة المغربية، من الشمال، إلى الجنوب، ومن الشرق، إلى الغرب، تلك الكوارث التي يؤدي ضريبتها عموم المواطنين، والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكل المستهدفين بالعمل النقابي، والعمل الجمعوي، في مستوياته المختلفة، الذين صاروا يفقدون الثقة في أجهزة الدولة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، كما لم يعودوا يثقون في الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بسبب ما تمارسه نخبها المختلفة، التي لا هم لها إلا خدمة مصالحها الطبقية، مما يجعلها لا تلتفت أبدا إلى الشعب المغربي، وإلى المعنيين بالعمل النقابي، والعمل الجمعوي.
والغاية من قيام هذه النخبة بتوظيف ذكائها / فسادها، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات التي تفتقد فيها المبدئية، تتمثل في:
أولا: جعل إهانة المواطنين، والقواعد الحزبية، والنقابية، والجمعوية، قاعدة تسري على الجميع، باستثناء النخب في مستوياتهم المختلفة، الذين يدبرون عملية الإهانة، وبأساليب مختلفة، من أجل جعل الشعب المغربي يتقبل ممارسة الإهانة، والإذلال، بشكل طبيعي، وكأن الإهانة، والإذلال، قدر لا مفر منه، وكأن جعل مختلف القطاعات الشعبية، في خدمة مصالح النخبة، في مستوياتها المختلفة، قدر لا بد منه.
ثانيا: إعادة تربية المواطنين، تربية تنسجم مع ما تسعى النخبة، في مستوياتها المختلفة، إلى تحقيقه، في إطار تكريس الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي يعتبر تكريسها وسيلة مثلى، لخدمة مصالح النخبة، في مستوياتها المختلفة، بعد خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، والرأسمال المحلي، والعالمي، والمؤسسات المالية الدولية، والشركات العابرة للقارات، حتى يتأتى للنخبة أن تجعل من المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، وسيلة ناجعة لممارسة التسلق الطبقي، من أجل التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.
ثالثا: جعل المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، يتقبلون العراقيل التي تختلقها النخبة، للإيغال في الإذلال، والإهانة، من أجل القبول بالخضوع المطلق للنخبة، وتقديم المزيد من الخدمات لصالحها، واعتبار الخضوع المطلق، وسيلة ناجعة للتعامل مع النخبة، في مستوياتها المختلفة، حتى يتأتى للنخبة أن تحتل مكانة رفيعة، في علاقتها بمن يتحكم فيها، وبالمسؤولين من نخبة أجهزة الدولة، وبالمواطنين الذين صار قبول الإذلال، والمهانة، والخضوع، من سماتهم.
رابعا: جعل المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، يقبلون ممارسة ابتزاز النخبة، سواء تعلق الأمر بابتزاز نخبة أجهزة الدولة للمواطنين، أو بابتزاز نخبة الأحزاب للقواعد الحزبية، وللمواطنين على حد سواء، أو بابتزاز النخبة النقابية للمستهدفين بالعمل النقابي، أو بابتزاز النخبة الجمعوية للمستهدفين بالعمل الجمعوي. فالقبول بالابتزاز (دفع الرشوة)، يعتبر هو الوسيلة، لحل المشكل الآني، وهو الوسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، على مستوى النخب المختلفة.
وهذه الغاية المتمثلة في إهانة المواطنين، كقاعدة، وتربيتهم على ما ينسجم مع ما تريده النخبة، وجعلهم يقبلون بالابتزاز الممارس عليهم، بالإضافة إلى قبول العراقيل التي توضع في طريقهم، هي التي تعتبر وسيلة لنقل النخبة الدولتية، أو الحزبية، أو النقابية، أو الجمعوية، إلى الطبقات الأعلى. فذكاء النخبة، إذن، لا يوازيه إلا بلادة المواطنين، والمعنيين بالعمل النقابي، وبالعمل الجمعوي. وهذا الذكاء لا يوازيه إلا الفساد، الذي تنتجه النخبة. والبلادة لا تعني إلا القبول بالفساد المستشري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي لا يمكن أن يكون إلا من إنتاج نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب السياسية، ونخبة النقابات اللا مبدئية، أو التي تحولت إلى نقابات لا مبدئية، ونخبة الجمعيات اللا مبدئية، أو التي تحولت إلى جمعيات لا مبدئية.
وتتم محاصرة قوة / ذكاء / فساد النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من كوارثها، التي تصيب الشعب المغربي في الصميم ب:
أولا: تشكيل هيئات مبدئية، ومناضلة، لمحاربة كافة أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب، وفي النقابات، وفي الجمعيات التي تقف وراء انتشار الفساد بأشكاله المختلفة، على أن تتمتع تلك الهيئات، بالحق في عرض ملفاتها على القضاء، الذي يقول كلمته في مرتكبي كل أشكال الفساد، الذي يتمتع بالحق في تقديم ملفات ممارسي الفساد، أمام القضاء، حتى يقول كلمته في الفاسدين، أنى كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو الطبقة التي ينتمون إليها، أو لغتهم... إلخ.
ثانيا: وضع برنامج ثقافي، وإعلامي، وتعليمي، لتوعية المواطنين، ولتربية الناشئة على إدراك خطورة اللجوء إلى ممارسة الفساد، والقبول به، على مستقبل الشعب المغربي، وعلى ضرورة التدخل التلقائي لفضحه، وفضح ممارسيه، أنى كانوا، ومهما كان مستواهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وكيفما كان هذا المستوى في أجهزة الدولة، سعيا إلى جعل التفكير في إنتاج الفساد غير وارد. وعرض الحالات المضبوطة على هيئات محاربة الفساد، التي تشكل لهذه الغاية، حتى تقوم بدورها اللازم.
ثالثا: الامتناع التلقائي عن ممارسة الفساد، أو الاستجابة لممارسته: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، حتى يبقى الوازع الأخلاقي، موجها لممارسة الفرد، أي فرد، سواء كان ينتمي إلى النخبة، أو مواطنا عاديا، مما يجعل ممارسة الفساد تختفي بصفة تلقائية.
رابعا: اعتماد مظاهر الفساد المختلفة، وخطورتها على الأجيال الصاعدة، والكوارث التي تتسبب فيها، بالنسبة للمجتمع، وكيفية مواجهتها أخلاقيا، واجتماعيا، وإنسانيا، وقانونيا، مادة للتدريس، في جميع المستويات الدراسية، حتى يتمكن المواطن الناشئ من المعرفة بخطورة مظاهر الفساد، من أجل اكتساب المناعة النظرية، وعلى مستوى الممارسة ضد الفساد المخرب للواقع، في مظاهره المختلفة.
خامسا: تخصيص أجهزة إعلامية مرئية، ومسموعة، ومقروءة، وإليكترونية، لمحاربة مظاهر الفساد، وفضح المفسدين، والإخبار بالجهات الممارسة له، وبما ترتب عن ممارسته، من آثار سلبية على الواقع.
فقوة / ذكاء / فساد النخبة، لا يمكن التخلص منه، إلا بشن حرب مجتمعية، ضد إنتاج الفساد، مهما كانت الجهة المنتجة له، من أجل تخليص المجتمع، والأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات، من ممارسيه، سعيا إلى إيجاد مجتمع، وأحزاب، ونقابات، وجمعيات، بدون فساد.
ومعلوم أن واقع الشعب المغربي، سيعرف تحولا مهما، وأساسيا، بالتخلص من الفساد، وما يتسبب فيه من كوارث، تقف وراءها النخبة القوية / الذكية / الفاسدة، التي لا تعرف إلا من أين تؤكل الكتف.
وهذا التحول سوف يتجلى في:
أولا: تمتيع الشعب المغربي بالحرية: حرية الإنسان، والأرض، وجعله يسعى إلى تمكين أفراده بالتمتع بالحق في الاختيار الحر، والنزيه، الذي لا يألو جهدا في أن يجعل الشعب المغربي سيد نفسه، ومصدرا للسلطات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من منطلق أن حرية الفرد امتداد لحرية الشعب، وأن حرية الشعب تتمثل في الفرد، الذي لا يتحرك إلا ضمن ما هو مسطر في الدستور الديمقراطي الشعبي، الذي يجسد الإرادة الشعبية، ومن القوانين المنسجمة مع الدستور، والمتلائمة معه، والمتلائمة، كذلك، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي لا بد أن يكون الدستور الديمقراطي الشعبي متلائما معها، حتى تصير الحرية الفردية مشروطة باحترام حرية الشعب، المضمونة دستوريا، وقانونيا، وحقوقيا.
ثانيا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي، بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي جميع الاتفاقيات المتفرعة عن تلك المواثيق، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من الاتفاقيات، التي صادق عليها المغرب، ورفع تحفظاته عن بعض بنودها، مما يجعل الطريق معبدا في اتجاه تمكين جميع أفراد الشعب المغربي يتمتعون بحقوقهم العامة، والخاصة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، الذي يمكن الشعب المغربي من أن يصير مصدرا للسلطات، بتقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأنه بدون امتلاك الشعب المغربي لحق تقرير المصير، يكون محروما من ذلك الحق، مما يجعله غير قادر على أن يصير مصدرا للسلطات، ومما يجعل أفراد الشعب المغربي، غير متمتعين بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
ثالثا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي بالكرامة الإنسانية، التي يجب أن تصير مكفولة دستوريا، وقانونيا، وفي العلاقة مع نخبة أجهزة الدولة المختلفة، وأجهزة الأحزاب السياسية وأجهزة النقابات وأجهزة الجمعيات، لأنه بدون الكرامة الإنسانية، يبقى الإنسان المغربي مهدور الكرامة ومهانا، ولا يرقى، في علاقته بالنخبة، في مستوياتها المختلفة، إلى مستوى الإنسان.
ولذلك، فتمتيع جميع أفراد الشعب المغربي، بالكرامة الإنسانية، لا يتأتى إلا من خلال قيام النخبة، في مستوياتها المختلفة، باحترام تلك الكرامة. وكل من خدشها، وأهان أي فرد من أفراد الشعب المغربي، يحاسب على ذلك، بما في ذلك قيام الرجل بإهانة المرأة، وخاصة إذا كانت تلك الإهانة تستهدف الحط من الكرامة الإنسانية، التي تلغي إنسانية الإنسان.
رابعا: تمتيع الشعب المغربي بالالتزام بالممارسة الديمقراطية، التي تحل محل الاستبداد، وتكون بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تجعلها حاضرة في الممارسة اليومية للمواطنين، وعلى جميع المستويات الاجتماعية، بما فيها المعاملة بين المواطنين، قبل الوصول إلى قيام دستور ديمقراطي شعبي، وقبل إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لشيء اسمه الفساد السياسي، حتى يتمكن المواطنون من اختيار ممثليهم، اختيارا حرا، ونزيها، ومن أجل أن تصير الديمقراطية، فعلا، هي المدخل الحقيقي لتكريم الإنسان، ولجعله يحتل مكانة سامية، كإنسان، على أرض الواقع، وفي النسيج الاجتماعي، بما في ذلك العلاقة بين أفراد الأسرة، كخلية اجتماعية / ديمقراطية.
خامسا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي بالعدالة الاجتماعية، التي تعتبر شرطا لتحقيق الديمقراطية، ولتمتيع الشعب بالحرية؛ لأنه، لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية، ولا حرية بدون عدالة اجتماعية، ولا عدالة اجتماعية بدون ديمقراطية، وبدون حرية، كما أنه لا حرية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون حرية، وبالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، تتحقق الكرامة الإنسانية.
ولذلك، فإن تحقيق العدالة الاجتماعية، لا يعني إلا حفظ الكرامة الإنسانية لأبناء الشعب المغربي، الذين يقدمون الكثير، من أجل أن تتحقق كرامتهم الإنسانية، بما في ذلك قوافل الشهداء، الذين قضوا، من أجل أن تتحقق كرامة أبناء الشعب المغربي.
وانطلاقا مما رأينا، فإن الكوارث التي تقف وراءها النخبة الذكية / الفاسدة، سوف تختفي بتحقيق الحرية، بعد القضاء على العبودية، والديمقراطية، بعد القضاء على الاستبداد، والعدالة الاجتماعية، بعد القضاء على الاستغلال الهمجي، ليصير المغاربة، بذلك، يتمتعون بحفظ كرامتهم، التي تأتي في سياق تمكينهم من التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهو ما يترتب عنه الانتقال بالشعب إلى الانخراط في مدارج التقدم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يصنف الشعب المغربي إلى جانب الشعوب المتقدمة، والمتطورة.
ولأجل قطع الطريق أمام استغلال النخبة لذكائها / فسادها، ضد مصالح أبناء الشعب المغربي، نرى أنه من الضروري العمل على:
أولا: على مستوى الدولة، بأجهزتها المختلفة، والتي تعج بكل أشكال الفساد الإداري، الذي يعتمد المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، والوساطات، واستغلال النفوذ، ونهب الثروات العمومية، والسطو على ممتلكات الشعب المغربي، وغير ذلك من أشكال الفساد الإداري، إلى جانب تدبير عملية الفساد السياسي.
ونخبة الدولة، بأجهزتها المختلفة، التي تشرف على كل أشكال الفساد السياسي، وتدبره، وتمارس كافة أشكال الفساد الإداري المذكور، يجب إخضاع ممارستها للمراقبة الشعبية، والمراقبة الموكولة إلى الجمعيات الحقوقية، وكل التنظيمات الحزبية، والنقابية المناضلة، التي تدفع في اتجاه محاسبة هذه النخبة، ومحاكمتها، على ما يثبت في حقها، سعيا إلى تنظيف إدارة الدولة، بأجهزتها المختلفة، من كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي.
ثانيا: على مستوى الأحزاب السياسية، بأجهزتها المختلفة، ذات الطبيعة البورجوازية، أو الإقطاعية، أو البورجوازية الصغرى، أو اليمينية، أو اليمينية المتطرفة، المؤدلجة للدين بصفة عامة، وللدين الإسلامي بصفة خاصة، والتي تعودت على إنتاج الفساد، في العلاقة فيما بين الأجهزة الحزبية، وفي العلاقة مع القواعد الحزبية، وفي العلاقة مع المواطنين، وفيما بين الأحزاب، نظرا لكونها لا تتأسس على احترام مبادئ معينة، بقدر ما تتأسس على العلاقات الانتهازية، الهادفة إلى خدمة المصالح الفردية، التي تقف وراء تحقيق التطلعات الطبقية. فهذه الأحزاب الفاسدة في الأصل، لا يمكن أن تنتج إلا الفساد. ولذلك تجدها دائما تبارك كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، الذي تنتجه أجهزة الدولة المختلفة.
وإذا وجدنا أفرادا من أحزاب مبدئية، ومناضلة، ضد كل أشكال الفساد، ينتجون ممارسة الفساد في الواقع، فإن هؤلاء الأفراد، مسؤولين عن الفساد الذي ينتجونه، باعتبارهم حزبيين، ليحطوا من قيمة أحزابهم المناضلة.
فبالنسبة للأحزاب الفاسدة نخبتها، فإن على المواطنين، والجمعيات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، أن يعملوا على فضح ممارسة نخبة الأحزاب الفاسدة، في صفوف الجماهير الشعبية، المعانية من فسادها، وأن يطالبوا بمحاسبتها، ومحاكمتها، على ما تنتجه من فساد إداري، من خلال تواجدها في المجالس الجماعية، ومن فساد سياسي على مدار السنة، ومن خلال الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، سعيا إلى جعل الأحزاب الفاسدة، تعيد النظر في نخبة ممارسة نخبتها، وتشرع في إعادة النظر في تواجد تلك النخبة، ضمن الأحزاب التي يرجى أن تتخلص من الفساد بصفة نهائية، أو العمل على حلها، إن كانت أحزابا إدارية، أو حزبا للدولة، من منطلق أن أحزابا من هذا النوع، لا تتشكل إلا من الفاسدين أصلا، سعيا إلى التخلص من فسادها.
أما الذين يمارسون الفساد في الواقع، والذين ينتمون إلى الأحزاب المناضلة، فإن على أحزابهم أن تتخلص منهم، لكونهم يسيؤون إلى سمعتها، وعلى المواطنين، والجمعيات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، أن تعمل على فضح ممارساتهم، وأن تسعى إلى إقرار محاسبتهم، ومحاكمتهم على ما يصدر عنهم، في حق المواطنين، سعيا إلى تخليص المجتمع من الفساد الذي ينتجونه.
ثالثا: على مستوى النقابات المبنية على أساس أن تصير منتجة للفساد، باعتبارها لا مبدئية، أو أريد لها أن تصير لا مبدئية، حيث نجد أن نخبتها الذكية / الفاسدة، تعمل على توظيف العمل النقابي، في علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، المرتبطين بالنقابة القطاعية، والمركزية، وفي علاقتا بنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، لخدمة تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ونظرا لكون النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، تحظى بمكانة رفيعة لدى النخبة الذكية / الفاسدة، في أجهزة الدولة، وفي إدارة قطاع معين من قطاعات الدولة، وعلى جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، فإن تدخلها لصالح الأفراد من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي جميع القطاعات الاجتماعية، وقطاعات الدولة، يصير بمقابل، يتناسب مستواه المادي، مع طبيعة المشكل الفردي القائم، بدعوى أن النقابي يقوم بدور الوسيط بين العامل، أو المأجور، أو الكادح، وبين من يشغله، أو الجهة التي يشتغل عندها، وهو ما يقتضي دفع قيمة الرشوة، بالإضافة إلى العمولة، التي تبقى عادة بجيب النقابي / الوسيط. وهو ما يعني قيام المسؤولين النقابيين، بممارسة الابتزاز / الاستغلال الهمجي، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبممارسة الابتزاز على المشغل، أو الجهة المشغلة، من أجل تشجيعه، أو تشجيعها على الاستغلال المبالغ في الهمجية، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ونظرا لكون النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، المشكلة لأجهزة النقابات الفاسدة، تمارس كافة أشكال الفساد، في علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي علاقتها بالمشغل، وبالجهات المشغلة، فإن هذه النخبة الذكية / الفاسدة، لا يمكنها أن تعبئ العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لكون ذلك يتناقض مع كونها تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وتحافظ على جودة علاقتها مع المشغل، ومع الجهات المشغلة. ولذلك فهي تعمل، باستمرار، على تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يلتفتوا إلى أوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية المتردية، والتي تجعلهم يعيشون البؤس في أبشع صوره.
وبالنسبة للنقابات المبدئية، والمخلصة في خدمتها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإنها لا تعرف في أجهزتها القائمة نخبة ذكية / فاسدة، بقدر ما تصير نخبتها رهن إشارة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، غير أن ذلك لا ينفي ظهور أفراد أذكياء / فاسدين، من النخبة النقابية المبدئية، في هذا القطاع النقابي، أو ذاك، وخاصة في قطاع التعليم، حيث يمارسون ثلاثة أشكال من العمالة:
ا ـ العمالة للأجهزة النقابية الوطنية، أو للعناصر الذكية / الفاسدة منها بالخصوص، حتى تكتسب شرعية الحماية النقابية، للتصرف اللا مبدئي، باسم النقابة المبدئية.
ب ـ العمالة للنخبة الذكية / الفاسدة في أجهزة الدولة، التي تصير، بالنسبة إلى هذه العناصر الفاسدة، مكسبا أساسيا، يزيل كل الصعوبات التي تقف في طريقهم، من أجل مضاعفة المكاسب المادية، التي يحصلون عليها.
ج ـ العمالة لإدارة القطاع، التي تقدم الكثير من الامتيازات لعملائها، المنتمين إلى النقابة المبدئية، حتى يحموا أنفسهم منها، وحتى يضعوا العاملين في القطاع، أمام واقع نخبة النقابة المبدئية، التي فضلت أن تصير عميلة للنخبة الذكية / الفاسدة، للقطاع المعني بالعمل النقابي القطاعي.
وهذه النخبة العميلة، المنتمية إلى النقابة المبدئية، التي اختارت أن تصير فاسدة، في إطار نقابة مبدئية، ونظيفة، لا تستحضر، في ممارستها الخبيثة، أنها تنتمي إلى نقابة مبدئية، ونظيفة، كما لا تستحضر أنها تسيء إلى النقابة، والعمل النقابي، وأنها تقف وراء تقليص الانخراط في النقابة، وأنها تساهم في عملية الانقسام داخل النقابة، على المستوى الوطني، وأنها تكرس ممارسة السمسرة، بين النخبة الذكية / الفاسدة في إدارة القطاع، وبين ذوي الحاجة من العاملين في القطاع، إلى تسوية أوضاعهم المادية، وعدم استحضارها لكل ذلك، ناتج عن كونها تعتبر نفسها ذكية / فاسدة، ذكاء / فسادا لا يرقى إليه، أبدا، أي عامل في القطاع. وهذا الذكاء / الفساد، هو الذي يعطيهم الحق، في أن يصيروا عملاء، بالمعنى الواسع لمفهوم العمالة، وأن يمارسوا كافة الممارسات الخبيثة، التي يحققون، عن طريقها، تطلعاتهم الطبقية، في حق النقابة المبدئية، وفي حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ولمحاربة ممارسة النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، المتواجدة في أجهزة النقابات الفاسدة، فإن على النقابيين، والعاملين في مختلف القطاعات الاجتماعية، أن يعمل على فضح الفساد النقابي، والقائمين به، وأن يعوا مدى خطورة ذلك الفساد على المجتمع المغربي، وعلى مستقبل أبنائه، وعلى مستقبل الشغيلة بصفة عامة، والشغيلة القطاعية بصفة خاصة، وأن يسعوا إلى مساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة النخبة الذكية / الفاسدة، المسيطرة على أجهزة النقابة الفاسدة، إلى أن يختفي الفساد النقابي، وتتحول النقابات الفاسدة، إلى نقابات مبدئية، أو تعمل على حل نفسها، حتى لا تقف أمام إنتاج عمل نقابي مبدئي صحيح.
أما محاربة العناصر الفاسدة، من نخبة النقابة المبدئية، فإن على النقابيين أن يعملوا على:
ا ـ فضح هذه العناصر جماهيريا، وإعلاميا، لمحاصرة ممارستها، وقطع الطريق أمام إمكانية استمرارها، في إنتاج الفساد النقابي، لتحقيق تطلعاتها الطبقية.
ب ـ المطالبة بأن تتخذ النقابة المبدئية، التي ينتمون إليها، القرارات الزجرية في حقهم، بما في ذلك طردهم من النقابة، إن لم يتوقفوا عن إنتاج الفساد النقابي، الذي يتوج بالعمالة للعناصر الفاسدة، من النخبة النقابية المبدئية، وإلى النخبة الفاسدة في أجهزة الدولة المغربية، وإلى النخبة الفاسدة في إدارة القطاع الاجتماعي، الموازي للقطاع النقابي، سعيا إلى تنظيف النقابة المبدئية، من العناصر الفاسدة من نخبتها.
ج ـ المطالبة بمساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة العناصر الفاسدة، من نخبة النقابة المبدئية، حتى تتوقف هذه العناصر عن إنتاج الفساد النقابي.
وحتى يحافظ هؤلاء على إمكانيتهم داخل النقابة، فإنهم لا يعملون على توسيع القواعد النقابية، وعلى تمثيلية كل المؤسسات الاجتماعية، والإنتاجية، والخدماتية، في المجالس النقابية، وأن الذين يتم تمكينهم من الانخراط، أو تجديد الانخراط، ليسوا إلا من الذين يكونون موالين للعناصر الفاسدة، من النخبة النقابية المتواجدة في أجهزة النقابة المبدئية.
رابعا: على مستوى نخبة الجمعيات، التي يمكن التعامل معها على مستويين: مستوى نخبة الجمعيات اللا مبدئية، ومستوى الجمعيات المبدئية.
فنخبة الجمعيات اللا مبدئية الذكية / الفاسدة، التي تسعى إلى توظيف العمل الجمعوي اللا مبدئي، لخدمة مصالحها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما لا علاقة له بإرادة قواعد هذه الجمعيات، حتى وإن كانت لا مبدئية، من أجل أن تسعى نخبتها إلى القيام بكل الممارسات، باسم الجمعيات، وباسم العمل الجمعوي، مادامت تلك الممارسات تخدم التطلعات الطبقية لهذه النخبة، حتى وإن كانت تلحق الضرر بالجماهير الشعبية الكادحة.
ونخبة الجمعيات اللا مبدئية الذكية / الفاسدة، تتسم بمجموعة من السمات، التي تجعلها تحقق مبتغاها، ومن هذه السمات نذكر:
ا ـ أنها نخبة بيروقراطية، تتحكم في الجمعيات، التي توجد في أجهزتها، بيد من حديد، حتى توظفها في الاتجاه الذي تشاء، مما يجعلها تسرع في تحقيق ما تريد، من وراء وجودها في أجهزة الجمعيات.
ب ـ أنها لا مبدئية: لا ديمقراطية، ولا تقدمية، ولا جماهيرية، ولا مستقلة؛ لأن مبادئ كهذه، لا تسمح لها بتحقيق تطلعاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ج ـ أنها تتصف بالعمالة لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، من منطلق أن تلك العمالة، تساعدها على توظيف العمل الجمعوي في الاتجاه الذي تريد، كما تمكنها من تلقي الامتيازات، التي لا حدود لها، وتلقي دعم العمل الجمعوي، الذي يصير في خدمة مصالحها.
د ـ أنها تتخذ العمل الجمعوي، سلما لشد الرحال، تجاه الأحزاب المكونة للتحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف، التي أريد لها أن تصير مسيطرة على الجماعات المحلية، والعمل على نهب ثروات تلك الجماعات، باعتبارها ثروات الشعب المغربي، ومن منطلق أنها تصير وسيلة لوصول النخبة الجمعوية، حتى تصير وسيلة لتحقيق التموقع، إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف.
وهذه السمات، وغيرها، مما لم نأت على ذكره، هي التي تجعل نخبة العمل الجمعوي الذكية / الفاسدة، تعتبر قواعد الجمعيات، وسائر أفراد الشعب المغربي، يتصفون بالبلادة، التي لا حدود لها، وأن ذكاء نخبة الجمعيات اللا مبدئية، هو الذي يصلح للاستفادة من البلداء، الذين لا قيمة لهم.
وبالنسبة للجمعيات المبدئية، فإن نخبتها لا تكون إلا مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، لا تسعى إلا إلى خدمة مصالح الجماهير الشعبية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلا أن ذلك لا يمنع من ظهور عناصر من نخبتها، ذكية فاسدة، تسعى إلى توظيف العمل الجمعوي المبدئي، لخدمة مصالحها، التي تمكنها من تحقيق تطلعاتها الطبقية.
وهذه العناصر، لا تشكل القاعدة في العمل الجمعوي المبدئي، بقدر ما تشكل الاستثناء، وتتسم بنفس سمات نظيرتها في العمل الجمعوي اللا مبدئي، بسعيها، كذلك، إلى التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف.
ولمحاربة نخبة العمل الجمعوي اللا مبدئي، لا بد من:
ا ـ فضح ممارسات هذه النخبة الذكية / الفاسدة، جماهيريا، وإعلاميا، والمطالبة بمساءلتها، ومحاسبتها، ومحاكمتها، من \أجل تطهير العمل الجمعوي منها، من أجل تحويل الجمعيات اللا مبدئية، إلى جمعيات مبدئية.
ب ـ القيام بمحاصرة الجمعيات اللا مبدئية، وعدم التعامل معها، وعدم الانخراط فيها، ومحاربة الممارسات التي تقوم بها النخبة باسمها، وفضح عمالتها لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، ومقاومة ما يترتب عن تلك العمالة من امتيازات، تصير في خدمة المصالح الطبقية، لنخبة العمل الجمعوي الذكية / الفاسدة : العميلة.
ج ـ الدفع في اتجاه جعل قواعد الجمعيات اللا مبدئية، يسعون إلى تحويل الجمعيات التي ينتمون إليها، إلى جمعيات مبدئية، حتى يتمكنوا من ممارسة حقهم في مراقبة نخبتها، ومحاسبة تلك النخبة، والمطالبة بمحاكمتها، على ما تقترفه في حق العمل الجمعوي من كوارث.
د ـ قيام قواعد الجمعيات اللا مبدئية، بعد العمل على تحويلها إلى جمعيات مبدئية، باتخاذ الإجراءات الزجرية، في حق نخبتها، بعد إخضاعها للمساءلة، والمحاسبة.
وبهذه الإجراءات، وغيرها، يتم تحقيق هدفين أساسيين:
الهدف الأول: وضع حد لتوظيف العمل الجمعوي، لتحقيق التطلعات الطبقية، حتى تصير نخبة العمل الجمعوي، نخبة في خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة.
والهدف الثاني: تحويل العمل الجمعوي اللا مبدئي، إلى عمل جمعوي مبدئي، في خدمة مصالح الجماهير الشعبية المعنية بالعمل الجمعوي، عن طريق تحويل الجمعيات اللا مبدئية، إلى جمعيات مبدئية.
وبالنسبة للعناصر الفاسدة من نخبة الجمعيات المبدئية، فإن على المعنيين بعمل تلك الجمعيات، أن يعملوا على:
ا ـ فضح تلك العناصر، والنضال من أجل تحقيق قطع الطريق، أمام استغلالها للعمل الجمعوي المبدئي.
ب ـ مطالبة الجمعيات المبدئية، باتخاذ الإجراءات الضرورية، والزجرية، في حق تلك العناصر.
ج ـ فضح عمالة العناصر الفاسدة، من نخبة العمل الجمعوي المبدئي، لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة.
د ـ المطالبة بمساءلة هذه العناصر الفاسدة، من نخبة العمل الجمعوي المبدئي، ومحاسبتها، ومحاكمتها، من أجل تحصين الجمعيات المبدئية، من تسرب الفساد إلى صفوفها.
وانطلاقا من هذه الإجراءات، فإنه يمكن أن تصير الجمعيات المبدئية محصنة، حتى تقوم بدورها لصالح الجماهير، من أجل تحقيق:
ا ـ قيم ثقافية جادة، تعمل على محاربة القيم الفاسدة، لتحقيق وحدة المجتمع المغربي الثقافية.
ب ـ إشاعة حقوق الإنسان بين أفراد المجتمع، حتى يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ج ـ السعي إلى تحقيق التصور التربوي البديل، للتربية السائدة، الهادفة إلى إعادة إنتاج نفس الممارسة التربوية / المخزنية، التي تنتج أجيالا ممخزنة، وقابلة بتكريس الممارسة المخزنية في المجتمع.
د ـ السعي إلى تقديم نمط بديل، للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والقطع النهائي مع التصور التنموي، الذي يقوده التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف، الذي يسعى إلى الاستحواذ على كل شيء.
فالعمل الجمعوي، كالعمل النقابي، يصير في خدمة مصالح المجتمع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ما لم ينحرف. فإذا انحرف، يتم توظيفه لخدمة مصالح النخبة الذكية / الفاسدة / العميلة، التي تدوس كل ما يعترض طريقها، من أجل تحقيق التطلعات الطبقية.
وهكذا، نكون قد وقفنا، في موضوعنا، حول النخبة التي تقوم بممارسة كافة أشكال الخبث، في حق المواطنين، انطلاقا من مسؤوليتها في الأجهزة النقابية، للنقابات اللا مبدئية، وفي بعض أجهزة النقابات المبدئية، من الذين تمرسوا على خيانة المبادئ، ويسعون إلى تحويل النقابة المبدئية، على نقابة لا مبدئية، بسبب ممارستهم الخبيثة، في علاقتهم بإدارة القطاع، وبشغيلة ذلك القطاع، وفي حق المنتمين إلى الجمعيات اللا مبدئية، والمستهدفين بها، والمنتمين إلى الجمعيات المبدئية، والمستهدفين بها، بسبب ممارستهم الخبيثة، التي لا تستهدف، كذلك، إلا تحقيق تطلعات النخبة الطبقية، التي تمارس العمالة الطبقية، والعمالة لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، على مفهوم النخبة، ومفهوم ذكاء النخبة، وعلى المستويات التي تتحرك فيها النخبة، وكيف تتم محاصرة قوة ذكاء / فساد النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من الكوارث، التي تقف وراء هذه النخبة الذكية / الفاسدة، والعمل من أجل سد الطريق أمام استغلال النخبة، لذكائها، ضد مصالح الشعب المغربي، على مستوى أجهزة الدولة، وعلى مستوى الأحزاب السياسية، وعلى مستوى النقابات، وعلى مستوى الجمعيات.
والغاية من تناولنا لموضوع النخبة الذكية / الفاسدة، هي لفت انتباه الرأي العام المغربي، والعربي، وفي ظل الحراك المغربي، والعربي، إلى أن المصائب التي يعيشها الشعب المغربي، بما فيها مصيبة التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، التي يعاني منها الشعب المغربي، لا يمكن أن تعتبر إلا نتيجة لممارسات هذه النخبة، التي لا تكن، ولو ذرة احترام، لأبناء الشعب المغربي. فهذه النخبة الذكية / الفاسدة في أجهزة الدولة الرأسمالية التابعة، وفي أجهزة الأحزاب السياسية اللا مبدئية، وفي أجهزة النقابات، التي تمارس نخبتها الفساد في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي أجهزة الجمعيات التي تمارس نخبتها الفساد، في حق المنتمين إليها، تعتبر نفسها أذكى ما في المجتمع. وبقية أفراد المجتمع، ليسوا إلا بلداء، لا علاقة لهم بذرة، ولو بسيطة، من الذكاء، مما جعلها تعطي الحق لنفسها في التلاعب بمصائر أفراد المجتمع.
وكونها تقف وراء الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يعرفها الشعب المغربي، لا يعني أنها هي المسؤولة وحدها، عن الوقوف وراء الكوارث المذكورة. ذلك أن المسؤولية الأولى، والأخيرة، تأتي في إطار الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي فرضتها الطبقة الحاكمة، بقوة الحديد، والنار، وتعتبر النخبة الفاسدة، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات، مجرد إفراز لتلك الاختيارات، لنصل إلى أن المسؤول الأول، عن فساد النخبة، وعن استمرارها في ذلك الفساد، هو الطبقة الحاكمة؛ لأنها هي المستفيد الأول، من فساد النخبة. وفساد النخبة، من فسادها.
فهل تعيد الطبقة الحاكمة النظر في اختياراتها؟
وهل تعمل على وضع حد لفساد نخبتها؟
وهل تسعى إلى إقامة دولة الحق، والقانون، كإطار لوضع حد لفساد النخبة؟
إن الشعب المغربي، لم يعد يتحمل المزيد من الفساد، والمزيد من استمرار فساد النخبة الذكية / الفاسدة، وسوف يعمل إن عاجلا، أو آجلا، على مساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة النخبة الذكية / الفاسدة، أنى كانت هذه النخبة.
فهذه النخبة، تعتبر نفسها هي صاحبة الحل، والعقد، سواء تعلق الأمر بالنسبة لنخبة الحكم، التي لا تولي أية أهمية للشعب المغربي، الذي يعتبر هو الأحق بأن يصير مصدرا للسلطات، أو تعلق بالنخبة الحزبية، التي لا تعطي أية قيمة للقواعد الحزبية، إذا استثنينا قلة منها، أو بالنخبة النقابية، التي صارت تتاجر في تدخلها، من أجل تسوية وضعيات أفراد الشغيلة الإدارية، إذا استثنينا النقابيين الشرفاء، أو النخبة الجمعوية، التي تتخذ العمل الجمعوي مطية لنسج علاقات مشبوهة مع الإدارة، لتحقيق التطلعات الطبقية، إذا استثنينا الجمعيات الجادة، والمسؤولة.
وهذه النخبة، تعتبر نفسها أذكى من في المجتمع. وهذا الذكاء الزائد، إن كان هناك ذكاء فعلا، هو الذي يعطي الحق لهذه النخبة، من أجل أن تفعل ما تشاء، سواء كانت متحملة للمسؤولية في أجهزة الدولة، أو في الأحزاب، أو في النقابات، أو في الجمعيات، لتجعل مصير الشعب المغربي بين يديها، حتى توظف لصالح تحقيق تطلعاتها الطبقية.
والفساد الذي تسعى حركة 20 فبراير إلى إسقاطه، والذي يشمل الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، هو عين الفساد الذي تنتجه هذه النخبة، في مختلف إدارات الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات ،هو عين الفساد الذي تنتجه هذه النخبة الذكية، والتي تتقن استغلالها للمسؤوليات، من أجل تحقيق تطلعاتها الطبقية، التي تنقلها إلى احتلال أماكنها، في تكتل التحالف الطبقي البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، الناهب لثروات الشعب المغربي.
فما المراد بالنخبة؟
وماذا نعني بذكاء النخبة؟
وما هي المستويات التي تتحرك فيها هذه النخبة؟
وما هي الأمراض المتفشية في أوساط هذه النخبة؟
وما العمل من أجل تتبع، وفضح، ومحاصرة ممارساتها على جميع المستويات؟
وما المراد بذكاء النخبة؟
وما هي مستويات هذا الذكاء؟
وما هي الغاية من قيام هذه النخبة بتوظيف ذكائها؟
كيف يتم محاصرة قوة ذكاء النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من الكوارث، التي تقف وراءها هذه النخبة؟
ما مصير واقع الشعب المغربي، بالتخلص من الكوارث التي تقف وراءها النخبة الذكية؟
ما العمل من أجل سد الطريق، أمام استغلال النخبة لذكائها، ضد مصالح الشعب المغربي؟
ـ على مستوى أجهزة الدولة؟
ـ على مستوى الأحزاب السياسية؟
ـ على مستوى النقابات؟
ـ على مستوى الجمعيات؟
فالنخبة التي نتكلم عنها، هي فئة من المجتمع، تصل بطريقة، أو بأخرى، إلى مراكز المسؤولية في أجهزة الدولة، أو في قيادات الأحزاب السياسية، أو في قيادات النقابات، أو في قيادات الجمعيات، لفرض الممارسة البيروقراطية في أجهزة الدولة، أو في القيادة الحزبية، أو النقابية، أو الجمعوية، مادامت الممارسة البيروقراطية، هي الوسيلة المثلى، التي تمكنها من فرض رأيها، الذي لا يخدم إلا مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وقطع الطريق أمام إمكانية سريان الرؤى النقيضة، التي قد تأتي من هنا، أو هناك، على مستوى أجهزة الدولة، ومؤسساتها المختلفة، وعلى مستوى الأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات، حتى تصير النخبة المشار إليها، هي صاحبة الحل، والعقد، على كل المستويات المذكورة.
ومن أهم ما تتميز به هذه النخبة، هو كونها تدعي الذكاء الزائد، الذي لا تقابله إلا البلادة الزائدة، التي يتصف بها الذين لا رأي لهم، على مستوى أجهزة الدولة، أو على مستوى قواعد الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، من وجهة نظر النخبة الذكية، التي تبني ممارستها على قاعدة البقاء للأقوى، التي تدفع بها إلى القول بأنها قوية بذكائها، وعلى قاعدة البقاء للأصلح، التي تدفع بها كذلك إلى القول بأنها هي الأصلح لذكائها. وبما أن غيرها بليد، فإن من حقها أن تجعله في خدمة مصالحها.
والذكاء هنا، لا يعني إلا إتقان طريقة انتهاز الفرص، لتحقيق الأهداف المتعلقة بالتسلق، على جميع المستويات: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ليصير الذكاء بذلك مساويا للممارسة الانتهازية، في أبشع صورها، التي لا تخدم إلا مصالح أفرد نخبة السلطة، أو الأحزاب، أو النقابات، أو الجمعيات، وغيرها، فحيثما كانت هناك نخبة، كان هناك ذكاء، وكانت هناك انتهازية، وكان هناك تحقيق للتطلعات الطبقية، وكان هناك تهميش للشعب، ولقواعد الأحزاب، والنقابات، والجمعيات. والتهميش لا ينتج إلا الفقر، والبؤس، والشقاء، وعدم إيجاد حلول للمشاكل القائمة في الواقع، والتي تقف وراء المصير المظلم، لعموم كادحي الشعب المغربي، وطليعتهم الطبقة العاملة.
والنخبة التي هي موضوع حديثنا، تتحرك على مستويين رئيسيين:
أولا: المستوى العمودي، الذي يبدأ من أعلى الأجهزة، ويمتد ليشمل أدناها، سواء تعلق الأمر بأجهزة الدولة، أو أجهزة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، حتى تصير نخبة الأجهزة الدنيا، في خدمة مصالح نخبة الأجهزة العليا، وفي خدمة مصالحها هي، في نفس الوقت.
ثانيا: المستوى الأفقي، حيث تنتشر هذه النخبة، الحاملة للممارسة الانتهازية، في كل أماكن تواجد أجهزة الدولة المختلفة، وحيثما تواجدت أجهزة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، تلك الأجهزة التي توظفها النخبة الذكية، لخدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، لتتحول النخبة، ومعها الأجهزة، إلى وسيلة لممارسة الابتزاز، على المعنيين بتلك الأجهزة، من أجل تلقي الخدمات الضرورية، للحياة اليومية، ولنهب ثروات الشعب المغربي، ومالية الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بسبب التمرس على استغلال النفوذ.
وهذان المستويان المشار إليهما سابقا، يعتمدان في تصنيف النخبة على:
أولا: نخبة أجهزة الدولة، وأجهزة الجماعات المحلية، التي تتفنن في الارتشاء، وفي نهب ثروات الشعب المغربي، وفي استغلال النفوذ، وفي السطو على ممتلكات الشعب المغربي، وفي اعتماد علاقات المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، لتقديم الخدمات للمواطنين، بعيدا عن القاعدة، وبعيدا عن الاستحقاق، وغير ذلك، مما يؤدي إلى جعل جميع أفراد الشعب في خدمتهم، لتحقيق تطلعاتهم الطبقية.
ثانيا: نخبة الأجهزة الحزبية، التي تتفنن في عمالتها لنخبة أجهزة الدولة، من أجل أن تصير مختارة في الانتخابات المزورة، لشغل عضوية البرلمان، أو عضوية أحد المجالس الحضرية، أو القروية، حيث يستغل تلك العضوية، للوصول إلى مركز القرار، من أجل الاحتيال على نهب ثروات الشعب المغربي، إلى جانب الاحتيال على نهب ثروات الحزب، والاحتيال على المواطنين، من أجل ممارسة الابتزاز عليهم، وجعلهم في خدمة تحقيق تطلعاتهم الطبقية.
ثالثا: النخبة النقابية، المتواجدة في الأجهزة النقابية، اللا مبدئية، أو حتى تلك التي تنص في أدبياتها على ضرورة احترام مبادئ معينة، والتي تستغل الأجهزة في ثلاثة اتجاهات:
ا ـ اتجاه احتلال مراكز نقابية معينة على المستوى الوطني، حتى ترفع تلك المراكز مكانة النخبة الانتهازية النقابية، أمام المسؤولين في القطاع، محليا، وإقليميا، وجهويا، ووطنيا، حتى تحتل النخبة الانتهازية مكانة مهمة، وأساسية أمامهم، مما يجعلها تحظى بالامتيازات التي تقدم لها من قبلهم، كما تحظى بإمكانية رفع مستوى الابتزاز، الذي تمارسه على المعنيين بالعمل النقابي.
ب ـ اتجاه احتلال المراكز المتقدمة أمام الإدارة المعنية، بخطاب نقابي معين، من أجل ممارسة الضغط عليها، لمضاعفة الامتيازات المقدمة إلى نخبة هذا الاتجاه، حتى تحتل مكانة معينة، في المجال الذي يتحرك فيه.
ج ـ اتجاه تكثيف التواصل مع المعنيين بالعمل النقابي، من أجل أن يتضاعف الذين يتعرضون لممارسة الابتزاز عليهم، من أجل تسوية أوضاعهم الإدارية، التي كان بالإمكان العمل على أن يقوم المعنيون بتسويتها، بدون الحاجة إلى النخبة النقابية، التي تحولت، في معظمها، إلى نخبة مرتشية.
وهذه النخبة النقابية، وبهذه الممارسة المتعددة الأوجه، هي التي أفسدت العمل النقابي جملة، وتفصيلا، مما جعل المعنيين بالنقابة، أي نقابة، يفقدون ثقتهم بها.
ثالثا: نخبة الأجهزة الجمعوية، التي تنقسم إلى نخبة جمعوية ثقافية، ونخبة جمعوية حقوقية، ونخبة جمعوية تربوية، ونخبة جمعوية تنموية.
فالنخبة الجمعوية الثقافية، قد تكون مقتنعة بالتوجه الثقافي الرسمي، لتسعى بذلك إلى إعادة إنتاج نفس القيم الثقافية الرسمية، المدجنة للشعب، والتي تجعل منه مجرد مجال لتكريس الاستغلال الهمجي على كادحيه. وفي هذه الحالة، فالنخبة الجمعوية لا تختلف عن نخبة الدولة الفاسدة، كما لا تختلف عن نخبة الأحزاب، والنقابات الفاسدة، لتصير هي بدورها فاسدة، توظف العمل الجمعوي، لتحقيق تطلعاتها الطبقية، من خلال عمالتها لكل رموز الفساد، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية. وقد تكون مقتنعة بالعمل على إنتاج القيم الثقافية البديلة للقيم الثقافية السائدة، لتصير بذلك النخبة الجمعوية الثقافية، نخبة مناضلة، تنبذ من بين صفوفها كل أشكال العمالة الطبقية، وتصير بذلك مخلصة لأبناء الشعب، وتناضل من أجلهم.
والنخبة الجمعوية الحقوقية، قد تكون، هي بدورها، إما متبنية لوجهة النظر الرسمية، في مجال حقوق الإنسان، لتصير بذلك عميلة لنخبة أجهزة الدولة الفاسدة، ولنخبة الأحزاب، والنقابات الفاسدة. وهذه النخبة الجمعوية الحقوقية، لا يهمها تحقيق احترام حقوق الإنسان الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، بقدر ما تحرص على توظيف العمل الحقوقي، لخدمة تحقيق تطلعاتها الطبقية. وإما مبدئية في ممارستها، والعمل على خدمة حقوق الإنسان، عن طريق التعريف بها، وإشاعتها بين المواطنين، وتوعيتهم بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، وتوعيتهم، كذلك، بضرورة الانخراط في النضال من أجل فرض احترامها.
والنخبة الجمعوية التربوية، قد تكون مهووسة بإعادة إنتاج القيم التربوية الرسمية، لإرضاء النخبة في أجهزة الدولة الرسمية، من أجل أن يصير ذلك وسيلة لقيام النخبة الجمعوية التربوية، بممارسة العمالة لنخبة أجهزة الدولة الفاسدة، من أجل الحصول على امتيازات معينة، تمكن نخبة العمل الجمعوي التربوي، بتحقيق تطلعاتها الطبقية، وقد تكون مبدئية، ومناضلة، تعمل على إشاعة القيم التربوية المتقدمة، والمتطورة، والهادفة إلى إنشاء إنسان حر، وديمقراطي، وعادل، في ممارسته، وفي علاقاته، وفي قيمه، وفي كل ما يقوم به. ذلك أن النخبة الجمعوية المناضلة، تستطيع أن تنجز الكثير، من خلال الجمعيات التربوية، التي تستطيع أن تقدم تصورا تربويا بديلا، لنشأة الإنسان المغربي، إذا هي حرصت على أن تقيم حدا فاصلا بين العمل الجمعوي التربوي، وبين تفشي الممارسة الانتهازية، بين ممارسي العمل الجمعوي التربوي، مادامت الممارسة الانتهازية هي المدخل الرئيسي لتحريف العمل الجمعوي التربوي، عن مساره المنتج للقيم التربوية البديلة، ومن أجل قطع الطريق أمام العمل الجمعوي التربوي الانتهازي، الذي أفسد جمعيات تربوية أخرى.
والنخبة الجمعوية التنموية، التي قد تكون إما منتجة للعمل التنموي، الذي لا يتجاوز أن يكون مجرد إعادة إنتاج التصور الرسمي لنخبة أجهزة الدولة، في مجال التنمية، التي لا تخدم إلا مصالحها، ومصالح الطبقة الحاكمة، ومصالح الأجهزة المخزنية، والرأسمال المحلي، والعالمي. والنخبة الجمعوية التنموية، التي لا يمكن أن تكون إلا عميلة لنخبة أجهزة الدولة، وملتزمة بالأخذ بتعليماتها، ومسخرة للمشاريع التنموية في خدمة مصالحها الطبقية، حتى تحصل من تلك النخبة على المزيد من الامتيازات، وقد تكون نخبة الجمعيات التنموية، كذلك، ملتزمة بمبادئ العمل الجمعوي التنموي، ومناضلة من أجل ترسيخ تنمية حقيقية، تنعكس إيجابا على الواقع الجماهيري، من خلال الإخلاص في إنجاز المشاريع الممولة، والحرص على أن يصير ذلك الإنجاز في خدمة جماهير الكادحين. وهذه النخبة، ومن هذا النوع، لا يمكن أن ترسخ مفهوم التنمية البديل، إذا لم تقطع مع الممارسة الانتهازية، أنى كان مصدرها، في مجال العمل الجمعوي التنموي، ومع العمالة، تجاه نخبة أجهزة الدولة، على جميع المستويات، بما فيها المستوى المحلي؛ لأن من شأن العمالة، إذا تسربت إلى العمل الجمعوي التنموي البديل، فإنها تعمل على تخريبه. والانتهازية عندما تصير من سمات العاملين في العمل الجمعوي التنموي، تصير وسيلة لجعل العمل الجمعوي التنموي في خدمة مصالح الانتهازيين.
فالنخبة تتحرك في عدة مستويات: مستوى أجهزة الدولة، ومستوى الأحزاب، ومستوى النقابات، ومستوى الجمعيات. وهي إما أن تكون عميلة لأجهزة الدولة، مما يجعلها تقف وراء انتشار أشكال الفساد في المجتمع، وإما أن تكون مبدئية، فلا تصير إلا في خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة، نظرا لاقتناعها بذلك.
وبالنسبة للأمراض المتفشية في أوساط النخبة اللا مبدئية، فإنها تتمثل في:
أولا: كون هذه النخبة اللا مبدئية، منتجة للممارسة الانتهازية، التي تعتبر مصدرا لكل الأمراض التي تعرفها أجهزة الدولة، على المستوى الوطني، كما تعرفها أجهزة الأحزاب العميلة لأجهزة الدولة، والنقابات اللا مبدئية، والجمعيات اللا مبدئية، وغيرها من الجمعيات، التي تتفشى بين نخبتها الممارسة الانتهازية.
ثانيا: كونها تحرص على خدمة مصالحها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ولا تهتم أبدا بمصالح المواطنين، سواء تعلق الأمر بالنخبة المتحملة لمسؤوليات أجهزة الدولة، أو بالنخبة المتحملة لمسؤوليات الأحزاب العميلة لأجهزة الدولة، أو النخبة المتحملة لمسؤوليات النقابات، والجمعيات اللا مبدئية. فالمواطنون بالنسبة إليهم، هم مجرد احتياطي، يتم اللجوء إليه في الانتخابات، التي تجري كل خمس، أو ست سنوات. وهم مجرد أناس، عليهم أن يدفعوا الرشوة إلى النخبة العاملة، في مختلف الإدارات، وأن يلجأ إلى المحسوبية، والزبونية، إن هو أراد أن يحقق مكاسب معينة، قد تكون غير مشروعة.
ثالثا: كونها تختار أن تصير عميلة لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة، حتى تصير عمالتها وسيلة لتمكينها من الامتيازات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والتي تساعدها على تحقيق تطلعاتها الطبقية المادية بالخصوص. وهو ما يجعل النخبة العميلة، نخبة منبطحة أمام أرباب النعم، التي تغدق عليها.
رابعا: كونها تمارس الاستخفاف بالمواطنين، الذين لا يملكون إلا قوة عملهم، من منطلق أنهم لا يستطيعون تقديم الامتيازات لنخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، إضافة إلى نخبة أجهزة الدولة المختلفة، مما يجعل المواطنين ضحايا ممارسات مختلف النخب، التي تمهد الطريق أمام تفعيل الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، باعتبارها اختيارات لا تخدم إلا مصالح التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف، ومجموع الطبقات العميلة للتحالف المذكور.
خامسا: كونها تلجأ إلى القيام بالممارسات اللا مشروعة، كالتهريب، والاتجار بالمخدرات، والقيام بالوساطات، ونهب ثروات الشعب المغربي، والتحايل على نهب أموال الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بطريقة، أو بأخرى، مما يجعلها نخبة فاسدة بالدرجة الأولى. وفسادها هذا، هو الذي يقف وراء انتشار الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي خرب الواقع المغربي، وحال دون قيام مستقبل تتوفر فيه شروط إمكانية تحقيق الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، التي بدونها لا تتحقق كرامة الإنسان المغربي.
ونظرا لتفشي هذه الأمراض المشار إليها، في نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، فإننا لا ننتظر من هذه النخبة إلا إنتاج الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، وأكثر مما هو حاصل الآن، إن لم يتم التخلص من هذه النخب البذيئة، والمنحطة، والمتخلفة، والتي لا ترى إلا نفسها.
وللتخلص من ممارسات هذه النخبة، لا بد من:
أولا: فضح ممارساتها، حتى تصير معروفة عند عامة الناس، حتى تصير منبوذة عند الجميع، سواء تعلق الأمر بممارسات نخبة الدولة، أو نخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، أو تعلق بالنخبة ذات الطابع المحلي، أو الإقليمي، أو الجهوي، أو الوطني.
ثانيا: القيام بحملة توعوية وطنية، في صفوف المواطنين، على اختلاف مستوياتهم، بهدف الوعي بخطورة الممارسات التي تنتجها نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب المستفيدة من الوضع المتردي القائم، ونخبة النقابات، والجمعيات اللا مبدئية، من أجل جعل المواطنين ينخرطون في فضح ممارسات النخب المذكورة، والشروع في محاربتها، حتى يتأتى للمواطنين اكتساب المناعة، ضد كل الممارسات المسيئة إلى المواطن، وإلى كرامته، مما يجعل النخبة الفاسدة تراجع نفسها، وتتوقف عن إنتاج الفساد، الذي يتضرر منه المواطنون، وخاصة نخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، التي يفترض فيها وقوفها إلى جانب المواطنين، في تضررهم من ممارسة نخبة أجهزة الدولة، وعملها، من أجل وضع حد للشروط القائمة، التي تجعل نخبة أجهزة الدولة فاسدة.
ثالثا: القيام بحملات، للمطالبة بمحاسبة النخبة الفاسدة في أجهزة الدولة، ومحاكمتها، إذا ثبت في حقها قيامها بممارسة الفساد، ومحاسبة النخبة الحزبية الفاسدة، من قبل الإطارات الحزبية، المسؤولة عن المحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية، في حق النخبة الحزبية الفاسدة، حتى تصير الأحزاب منتجة فعلا للنخبة الحزبية المبدئية، والمناضلة، والمطالبة بمحاسبة النخب النقابية الفاسدة، في الإطارات النقابية المعنية بتلك المحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية، ضد الممارسات التي تسيء إلى النقابة، والنقابيين، حتى تصير النخبة النقابية مبدئية قولا، وعملا، والمطالبة بمحاسبة النخبة الجمعوية الفاسدة، من قبل الإطارات الجمعوية المعنية بالمحاسبة، واتخاذ الإجراءات الزجرية كذلك، حتى تصير النخبة الجمعوية نخبة مبدئية مناضلة، في ظل الوعي القائم، ومن أجل أن تصير الجمعيات مناضلة فعلا: قولا، وعملا.
رابعا: إنشاء جهاز لمراقبة الخروقات، التي ترتكبها نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، وتوثيق تلك الخروقات، حسب الزمان، والمكان، والأشخاص، والعمل على القيام بالإجراءات الضرورية، لوضع حد لها، وتوعية المواطنين بخطورتها، وإعدادهم لمحاربتها، والنضال من أجل عدم تكرارها، وإصدار تقرير سنوي يبقى شاهدا على تاريخها، أملا في أن يبقى شاهدا على تاريخها، أملا في أن يبقى ذلك التقرير مرجعا للعاملين على مناهضتها.
والقيام بهذه الإجراءات، يعتبر ضروريا، لمحاصرة الممارسات البذيئة، والمنحطة، التي تقوم بها النخبة في مستوياتها المختلفة.
والمراد بذكاء النخبة، هو الكيفية التي يتم بها إتقان الحيل، التي تلجأ النخبة إلى استعمالها، للوصول إلى تكريس مختلف الخروقات، التي يصير ارتكابها عرفا، في علاقة النخبة الفاسدة، والذكية جدا، بالمواطنين الأغبياء، ما دامت تلك الحيل تؤدي إلى جعل المواطنين البسطاء، في خدمة مصالح النخبة الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ولذلك، فالذكاء، باعتباره إتقانا للحيل، يعتبر وسيلة مثلى، وعملة صعبة، يتم التعامل بها في مختلف أجهزة الدولة، وفي علاقة تلك الأجهزة بالمواطنين البسطاء، على جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، بهدف إذلال المواطنين، ودوس كرامتهم، وجعلهم يشعرون بأنهم لا يساوون شيئا، أمام تشكيلة النخبة العاملة في أجهزة الإدارة المغربية، والمسؤولة عنها، وكذلك نجد أن ذكاء النخبة، يعتبر عملة صعبة، تلجأ إلى استعمالها نخبة الأحزاب السياسية، في علاقتها بالقواعد الحزبية، وبالمواطنين البسطاء، من أجل جعلهم في خدمة مصالح النخبة الحزبية، التي توظف نفس العملة الصعبة، في علاقتها بنخبة الأجهزة الإدارية للدولة، باعتبارها وسيلة للتواصل معها، لخدمة المصالح المشتركة فيما بينها، وذكاء النخبة يعتبر أيضا عملة صعبة، بيد نخبة النقابات، في علاقتها بالقواعد النقابية، التي تصير في خدمة مصالحها، إن كانت لها قواعد، كما يعتبر أيضا عملة صعبة، بيد نخبة الجمعيات، التي توظفها في علاقتها بقواعدها، من أجل إعدادهم للقبول بذلك الذكاء، كواقع لا مفر منه، وكممارسة تهدف إلى جعل النقابات، والجمعيات تنفر المواطنين من الارتباط بالعمل النقابي، مهما كانت الضرورة إليه، ومن العمل الجمعوي، مهما كانت الضرورة إليه، كذلك، وهو ما يؤكد أن النخبة المغربية، في مستوياتها المختلفة، لا تفكر إلا فيما يخدم مصالحها، التي تمكنها من تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما يجعلها تلجأ إلى مختلف الحيل، التي تؤدي إلى ذلك، في علاقتها فيما بينها، وفي علاقتها بالمواطنين البسطاء، وبالأغبياء من القواعد الحزبية، والنقابية، والجمعوية، الذين يلجأون، كذلك، إلى اعتماد الحيل، وإتقان اعتماد الحيل، لتحقيق التطلعات الطبقية، هو الذي نسميه ذكاء النخبة المغربية، الذي يقف وراء هذا التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي يعاني منه عموم الشعب المغربي.
وهذا الذكاء، وبهذا المفهوم، الذي حاولنا توضيحه، الذي تتميز به النخبة المغربية، يتخذ عدة مستويات، تختلف باختلاف نوعية النخبة المعتمدة للذكاء.
ولذلك نجد أن مستويات هذا الذكاء الذي وضحناه، تتمثل في:
أولا: مستوى ذكاء النخبة العاملة في مختلف أجهزة الدولة المغربية، والمسؤولة عنها، والتي تتقن جيدا كيف تهين كرامة المواطن المغربي، وكيف تمارس الإهانة بطريقة، أو بأخرى، في حق نخب الأحزاب، والنقابات، والجمعيات.
ثانيا: مستوى ذكاء نخب الأحزاب المسؤولة عنها، والتي تتقن كيفية إهانة القواعد الحزبية، ودوس كرامتهم، إضافة إلى إلحاق الإهانة بجموع المواطنين، حتى لا يفرزوا من بينهم، من يسعى إلى جعل النخبة الحزبية، رهن إشارة القواعد الحزبية، ورهن إشارة المواطنين البسطاء.
ثالثا: مستوى ذكاء النخبة النقابية، والمسؤولة عنها، والتي تتقن كيفية إهانة، وإذلال القواعد النقابية، وإخضاعها لخدمة مصالح النخبة النقابية، بما يساهم في تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية بالخصوص، ويساهم، كذلك، في تشجيع النخبة النقابية، على ممارسة عمالتها لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة، في نفس الوقت.
رابعا: مستوى ذكاء النخبة الجمعوية، الذي يسعى إلى إذلال العاملين في العمل الجمعوي، وجعلهم يضعون أنفسهم رهن إشارة النخبة الجمعوية، سعيا إلى جعلهم يحققون مصالحهم الطبقية، ويشجعهم، كذلك، على ممارسة العمالة لنخبة أجهزة الدولة، وللطبقة الحاكمة كذلك.
وهكذا نجد أن مستويات ذكاء النخبة المغربية، ما هي إلا مستويات فساد هذه النخبة، التي تكلف الشعب المغربي الإصابة بالكثير من الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، بسبب الفساد الذي تمارسه النخبة المغربية، من الشمال، إلى الجنوب، ومن الشرق، إلى الغرب، تلك الكوارث التي يؤدي ضريبتها عموم المواطنين، والعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وكل المستهدفين بالعمل النقابي، والعمل الجمعوي، في مستوياته المختلفة، الذين صاروا يفقدون الثقة في أجهزة الدولة التنفيذية، والتشريعية، والقضائية، كما لم يعودوا يثقون في الأحزاب، والنقابات، والجمعيات، بسبب ما تمارسه نخبها المختلفة، التي لا هم لها إلا خدمة مصالحها الطبقية، مما يجعلها لا تلتفت أبدا إلى الشعب المغربي، وإلى المعنيين بالعمل النقابي، والعمل الجمعوي.
والغاية من قيام هذه النخبة بتوظيف ذكائها / فسادها، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات التي تفتقد فيها المبدئية، تتمثل في:
أولا: جعل إهانة المواطنين، والقواعد الحزبية، والنقابية، والجمعوية، قاعدة تسري على الجميع، باستثناء النخب في مستوياتهم المختلفة، الذين يدبرون عملية الإهانة، وبأساليب مختلفة، من أجل جعل الشعب المغربي يتقبل ممارسة الإهانة، والإذلال، بشكل طبيعي، وكأن الإهانة، والإذلال، قدر لا مفر منه، وكأن جعل مختلف القطاعات الشعبية، في خدمة مصالح النخبة، في مستوياتها المختلفة، قدر لا بد منه.
ثانيا: إعادة تربية المواطنين، تربية تنسجم مع ما تسعى النخبة، في مستوياتها المختلفة، إلى تحقيقه، في إطار تكريس الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي يعتبر تكريسها وسيلة مثلى، لخدمة مصالح النخبة، في مستوياتها المختلفة، بعد خدمة مصالح الطبقة الحاكمة، والمؤسسة المخزنية، والرأسمال المحلي، والعالمي، والمؤسسات المالية الدولية، والشركات العابرة للقارات، حتى يتأتى للنخبة أن تجعل من المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، وسيلة ناجعة لممارسة التسلق الطبقي، من أجل التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي / المخزني المتخلف.
ثالثا: جعل المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، يتقبلون العراقيل التي تختلقها النخبة، للإيغال في الإذلال، والإهانة، من أجل القبول بالخضوع المطلق للنخبة، وتقديم المزيد من الخدمات لصالحها، واعتبار الخضوع المطلق، وسيلة ناجعة للتعامل مع النخبة، في مستوياتها المختلفة، حتى يتأتى للنخبة أن تحتل مكانة رفيعة، في علاقتها بمن يتحكم فيها، وبالمسؤولين من نخبة أجهزة الدولة، وبالمواطنين الذين صار قبول الإذلال، والمهانة، والخضوع، من سماتهم.
رابعا: جعل المواطنين، بقطاعاتهم المختلفة، يقبلون ممارسة ابتزاز النخبة، سواء تعلق الأمر بابتزاز نخبة أجهزة الدولة للمواطنين، أو بابتزاز نخبة الأحزاب للقواعد الحزبية، وللمواطنين على حد سواء، أو بابتزاز النخبة النقابية للمستهدفين بالعمل النقابي، أو بابتزاز النخبة الجمعوية للمستهدفين بالعمل الجمعوي. فالقبول بالابتزاز (دفع الرشوة)، يعتبر هو الوسيلة، لحل المشكل الآني، وهو الوسيلة لتحقيق التطلعات الطبقية، على مستوى النخب المختلفة.
وهذه الغاية المتمثلة في إهانة المواطنين، كقاعدة، وتربيتهم على ما ينسجم مع ما تريده النخبة، وجعلهم يقبلون بالابتزاز الممارس عليهم، بالإضافة إلى قبول العراقيل التي توضع في طريقهم، هي التي تعتبر وسيلة لنقل النخبة الدولتية، أو الحزبية، أو النقابية، أو الجمعوية، إلى الطبقات الأعلى. فذكاء النخبة، إذن، لا يوازيه إلا بلادة المواطنين، والمعنيين بالعمل النقابي، وبالعمل الجمعوي. وهذا الذكاء لا يوازيه إلا الفساد، الذي تنتجه النخبة. والبلادة لا تعني إلا القبول بالفساد المستشري في الواقع الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، الذي لا يمكن أن يكون إلا من إنتاج نخبة أجهزة الدولة، ونخبة الأحزاب السياسية، ونخبة النقابات اللا مبدئية، أو التي تحولت إلى نقابات لا مبدئية، ونخبة الجمعيات اللا مبدئية، أو التي تحولت إلى جمعيات لا مبدئية.
وتتم محاصرة قوة / ذكاء / فساد النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من كوارثها، التي تصيب الشعب المغربي في الصميم ب:
أولا: تشكيل هيئات مبدئية، ومناضلة، لمحاربة كافة أشكال الفساد الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب، وفي النقابات، وفي الجمعيات التي تقف وراء انتشار الفساد بأشكاله المختلفة، على أن تتمتع تلك الهيئات، بالحق في عرض ملفاتها على القضاء، الذي يقول كلمته في مرتكبي كل أشكال الفساد، الذي يتمتع بالحق في تقديم ملفات ممارسي الفساد، أمام القضاء، حتى يقول كلمته في الفاسدين، أنى كان لونهم، أو جنسهم، أو معتقدهم، أو الطبقة التي ينتمون إليها، أو لغتهم... إلخ.
ثانيا: وضع برنامج ثقافي، وإعلامي، وتعليمي، لتوعية المواطنين، ولتربية الناشئة على إدراك خطورة اللجوء إلى ممارسة الفساد، والقبول به، على مستقبل الشعب المغربي، وعلى ضرورة التدخل التلقائي لفضحه، وفضح ممارسيه، أنى كانوا، ومهما كان مستواهم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، وكيفما كان هذا المستوى في أجهزة الدولة، سعيا إلى جعل التفكير في إنتاج الفساد غير وارد. وعرض الحالات المضبوطة على هيئات محاربة الفساد، التي تشكل لهذه الغاية، حتى تقوم بدورها اللازم.
ثالثا: الامتناع التلقائي عن ممارسة الفساد، أو الاستجابة لممارسته: اقتصاديا، واجتماعيا، وثقافيا، حتى يبقى الوازع الأخلاقي، موجها لممارسة الفرد، أي فرد، سواء كان ينتمي إلى النخبة، أو مواطنا عاديا، مما يجعل ممارسة الفساد تختفي بصفة تلقائية.
رابعا: اعتماد مظاهر الفساد المختلفة، وخطورتها على الأجيال الصاعدة، والكوارث التي تتسبب فيها، بالنسبة للمجتمع، وكيفية مواجهتها أخلاقيا، واجتماعيا، وإنسانيا، وقانونيا، مادة للتدريس، في جميع المستويات الدراسية، حتى يتمكن المواطن الناشئ من المعرفة بخطورة مظاهر الفساد، من أجل اكتساب المناعة النظرية، وعلى مستوى الممارسة ضد الفساد المخرب للواقع، في مظاهره المختلفة.
خامسا: تخصيص أجهزة إعلامية مرئية، ومسموعة، ومقروءة، وإليكترونية، لمحاربة مظاهر الفساد، وفضح المفسدين، والإخبار بالجهات الممارسة له، وبما ترتب عن ممارسته، من آثار سلبية على الواقع.
فقوة / ذكاء / فساد النخبة، لا يمكن التخلص منه، إلا بشن حرب مجتمعية، ضد إنتاج الفساد، مهما كانت الجهة المنتجة له، من أجل تخليص المجتمع، والأحزاب السياسية، والنقابات، والجمعيات، من ممارسيه، سعيا إلى إيجاد مجتمع، وأحزاب، ونقابات، وجمعيات، بدون فساد.
ومعلوم أن واقع الشعب المغربي، سيعرف تحولا مهما، وأساسيا، بالتخلص من الفساد، وما يتسبب فيه من كوارث، تقف وراءها النخبة القوية / الذكية / الفاسدة، التي لا تعرف إلا من أين تؤكل الكتف.
وهذا التحول سوف يتجلى في:
أولا: تمتيع الشعب المغربي بالحرية: حرية الإنسان، والأرض، وجعله يسعى إلى تمكين أفراده بالتمتع بالحق في الاختيار الحر، والنزيه، الذي لا يألو جهدا في أن يجعل الشعب المغربي سيد نفسه، ومصدرا للسلطات الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، من منطلق أن حرية الفرد امتداد لحرية الشعب، وأن حرية الشعب تتمثل في الفرد، الذي لا يتحرك إلا ضمن ما هو مسطر في الدستور الديمقراطي الشعبي، الذي يجسد الإرادة الشعبية، ومن القوانين المنسجمة مع الدستور، والمتلائمة معه، والمتلائمة، كذلك، مع المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، التي لا بد أن يكون الدستور الديمقراطي الشعبي متلائما معها، حتى تصير الحرية الفردية مشروطة باحترام حرية الشعب، المضمونة دستوريا، وقانونيا، وحقوقيا.
ثانيا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي، بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، كما هي في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وكما هي في المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان، وفي جميع الاتفاقيات المتفرعة عن تلك المواثيق، بما فيها اتفاقية إلغاء كافة أشكال التمييز ضد المرأة، واتفاقية حقوق الطفل، وغيرها من الاتفاقيات، التي صادق عليها المغرب، ورفع تحفظاته عن بعض بنودها، مما يجعل الطريق معبدا في اتجاه تمكين جميع أفراد الشعب المغربي يتمتعون بحقوقهم العامة، والخاصة، وفي مقدمتها حق تقرير المصير، الذي يمكن الشعب المغربي من أن يصير مصدرا للسلطات، بتقرير مصيره الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي؛ لأنه بدون امتلاك الشعب المغربي لحق تقرير المصير، يكون محروما من ذلك الحق، مما يجعله غير قادر على أن يصير مصدرا للسلطات، ومما يجعل أفراد الشعب المغربي، غير متمتعين بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية.
ثالثا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي بالكرامة الإنسانية، التي يجب أن تصير مكفولة دستوريا، وقانونيا، وفي العلاقة مع نخبة أجهزة الدولة المختلفة، وأجهزة الأحزاب السياسية وأجهزة النقابات وأجهزة الجمعيات، لأنه بدون الكرامة الإنسانية، يبقى الإنسان المغربي مهدور الكرامة ومهانا، ولا يرقى، في علاقته بالنخبة، في مستوياتها المختلفة، إلى مستوى الإنسان.
ولذلك، فتمتيع جميع أفراد الشعب المغربي، بالكرامة الإنسانية، لا يتأتى إلا من خلال قيام النخبة، في مستوياتها المختلفة، باحترام تلك الكرامة. وكل من خدشها، وأهان أي فرد من أفراد الشعب المغربي، يحاسب على ذلك، بما في ذلك قيام الرجل بإهانة المرأة، وخاصة إذا كانت تلك الإهانة تستهدف الحط من الكرامة الإنسانية، التي تلغي إنسانية الإنسان.
رابعا: تمتيع الشعب المغربي بالالتزام بالممارسة الديمقراطية، التي تحل محل الاستبداد، وتكون بمضامينها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية، التي تجعلها حاضرة في الممارسة اليومية للمواطنين، وعلى جميع المستويات الاجتماعية، بما فيها المعاملة بين المواطنين، قبل الوصول إلى قيام دستور ديمقراطي شعبي، وقبل إجراء انتخابات حرة، ونزيهة، لا وجود فيها لشيء اسمه الفساد السياسي، حتى يتمكن المواطنون من اختيار ممثليهم، اختيارا حرا، ونزيها، ومن أجل أن تصير الديمقراطية، فعلا، هي المدخل الحقيقي لتكريم الإنسان، ولجعله يحتل مكانة سامية، كإنسان، على أرض الواقع، وفي النسيج الاجتماعي، بما في ذلك العلاقة بين أفراد الأسرة، كخلية اجتماعية / ديمقراطية.
خامسا: تمتيع جميع أفراد الشعب المغربي بالعدالة الاجتماعية، التي تعتبر شرطا لتحقيق الديمقراطية، ولتمتيع الشعب بالحرية؛ لأنه، لا ديمقراطية بدون عدالة اجتماعية، ولا حرية بدون عدالة اجتماعية، ولا عدالة اجتماعية بدون ديمقراطية، وبدون حرية، كما أنه لا حرية بدون ديمقراطية، ولا ديمقراطية بدون حرية، وبالحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، تتحقق الكرامة الإنسانية.
ولذلك، فإن تحقيق العدالة الاجتماعية، لا يعني إلا حفظ الكرامة الإنسانية لأبناء الشعب المغربي، الذين يقدمون الكثير، من أجل أن تتحقق كرامتهم الإنسانية، بما في ذلك قوافل الشهداء، الذين قضوا، من أجل أن تتحقق كرامة أبناء الشعب المغربي.
وانطلاقا مما رأينا، فإن الكوارث التي تقف وراءها النخبة الذكية / الفاسدة، سوف تختفي بتحقيق الحرية، بعد القضاء على العبودية، والديمقراطية، بعد القضاء على الاستبداد، والعدالة الاجتماعية، بعد القضاء على الاستغلال الهمجي، ليصير المغاربة، بذلك، يتمتعون بحفظ كرامتهم، التي تأتي في سياق تمكينهم من التمتع بالحقوق الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية. وهو ما يترتب عنه الانتقال بالشعب إلى الانخراط في مدارج التقدم الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، مما يصنف الشعب المغربي إلى جانب الشعوب المتقدمة، والمتطورة.
ولأجل قطع الطريق أمام استغلال النخبة لذكائها / فسادها، ضد مصالح أبناء الشعب المغربي، نرى أنه من الضروري العمل على:
أولا: على مستوى الدولة، بأجهزتها المختلفة، والتي تعج بكل أشكال الفساد الإداري، الذي يعتمد المحسوبية، والزبونية، والإرشاء، والارتشاء، والوساطات، واستغلال النفوذ، ونهب الثروات العمومية، والسطو على ممتلكات الشعب المغربي، وغير ذلك من أشكال الفساد الإداري، إلى جانب تدبير عملية الفساد السياسي.
ونخبة الدولة، بأجهزتها المختلفة، التي تشرف على كل أشكال الفساد السياسي، وتدبره، وتمارس كافة أشكال الفساد الإداري المذكور، يجب إخضاع ممارستها للمراقبة الشعبية، والمراقبة الموكولة إلى الجمعيات الحقوقية، وكل التنظيمات الحزبية، والنقابية المناضلة، التي تدفع في اتجاه محاسبة هذه النخبة، ومحاكمتها، على ما يثبت في حقها، سعيا إلى تنظيف إدارة الدولة، بأجهزتها المختلفة، من كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي.
ثانيا: على مستوى الأحزاب السياسية، بأجهزتها المختلفة، ذات الطبيعة البورجوازية، أو الإقطاعية، أو البورجوازية الصغرى، أو اليمينية، أو اليمينية المتطرفة، المؤدلجة للدين بصفة عامة، وللدين الإسلامي بصفة خاصة، والتي تعودت على إنتاج الفساد، في العلاقة فيما بين الأجهزة الحزبية، وفي العلاقة مع القواعد الحزبية، وفي العلاقة مع المواطنين، وفيما بين الأحزاب، نظرا لكونها لا تتأسس على احترام مبادئ معينة، بقدر ما تتأسس على العلاقات الانتهازية، الهادفة إلى خدمة المصالح الفردية، التي تقف وراء تحقيق التطلعات الطبقية. فهذه الأحزاب الفاسدة في الأصل، لا يمكن أن تنتج إلا الفساد. ولذلك تجدها دائما تبارك كل أشكال الفساد الإداري، والسياسي، الذي تنتجه أجهزة الدولة المختلفة.
وإذا وجدنا أفرادا من أحزاب مبدئية، ومناضلة، ضد كل أشكال الفساد، ينتجون ممارسة الفساد في الواقع، فإن هؤلاء الأفراد، مسؤولين عن الفساد الذي ينتجونه، باعتبارهم حزبيين، ليحطوا من قيمة أحزابهم المناضلة.
فبالنسبة للأحزاب الفاسدة نخبتها، فإن على المواطنين، والجمعيات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، أن يعملوا على فضح ممارسة نخبة الأحزاب الفاسدة، في صفوف الجماهير الشعبية، المعانية من فسادها، وأن يطالبوا بمحاسبتها، ومحاكمتها، على ما تنتجه من فساد إداري، من خلال تواجدها في المجالس الجماعية، ومن فساد سياسي على مدار السنة، ومن خلال الانتخابات الجماعية، أو البرلمانية، سعيا إلى جعل الأحزاب الفاسدة، تعيد النظر في نخبة ممارسة نخبتها، وتشرع في إعادة النظر في تواجد تلك النخبة، ضمن الأحزاب التي يرجى أن تتخلص من الفساد بصفة نهائية، أو العمل على حلها، إن كانت أحزابا إدارية، أو حزبا للدولة، من منطلق أن أحزابا من هذا النوع، لا تتشكل إلا من الفاسدين أصلا، سعيا إلى التخلص من فسادها.
أما الذين يمارسون الفساد في الواقع، والذين ينتمون إلى الأحزاب المناضلة، فإن على أحزابهم أن تتخلص منهم، لكونهم يسيؤون إلى سمعتها، وعلى المواطنين، والجمعيات الحقوقية، ومنظمات المجتمع المدني، أن تعمل على فضح ممارساتهم، وأن تسعى إلى إقرار محاسبتهم، ومحاكمتهم على ما يصدر عنهم، في حق المواطنين، سعيا إلى تخليص المجتمع من الفساد الذي ينتجونه.
ثالثا: على مستوى النقابات المبنية على أساس أن تصير منتجة للفساد، باعتبارها لا مبدئية، أو أريد لها أن تصير لا مبدئية، حيث نجد أن نخبتها الذكية / الفاسدة، تعمل على توظيف العمل النقابي، في علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، المرتبطين بالنقابة القطاعية، والمركزية، وفي علاقتا بنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، لخدمة تحقيق تطلعاتها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ونظرا لكون النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، تحظى بمكانة رفيعة لدى النخبة الذكية / الفاسدة، في أجهزة الدولة، وفي إدارة قطاع معين من قطاعات الدولة، وعلى جميع المستويات: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، فإن تدخلها لصالح الأفراد من العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي جميع القطاعات الاجتماعية، وقطاعات الدولة، يصير بمقابل، يتناسب مستواه المادي، مع طبيعة المشكل الفردي القائم، بدعوى أن النقابي يقوم بدور الوسيط بين العامل، أو المأجور، أو الكادح، وبين من يشغله، أو الجهة التي يشتغل عندها، وهو ما يقتضي دفع قيمة الرشوة، بالإضافة إلى العمولة، التي تبقى عادة بجيب النقابي / الوسيط. وهو ما يعني قيام المسؤولين النقابيين، بممارسة الابتزاز / الاستغلال الهمجي، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وبممارسة الابتزاز على المشغل، أو الجهة المشغلة، من أجل تشجيعه، أو تشجيعها على الاستغلال المبالغ في الهمجية، على العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ونظرا لكون النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، المشكلة لأجهزة النقابات الفاسدة، تمارس كافة أشكال الفساد، في علاقتها بالعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي علاقتها بالمشغل، وبالجهات المشغلة، فإن هذه النخبة الذكية / الفاسدة، لا يمكنها أن تعبئ العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، لكون ذلك يتناقض مع كونها تحرص على تحقيق تطلعاتها الطبقية، وتحافظ على جودة علاقتها مع المشغل، ومع الجهات المشغلة. ولذلك فهي تعمل، باستمرار، على تضليل العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، حتى لا يلتفتوا إلى أوضاعهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية المتردية، والتي تجعلهم يعيشون البؤس في أبشع صوره.
وبالنسبة للنقابات المبدئية، والمخلصة في خدمتها للعمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، فإنها لا تعرف في أجهزتها القائمة نخبة ذكية / فاسدة، بقدر ما تصير نخبتها رهن إشارة العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، غير أن ذلك لا ينفي ظهور أفراد أذكياء / فاسدين، من النخبة النقابية المبدئية، في هذا القطاع النقابي، أو ذاك، وخاصة في قطاع التعليم، حيث يمارسون ثلاثة أشكال من العمالة:
ا ـ العمالة للأجهزة النقابية الوطنية، أو للعناصر الذكية / الفاسدة منها بالخصوص، حتى تكتسب شرعية الحماية النقابية، للتصرف اللا مبدئي، باسم النقابة المبدئية.
ب ـ العمالة للنخبة الذكية / الفاسدة في أجهزة الدولة، التي تصير، بالنسبة إلى هذه العناصر الفاسدة، مكسبا أساسيا، يزيل كل الصعوبات التي تقف في طريقهم، من أجل مضاعفة المكاسب المادية، التي يحصلون عليها.
ج ـ العمالة لإدارة القطاع، التي تقدم الكثير من الامتيازات لعملائها، المنتمين إلى النقابة المبدئية، حتى يحموا أنفسهم منها، وحتى يضعوا العاملين في القطاع، أمام واقع نخبة النقابة المبدئية، التي فضلت أن تصير عميلة للنخبة الذكية / الفاسدة، للقطاع المعني بالعمل النقابي القطاعي.
وهذه النخبة العميلة، المنتمية إلى النقابة المبدئية، التي اختارت أن تصير فاسدة، في إطار نقابة مبدئية، ونظيفة، لا تستحضر، في ممارستها الخبيثة، أنها تنتمي إلى نقابة مبدئية، ونظيفة، كما لا تستحضر أنها تسيء إلى النقابة، والعمل النقابي، وأنها تقف وراء تقليص الانخراط في النقابة، وأنها تساهم في عملية الانقسام داخل النقابة، على المستوى الوطني، وأنها تكرس ممارسة السمسرة، بين النخبة الذكية / الفاسدة في إدارة القطاع، وبين ذوي الحاجة من العاملين في القطاع، إلى تسوية أوضاعهم المادية، وعدم استحضارها لكل ذلك، ناتج عن كونها تعتبر نفسها ذكية / فاسدة، ذكاء / فسادا لا يرقى إليه، أبدا، أي عامل في القطاع. وهذا الذكاء / الفساد، هو الذي يعطيهم الحق، في أن يصيروا عملاء، بالمعنى الواسع لمفهوم العمالة، وأن يمارسوا كافة الممارسات الخبيثة، التي يحققون، عن طريقها، تطلعاتهم الطبقية، في حق النقابة المبدئية، وفي حق العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين.
ولمحاربة ممارسة النخبة النقابية الذكية / الفاسدة، المتواجدة في أجهزة النقابات الفاسدة، فإن على النقابيين، والعاملين في مختلف القطاعات الاجتماعية، أن يعمل على فضح الفساد النقابي، والقائمين به، وأن يعوا مدى خطورة ذلك الفساد على المجتمع المغربي، وعلى مستقبل أبنائه، وعلى مستقبل الشغيلة بصفة عامة، والشغيلة القطاعية بصفة خاصة، وأن يسعوا إلى مساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة النخبة الذكية / الفاسدة، المسيطرة على أجهزة النقابة الفاسدة، إلى أن يختفي الفساد النقابي، وتتحول النقابات الفاسدة، إلى نقابات مبدئية، أو تعمل على حل نفسها، حتى لا تقف أمام إنتاج عمل نقابي مبدئي صحيح.
أما محاربة العناصر الفاسدة، من نخبة النقابة المبدئية، فإن على النقابيين أن يعملوا على:
ا ـ فضح هذه العناصر جماهيريا، وإعلاميا، لمحاصرة ممارستها، وقطع الطريق أمام إمكانية استمرارها، في إنتاج الفساد النقابي، لتحقيق تطلعاتها الطبقية.
ب ـ المطالبة بأن تتخذ النقابة المبدئية، التي ينتمون إليها، القرارات الزجرية في حقهم، بما في ذلك طردهم من النقابة، إن لم يتوقفوا عن إنتاج الفساد النقابي، الذي يتوج بالعمالة للعناصر الفاسدة، من النخبة النقابية المبدئية، وإلى النخبة الفاسدة في أجهزة الدولة المغربية، وإلى النخبة الفاسدة في إدارة القطاع الاجتماعي، الموازي للقطاع النقابي، سعيا إلى تنظيف النقابة المبدئية، من العناصر الفاسدة من نخبتها.
ج ـ المطالبة بمساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة العناصر الفاسدة، من نخبة النقابة المبدئية، حتى تتوقف هذه العناصر عن إنتاج الفساد النقابي.
وحتى يحافظ هؤلاء على إمكانيتهم داخل النقابة، فإنهم لا يعملون على توسيع القواعد النقابية، وعلى تمثيلية كل المؤسسات الاجتماعية، والإنتاجية، والخدماتية، في المجالس النقابية، وأن الذين يتم تمكينهم من الانخراط، أو تجديد الانخراط، ليسوا إلا من الذين يكونون موالين للعناصر الفاسدة، من النخبة النقابية المتواجدة في أجهزة النقابة المبدئية.
رابعا: على مستوى نخبة الجمعيات، التي يمكن التعامل معها على مستويين: مستوى نخبة الجمعيات اللا مبدئية، ومستوى الجمعيات المبدئية.
فنخبة الجمعيات اللا مبدئية الذكية / الفاسدة، التي تسعى إلى توظيف العمل الجمعوي اللا مبدئي، لخدمة مصالحها الطبقية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، مما لا علاقة له بإرادة قواعد هذه الجمعيات، حتى وإن كانت لا مبدئية، من أجل أن تسعى نخبتها إلى القيام بكل الممارسات، باسم الجمعيات، وباسم العمل الجمعوي، مادامت تلك الممارسات تخدم التطلعات الطبقية لهذه النخبة، حتى وإن كانت تلحق الضرر بالجماهير الشعبية الكادحة.
ونخبة الجمعيات اللا مبدئية الذكية / الفاسدة، تتسم بمجموعة من السمات، التي تجعلها تحقق مبتغاها، ومن هذه السمات نذكر:
ا ـ أنها نخبة بيروقراطية، تتحكم في الجمعيات، التي توجد في أجهزتها، بيد من حديد، حتى توظفها في الاتجاه الذي تشاء، مما يجعلها تسرع في تحقيق ما تريد، من وراء وجودها في أجهزة الجمعيات.
ب ـ أنها لا مبدئية: لا ديمقراطية، ولا تقدمية، ولا جماهيرية، ولا مستقلة؛ لأن مبادئ كهذه، لا تسمح لها بتحقيق تطلعاتها الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ج ـ أنها تتصف بالعمالة لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، من منطلق أن تلك العمالة، تساعدها على توظيف العمل الجمعوي في الاتجاه الذي تريد، كما تمكنها من تلقي الامتيازات، التي لا حدود لها، وتلقي دعم العمل الجمعوي، الذي يصير في خدمة مصالحها.
د ـ أنها تتخذ العمل الجمعوي، سلما لشد الرحال، تجاه الأحزاب المكونة للتحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف، التي أريد لها أن تصير مسيطرة على الجماعات المحلية، والعمل على نهب ثروات تلك الجماعات، باعتبارها ثروات الشعب المغربي، ومن منطلق أنها تصير وسيلة لوصول النخبة الجمعوية، حتى تصير وسيلة لتحقيق التموقع، إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف.
وهذه السمات، وغيرها، مما لم نأت على ذكره، هي التي تجعل نخبة العمل الجمعوي الذكية / الفاسدة، تعتبر قواعد الجمعيات، وسائر أفراد الشعب المغربي، يتصفون بالبلادة، التي لا حدود لها، وأن ذكاء نخبة الجمعيات اللا مبدئية، هو الذي يصلح للاستفادة من البلداء، الذين لا قيمة لهم.
وبالنسبة للجمعيات المبدئية، فإن نخبتها لا تكون إلا مبدئية: ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، لا تسعى إلا إلى خدمة مصالح الجماهير الشعبية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، إلا أن ذلك لا يمنع من ظهور عناصر من نخبتها، ذكية فاسدة، تسعى إلى توظيف العمل الجمعوي المبدئي، لخدمة مصالحها، التي تمكنها من تحقيق تطلعاتها الطبقية.
وهذه العناصر، لا تشكل القاعدة في العمل الجمعوي المبدئي، بقدر ما تشكل الاستثناء، وتتسم بنفس سمات نظيرتها في العمل الجمعوي اللا مبدئي، بسعيها، كذلك، إلى التموقع إلى جانب التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف.
ولمحاربة نخبة العمل الجمعوي اللا مبدئي، لا بد من:
ا ـ فضح ممارسات هذه النخبة الذكية / الفاسدة، جماهيريا، وإعلاميا، والمطالبة بمساءلتها، ومحاسبتها، ومحاكمتها، من \أجل تطهير العمل الجمعوي منها، من أجل تحويل الجمعيات اللا مبدئية، إلى جمعيات مبدئية.
ب ـ القيام بمحاصرة الجمعيات اللا مبدئية، وعدم التعامل معها، وعدم الانخراط فيها، ومحاربة الممارسات التي تقوم بها النخبة باسمها، وفضح عمالتها لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، ومقاومة ما يترتب عن تلك العمالة من امتيازات، تصير في خدمة المصالح الطبقية، لنخبة العمل الجمعوي الذكية / الفاسدة : العميلة.
ج ـ الدفع في اتجاه جعل قواعد الجمعيات اللا مبدئية، يسعون إلى تحويل الجمعيات التي ينتمون إليها، إلى جمعيات مبدئية، حتى يتمكنوا من ممارسة حقهم في مراقبة نخبتها، ومحاسبة تلك النخبة، والمطالبة بمحاكمتها، على ما تقترفه في حق العمل الجمعوي من كوارث.
د ـ قيام قواعد الجمعيات اللا مبدئية، بعد العمل على تحويلها إلى جمعيات مبدئية، باتخاذ الإجراءات الزجرية، في حق نخبتها، بعد إخضاعها للمساءلة، والمحاسبة.
وبهذه الإجراءات، وغيرها، يتم تحقيق هدفين أساسيين:
الهدف الأول: وضع حد لتوظيف العمل الجمعوي، لتحقيق التطلعات الطبقية، حتى تصير نخبة العمل الجمعوي، نخبة في خدمة مصالح الجماهير الشعبية الكادحة.
والهدف الثاني: تحويل العمل الجمعوي اللا مبدئي، إلى عمل جمعوي مبدئي، في خدمة مصالح الجماهير الشعبية المعنية بالعمل الجمعوي، عن طريق تحويل الجمعيات اللا مبدئية، إلى جمعيات مبدئية.
وبالنسبة للعناصر الفاسدة من نخبة الجمعيات المبدئية، فإن على المعنيين بعمل تلك الجمعيات، أن يعملوا على:
ا ـ فضح تلك العناصر، والنضال من أجل تحقيق قطع الطريق، أمام استغلالها للعمل الجمعوي المبدئي.
ب ـ مطالبة الجمعيات المبدئية، باتخاذ الإجراءات الضرورية، والزجرية، في حق تلك العناصر.
ج ـ فضح عمالة العناصر الفاسدة، من نخبة العمل الجمعوي المبدئي، لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة.
د ـ المطالبة بمساءلة هذه العناصر الفاسدة، من نخبة العمل الجمعوي المبدئي، ومحاسبتها، ومحاكمتها، من أجل تحصين الجمعيات المبدئية، من تسرب الفساد إلى صفوفها.
وانطلاقا من هذه الإجراءات، فإنه يمكن أن تصير الجمعيات المبدئية محصنة، حتى تقوم بدورها لصالح الجماهير، من أجل تحقيق:
ا ـ قيم ثقافية جادة، تعمل على محاربة القيم الفاسدة، لتحقيق وحدة المجتمع المغربي الثقافية.
ب ـ إشاعة حقوق الإنسان بين أفراد المجتمع، حتى يتمكنوا من المطالبة بحقوقهم الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية.
ج ـ السعي إلى تحقيق التصور التربوي البديل، للتربية السائدة، الهادفة إلى إعادة إنتاج نفس الممارسة التربوية / المخزنية، التي تنتج أجيالا ممخزنة، وقابلة بتكريس الممارسة المخزنية في المجتمع.
د ـ السعي إلى تقديم نمط بديل، للتنمية الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، والقطع النهائي مع التصور التنموي، الذي يقوده التحالف البورجوازي / الإقطاعي المخزني المتخلف، الذي يسعى إلى الاستحواذ على كل شيء.
فالعمل الجمعوي، كالعمل النقابي، يصير في خدمة مصالح المجتمع: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، ما لم ينحرف. فإذا انحرف، يتم توظيفه لخدمة مصالح النخبة الذكية / الفاسدة / العميلة، التي تدوس كل ما يعترض طريقها، من أجل تحقيق التطلعات الطبقية.
وهكذا، نكون قد وقفنا، في موضوعنا، حول النخبة التي تقوم بممارسة كافة أشكال الخبث، في حق المواطنين، انطلاقا من مسؤوليتها في الأجهزة النقابية، للنقابات اللا مبدئية، وفي بعض أجهزة النقابات المبدئية، من الذين تمرسوا على خيانة المبادئ، ويسعون إلى تحويل النقابة المبدئية، على نقابة لا مبدئية، بسبب ممارستهم الخبيثة، في علاقتهم بإدارة القطاع، وبشغيلة ذلك القطاع، وفي حق المنتمين إلى الجمعيات اللا مبدئية، والمستهدفين بها، والمنتمين إلى الجمعيات المبدئية، والمستهدفين بها، بسبب ممارستهم الخبيثة، التي لا تستهدف، كذلك، إلا تحقيق تطلعات النخبة الطبقية، التي تمارس العمالة الطبقية، والعمالة لنخبة أجهزة الدولة الذكية / الفاسدة، على مفهوم النخبة، ومفهوم ذكاء النخبة، وعلى المستويات التي تتحرك فيها النخبة، وكيف تتم محاصرة قوة ذكاء / فساد النخبة، لتخليص أبناء الشعب المغربي من الكوارث، التي تقف وراء هذه النخبة الذكية / الفاسدة، والعمل من أجل سد الطريق أمام استغلال النخبة، لذكائها، ضد مصالح الشعب المغربي، على مستوى أجهزة الدولة، وعلى مستوى الأحزاب السياسية، وعلى مستوى النقابات، وعلى مستوى الجمعيات.
والغاية من تناولنا لموضوع النخبة الذكية / الفاسدة، هي لفت انتباه الرأي العام المغربي، والعربي، وفي ظل الحراك المغربي، والعربي، إلى أن المصائب التي يعيشها الشعب المغربي، بما فيها مصيبة التخلف الاقتصادي، والاجتماعي، والثقافي، والسياسي، التي يعاني منها الشعب المغربي، لا يمكن أن تعتبر إلا نتيجة لممارسات هذه النخبة، التي لا تكن، ولو ذرة احترام، لأبناء الشعب المغربي. فهذه النخبة الذكية / الفاسدة في أجهزة الدولة الرأسمالية التابعة، وفي أجهزة الأحزاب السياسية اللا مبدئية، وفي أجهزة النقابات، التي تمارس نخبتها الفساد في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وسائر الكادحين، وفي أجهزة الجمعيات التي تمارس نخبتها الفساد، في حق المنتمين إليها، تعتبر نفسها أذكى ما في المجتمع. وبقية أفراد المجتمع، ليسوا إلا بلداء، لا علاقة لهم بذرة، ولو بسيطة، من الذكاء، مما جعلها تعطي الحق لنفسها في التلاعب بمصائر أفراد المجتمع.
وكونها تقف وراء الكوارث الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والسياسية، التي يعرفها الشعب المغربي، لا يعني أنها هي المسؤولة وحدها، عن الوقوف وراء الكوارث المذكورة. ذلك أن المسؤولية الأولى، والأخيرة، تأتي في إطار الاختيارات اللا ديمقراطية، واللا شعبية، التي فرضتها الطبقة الحاكمة، بقوة الحديد، والنار، وتعتبر النخبة الفاسدة، في أجهزة الدولة، وفي الأحزاب السياسية، وفي النقابات، وفي الجمعيات، مجرد إفراز لتلك الاختيارات، لنصل إلى أن المسؤول الأول، عن فساد النخبة، وعن استمرارها في ذلك الفساد، هو الطبقة الحاكمة؛ لأنها هي المستفيد الأول، من فساد النخبة. وفساد النخبة، من فسادها.
فهل تعيد الطبقة الحاكمة النظر في اختياراتها؟
وهل تعمل على وضع حد لفساد نخبتها؟
وهل تسعى إلى إقامة دولة الحق، والقانون، كإطار لوضع حد لفساد النخبة؟
إن الشعب المغربي، لم يعد يتحمل المزيد من الفساد، والمزيد من استمرار فساد النخبة الذكية / الفاسدة، وسوف يعمل إن عاجلا، أو آجلا، على مساءلة، ومحاسبة، ومحاكمة النخبة الذكية / الفاسدة، أنى كانت هذه النخبة.