" النهار الزين تيبان من صباحو"


حميد المهدوي
الأحد 28 أغسطس/أوت 2011


استمرار اعتقال 16 مجازا معطلا، فقط،، لأنهم طالبوا بالوظيفة العمومية، ورفض السراح المؤقت لمدير جريدة، اعتقل في ملف عرف القاصي والداني طبيعته الانتقامية، وكذا الحكم القاسي في حق نقابيان توبعا في ملف جنائي شهد العالم أن غايته تركيع مدينة صامدة مند سنوات، علاوة على الزج بهما في سجن بعيد جدا عن اسرهم الفقيرة، مع الشهادات الواردة من تولال حول تعرض بعض السلفيين للاغتصاب، ثم تسخير بلطجية مدججين بالسيوف لترهيب مواطنين في وقفات أحتجاجية ذات مطالب مشروعة بتازة وسيدي الطيبي بالقنيطرة، كلها رسائل سياسية سيئة للغاية، وكأن أصحابها يقولون للمغاربة : قدركم أن تكونوا كما أردنا لكم حتى ولو اشتعل الكون ثورات.


استمرار اعتقال 16 مجازا معطلا، فقط،، لأنهم طالبوا بالوظيفة العمومية، ورفض السراح المؤقت لمدير جريدة، اعتقل في ملف عرف القاصي والداني طبيعته الانتقامية، وكذا الحكم القاسي في حق نقابيان توبعا في ملف جنائي شهد العالم أن غايته تركيع مدينة صامدة مند سنوات، علاوة على الزج بهما في سجن بعيد جدا عن اسرهم الفقيرة، مع الشهادات الواردة من تولال حول تعرض بعض السلفيين للاغتصاب، ثم تسخير بلطجية مدججين بالسيوف لترهيب مواطنين في وقفات أحتجاجية ذات مطالب مشروعة بتازة وسيدي الطيبي بالقنيطرة، كلها رسائل سياسية سيئة للغاية، وكأن أصحابها يقولون للمغاربة : قدركم أن تكونوا كما أردنا لكم حتى ولو اشتعل الكون ثورات.
المصيبة التي مابعدها مصيبة، أن كل هذه الفظائع جرت وتجري والسادة البرلمانيين خارج التغطية، وكأن كبوري ونيني وشنو وِأولائك السلفيين والمعطلين والمحتجين ليسو بمغاربة.
إن اللغط السياسي، الذي يجري، اليوم، في المغرب حول الانتخابات القادمة بما هي محطة حاسمة في تاريخنا السياسي المعاصر، يقول دعاتها بان الشعب المغربي (سيتنقل) بعدها ، إلى مصاف الشعوب الديمقراطية، يصبح لاغيا وعقيما أمام الفضائع السالف ذكرها، ومادام السادة البرلمانييون، الفائزون ب"إذن الشكارة والمقدم" في الإنخابات القادمة، غارقين في سلبيتهم ويديرون ظهرهم لانتظارات الأمة وقاضاياها الحيوية، وماداموا بعيدين عن المعركة الدائرة رحاها في الشوارع المغربية مند 20 فبراير الماضي .
في كل تجارب الإصلاح والإنتقال الديمقراطي كان البرلمان هو تلك القاطرة التي ترسي دعائم الإصلاح والجهاز الذي يعيد الأمور إلى نصابها القانوني، والساحة الحاضنة لحرب التحرير الشعبية و كذا للمعارك الديمقراطية .
ففي انجلترا "القرن السادس عشر" ساهم البرلمان في إقرار السيادة العليا عبر لجم سلطة الكنيسة وإخضاعها لسلطة الملك، كما اشرف البرلمان على الإصلاح الديني بالتوفيق بين البروتستانتية والكاتوليكية، حيث غدت الكنيسة الانجليكانية بروتيستانية العقيدة وكاتوليكية المظهر، وناضل البرلمانيون على الحصانة وحصلوا عليها سنة 1604 مما مكنهم من التخلص من المتابعة القانونية الفردية، وطالبوا في الفترة ذاتها الملك شارل الأول، بضرورة موافقة مجلس العموم على جباية الضرائب وتحصيل القروض وعدم إجبار الناس على إيواء الجنود في منازلهم في ظروف الحرب وتطبيق القانون على نظام الاعتقال.
وفي بلد فيكتور هيكو، لم يختلف المشهد كثيرا، حيث لعب البرلمان دورا حيويا ومركزيا، أتناء رغبته تحويل ملكية لويس الرابع عشر والسادس عشر، إلى ملكية برلمانية دستورية، فنادى البرلمانيون بتغيير نمط الاقتراع للتصويت، عن طريق الأفراد وليس عن طريق الهيئات، ودعوا هيئتي النبلاء والإكلروس للانضمام إليهم، وبعد أن أصبح للبرلمانيين أغلبية مريحة، أعلنوا في 1789، عن تحويل الهيئات العامة إلى مجلس تشريعي جديد أطلقت عليه اسم "الهيئة الوطنية" مبدعين بذلك سلطة حقيقية للأمة، محققين حلم مونتيسكيو التاريخي بفصل السلط عبر سلطة تنفيذية للملك وسلطة تشريعية للبرلمان.
عندما نستحضر هذا التاريخ المجيد للبرلمان الفرنسي والإنجليزي ونستعيد دورهما الحازم والحاسم، في الوقوف مع الأمة وإلى جانب قضاياها العالقة، ونربط كل ذلك ،بالتجربة المغربية، حيث المواطنين من قاده منهم حظه العاثر إلى مقرات الامن يدبح بمحاضر لا يرى منها المعتقل سوى جزء صغير على الجانب العلوي من الصفحة مخصص للتوقيع على المدبحة، ثم نتذكر أحد البرلمانيين بجهة سيدي قاسم الذي عمره ربما بعمر البرلمان عندما طالب في إحدى دورات المجلس المذكور ببناء سجن في منطقته وهو الذي لم يطرح سؤالا في يوم من الأيام على مدار حضوره/نومه بالبرلمان المغربي نصاب بالقرف والغثيان.
إن العلم فقط بان أولائك البرلمانيين الفرنسيين/الإنجليز كانوا رجال قانون مروا معظمهم من الجامعات ومؤسسات القضاء في وقت نجد فيه عندنا معظم البرلمانيين أميين جاؤوا إلى الجهاز "التشريعي" عبر شراء الذمم والمتاجرة في مآسي المواطنين يسقط العجب ويذكي لدينا القناعة أكثر بأن القطار القادم من العصور البائدة والمتوجه إلى العصور الديموقراطية سيتأخر عن موعده كثيرا.
رحم الله من أبدع ذلك الشعار:
"بيعوا البرلمان في المزاد العلني.. والعباسيين كلاو الفلوس وخلاو الشعب كيعاني".

مقالات ذات صلة