تعتبر رخص التعمير على اختلاف انواعها ، المرآة الحقيقية لسياسة التعمير وتهيئة المجال الى جانب كونها المعيار العملي والفعلي لنجاح أو فشل أية سياسة عمرانية ، وذلك ان المباني القائمة والتجزئات المؤثتة للنسيج المعماري يكفي لتعكس بمفردها مدى تحقق متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية وتوفر مواصفات الجمالية من عدمه ، وكل ذلك يرتبط ارتباطا وثيقا بالرخصة المحصل عليها وكيفية الحصول عليها .
وفي هذا السياق تلعب الوكالات الحضرية باعتبارها " جهازا فنيا / تقنيا " من المفروض فيه ان يتوفر على العنصر البشري ذي المؤهلات والاختصاص في مجال التعمير والتهيئة الحضرية من جهة ،وباعتبارالقيمة القانونية التي منحها اياها المشرع فيما يتعلق بالزامية رأيها ( ..) لرؤساء المجالس الجماعية أصحاب القرار النهائي ، غير انه ما زالت الضبابية تلف عمل الوكالات والسبب في ذلك يرجع فيما يرجع فيه الى الطابع العمومي للنص التشريعي الذي اعتمد عبارات تكاد تكون فضفاضة ، مما لم يتم معه التحديد الدقيق لدور الوكالات الحضرية فيما يتعلق بتسليم رخص التعمير ، كما ان المشاكل الذاتية العديدة التي تتخبط فيه الوكالات الحضرية أو تلك التي تواجهها يوميا سواء من خلال علاقتها مع باقي المتدخلين في مجال التعمير ، او تلك الناتجة عن سوء التسيير ومزاجية التدبير وديكتاتورية اتخاذ القرار لبعض المديرين وغيرها من العراقيل والصعوبات كلها اسباب ومسببات للفوضى التي تعرفها الوكالات الحضرية بصفة تكاد تكون عامة وقبل التطرق لجانب من هذه المشاكل التي تعوق السير العادي للوكالات الحضرية لابد في البداية من استعراض اختصاصات الوكالات الحضرية .
يمكن تقسيم مهام ووظائف الوكالات الحضرية في مجال التعمير والتهيئة العمرانية الى قسمين رئيسيين : القسم الأول عام ويندرج في اطار المشاركة الى جانب فاعلين ومتدخلين اخرين في وضع التوجهات العامة للسياسة الحكومية في ميدان التعمير ، وكذا مراقبة تنفيذها داخل نفوذها الترابي بهدف ترشيد وضبط استعمال المجال الحضري ، وبالتالي الحد من الاستغلال العشوائي له ، الى جانب لعبها " دور المايسترو " للتنسيق بين مختلف المتدخلين على المستوى المحلي ، في حين ان القسم الثاني فني بالاساس ، اذ تتولى فيه الجماعات المحلية تقديم الاستشارة التقنية لجماعات محلية بوصفها صاحبة القرار ، وذلك قبل البث في طلبات الحصول على رخص التعمير بصفة عامة .
الاختصاص العام للوكالات الحضرية والذي تناولته المادة 3 من الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 51-93-1 الصادر بتاريخ 10/9/1993 والمتعلق باحداث الوكالات الحضرية ، في حين اكتفت المادتين 2و5 من نفس الظهير بالرأي الذي تبديه الوكالة الحضرية في المشاريع المتعلقة بتقسيم وتجزئة الاراضي واقامة المجموعات السكنية والمباني ، ومراقبة تنفيذ هذه المشاريع .
كما أن مذكرة وزارة الداخلية عدد 344 وتاريخ 7/9/1993 الصادرة قبيل صدور الظهير المذكور اعلاه ، والتي حددت اختصاصات الوكالات الحضرية في المهام التالية :
1- القيام بالدراسات اللازمة لاعداد المخططات التوجيهية المتعلقة بالتهيئة الحضرية ومتابعة تنفيذ التوجيهات المحددة فيها .
2- برمجة مشاريع التهيئة المرتبطة بتحقيق الاهداف التي ترمي اليها المخططات التوجيهية .
3- تحضير مشاريع وثائق التعمير المقررة بنصوص تنظيمية خصوصا خرائط التنسيق ومخططات التهيئة ومخططات التنمية .
4- ابداء الرأي في جميع المشاريع المتعلقة بتقسيم وتجزئة الاراضي واقامة المجموعات السكنية والمباني ذلك داخل اجل اقصاه شهر ابتداءا من توجيه تلك المشاريع اليها من قبل الجهات المختصة ، ويكون الرأي الذي تبديه في ذلك ملزما .
5 – مراقبة اعمال تقسيم وتجزئة الأراضي وإقامة المجموعات السكنية والمباني عندما تكون في طور الانجاز وذلك للتحقق من مطابقتها لاحكام النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ولرخص التجزيء او التقسيم واقامة المجموعات السكنية او البناء المسلمة لأصحاب الشأن.
6- القيام بالدراسات اللازمة لمشاريع تهيئة قطاعات خاصة وتنفيذ جميع مشاريع الصيانة العامة او التهيئة لحساب الدولة والجماعات المحلية او اي شخص أخر يطلب من الوكالة القيام بذلك كلما كان المشروع ذا منفعة عامة .
7- تشجيع وانجاز عمليات إصلاح القطاعات الحضرية وتجديد المباني وإعادة هيكلة الأحياء المفتقرة إلى التجهيزات الأساسية والقيام لهذه الغاية بانجاز الدراسات وامتلاك الأراضي اللازمة لذلك .
8- المساهمة في اي مؤسسة يطابق نشاطها الاهداف المرسومة للوكالة والمهام المسندة اليها .
9 – تقديم مساعدتها الفنية للجماعات المحلية فيما يتعلق بالتعمير والتهيئة .
10- جمع وتعميم جميع المعلومات المتعلقة بالتنمية المعمارية للعمالات والاقاليم الواقعة داخل نطاق اختصاص الوكالة .
وانطلاقا مما سبق يمكن ان نخلص الى ان ابرز اختصاصات الوكالات الحضرية على الاطلاق تتمركز في المساهمة في وضع وإعداد وثائق التعمير التقديري والمختزلة في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية ، وكذلك في وضع إعداد وثائق " التعمير التنظيمي " والمتمثلة في تصاميم التنطيق والتهيئة والتنمية .
وتتجلى على حد سواء اهمية خطورة دور الوكالة الحضرية في هذا الاطار من حيث ان دائرة اختصاصها طبقا للمادة 1 من ظهير 10/9/1993 تشمل عمالة او اقليم باكمله ، وقد تتمدد في بعض الاحيان الى عدة عمالات او اقاليم ، مما يجعلها مؤهلة اكثر من غيرها من باقي المتدخلين لبلورة تصور عام ومتكامل لسياسة حكومية عمرانية ذات بعد شمولي ومستقبلي تراعي في تناغم تام العناصر الاجتماعية والاقتصادية والسياحية والثقافية للمنطقة ككل وتضمن في ذات الوقت تنمية متوازنة ومتناسقة ومتجانسة على كل المناحي والمستويات .