يستفيد بن كيران من ضعف موقعه، فيما يعتقد البعض أن حزب العدالة والتنمية يحتاج إلى إنجاز حقيقي في مكافحة الفساد والاستبداد.
وفي تقرير غربي موصوف بالحساسية، فإن قول بن كيران بترك موقعه مناورة لا تشبه تشدد مرسي، خصوصا وأن حزب العدالة والتنمية أثبت من الأيام الأولى من رئاسته للحكومة أن الملك يقود اللعبة والجيش والقرار والدولة، وأن خوف النظام من الشارع أكبر من خوف الإسلاميين، لأن موجة ثانية من حركة 20 فبراير شيء متوقع وقابل للسيطرة، واختار مستشار الملك أندري أزولاي ورجل الأعمال التازي إطلاق نسخة منقحة من الحركة المذكورة على هامش مهرجان الصويرة لإسقاط الحكومة، لكن تطورات مصر دفعت المغاربة إلى خروج الاستقلال وتهييء الوضع لأغلبية جديدة أو الاتجاه إلى انتخابات مبكرة.
+++ فرنسا تدعم في الضرورة القصوى، ذهاب المغرب إلى انتخابات سابقة لأوانها أو مبكرة إن نجح عزل واحتواء الاخوان المسلمين بسرعة، فيما ترغب تقاريرها الاستخبارية في استقرار "الحكومات الائتلافية" التي يقودها إسلاميون في تونس والمغرب
لدى صاحب القرار سيناريوهان:
1 ـ بقاء الحكومة "الائتلافية" التي يديرها بن كيران ضعيفة، وتزداد ضعفا لمساس صورة التجربة التركية في الاقتصاد وصورة الإخوان في السياسة في مهد الجماعة بمصر.
وبالفعل ضربت المناورة بذكاء مهد الإخوان المسلمين في مصر، وأيضا مهد النجاح الاقتصادي للإسلاميين في تركيا، حيث ظهرت هذه الفئة أضعف في قراءة الأوضاع الدولية وخارطة القرار العالمي، وشكل خروج شباط للمعارضة "تضبيبا" محليا على الخطة الإقليمية، حيث قرر الجيش الجزائري رفض تسليم الحكومة لـ"إسلامي"، حيث قال مدين لمسؤول فرنسي: أنتم لا تريدون سوى سنة لهؤلاء (الإسلاميين)، ونحن لا نستطيع قبول هذه الهزة، وموعدنا قريبا بعد المهلة، وفي حالة الضرورة يتسلم بلخادم موقع رئيس الحكومة إن نجحت التجارب الإسلامية، فيما قرر الجنرال القبايلي الأمازيغي الدخول سريعا في إقصاء الاسلاميين بشكل متزامن مع "الخطة الدولية"، المنطلقة بالأساس من الترتيبات الإقليمية.
2 ـ انتخابات مبكرة تستجيب لتحولات الشارع الإقليمي (وتحديدا شمال أفريقيا)، وبقي الخيار مفتوحا في المغرب، ولدى الاستخبارات الفرنسية، وقد شكل شباط بتصريحاته، حول الحدود المغربية ـ الجزائرية ومشكل الصحراء "الشرقية" التي أغضبت فرنسا؟! مناورة لتمرير خطة فرنسية يقودها المستشار الملكي أندري أزولاي ـ التازي في المغرب منسجمة مع "استراتيجية غربية" (انظر تفاصيلها ص 20).
+++ حكومة بن كيران "ضعيفة جدا" لتسهيل إسقاطها عبر الشارع، ويمكن أن تسقط الموجة الثانية حكومة بن كيران، كما أسقطت الموجة الأولى حكومة عباس الفاسي، كما يمكن أن تبقى المعارضة من داخل الائتلاف الحاكم، لمزيد من عزل الاسلاميين
ذهبت باريس إلى إضعاف الاسلاميين من داخل الحكومات الائتلافية التي يقودونها أو يشاركون فيها، لكن الخطة الأخرى ترمي إلى تصوير الإسلاميين بالمستفردين بالسلطة رغم نظافة يدهم (مصر) أو نجاحهم الاقتصادي (تركيا).
وفي الاتجاهين، يظهر الإضعاف المبرمج للإسلاميين، من خلال جيوسياسية واحدة، وحكومة بن كيران جزء من الخطة الموضوعة، في نقطتين:
ـ عدم القدرة على اتخاذ قرارات كبرى، كما حدث في تركيا، حيث تحرك الشارع عندما فكر حزب العدالة والتنمية في إدارة الملف الكردي، وأراد تعديل الدستور فمس "أمن" الدولة الذي أسسه أتاتورك، وسكت الشارع عندما أجل أردوغان التطرق إلى هذه الملفات.
ـ القدرة الكبيرة على اتخاذ القرارات، كما في استراتيجية مرسي، فدخل مع الدولة العميقة في حرب مفتوحة أدت إلى عزله، وقد أدار الحرب إلى جانب الرئيس المصري مدير المخابرات العامة، الذي عزله فورا الرئيس المؤقت عدلي منصور.
وواجه الجيش خطة المخابرات العامة من خلال قائد مخابرات أيضا هو السيسي، وفي تحالف مع باقي الأجهزة، ومنها الداخلية، وحسم الشارع بداية المعركة، تماما كما قرر نهايتها العسكر.
+++ رهن الرئيس مرسي مصيره بمدير المخابرات العامة الذي عزله الرئيس المؤقت عدلي منصور فورا، واعتقد الرئيس أن السيسي رجل المخابرات الحربية الذي أتى به لوزارة الدفاع خلفا لطنطاوي، لن يتمكن من مناهضته، لكن الجيش دافع من خلال السيسي على موقع تقليدي له في إدارة الدولة عوض نقلها إلى المخابرات العامة، وعدم وصول بن كيران إلى التحكم في أي جهاز أمني أو استخباري يمنع السلطة عن رئيس الحكومة، ليكون ورقة ستنتهي عند إجماع كل الأجهزة على نفاذ التجربة ولا يزال رئيس الحكومة غير طامح في أي سلطات أمنية، مما يجعل استمراره في منصبه رهين قرار داخلي
منعت الدولة عن رئيس الحكومة ـ والوزير الأول سابقا ـ أي سلطة أمنية، وفي الدستور الجديد لم يتمكن بن كيران من أي سلطة "أمنية" اتباعا لطريقة الأتراك، حيث رفض أردوغان التوجه رأسا إلى إدارة أي جهاز أمني، فيما قاوم بقوة أي انقلاب عسكري عليه (7 مرات).
أما بالنسبة لمرسي، فقد خاض نقلا حقيقيا للسلطات بين أجهزة مختلفة، من جهة نقل القيادة البرية إلى والجوية إلى قيادة الاستخبارات الحربية: السيسي، ثم قضم جزءا من صلاحيات القرار الاستخباري بتسليمه للمخابرات العامة.
فيما أكد تقرير غربي، أن بن كيران "لا يستطيع أن يعرف التقارير الدقيقة عن المملكة"، وبعيد تماما عن القرار الأمني الموكول للملك على صعيد الجيش والاستخبارات، فموقعه نتاج ترتيبات داخلية، متحكم فيها، وأيضا نتاج معادلة إقليمية...
من جهة أبعدت الأجهزة طرح الانقلاب على بن كيران من خلال إقالة الجنرال لعنيكري الذي هدد بالسيناريو الجزائري، وحافظت على "الحموشي" القائد الذي فكك ويفكك الخلايا "الإرهابية".
ويضع نصب عينيه احترام حدود اللعبة، فيما يرى الفرنسيون:
ـ أن الديستي المغربية كابح حقيقي كي لا يتجاوز أي فاعل سياسي، ومن أي موقع قواعد اللعبة، و"تدمر" هذه الاستخبارات من يريد إعادة رسم الخارطة.
ـ أن "لادجيد" تصنع المستقبل عبر تحديد البديل بطرق ذكية ومفتوحة.
واليوم، يلتزم بن كيران بأقل من الحدود المسموح بها، ومرتبك لأن معارضته من داخل الحكومة، وأيضا الدستور لا يسمحان له بأي سلطة أمنية أو تأثير على أي جهاز أمني.
+++ الديستي الفرنسية: بن كيران في موقع الضحية ويقبل تسليم المفاتيح للشعب عكس ما وقع في مصر...
لو تسلم رئيس الحكومة المغربي جزءا من السلطة لدفع ثمنه غاليا في ظروف الأزمة المصرية، وبقي بن كيران في موضع الضحية تماما، ونجح "الإعلام المضاد" والذي من مهمته توجيه الغضب الشعبي ضد رئيس الحكومة عوض القصر ترتيبات "منطقية" لتحميل المسؤولية لبن كيران، لكن ملف الصحراء والزيارات التنموية للملك في كل الأقاليم، جعل الرأي العام يعتقد أن رئيس الحكومة بدون مسؤوليات على صعيد المشاريع الصغرى والقرارات الكبرى.
من جهة، ترك الاسلاميون متنفسا كبيرا للهيكلة وإسماع صوتهم، وهو ما يحفظ لهم صورة أخرى، فيما استفادوا في لحظة الإقصاء، من هذا الهامش، لكن بن كيران الذي سمح بسحق حركة 20 فبراير، لم يتمكن من إدارة وضع يخدمه.
من جهة أخرى، سمح الأمريكيون لمرسي بإدارة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة عوض الجيش مما قدم له المخابرات العامة.
أما في المغرب، فإن رئيس الحكومة لم يرغب، وليس له القدرة الشخصية أيضا، على مواجهة الموضوع الأمني.
+++ بن كيران لم يطالب بالمجلس الأعلى للأمن للإطلاع على تحديات الأمن القومي المغربي، وحسب تقرير غربي، فإن أي رئيس بديل عنه، وفي حالة مطالبته بتفعيل هذا المجلس سيكون مدعوا للاستقالة أو الإقالة
إن ضمن القانون لرئيس الحكومة الاطلاع والمشاركة في قرارات الأمن القومي للمغرب، فإن المجلس الأعلى للأمن ـ المنصوص عليه في الدستور المغربي ـ لا يزال بعيدا عن أي تفعيل، من زاويتين:
الزاوية الأولى، لأن الموضوع الأمني آخر ما يتطرق إليه تنزيل الدستور بمنظور بن كيران، عكس مرسي الذي دخل وأراد أن يقلب الدولة العميقة.
الزواية الثانية، لأن فرنسا لا ترغب مطلقا في وصول أي "إسلامي" لموقع متقدم في أي جهاز أمني.
+++ فرنسا ترفض إيلاء "من له ميول إسلامية" قيادة أي جهاز أمني في المملكة، فيما يحتكر القصر تعيين قيادات هذه الأجهزة بشكل مطلق، ولم يستطع بن كيران أن يجتمع مع ولاة وعمال الداخلية، ولم يطمح إلى ذلك، حسب الفرنسيين
حسب تقرير غربي، فإن فرنسا رفضت التحول الجزائري في تسعينات القرن الماضي لأن تصريحا من عباس مدني قال فيه، سنغير قبل كل شيء رئيس الأركان ورئيس المخابرات، وقرر ثلاث جنرالات (داعم البوليساريو "البشير الصحراوي" والقبايلي مدين والعماري الذي رفض المساس بهيكلة الجيش) الانقلاب على صناديق الاقتراع لأربعة أسباب:
ـ لأن فرنسا لا تريد تغيير الدولة العميقة وخصوصا الاستخبارات في أي بلد مغاربي.
ـ تريد باريس الحفاظ على جنرالات محددين في القيادة.
ـ يرغب هولاند في عدم وصول الاسلاميين إلى قيادة المخابرات والأجهزة السرية.
ـ قيادة تعاون استخباري على الصعيد الإقليمي.
وما دام بن كيران والغنوشي يحكمون خارج هذا الإطار، فإنهم:
أ ـ جزء من أمن اللعبة الفرنسية، وقبل "علي العريض" تأجيل أي هيكلة للمخابرات إلى نهاية الفترة الانتقالية في تونس، فيما قرر بن كيران الحكم من دون تقارير أمنية وافية...
ب ـ عنوان المصالحة بين الدولة العميقة والاسلاميين وباقي الأحزاب بعد الثورة.
وتبقى التقديرات مفتوحة على:
ـ رغبة هولاند في إتمام الفترة الحكومية لبن كيران دون أن يكون للإسلاميين قرار أمني.
ـ عدم السقوط في عدم الاستقرار.
+++ باريس ترغب في إبعاد جنرال "الثورة" رشيد عمار من أجل خلافته برئيس أركان وجنرالات يوقفون مد حزب النهضة أو تحول تونس إلى نموذج "الدولة" التي يسعى له الإسلاميون الآخرون، يقول تقرير: إن النموذج التونسي أو التركي المتصالح مع العلمانيين، والنموذج المغربي الذي يقصي الاسلاميين عن القرار الأمني نموذجان "مقبولان"
تواجه واشنطن رغبة فرنسية في إبعاد "جنرال الثورة" (وقائد الجيش التونسي) لاستبداله بجنرالات وقيادة توقف مد حزب النهضة في أجهزة الدولة، فيما يرى الأمريكيون:
ـ قدرة الجيوش على إدارة عملية ديموقراطية.
ـ واكب تهديد السيسي أطراف اللعبة السياسية في مصر، تهديدا آخر باستقالة رئيس الأركان في تونس، ونقلا لسلطة الاستخبارات من الجنرال توفيق إلى البشير الصحراوي (طرطاق) ويجري الإعداد لتحولات في المغرب أيضا، فعلى ضوء لائحة الجنرالات والعسكريين المتقاعدين في الجزائر (5 يوليو) سيكون على القرار المغربي أن يحدد حجم التحول الأمني السريع والذكي الذي يمكن أن يحتوي ما يجري إقليميا وداخليا.
يقول تقرير فرنسي: لابد من تغييرات تؤسس لاستيعاب جدي للاسلاميين، وأن يبتعدوا عن قيادة الجيوش، وقد رأى السيسي من حركته ضمان مستقبله، بعد وضعه في خانة حلفاء الإخوان.
وأساسا لا يدعم أي جهاز حكومة بن كيران، بالطريقة التي تجعل الوضع مقلقا، والفارق واضح، بين حزب الحرية والعدالة في مصر الذي أدار الدولة وحزب العدالة والتنمية الذي لم يدر الحكومة بشكل واضح.
ومن أهم سمات حكومة بن كيران في هذه المرحلة:
1 ـ عدم إدارة الشأن الديني، المخول للملك أمير المؤمنين، مما يجعل حزب العدالة والتنمية بدون مرجعية، وقد أرسل النظام بوضوح في قضية "دور القرآن" بمراكش أن القرار الأمني والإداري ـ المقرون بالملك في شخص وزير الأوقاف ـ يسبق قرار رئيس الحكومة ووزير العدل المنتميان لحزب العدالة والتنمية.
2 ـ عدم إدارة الشأن الأمني، وحدث تحول مكشوف، حيث دعا صقور حزب العدالة والتنمية إلى المساهمة في إدارة ملف "السلفية" في تماس حقيقي بين الأجهزة وحزب العدالة والتنمية، يعجل قريبا بإسقاط وزراء من حكومة بن كيران إن استمر هذا التوتر، وما يضمن المواصلة هو قرار فرنسي لا يرغب في أي عملية لخلط الأوراق.
ومن الجيد لبن كيران، أن تواجه الأجهزة الجمعيات "السلفية"، لكن تحميل هذه المسؤولية للحكومة شيء غير مقبول حسب حزب العدالة والتنمية.
السلفيون في مصر دخلوا في حلف السيسي لرفض الخطوات الأحادية الجانب، تماما كما رفضوا وعرقلوا مخططات مرسي، ويكتشف العالم أن التمويل السعودي، ومن ثم دور الرياض مؤثر وله أبعاد محددة.
3 ـ أن الحكومة الحالية مجرد ورقة في توازنات الدولة.
4 ـ يقابل حزب العدالة والتنمية حزبا يشارك فيه السلفيون.
5 ـ تقديرات تشير إلى انخفاض عام في نسبة المتعاطفين مع الإسلاميين، وصدر قرار برفض قياس شعبية الإخوان في مصر والمغرب وتونس، كي يبقى الاسلاميون أكثر قوة في قراراتهم المعتمدة على ما يدعونها الشرعية الشعبية.
+++ القرار الأمني الفرنسي ضد السلفيين في تونس بعد قتل شكري بلعيد ولا يمكن ـ من نفس المنظور ـ القبول بمد سلفي كبير يدعم بن كيران، فالسلفيون "جيدون في اختيار موقعهم" أو في منطقة وسطى بين النظام والإخوان، والهجوم على المغراوي وعلى دوره جزء من سيناريو "التأمين الفرنسي للمرحلة"
قرر المغرب ـ حسب تقرير فرنسي ـ إغلاق دور القرآن للمغراوي عشية حركة 20 فبراير، لتأمين إضافي للشارع، كي يبقى في حدود لا ينفلت فيها إلى العنف أو يتجه فيها إلى دعم حزب معين (العدالة والتنمية). وعشية توقعات بالخروج إلى الشارع مرة أخرى، تقرر إغلاق هذه الدور.
ومحاولة خلط الأوراق بين السلفية السعودية التي يمثلها المغراوي وحزب العدالة والتنمية وجدنا خلاصتين:
ـ أن تقسيم السلفية الذي حدث جعل دفاع العدالة والتنمية عن دور القرآن التي تتبع الشيخ المغراوي يتفوق على حزب خليدي.
ـ دعم السعودية الواضح لاستقرار حكومة بن كيران وإتمام ولايتها.
ويسير الفرنسيون في اتجاه آخر، يطلب قرارا "جديا" لصنع الفجوة بين الاسلاميين، لأن تكتيلهم خطر أمني.
ولم ينجح السيناريو المصري سوى بموالاة السلفيين للسعودية، والإخوان في عهد مرسي لقطر، فيما يجب تعميق هذا الانقسام، لأن:
ـ حزب العدالة والتنمية المغربي ليس لديه مسؤولية أمنية، مما يجعله بعيدا عن القرار، وعن تبعاته وإن حاول البعض الركوب على "المسؤولية السياسية" لتوريط الحزب في قرارات اتخذتها الدولة العميقة في مواجهته.
ـ أن الانقسام بين جماعة "الإصلاح والتوحيد" وحزب العدالة والتنمية غير متوقع، بل إن إحصائية تؤكد أن التعيينات والاستشارات خضعت لمنطق الجماعة وليس الحزب بما يزيد عن 65 في المائة.
وحسب الفرنسيين دائما، فإن الانتصار في احتواء الاسلاميين على الطريقة "المغاربية" يتميز عن المصرية، لأن القاهرة دخلت في تحول حقيقي نحو الدولة الدينية، أما في تركيا والمغرب وتونس، فالتجارب لا تعدو أن تكون داخل المربعات المرسومة، منذ دفاتر البث التلفزيوني، في المغرب، وقضية تقسيم في تركيا، واغتيال بلعيد في تونس.
وتبقى قدرة الانقلاب على الإسلاميين في الحكم "حالة ممكنة" لكن نتائج السيناريو الجزائري غير متوقعة في مصر وباقي البلاد، حيث يتمسك الاسلاميون برد الفعل "السلمي".
+++ فرنسا تدعم نهاية ولاية بن كيران
لن تكون نهاية ولاية بن كيران سوى الحل المتوقع، ففرنسا تريد إغلاق الفترة الانتقالية في تونس، ومثيلتها في المغرب من خلال تنزيل الدستور، وأي سرعة أو فرض رأي في القوانين المنظمة ـ وإلى الآن تستجيب صياغة هذه القوانين لمعايير وملاحظات القصر الملكي ـ ستكون نهاية ولاية بن كيران.
لا يعيش بن كيران سوى بضعفه، ويكرس هذا الاستنتاج ما وقع في مصر التي دخل رئيسها لعبة شديدة الخطورة لتبديل موازين القوى، فقررت فرنسا قبل غيرها دعم نهاية مرسي، بمشاركة سعودية فعالة، واتفاق باريس والرياض وضع أمريكا أمام واقع جديد، ونتساءل لماذا اختار الفرنسيون في المغرب ضرب السلفيين القريبين من حلفاءهم السعوديين، والجواب واضح ومكشوف للمزيد من إضعاف بن كيران، فيما قرر المغراوي الانتقال إلى السعودية ساعات قبل القرار...
وفي تقرير غربي موصوف بالحساسية، فإن قول بن كيران بترك موقعه مناورة لا تشبه تشدد مرسي، خصوصا وأن حزب العدالة والتنمية أثبت من الأيام الأولى من رئاسته للحكومة أن الملك يقود اللعبة والجيش والقرار والدولة، وأن خوف النظام من الشارع أكبر من خوف الإسلاميين، لأن موجة ثانية من حركة 20 فبراير شيء متوقع وقابل للسيطرة، واختار مستشار الملك أندري أزولاي ورجل الأعمال التازي إطلاق نسخة منقحة من الحركة المذكورة على هامش مهرجان الصويرة لإسقاط الحكومة، لكن تطورات مصر دفعت المغاربة إلى خروج الاستقلال وتهييء الوضع لأغلبية جديدة أو الاتجاه إلى انتخابات مبكرة.
+++ فرنسا تدعم في الضرورة القصوى، ذهاب المغرب إلى انتخابات سابقة لأوانها أو مبكرة إن نجح عزل واحتواء الاخوان المسلمين بسرعة، فيما ترغب تقاريرها الاستخبارية في استقرار "الحكومات الائتلافية" التي يقودها إسلاميون في تونس والمغرب
لدى صاحب القرار سيناريوهان:
1 ـ بقاء الحكومة "الائتلافية" التي يديرها بن كيران ضعيفة، وتزداد ضعفا لمساس صورة التجربة التركية في الاقتصاد وصورة الإخوان في السياسة في مهد الجماعة بمصر.
وبالفعل ضربت المناورة بذكاء مهد الإخوان المسلمين في مصر، وأيضا مهد النجاح الاقتصادي للإسلاميين في تركيا، حيث ظهرت هذه الفئة أضعف في قراءة الأوضاع الدولية وخارطة القرار العالمي، وشكل خروج شباط للمعارضة "تضبيبا" محليا على الخطة الإقليمية، حيث قرر الجيش الجزائري رفض تسليم الحكومة لـ"إسلامي"، حيث قال مدين لمسؤول فرنسي: أنتم لا تريدون سوى سنة لهؤلاء (الإسلاميين)، ونحن لا نستطيع قبول هذه الهزة، وموعدنا قريبا بعد المهلة، وفي حالة الضرورة يتسلم بلخادم موقع رئيس الحكومة إن نجحت التجارب الإسلامية، فيما قرر الجنرال القبايلي الأمازيغي الدخول سريعا في إقصاء الاسلاميين بشكل متزامن مع "الخطة الدولية"، المنطلقة بالأساس من الترتيبات الإقليمية.
2 ـ انتخابات مبكرة تستجيب لتحولات الشارع الإقليمي (وتحديدا شمال أفريقيا)، وبقي الخيار مفتوحا في المغرب، ولدى الاستخبارات الفرنسية، وقد شكل شباط بتصريحاته، حول الحدود المغربية ـ الجزائرية ومشكل الصحراء "الشرقية" التي أغضبت فرنسا؟! مناورة لتمرير خطة فرنسية يقودها المستشار الملكي أندري أزولاي ـ التازي في المغرب منسجمة مع "استراتيجية غربية" (انظر تفاصيلها ص 20).
+++ حكومة بن كيران "ضعيفة جدا" لتسهيل إسقاطها عبر الشارع، ويمكن أن تسقط الموجة الثانية حكومة بن كيران، كما أسقطت الموجة الأولى حكومة عباس الفاسي، كما يمكن أن تبقى المعارضة من داخل الائتلاف الحاكم، لمزيد من عزل الاسلاميين
ذهبت باريس إلى إضعاف الاسلاميين من داخل الحكومات الائتلافية التي يقودونها أو يشاركون فيها، لكن الخطة الأخرى ترمي إلى تصوير الإسلاميين بالمستفردين بالسلطة رغم نظافة يدهم (مصر) أو نجاحهم الاقتصادي (تركيا).
وفي الاتجاهين، يظهر الإضعاف المبرمج للإسلاميين، من خلال جيوسياسية واحدة، وحكومة بن كيران جزء من الخطة الموضوعة، في نقطتين:
ـ عدم القدرة على اتخاذ قرارات كبرى، كما حدث في تركيا، حيث تحرك الشارع عندما فكر حزب العدالة والتنمية في إدارة الملف الكردي، وأراد تعديل الدستور فمس "أمن" الدولة الذي أسسه أتاتورك، وسكت الشارع عندما أجل أردوغان التطرق إلى هذه الملفات.
ـ القدرة الكبيرة على اتخاذ القرارات، كما في استراتيجية مرسي، فدخل مع الدولة العميقة في حرب مفتوحة أدت إلى عزله، وقد أدار الحرب إلى جانب الرئيس المصري مدير المخابرات العامة، الذي عزله فورا الرئيس المؤقت عدلي منصور.
وواجه الجيش خطة المخابرات العامة من خلال قائد مخابرات أيضا هو السيسي، وفي تحالف مع باقي الأجهزة، ومنها الداخلية، وحسم الشارع بداية المعركة، تماما كما قرر نهايتها العسكر.
+++ رهن الرئيس مرسي مصيره بمدير المخابرات العامة الذي عزله الرئيس المؤقت عدلي منصور فورا، واعتقد الرئيس أن السيسي رجل المخابرات الحربية الذي أتى به لوزارة الدفاع خلفا لطنطاوي، لن يتمكن من مناهضته، لكن الجيش دافع من خلال السيسي على موقع تقليدي له في إدارة الدولة عوض نقلها إلى المخابرات العامة، وعدم وصول بن كيران إلى التحكم في أي جهاز أمني أو استخباري يمنع السلطة عن رئيس الحكومة، ليكون ورقة ستنتهي عند إجماع كل الأجهزة على نفاذ التجربة ولا يزال رئيس الحكومة غير طامح في أي سلطات أمنية، مما يجعل استمراره في منصبه رهين قرار داخلي
منعت الدولة عن رئيس الحكومة ـ والوزير الأول سابقا ـ أي سلطة أمنية، وفي الدستور الجديد لم يتمكن بن كيران من أي سلطة "أمنية" اتباعا لطريقة الأتراك، حيث رفض أردوغان التوجه رأسا إلى إدارة أي جهاز أمني، فيما قاوم بقوة أي انقلاب عسكري عليه (7 مرات).
أما بالنسبة لمرسي، فقد خاض نقلا حقيقيا للسلطات بين أجهزة مختلفة، من جهة نقل القيادة البرية إلى والجوية إلى قيادة الاستخبارات الحربية: السيسي، ثم قضم جزءا من صلاحيات القرار الاستخباري بتسليمه للمخابرات العامة.
فيما أكد تقرير غربي، أن بن كيران "لا يستطيع أن يعرف التقارير الدقيقة عن المملكة"، وبعيد تماما عن القرار الأمني الموكول للملك على صعيد الجيش والاستخبارات، فموقعه نتاج ترتيبات داخلية، متحكم فيها، وأيضا نتاج معادلة إقليمية...
من جهة أبعدت الأجهزة طرح الانقلاب على بن كيران من خلال إقالة الجنرال لعنيكري الذي هدد بالسيناريو الجزائري، وحافظت على "الحموشي" القائد الذي فكك ويفكك الخلايا "الإرهابية".
ويضع نصب عينيه احترام حدود اللعبة، فيما يرى الفرنسيون:
ـ أن الديستي المغربية كابح حقيقي كي لا يتجاوز أي فاعل سياسي، ومن أي موقع قواعد اللعبة، و"تدمر" هذه الاستخبارات من يريد إعادة رسم الخارطة.
ـ أن "لادجيد" تصنع المستقبل عبر تحديد البديل بطرق ذكية ومفتوحة.
واليوم، يلتزم بن كيران بأقل من الحدود المسموح بها، ومرتبك لأن معارضته من داخل الحكومة، وأيضا الدستور لا يسمحان له بأي سلطة أمنية أو تأثير على أي جهاز أمني.
+++ الديستي الفرنسية: بن كيران في موقع الضحية ويقبل تسليم المفاتيح للشعب عكس ما وقع في مصر...
لو تسلم رئيس الحكومة المغربي جزءا من السلطة لدفع ثمنه غاليا في ظروف الأزمة المصرية، وبقي بن كيران في موضع الضحية تماما، ونجح "الإعلام المضاد" والذي من مهمته توجيه الغضب الشعبي ضد رئيس الحكومة عوض القصر ترتيبات "منطقية" لتحميل المسؤولية لبن كيران، لكن ملف الصحراء والزيارات التنموية للملك في كل الأقاليم، جعل الرأي العام يعتقد أن رئيس الحكومة بدون مسؤوليات على صعيد المشاريع الصغرى والقرارات الكبرى.
من جهة، ترك الاسلاميون متنفسا كبيرا للهيكلة وإسماع صوتهم، وهو ما يحفظ لهم صورة أخرى، فيما استفادوا في لحظة الإقصاء، من هذا الهامش، لكن بن كيران الذي سمح بسحق حركة 20 فبراير، لم يتمكن من إدارة وضع يخدمه.
من جهة أخرى، سمح الأمريكيون لمرسي بإدارة اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وغزة عوض الجيش مما قدم له المخابرات العامة.
أما في المغرب، فإن رئيس الحكومة لم يرغب، وليس له القدرة الشخصية أيضا، على مواجهة الموضوع الأمني.
+++ بن كيران لم يطالب بالمجلس الأعلى للأمن للإطلاع على تحديات الأمن القومي المغربي، وحسب تقرير غربي، فإن أي رئيس بديل عنه، وفي حالة مطالبته بتفعيل هذا المجلس سيكون مدعوا للاستقالة أو الإقالة
إن ضمن القانون لرئيس الحكومة الاطلاع والمشاركة في قرارات الأمن القومي للمغرب، فإن المجلس الأعلى للأمن ـ المنصوص عليه في الدستور المغربي ـ لا يزال بعيدا عن أي تفعيل، من زاويتين:
الزاوية الأولى، لأن الموضوع الأمني آخر ما يتطرق إليه تنزيل الدستور بمنظور بن كيران، عكس مرسي الذي دخل وأراد أن يقلب الدولة العميقة.
الزواية الثانية، لأن فرنسا لا ترغب مطلقا في وصول أي "إسلامي" لموقع متقدم في أي جهاز أمني.
+++ فرنسا ترفض إيلاء "من له ميول إسلامية" قيادة أي جهاز أمني في المملكة، فيما يحتكر القصر تعيين قيادات هذه الأجهزة بشكل مطلق، ولم يستطع بن كيران أن يجتمع مع ولاة وعمال الداخلية، ولم يطمح إلى ذلك، حسب الفرنسيين
حسب تقرير غربي، فإن فرنسا رفضت التحول الجزائري في تسعينات القرن الماضي لأن تصريحا من عباس مدني قال فيه، سنغير قبل كل شيء رئيس الأركان ورئيس المخابرات، وقرر ثلاث جنرالات (داعم البوليساريو "البشير الصحراوي" والقبايلي مدين والعماري الذي رفض المساس بهيكلة الجيش) الانقلاب على صناديق الاقتراع لأربعة أسباب:
ـ لأن فرنسا لا تريد تغيير الدولة العميقة وخصوصا الاستخبارات في أي بلد مغاربي.
ـ تريد باريس الحفاظ على جنرالات محددين في القيادة.
ـ يرغب هولاند في عدم وصول الاسلاميين إلى قيادة المخابرات والأجهزة السرية.
ـ قيادة تعاون استخباري على الصعيد الإقليمي.
وما دام بن كيران والغنوشي يحكمون خارج هذا الإطار، فإنهم:
أ ـ جزء من أمن اللعبة الفرنسية، وقبل "علي العريض" تأجيل أي هيكلة للمخابرات إلى نهاية الفترة الانتقالية في تونس، فيما قرر بن كيران الحكم من دون تقارير أمنية وافية...
ب ـ عنوان المصالحة بين الدولة العميقة والاسلاميين وباقي الأحزاب بعد الثورة.
وتبقى التقديرات مفتوحة على:
ـ رغبة هولاند في إتمام الفترة الحكومية لبن كيران دون أن يكون للإسلاميين قرار أمني.
ـ عدم السقوط في عدم الاستقرار.
+++ باريس ترغب في إبعاد جنرال "الثورة" رشيد عمار من أجل خلافته برئيس أركان وجنرالات يوقفون مد حزب النهضة أو تحول تونس إلى نموذج "الدولة" التي يسعى له الإسلاميون الآخرون، يقول تقرير: إن النموذج التونسي أو التركي المتصالح مع العلمانيين، والنموذج المغربي الذي يقصي الاسلاميين عن القرار الأمني نموذجان "مقبولان"
تواجه واشنطن رغبة فرنسية في إبعاد "جنرال الثورة" (وقائد الجيش التونسي) لاستبداله بجنرالات وقيادة توقف مد حزب النهضة في أجهزة الدولة، فيما يرى الأمريكيون:
ـ قدرة الجيوش على إدارة عملية ديموقراطية.
ـ واكب تهديد السيسي أطراف اللعبة السياسية في مصر، تهديدا آخر باستقالة رئيس الأركان في تونس، ونقلا لسلطة الاستخبارات من الجنرال توفيق إلى البشير الصحراوي (طرطاق) ويجري الإعداد لتحولات في المغرب أيضا، فعلى ضوء لائحة الجنرالات والعسكريين المتقاعدين في الجزائر (5 يوليو) سيكون على القرار المغربي أن يحدد حجم التحول الأمني السريع والذكي الذي يمكن أن يحتوي ما يجري إقليميا وداخليا.
يقول تقرير فرنسي: لابد من تغييرات تؤسس لاستيعاب جدي للاسلاميين، وأن يبتعدوا عن قيادة الجيوش، وقد رأى السيسي من حركته ضمان مستقبله، بعد وضعه في خانة حلفاء الإخوان.
وأساسا لا يدعم أي جهاز حكومة بن كيران، بالطريقة التي تجعل الوضع مقلقا، والفارق واضح، بين حزب الحرية والعدالة في مصر الذي أدار الدولة وحزب العدالة والتنمية الذي لم يدر الحكومة بشكل واضح.
ومن أهم سمات حكومة بن كيران في هذه المرحلة:
1 ـ عدم إدارة الشأن الديني، المخول للملك أمير المؤمنين، مما يجعل حزب العدالة والتنمية بدون مرجعية، وقد أرسل النظام بوضوح في قضية "دور القرآن" بمراكش أن القرار الأمني والإداري ـ المقرون بالملك في شخص وزير الأوقاف ـ يسبق قرار رئيس الحكومة ووزير العدل المنتميان لحزب العدالة والتنمية.
2 ـ عدم إدارة الشأن الأمني، وحدث تحول مكشوف، حيث دعا صقور حزب العدالة والتنمية إلى المساهمة في إدارة ملف "السلفية" في تماس حقيقي بين الأجهزة وحزب العدالة والتنمية، يعجل قريبا بإسقاط وزراء من حكومة بن كيران إن استمر هذا التوتر، وما يضمن المواصلة هو قرار فرنسي لا يرغب في أي عملية لخلط الأوراق.
ومن الجيد لبن كيران، أن تواجه الأجهزة الجمعيات "السلفية"، لكن تحميل هذه المسؤولية للحكومة شيء غير مقبول حسب حزب العدالة والتنمية.
السلفيون في مصر دخلوا في حلف السيسي لرفض الخطوات الأحادية الجانب، تماما كما رفضوا وعرقلوا مخططات مرسي، ويكتشف العالم أن التمويل السعودي، ومن ثم دور الرياض مؤثر وله أبعاد محددة.
3 ـ أن الحكومة الحالية مجرد ورقة في توازنات الدولة.
4 ـ يقابل حزب العدالة والتنمية حزبا يشارك فيه السلفيون.
5 ـ تقديرات تشير إلى انخفاض عام في نسبة المتعاطفين مع الإسلاميين، وصدر قرار برفض قياس شعبية الإخوان في مصر والمغرب وتونس، كي يبقى الاسلاميون أكثر قوة في قراراتهم المعتمدة على ما يدعونها الشرعية الشعبية.
+++ القرار الأمني الفرنسي ضد السلفيين في تونس بعد قتل شكري بلعيد ولا يمكن ـ من نفس المنظور ـ القبول بمد سلفي كبير يدعم بن كيران، فالسلفيون "جيدون في اختيار موقعهم" أو في منطقة وسطى بين النظام والإخوان، والهجوم على المغراوي وعلى دوره جزء من سيناريو "التأمين الفرنسي للمرحلة"
قرر المغرب ـ حسب تقرير فرنسي ـ إغلاق دور القرآن للمغراوي عشية حركة 20 فبراير، لتأمين إضافي للشارع، كي يبقى في حدود لا ينفلت فيها إلى العنف أو يتجه فيها إلى دعم حزب معين (العدالة والتنمية). وعشية توقعات بالخروج إلى الشارع مرة أخرى، تقرر إغلاق هذه الدور.
ومحاولة خلط الأوراق بين السلفية السعودية التي يمثلها المغراوي وحزب العدالة والتنمية وجدنا خلاصتين:
ـ أن تقسيم السلفية الذي حدث جعل دفاع العدالة والتنمية عن دور القرآن التي تتبع الشيخ المغراوي يتفوق على حزب خليدي.
ـ دعم السعودية الواضح لاستقرار حكومة بن كيران وإتمام ولايتها.
ويسير الفرنسيون في اتجاه آخر، يطلب قرارا "جديا" لصنع الفجوة بين الاسلاميين، لأن تكتيلهم خطر أمني.
ولم ينجح السيناريو المصري سوى بموالاة السلفيين للسعودية، والإخوان في عهد مرسي لقطر، فيما يجب تعميق هذا الانقسام، لأن:
ـ حزب العدالة والتنمية المغربي ليس لديه مسؤولية أمنية، مما يجعله بعيدا عن القرار، وعن تبعاته وإن حاول البعض الركوب على "المسؤولية السياسية" لتوريط الحزب في قرارات اتخذتها الدولة العميقة في مواجهته.
ـ أن الانقسام بين جماعة "الإصلاح والتوحيد" وحزب العدالة والتنمية غير متوقع، بل إن إحصائية تؤكد أن التعيينات والاستشارات خضعت لمنطق الجماعة وليس الحزب بما يزيد عن 65 في المائة.
وحسب الفرنسيين دائما، فإن الانتصار في احتواء الاسلاميين على الطريقة "المغاربية" يتميز عن المصرية، لأن القاهرة دخلت في تحول حقيقي نحو الدولة الدينية، أما في تركيا والمغرب وتونس، فالتجارب لا تعدو أن تكون داخل المربعات المرسومة، منذ دفاتر البث التلفزيوني، في المغرب، وقضية تقسيم في تركيا، واغتيال بلعيد في تونس.
وتبقى قدرة الانقلاب على الإسلاميين في الحكم "حالة ممكنة" لكن نتائج السيناريو الجزائري غير متوقعة في مصر وباقي البلاد، حيث يتمسك الاسلاميون برد الفعل "السلمي".
+++ فرنسا تدعم نهاية ولاية بن كيران
لن تكون نهاية ولاية بن كيران سوى الحل المتوقع، ففرنسا تريد إغلاق الفترة الانتقالية في تونس، ومثيلتها في المغرب من خلال تنزيل الدستور، وأي سرعة أو فرض رأي في القوانين المنظمة ـ وإلى الآن تستجيب صياغة هذه القوانين لمعايير وملاحظات القصر الملكي ـ ستكون نهاية ولاية بن كيران.
لا يعيش بن كيران سوى بضعفه، ويكرس هذا الاستنتاج ما وقع في مصر التي دخل رئيسها لعبة شديدة الخطورة لتبديل موازين القوى، فقررت فرنسا قبل غيرها دعم نهاية مرسي، بمشاركة سعودية فعالة، واتفاق باريس والرياض وضع أمريكا أمام واقع جديد، ونتساءل لماذا اختار الفرنسيون في المغرب ضرب السلفيين القريبين من حلفاءهم السعوديين، والجواب واضح ومكشوف للمزيد من إضعاف بن كيران، فيما قرر المغراوي الانتقال إلى السعودية ساعات قبل القرار...