تعاونية الحليب الجيد بمراكش ... ملف ثقيل بالاختلالات ... متى ستنطلق محاكمة المتورطين ؟


حقائق بريس
الأربعاء 7 شتنبر 2016






لازال المنطق السائد ببعض مؤسسات القطاع العام ببلادنا كما هو الشأن بالقطاع الخاص هو منطق الضيعة والبقرة الحلوب في النهب وتبديد المال العام ، وبالنظر لحجم الفساد المالي الذي عرفته تعاونية الحليب الجيد بمراكش منذ سنوات خلت نتيجة سوء التدبير والتسيير ونهب مالية التعاونية الامر الذي تسبب في خسارة كبيرة للفلاحين المتعاونين على عهد كل من مدير التعاونية المذكورة ورئيس مجلسها الاداري اللذان حولا أموال التعاونية الى أرصدتهما وممتلكاتهما واللذان كانا سببا في تفويتها بطريقة ملتبسة للقطاع الخاص في شخص احدى الشركات المفبركة لهذه الغاية وكانت مدينة مراكش قد عاشت احتجاجات واعتصامات المتعاونين وحتى مستخدمي التعاونية قبل ست سنوات منددة بخطورة ملف ثقيل بالتجاوزات والاختلاسات والانتهاكات . وكانت هذه التعاونية مصدر عيش الالاف من الفلاحين وأزيد من الف مستخدم ، وكان أموال التعاونية وممتلكاتها والارباح التي تجنيها سنويا لا يستفيد منها الفلاحون ، المنتجون الذين يرجع اليهم الفضل في بنائها منذ عدة سنوات خلت ، ونتيجة هذا حمل المستخدمون والمتعاونون على السواء خلال وقفاتهم الاحتجاجية واعتصاماتهم شعار المطالبة بايفاد لجن افتحاص وتحقيق للتاكد من طريقة تدبير وتسيير هذه المؤسسة الاقتصادية الهامة بجهة مراكش الى جانب فتح تحقيق قضائي في موضوع كل التجاوزات والخروقات بالتعاونية قبل اعلان افلاسها برغبة من مدير التعاونية ورئيس مجلسها الاداري وقد اعتبر المحتجون انشاء شركة مكان التعاونية جاء للتغطية على جملة من التلاعبات التي طالت تيسير وتدبير شؤون التعاونية وتبذير ماليتها ، وكانت تلك بداية واقع افلاس التعاونية .
لكن التساؤل الذي يبقى مطروحا حتى اليوم هو دواعي استثناء التعاونية الفلاحية للحليب الجيد بمراكش من تحقيق نزيه في كل الانتهاكات التي تتعلق أساسا بنهب المال العام انطلاقا من الشكاية التي سبق ان تقدمت بها الهيئة الوطنية لحماية المال العام فرع مراكش الى السيد الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بمراكش من اجل الرشوة واستغلال النفوذ وتبديد المال العام والاغتناء غير المشروع بتعاونية الحليب الجيد بمراكش ، وكانت الشرطة القضائية قد استمعت الى رئيس فرع الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش انذاك حول الاختلالات التي عرفتها التعاونية ، وكانت عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قد شرعت بناء على تعليمات الوكيل العام للملك باستئنافية مراكش في فتح بحثها حول ملف التعاونية المذكورة وجاء هذا بعد تصعيد الفلاحين المتعاونين والمستخدمين بتنديدهم لسوء التدبير والتيسير وتماطل المسؤولين في احالة المتورطين في نهب مالية التعاونية على القضاء .
فمشكل مؤسساتنا العمومية وشبه العمومية يتطلب مسؤولية وطنية تستدعي ضرورة التعجيل بالمعالجة الجادة لكل أصناف الفساد الذي ينمو ببلادنا ، ومن ضمنها ما تبث على ارض الواقع بالتعاونية الفلاحية للحليب الجيد بمراكش مازال الحسم فيها للتاريخ مادامت كل كتاباتنا في الموضوع لم تحرك في هؤلاء ساكنا ، لكن عندما يتمادى العابثون بالمال العام في عبثهم فذلك امر خطير للغاية حيث الطريقة التي حول بها هؤلاء مالية التعاونية الى كعكة لمراكمة الثروات والارصدة لدرجة اصبحت التعاونية في عهد مديرها صندوقا أسودا مع وجود العديد من الموظفين الاشباح وتوظيف المقربين والاصهار وأثقل كاهل التعاونية قبل افلاسها بقروض تقدر بالملايير .
ان ملف التعاونية الفلاحية للحليب الجيد بمراكش يعج باسماء معروفة كالقيادي بحزب الجرار " مدير التعاونية " ملف يكشف عن وجوه كثيرة متورطة في عمليات هدر المال بناء على ما جاء في شكاية الهيئة الوطنية لحماية المال العام بمراكش الى السيد الوكيل العام باستئنافية مراكش من اجل الرشوة واستغلال النفوذ وتبديد اموال عمومية والاغتناء غير المشروع ، فما كان من جمعيات مدنية وحقوقية الا ان دخلت على الخط للتنديد بالتجاوزات الخطيرة بتعاونية الحليب الجيد بمراكش واحتجاجا على ما وصفوه بغموض استصدار قرار قضائي استعجالي لفائدة شركة : سيت ميلك " يقضي بافراغ التعاونية من مقرها الرئيسي بمراكش وكان هذا مخططا يرمي الى التخلص من فورة احتجاجات الفلاحين المتعاونين والمستخدمين .
الا يحس احد من المسؤولين ببلادنا بخطورة وثقل التسيب الذي عرفته التعاونية الفلاحية للحليب الجيد بمراكش تسيب ظل يمارسه المسؤولين المشرفين على تسيير شؤون التعاونية التي عرفت الكثير من الاختلالات من جراء الفساد الذي حصل بها والذي تجلت خطورته في كل التجاوزات التي مزيت ممارسة المسؤولين وما تبث منها على ارض الواقع خاصة بعد تفويت التعاونية لاحدى الشركات ( سيت ملك ) في حين ما يزال تحريك مسطرة المتابعة القضائية مصيره غامضا بخصوص هذا الملف .
ان تفعيل القانون هو السبيل الوحيد لسد الطريق امام لصوص المال العام ، كفى من التغاضي وغض الطرف عن التجاوزات القانونية وبناء على الدستور الجديد الذي يربط المسؤولية بالمحاسبة ويمنع الافلات من العقاب خاصة فيما يتعلق باختلاس المال العام ونهبه والفساد المالي بما يشكله هذا الجرم من خطورة على مستقبل التنمية ببلادنا ، وهذا لن يتاتى سوى من خلال تصفية الكثير من الملفات التي تتعلق بنهب المال العام والمطروحة على القضاء فمتى تنطلق محاكمة هؤلاء الذين استباحوا نهب المال العام ، كيف لا تتم محاسبتهم والبحث في مصدر ثرائهم .


مقالات ذات صلة