قضت المحكمة الابتدائية ببني ملال، أمس الاثنين، بالسجن النافذ في حق ياسين الحميني الذي اشتهر ببذلة غوانتانامو ومصطفى قشو المسؤولين الوطنيين للتنسيقية الوطنية للباعة المتجولين والتجار على الأرصفة، فيما عرفت المحاكمة لحظات شد وجذب بين النيابة العامة وهيئة الدفاع.
وقضت المحكمة بالسجن النافذ 4 أشهر في حق ياسين الحميني عضو اللجنة الوطنية للتنسيق، و3 أشهر سجنا نافذا في حق مصطفى قشو المنسق الوطني للباعة المتجولين، بعد أن قررت مؤاخذتهما بالتهم المنسوبة إليهما، حيث يتابع الحميني بتهمة التهديد بارتكاب جناية وهي الانتحار والتشرد وحيازة سلاح بدون مبرر وإهانة موظف عمومي، فيما يتابع قشو بتهمة المشاركة.
وصاح مصطفى قشو وياسين لحميني ’’عاش الشعب‘‘ داخل قاعة الجلسات عدة مرات قبل بداية الجلسة، وتواصلا مع أصدقائهما وأقاربهما والمتضامنين معهم والصحافيين الذين حاولوا استقصاء وضعهم داخل السجن، كما طمأن المعتقلان عائلاتيهما.
وعرفت الجلسة هجوما لهيئة الدفاع على مسطرة اعتقال قشو والحميني، والمحاضر التي أنجزتها الضابطة القضائية والتي اعتبرها الدفاع زورت الحقيقة، خصوصا عند وقوف هيئة الدفاع عند التطابق بين أقوال قشو ولحميني حسب المحاضر التي يبدو أن أحدهما أصل لما تبقى قام منجزو المحاضر بنسخها وتغيير الإسم فقط، فضلا عن إنجاز محضرين لشخصين في نفس اللحظة وهو ما اعتبره الأستاذ الجيكي غير معقول وغير منطقي.
وأعلن ياسين الحميني داخل قاعة المحكمة أنه تعرض للضرب من طرف عناصر الشرطة أثناء اعتقاله، ونفى أن يكون قدم أي تصريح مؤكدا أن التصريحات التي وردت في المحضر لا تعود إليه، وقال لرئيس الجلسة أنه لم يقدم على محاولة الانتحار بل صعد إلى العمود الكهربائي من أجل لفت الانتباه لقضيته وقضية الباعة المتجولين.
مصطفى قشو في تصريحاته داخل الجلسة قدم نفسه كمنسق وطني للباعة المتجولين، ونفى أن يكون لحميني هدد بالانتحار، كما نفى أن يكون قد حرضه على ذلك، ونفى الأقال المنسوبة إليه في محضر الضابطة القضائية موضحا أنه قرر التزام الصمت خلال الاستنطاق لأنه كان يحس أنهم سينسبون إليه أقوالا غير صحيحة، وأكد أن اعتقاله هو وياسين يأتي من أجل القضاء على حركة الباعة المتجولين التي بدأت تتوسع في مختلف مدن المغرب.
الأستاذ جلال الحلماوي من جانبه وقف على خرق حقوق المعتقلين حين أعلن أن الضابطة القضائية لم تتصل به من أجل الحضور مع المتهمين رغم أنهما طلبا ذلك وهو ما أكداه أمام المحكمة، ووقف على الخروقات المسطرية التي عرفها اعتقالهما، فيما أكد أن أحكام النيابة العامة ليست مقدسة وقابلة للانتقاد والمراجعة وأن النقد الموجه إليها ليست تهديدا ردا على ممثل النيابة العامة.
ووقف الأستاذ الضو على التهم الموجهة إلى الحميني مطالبا النيابة العامة بتبيان عناصر الجريمة، حيث طلب أن تظهر الطرف الذي تعرض للتهديد حسب منطوق فصول قانون المسطرة الجنائية، ليخلص إلى أن تكييف احتجاج لحميني على أنه تهديد هو محاولة للتغطية على حقيقة واضحة هي أنه اعتقل بسبب الاحتجاج، بينما وقف على تهمة حيازة السلاح الذي هو عبارة عن سلاسل يستعملها للاحتجاج وأظهر أمام المحكمة أنه تلك السلاسل جزء من زي يرمز إلى ما يعانيه من ’’حكرة‘‘ وتهميش، فيما وقف على تهمة التشرد مشيرا إلى أن لحميني يحتج لأن السلطات صادرت سلعته وكل ما يملك.
وأكد ممثل النيابة العامة أنها تعتبر المحاكمة عادية وأعلن أن الأمر لا يتعلق بمحاكمة سياسية وأن لحميني وقشو يتابعان لارتكابهما ’’جرائم خطيرة‘‘ ليرد دفاع المعتقلين بتوضيح سياق المحاكمة مبرزا أن المعتقلين مسؤولان وطنيان في تنسيقية الباعة المتجولين وأن الحضور الأمني المكثف يبين طبيعة المحاكمة وسبب الاعتقال، وفسر مطالبة النيابة العامة بأقصى العقوبة ليكونا عبرة للآخرين أنها مطالبة لردع الاحتجاجات وتخويف رفاق قشو والحميني الذين أصبحا رمزين وطنيين لدى هذه الفئة.
وبعد ساعات من المناقشة وعقب المداولة قررت المحكمة الحكم على مصطفى قشو بثلاثة أشهر سجنا نافذا وعلى الحميني بأربعة أشهر سجنا نافذا، فيما أكد الباعة المتجولون أن هذه الأحكام لن تثنيهم عن مواصلة النضال والتشبث بالتنسيقية الوطنية التي تضمهم.
وتظاهر أمام مقر المحكمة الابتدائية قبل انطلاق الجلسة عشرات الباعة المتجولين للمطالبة بإطلاق سراح رفيقيهما، ورفعوا شعارات تندد باعتقالهما وتشير إلى أنهم لن يتنازلوا عن حقوقهم، وصاحوا: ’’علاش شدوك يا ياسين، علاش شدوك يا مشصطفى؟ حيت قلتي كلمة حق‘‘ وشعارات أخرى تؤكد مؤازرتهم لهما.
وجرى اعتقال ياسين الحميني يوم 16 دجنبر 2014 حين صعد إلى عمود كهربائي من أجل لفت الأنظار إلى قضيته، فيما اعتقل مصطفى قشو في وقت لاحق نفس اليوم، من أمام مقر ولاية الأمن عندما كان يشارك في وقفة احتجاجية تضامنية مع الحميني.