جرائم كبيرة في بلدة صغيرة: من قتل هؤلاء؟؟


ذ.مـحـمـد الحـجــام
الجمعة 9 ماي 2014



كان من المنتظر أن تبث قناة مدي1 تفي يوم 15 أبريل ابتداء من الساعة التاسعة و20 دقيقة، حلقتها الثالثة من برنامج مسرح الجريمة، الذي خصصته لجرائم أفورار الغامضة، حيث بثت الحلقة الأولى يوم الثلاثاء 18 فبراير حول وفاة الشاب الصديق عبد العالي الذي كان آنذاك يشغل حارسا ليليا لجماعة افورار، تعويضا للحارس السابق الذي لقي هو الآخر نفس المصير، وبقي القاتل مجهولا، كما بث برنامج مسرح الجريمة حلقته الثانية حول القتيل عبوزا محمد صاحب سيارة أجرة كبيرة بأفورار، والتي تضمنت وقائع كيف قضى الضحية يوما قبل قتله و سيناريو الوفاة، حيث طوي الملف ضد مجهول.


إلا أن القناة فاجأت الرأي العام بعدم بثها للحلقة الثالثة التي كانت قد اعلنت برمجتها يوم الثلاثاء 15 ابريل، وأدرجت بدلها حلقة متعلقة بملف السلفية والإرهاب بمدينة الرباط. وقد استغرب الرأي العام هذا التأجيل أو ربما الإلغاء، وكثرت الإشاعة الى حدود التشكيك في حيادية القناة.


وفي اتصال بالمشرفة عن الإنتاج، أجابت أن الأمر يتعلق بتأجيل للشهر المقبل بعد توصل قسم البرمجة بعدة اتصالات تطالب بتنويع الحلقات ؟؟؟ وان قسم الإنتاج قد أنجز الحلقات الثلاث وتمت الموافقة عليها، وقبولها ، وان المسالة مرتبطة بقسم البرمجة.


ومعلوم أن الحلقة المؤجلة تتضمن قضية قتل الجندي المتقاعد إدريس العلام الذي وجد جثة هامدة وممزقة صبيحة يوم الأحد 06 مارس 2006 قرب ملتقى طريقي أفورار بني ملال، و بجواره أزيد من 3400درهم و هاتفه النقال.


مما طرح السؤال : هل يتعلق الأمر بحادثة سير بعد وضع مزين عجلة مرسديس على رأسه أم هناك طمس لمعالم الجريمة، خصوصا و أن الجاني أو الجناة وضعوا خطة محكمة للتمويه،لكن الروح عزيزة عند الله، فكيف لم يبلل حذاء المتوفى في يوم ممطر و كيف لماله أن يخرج من جيبه في حادثة و كيف له أن يوجد على يسار الطريق بعدما قيل أنه قادم من بني ملال أسئلة كان من المنتظر أن يجيب عنها المحققون في حلقة مسرح الجريمة، التي تضمن البلاطو الجلسة حضور زوجة الفقيد والزميل محمد اوحمي، ونشطها العميد السابق مصطفى الخراز .


ومعلوم أن هذه الجريمة التي لم يتم التوصل فيها إلى الجناة، تأتي ضمن سلسلة جرائم قتل طويت اغلبها ضد مجهول، وقد سبق لجريدة ملفات تادلة أن أصدرت في عددها 100 في مارس 2006 ملفا عن هذه الجرائم تحت عنوان:“ من قتل هؤلاء ” قدمت على إثره شكاية ضد الجريدة لازالت في النقض، وعلى إثر زيارة وزير العدل في منتصف شهر مارس الأخير لمحكمة أزيلال، التقى بعض عائلات الضحايا ووعدهم بالاعتناء وفتح الملفات.


وفي هذا الصدد نعيد نشر الرسالة/البلاغ التي بعثت بها القوى السياسية وهيئات المجتمع المدني يوم 3 ابريل 2006 إلى السيد وزير العدل وعدة مسؤولين بعد مقتل إدريس العلام، هذا الأخير الذي لازال مثل سابقيه من القتلى ينتظر جوابا لسؤال : من قتل؟ خصوصا بعد تبرئة المحكمة للمتهمين آنذاك، مما يستوجب بقاء البحث مفتوحا عن من قتل ولو في حادثة أو حوادث سير.





الرسالة البلاغ التي بعثت في الموضوع إلى وزير العدل وإصدار بلاغ يوم 3 أبريل 2006من طرف الهيئات السياسية والجمعوية بالمدينة، نورده كالتالي:


على إثر تعدد الوفيات الغامضة بأفورار من بينها:


-وفاة علام ادريس صبيحة يوم الأحد 6 مارس 2006


- وفاة عبوزة محمد يوم 28 فبراير 1997


- وفاة أسفو محند يوم 28 أبريل 2001


- وفاة صديق عبد العالي يوم 27 نونبر 2002


اجتمعت الهيئات السياسية والنقابية والمجتمع المدني لدراسة ملابسات الملفات التي غالبا ما تقيد ضد مجهول أو تحفظ لانعدام العنصر الجرمي أو التي يجري البحث فيها، ونظرا لما تركته هذه الوفيات من أسى في نفوس أسر الضحايا وتيتيم أبنائهم والرأي العام المحلي والجهوي. يتابع عن قرب ملفاتها، وبعد نقاش مستفيض ومسؤول، قررت في أولى خطواتها النضالية مراسلة الجهات المسؤولة جهويا ووطنيا ومطالبتها بالكشف عن حقائق هذه الوفيات الغامضة وتنويرا للرأي العام المحلي فإن الهيئات السياسية والنقابية والمجتمع المدني ستتابع عن قرب وبحزم الملفات حتى تظهر الحقيقة إنصافا لأسر الضحايا، وستتخذ الإجراءات المشروعة مستقبلا في حالة ما إذا لم يتم تعميق البحث والكشف عن المستور حفاظا على أمن واستقرار الساكنة.


عن الهيئات السياسية والنقابية والجمعوية: الاتحاد الاشتراكي، حزب الاستقلال، التقدم والاشتراكية، الكنفدرالية للشغل، الاتحاد العام للشغالين، نقابة الفلاحين، الاتحاد المغربي للشغل، جمعية النصر، جمعية أيت ايعزى البلان، جمعية ايت ايعزى للتنمية والبيئة، جمعية ايت شعيب للماء.


واليوم وأمام تنامي الجرائم والتشرميلة وإعلان الدولة لخطة وإستراتيجية لمواجهة كارثية الوضع، وأمام كثرة اللقاءات والاجتماعات الأمنية ببني ملال ومختلف عمالات الجهة، بين مختلف الأجهزة الأمنية وهيئات المجتمع المدني وتسطير آليات للعمل المشترك من اجل الأمن وسلامة المواطنين وممتلكاتهم، فان الأكيد ان ظاهرة الانفلات الأمني ذات أبعاد متعددة بما فيها الذاكرة، التي لازال وسيبقى لها دور دفين وعميق في نفوس أهل وذوي وأبناء وجيران وأصدقاء الضحايا الذين قتلوا ولم يتم التوصل لمن قتلهم، بل ستبقى هذه الذاكرة تشكل نقطة سوداء لدى الرأي العام، وثقب قاتل في سمعة وهيبة الدولة ومؤسساتها .


نتمنى أن تربط هذه المجهودات بحل ملفات جرائم طويت ضد مجهول حتى لا يبقى الإجرام يصدر عن أشباح قدرتهم تفوق قدرة أجهزة الدولة، ليس في الوصول إليهم ، بل حتى في عدم القدرة على معرفتهم!


نتمنى أن تبث قناة ميدي 1 تيفي حلقة القتيل إدريس العلام ، وان تستمر في أداء دورها الإعلامي المهني حتى لا تتهم هي الأخرى بالخوف من الشبح، في زمن ومرحلة تعاون الكل ضد الجريمة وشيوع الأمن وسلامة المواطنين وأملاكهم،


كما ينتظر الرأي العام إعادة الاشتغال على هذه الجرائم الغامضة والكبيرة في بلدة صغيرة محدودة في عدد سكانها، وأصحاب نفوذها ، واتضاح وانسجام بدايات خيوط هذه الجرائم، حتى لا تبقى أفورار تشكل بلدة من قصص ألف ليلة وليلة حزينة ، ولربما سيصل يوم لتشكل غرابة ما وقع فيها مادة درامية متكاملة للروايات العالمية والأفلام الهيتشكوكية.

مقالات ذات صلة