حكم الظل بالجزائر يثير الكثير من القلاقل


بقلم: عماد بنحيون
الجمعة 4 دجنبر 2015










في ظل استمرار غياب الحضور الرسمي والفعلي لبوتفليقة عن الساحة السياسية الجزائرية، تتسابق الأحزاب بالجزائر نحو الريادة وأخذ موقع الصدارة السياسية في البلاد، فتعددت المبادرات والمناورات والتصادمات فيما بينها، واشرأبت أعناق القادة لنيل المواقع الحساسة لدخول عالم الساسة، فبرزت أسماء لأول مرة وأخرى عرفت الظهور غير ما مرة، فبزغ نجم عمار سعداني أمين عام جبهة التحرير الوطني ليطلق مبادرته، وخرج إلى العلن معارضه عبد رحمان بلعياط، و فكت عقدة لسان مستشار الرئيس و رئيس الحكومة الأسبق، أحمد أويحيى، قائد التجمع الوطني الديمقراطي، وحرر مرض بوتفليقة زعيمة حزب العمال اليساري لويزة حنون، من تبعيتها له فأصبحت معارضة لمقربيه، وفرغ صبر رئيس الحكومة الأسبق ورئيس حزب طلائع الحريات، علي بن فليس، فأصبح ، بقدرة قادر، يرى أن الوضع الحالي للسلطة بات لا يطاق.
اختلفت مبادرات هؤلاء وأصحابهم باختلاف مواقفهم وعلاقتهم بالرئيس، فمنهم من عرف بدعمه لبوتفليقة وليس لنظامه، ومنهم من عرف مستفيدا من نظامه وليس من شخصه، ومنهم من يتبرك بوجود اسمه ولا يحتاج إلى وجوده، فيستمد سلطته من ظله، ومنهم من يأخذ الدعم من حمل لقبه، فيكفي أن يكون قريبه يحمل في عروقه فصيلة دمه.
وتوحد هؤلاء في شعورهم بالتوجس والخوف الشديدين على البلاد، فكشفت وسائل الإعلام عن شكك عبد رحمان بلعياط، في نزاهة مبادرة سعداني، فعارض مبادرة دعم بوتفليقة، بالرغم من أنه دعم الرئيس في وقت سابق" واتهمه بأنه يخفي وراءها أمرا مريبا. وعدم اكتفاء لويزة حنون، بالتساؤل عن ماهية هذه المبادرة في وقت لا تعدّ فيه الجزائر لانتخابات رئاسية، بل وصل بها الأمر ، بقدرة قادر أيضا، أن تصف مبادرة الحزب الحاكم ب"المناورة". وتجرأ، بدوره، أويحيى على رفض الانخراط في مسعى الحزب الحاكم وإنقاذ مبادرته. وتمرد، علي بن فليس على الوضع وأبان عن استطاعته التخلص من الخوف والتكلم وتحرير لسانه، فاكتشف اكتشافا عظيما هو أنه بدلا من يكون "تصور النظام السياسي يتوقف عند حدود بقائه" يجب ان يسعى إلى دوام الدولة واستمرارها؛ ولم يجرؤ أن يحرر عقدة لسانه بشكل أكبر ويجهر بأن الدولة لا ترتبط باسم شخص حتى لو كان "مريضا"
هذا الغليان "غير العادي"، الذي اصبحت عليه الساحة السياسية الجزائرية، رغم بعد المدة التي تفصلها على الاستحقاقات الرئاسية المقبلة المفترض تنظيمها سنة 2019، إذا لم يكن هناك داع لتنظيم رئاسيات قبل أوانها، وفي ظل تزايد المطالب الشعبية، في ظل الظرفية الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد، بسبب اتكالها بناء اقتصادها على عائدات النفط، وما عرفه سعر البترول من انخفاض في السنوات الأخيرة، وكذا ضياع جزء مهم من هذه العائدات في تقديم الدعم لبناء كيان انفصالي يدعى "البوليساريو" في الجنوب استهلك على مر أربعين سنة مدخرات الدولة، فأجهز بتواز مع مصاريفها الرسمية على ميزانيتها التي تعتبر من أكبر ميزانيات دول أفريقيا، أصبح لهذا الحراك أكثر من معنى، يصب كلها في محاولة هؤلاء إيجاد مخرج لأزمة اتفق جميع الفعاليات في البلاد أنها قائمة فيها، ساهم فيها الصراع حول السلطة مع مرض الرئيس بشكل كبير ، فأثار حكم الظل فيها الكثير من القلاقل، واتفق المحللون على أن أزمة الجزائر تشكل خطرا مدقعا سيؤثر، لامحالة، سلبا على محيطها الإقليمي الذي لا يعرف استقرارا مضمونا، لاسيما وأن الجزائر تتوفر حاليا في جنوبها "حسب مختصين" على أكبر مخزون افريقي للأسلحة المهربة غير المصرح بها، كما يعتبر جنوبها منطقة جلب وممرا آمنا للعصابات الأكثر تطرفا في العالم، وتجار السلاح وطريقا معروفا للمهاجرين السريين نحو أوربا عن طريق المغرب الذي أصبح، بسبب كل هذا، يعاني بعد الأزمة الاقتصادية التي عرفتها أوربا مؤخرا من تدفق هؤلاء المهاجرين إليه كبلد استقرار لهم عوض دول شمال البحر الأبيض المتوسط، خصوصا مع الطفرة النوعية التي عرفها اقتصاد هذه الدولة الواقعة في أقصى شمال غرب إفريقيا والتي تمتد من طنجة شمالا إلى الكويرة جنوبا ووجدة غربا إلى المحيط الأطلسي غربا.

مقالات ذات صلة