حياتنا السياسية ... متحكم فيها عن بعد


ابريك عبودي
الأربعاء 22 أغسطس/أوت 2012



لقد وجدت الأحزاب الديمقراطية نفسها بعد الاستقلال ضحية قمع سلطوي من طرف الدولة وخلال أربعين سنة عملت الحكومات المتعاقبة على إفقار المجتمع فسلبت الإنسان المغربي كرامته ونزعت منه أي تطلع للمستقبل وجعلته رهينا للحياة البئيسة مما جعل الأحزاب الديمقراطية تواجه نوعا أخر من القمع المجتمعي اد أصبح من الصعب أن نقتنع قوى المجتمع بخطاب عقلاني ديمقراطي حداثي في الوقت الذي نجد فيه من السهل تيار يدعو الأصولية استقطاب اكبر عدد بسهولة ولقد أثبتت التجارب السابقة أن الفئات الشعبية الفقيرة والمهمشة لاتملك ثقافة انتخابية سليمة. إن الديمقراطية ليست مطلبا ملحا بالنسبة لهذه الفئات لا تزال تتخبط في مشاكل أخرى، ومنشغلة أساسا بما له علاقة بالجوانب الاجتماعية وتوفير المستلزمات الأولية للعيش، مما يجعل هذه الفئات تسقط فريسة لسماسرة الانتخابات الذين يشترون أصوات الناخبين بابخس الأثمان ويبيعونها بالجملة لمن يدفع أكثر. إن الذي يتحكم في حياتنا السياسية هو المال والشبكات العلائقية علاقات المصلحة والزبونية علاقات القرابة والقبلية من هنا تغيب الايديولوجيا الأفكار والكفاءة ويهمش المناضل والمثقف فتحضر السمسرة والرداءة ان الانتخابات خرجت من سلطة الأحزاب بمعنى أن الأحزاب لم تعد تتحكم في الانتخابات وإنما أصبح المتحكم فيها الأساسي هم السماسرة الذين أصبحوا يتحكمون في العملية الانتخابية من بدايتها إلى نهايتها وهذا راجع إلى غياب المجتمع المؤطر، ناضلنا لمدة أربعين سنة لنجد أنفسنا في الأخير أمام سماسرة يتحكمون في كل شيء أحياء ودواوير بكاملها يتحكم فيها شخص أو شخصان يجمع/ يجمعان أصواتها فتعرض للبيع في سوق الانتخابات إن الديمقراطية هي التمثيل فاسد فكل شيء سيكون بالضرورة فاسدا فالمقدمات الفاسدة تترتب عنها نتائج فاسدة والانتخابات الفاسدة تنتج مؤسسات فاسدة. أوربا تعيش حياة سياسية الناخبون بحرية وديمقراطية يختارون المنتخبين وفقا للبرامج والأسبقيات وهذا من النوع من الاختيار يقضي أن يكون الجمهور الناخب مثقفا وإذا كان الأمر كذلك بالنسبة للدول الديمقراطية أوربا مثلا فالآمر عندنا يختلف للأسف إذ أن نسبة كبيرة من جمهورنا الناخب تنخرها الأمية وهذا ينعكس سلبا على العملية الانتخابية بل يسيء إلى ديمقراطيتنا الفتية و يمس بكرامة مواطنينا... كل هذا يدعوا القوى الحية ببلادنا إلى مواجهة هذه الآفة من خلال لعب ادوار طلائعية في تعليم وتثقيف المواطنين وتوعيتهم بأهمية الانتخاب وقداسة الاختيار، ووظيفة ذلك في سلامة واستقامة تسيير الشأن المحلي والوطني، ووظيفته في الإقلاع والبناء.
ولكي يثق الناخبون في المستقبل ويمارسون حقوقهم بعيدا عن كل تأثير وجب التفكير في إستراتيجية تنموية تتوخى ضمن ما تتوخاه إشباع الحاجيات الفكرية والفزيولوجية للأفراد مما يمكنهم من الإفلات من المزايدات السياسية التي تتخذ من مصدر قوتهم هدفا لتمييع العملية الديمقراطية.


مقالات ذات صلة