لم يكن موقف حزب العدالة والتنمية الحاكم بصفة عامة وموقف عبد الإله بنكيران بصفة خاصة، محط إعجاب زائد من طرف الطبقة السياسية قبل الانتخابات التشريعية الأخيرة، التي منحته الزعامة الرقمية الخارجة من صناديق الاقتراع.
يتذكر الجميع مواقفه السلفية من الحراك الاجتماعي وبصفة خاصة من الظهور القوي لحركة 20 فبراير، التي نادت بمحاربة الفساد واقتصاد الريع وبمحاكمة ناهبي المال العام، إلى جانب مطالب سياسية تهم نظام الحكم وممارسته، وذهب به موقفه المتشدد وعن خلفية إلى منع شبيبته من الانخراط في هذا الحراك، دون تقديم مبررات واضحة المعالم، اللهم دفاعه المستميت عن المؤسسات القائمة بروح تكاد تكون شوفينية صرفة.
لكن بعد أن اعتلى كرسي رئاسة الحكومة، أخذ مد الفساد والمفسدين يطوف حوله من كل جانب، إلى أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الغرق.
ولم يجد أمام من عصا النجاة يتمسك بها إلا عصا المخزن تارة و عصا الربيع العربي تارة أخرى، فتراه تارة يميل ميلة كبيرة نحو النظام المخزني ليستمد منه شرعيته وتارة أخرى يستنجد بالربيع العربي (دون أن يسمي حركة 20 فبراير بالاسم مباشرة) ليكون منه فزاعة في اتجاه المخزن.
حيث أن هذا اللعب على الحبال بكل تناقضاته قد انتهت صلاحيته واستنفدت قوته.
فعوض أن يركز جهوده على محاربته الفساد والمفسدين، ويقدم مصاصي دماء الاقتصاد الوطني للقضاء، ويسرع بوتيرة الإصلاحات التي وعد بها الشعب المغربي، (رغم مذكرته الأخيرة الداعية إلى تفعيل نتائج المجلس الأعلى للحسابات؟) فإنه دخل في حلقة مفرغة تتجاذبه قوة المخزن من جهة ومتطلبات الشارع العربي من جهة ثانية.
فعلا فقد آمن جزء من الشعب في وعود المصباح وعبد الإله بنكيران وفي رغبته في كسر الجمود الخانق الذي تعيشه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلدنا.
فرغم الدور الريادي لحركة 20 فبراير والضغط القوي الذي مارسته ورغم الدستور الجديد الذي فتح بعض المجال (ولو ضيقا) لكسر هذا الجمود ورغم المبادرات الجريئة لعديد من وزراء المصباح (التي لم تكتمل ولم ينفذ المصباح وعده بالفضح والاستقالة)، فإننا مع الأسف نلاحظ أن هذا الجمود لم يزدد إلا مناعة وصلابة.
فلم يستطع عبد الإله بنكيران وصقوره أن يتبنوا الإصلاحات التي بدؤوها فعلا (القضاء، دفاتر التحملات في السمعي والبصري حركة تعيين العمال والولاة، مسطرة تعيين مدراء المؤسسات العمومية الاستراتيجية، خير مثال على ذلك). بل انفلتت من يدهم وأصبحت بين أيدي المخزن. لذا نتساءل ماذا تبقى لبنكيران من هامش من المناورة؟ وماذا بقي له من رصيد التعاطف الذي أبداه تجاهه جزء من الشعب المغربي؟ بل إننا نساءل عن ما هي المصداقية التي لازالت لديه داخل بيته السياسي؟
- محاربة الفساد أجهضت في مهدها - واقتصاد الريع لازال مستمرا - وناهبي المال العام في منأى عن أية مساءلة - والحالة السياسية تجمدت وتكلست - والحالة الاجتماعية في فورة دائمة إذ لم تشعر بأدنى تغيير - والدستور الجديد كأن لم يكن.
فرصيدك يا بنكيران قد أوشك على الاستنزاف. فحذار من أن يتابعك الشعب المغربي من أجل إصدار شيكات بدون رصيد، كما هو حال من أفلس.
لقد نفدت المركزيتان النقابيتان ك.د.ش و ف.د.ش مسيراتهما ليوم الأحد 27 ماي تحت شعار الكرامة وبمضمون وحدة اليسار وبإعلان مواجهة فشل الحكومة؟.
إلا أن الأكيد هو أن هاته المسيرة التي وحدت نقابتين خصمين فجأة وبعد ترهل، جاءت بعد اليوم الوطني 15 لحركة 20 فبراير يوم الأحد 20 ماي والذي دعت فيه المنسقية الوطنية لدعم الحركة والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، لأول مرة الموظفين والمستخدمين والأجراء والعمال للخروج إلى جانب 20 فبراير، وهي القواعد المفترضة للنقابات، وخوفا من تكرار التجربة المصرية حيث دعمت قواعد النقابات دون إطاراتها وأجهزتها، الحراك الاجتماعي بساحة التحرير، عكس التجربة التونسية التي لعبت فيها النقابات قيادة وقواعد دورا حاسما داعما للحراك الاجتماعي.
ومع ذلك ومهما اختلفت الحسابات والمواقع، يبقى الأكيد أن حركة 20 فبراير لازالت حية وتنمو بإصرار، باعتبارها تشكل مصدر أغلب المخططات والتهيئات السياسية بالمغرب، ويبقى الأكيد كذلك أن من عاكسها سيكون مصيره الانفصام والتقلص، لأن المطالب موضوعية ومشروعة وملحة، وما حالة الذبول التي أصبح عليها بنكيران إلا نموذجا، بعد أن امتص لقيحه المخزن، الذي يقترب من إخفات وهج المصباح في أفق تهيئ الحزب السلفي كخزان وقود للآلة المخزنية الرهيبة في الدورة السياسية المقبلة، لكن موضوعية وشرعية 20 فبراير و حنكة العدل والاحسان الذي يتقن لعب الشطرنج السياسي، بالاضافة الى حساسية عولمة المرحلة وجيل وثورة المعلومات ستجعل من حسابات وأدوات المخزن غير قادرة على إعادة إنتاجه.
يتذكر الجميع مواقفه السلفية من الحراك الاجتماعي وبصفة خاصة من الظهور القوي لحركة 20 فبراير، التي نادت بمحاربة الفساد واقتصاد الريع وبمحاكمة ناهبي المال العام، إلى جانب مطالب سياسية تهم نظام الحكم وممارسته، وذهب به موقفه المتشدد وعن خلفية إلى منع شبيبته من الانخراط في هذا الحراك، دون تقديم مبررات واضحة المعالم، اللهم دفاعه المستميت عن المؤسسات القائمة بروح تكاد تكون شوفينية صرفة.
لكن بعد أن اعتلى كرسي رئاسة الحكومة، أخذ مد الفساد والمفسدين يطوف حوله من كل جانب، إلى أن أصبح قاب قوسين أو أدنى من الغرق.
ولم يجد أمام من عصا النجاة يتمسك بها إلا عصا المخزن تارة و عصا الربيع العربي تارة أخرى، فتراه تارة يميل ميلة كبيرة نحو النظام المخزني ليستمد منه شرعيته وتارة أخرى يستنجد بالربيع العربي (دون أن يسمي حركة 20 فبراير بالاسم مباشرة) ليكون منه فزاعة في اتجاه المخزن.
حيث أن هذا اللعب على الحبال بكل تناقضاته قد انتهت صلاحيته واستنفدت قوته.
فعوض أن يركز جهوده على محاربته الفساد والمفسدين، ويقدم مصاصي دماء الاقتصاد الوطني للقضاء، ويسرع بوتيرة الإصلاحات التي وعد بها الشعب المغربي، (رغم مذكرته الأخيرة الداعية إلى تفعيل نتائج المجلس الأعلى للحسابات؟) فإنه دخل في حلقة مفرغة تتجاذبه قوة المخزن من جهة ومتطلبات الشارع العربي من جهة ثانية.
فعلا فقد آمن جزء من الشعب في وعود المصباح وعبد الإله بنكيران وفي رغبته في كسر الجمود الخانق الذي تعيشه الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في بلدنا.
فرغم الدور الريادي لحركة 20 فبراير والضغط القوي الذي مارسته ورغم الدستور الجديد الذي فتح بعض المجال (ولو ضيقا) لكسر هذا الجمود ورغم المبادرات الجريئة لعديد من وزراء المصباح (التي لم تكتمل ولم ينفذ المصباح وعده بالفضح والاستقالة)، فإننا مع الأسف نلاحظ أن هذا الجمود لم يزدد إلا مناعة وصلابة.
فلم يستطع عبد الإله بنكيران وصقوره أن يتبنوا الإصلاحات التي بدؤوها فعلا (القضاء، دفاتر التحملات في السمعي والبصري حركة تعيين العمال والولاة، مسطرة تعيين مدراء المؤسسات العمومية الاستراتيجية، خير مثال على ذلك). بل انفلتت من يدهم وأصبحت بين أيدي المخزن. لذا نتساءل ماذا تبقى لبنكيران من هامش من المناورة؟ وماذا بقي له من رصيد التعاطف الذي أبداه تجاهه جزء من الشعب المغربي؟ بل إننا نساءل عن ما هي المصداقية التي لازالت لديه داخل بيته السياسي؟
- محاربة الفساد أجهضت في مهدها - واقتصاد الريع لازال مستمرا - وناهبي المال العام في منأى عن أية مساءلة - والحالة السياسية تجمدت وتكلست - والحالة الاجتماعية في فورة دائمة إذ لم تشعر بأدنى تغيير - والدستور الجديد كأن لم يكن.
فرصيدك يا بنكيران قد أوشك على الاستنزاف. فحذار من أن يتابعك الشعب المغربي من أجل إصدار شيكات بدون رصيد، كما هو حال من أفلس.
لقد نفدت المركزيتان النقابيتان ك.د.ش و ف.د.ش مسيراتهما ليوم الأحد 27 ماي تحت شعار الكرامة وبمضمون وحدة اليسار وبإعلان مواجهة فشل الحكومة؟.
إلا أن الأكيد هو أن هاته المسيرة التي وحدت نقابتين خصمين فجأة وبعد ترهل، جاءت بعد اليوم الوطني 15 لحركة 20 فبراير يوم الأحد 20 ماي والذي دعت فيه المنسقية الوطنية لدعم الحركة والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، لأول مرة الموظفين والمستخدمين والأجراء والعمال للخروج إلى جانب 20 فبراير، وهي القواعد المفترضة للنقابات، وخوفا من تكرار التجربة المصرية حيث دعمت قواعد النقابات دون إطاراتها وأجهزتها، الحراك الاجتماعي بساحة التحرير، عكس التجربة التونسية التي لعبت فيها النقابات قيادة وقواعد دورا حاسما داعما للحراك الاجتماعي.
ومع ذلك ومهما اختلفت الحسابات والمواقع، يبقى الأكيد أن حركة 20 فبراير لازالت حية وتنمو بإصرار، باعتبارها تشكل مصدر أغلب المخططات والتهيئات السياسية بالمغرب، ويبقى الأكيد كذلك أن من عاكسها سيكون مصيره الانفصام والتقلص، لأن المطالب موضوعية ومشروعة وملحة، وما حالة الذبول التي أصبح عليها بنكيران إلا نموذجا، بعد أن امتص لقيحه المخزن، الذي يقترب من إخفات وهج المصباح في أفق تهيئ الحزب السلفي كخزان وقود للآلة المخزنية الرهيبة في الدورة السياسية المقبلة، لكن موضوعية وشرعية 20 فبراير و حنكة العدل والاحسان الذي يتقن لعب الشطرنج السياسي، بالاضافة الى حساسية عولمة المرحلة وجيل وثورة المعلومات ستجعل من حسابات وأدوات المخزن غير قادرة على إعادة إنتاجه.