يشاء القدر أن تنال يد الغدر المهدي في غربته، كما غيب اللحد جثمان عبد الكريم الخطابي في غربته، غير أن الأول لا زال مصيره يلفه الغموض والأمير يحاول خصوم الشعب الدفع بتاريخه ليلفه النسيان من ذاكرة الشعب ما داموا لم يقتعلوه من ذاكرة الانسان على امتداد كل الشعوب التي حفظت ذكرى المهدي والرجلين معا يشكلان هوية لتعريف البلد الذي ينتميان له مثل طارق ابن زياد وابن رشد وغيرهم... حيث يتلاحم الوطن بالقائد الرمز.
تحل الذكرى الواحدة والخمسون لاختطاف القائد الوطني التقدمي وزعيم حركة التحرر العالمية المهدي بنبركة ومصيره لازال يلفه الغموض. المهدي بنبركة ابن المغرب والمؤمن بالمغرب العربي حتى يوم اغتياله يملك كل هذه المواصفات، حيث هو الهوية العربية الاسلامية والوطنية والنضال فهو من رسخ الذاكرة التاريخية للشعب المغربي والمنفتح على كل المذاهب والتيارات الفكرية المستوحات من الحضارة الشرقية والمنسجمة مع الخصوصيات المحلية والوطنية الضاربة بجذورها في العمق الافريقي حيث التواصل الجغرافي.
إن الاسلوب الذي استعمل لإخفاء معالم جريمة تصفية المهدي بنبركة هو صورة لتجريد الانسان من انسانيته، وكانت اسرائيل تولي اهتماما خاصا بجهود بنبركة في مواجهة النفود الصهيوني في افريقيا، واعتبرت ذلك يشكل خطرا على مصالحها،
اختطف المهدي بنبركة يوم 29 اكتوبر 1965 من امام مطعم " ليب" بشارع سان جرمان بباريس ويساق إلى احدى الفيلات، عملية الاختطاف هاته قامت بتنظيمها السلطات المغربية بالاشتراك مع ضباط الشرطة الفرنسية.
إن غياب المهدي بنبركة هو غياب مؤقت إلى حين ان تظهر الحقيقة ، كل الحقيقة عن مصيره، إنه مختطف إلى اشعار آخر، وككل مختطف ولو اختطف في مكان خارج المغرب لابد من المطالبة على غرار باقي المختطفين من مناضلي الشعب المغربي، باظهار المصير الذي آل إليه، أين جثثه؟ أين دفنت؟ من وقف وراء اختفائه؟ اسئلة تظل هي وغيرها قائمة بالحاح تحول دون تسمية/ وصف المناضل المختطف الغائب المهدي بنبركة بـ " الشهيد".
هذا فمنذ سنة 1975 وملف اغتيال المهدي بنبركة تعاقب عليه العديد من قضاة التحقيق ووجهت عدة انابات قضائية وقع تجديدها سنة 2005 والسلطات المغربية لا تصرح برفض تنفيذ هذه الإنابات لكنها تتركها حبيسة وزارتي الخارجية المغربية والفرنسية وهاهو القضاء الفرنسي يصدر خمس مذكرات توقيف فرنسية ضد خمسة مسؤولين مغاربة وذلك بتزامن مع زيارة الرئيس الفرنسي ساركوزي للمغرب .
فقد أعلنت القناة الفرنسية العمومية فرانس 3 أن القاضي الفرنسي باتريك راماييل المكلف بالتحقيق في ملف الشهيد المهدي بنبركة اصدر خمس مذكرات توقيف دولية من بينهم مسؤول حالي وآخرون متقاعدون.و يتعلق الأمر :
- بالجينرال حسني بن سليمان
- الجينرال عبد القادر القادري ( مسؤول سابق في الاستخبارات العسكرية)
- ميلود التونزي ( المعروف باسمه المستعار العربي الشتوكي أحد عناصر المجموعة المغربية التي نفذت عملية الاختطاف.
- بوبكر حسوني الممرض العامل في كاب – أ- احدى وحدات اجهزة الاستخبارات المغربية الاكثر سرية في حقبة العملية.
- عبد الحق العشعاشي العامل ايضا في كاب –أ-
ولحد الآن فإنه يجهل ما إذا كان القاضي الفرنسي المذكور قد قام بالاجراءات المسطرية الضرورية في مثل هذه الحالات بشأن هذه المذكرات وهي الاجراءات التي تقتضي إحالتها على المدعى العام الفرنسي ثم وزارتي العدل والخارجية.
وقد اكدت وكالة الانباء الفرنسية توقيع القاضي لهذه المذكرات لكنها لم ترسل إلى الاشخاص المعنيين موضحة انها تحتاج إلى موافقة وزارة العدل الفرنسية وهو ما لم يحصل حتى الان.
فهل توضع مختلف العراقيل في وجه تنفيذها من جديد.