الشيخ القباج يقول أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته حيث يتحدث عن أنه إذا تبث قول الشرطي طحن مو فإنه تجب محاسبته بالشطط في استعمال السلطة؛ أما إذا تبث العكس فيجب اعتبار الموضوع حادثا يتابع فيه سائق الشاحنة.. على ما يبدو، فإن الشيخ نسي أن الشعب قتل داخل شاحنة للقمامة، ومن الحكرة التي يعيشها يوميا؛ في بلد الديمقراطية وما بعد الربيع العربي الديمقراطي؛ وكانه المثل القائل طاحت الصومعة علقوا المهندس بدل الحجام. ولعل من أجل ضمان مقعد انتخابي وتقاعد مريح بعد كل الإمتيازات طيلة الولاية الحكومية؛ يستدعي أن تكون حياة شعب أرخص من المقعد؛ وهذه بلا شك ما تدعى الانتهازية و"التبلحيس".
ماتت مي فاتحة وإغتصبت خديجة واحترق عشرات المعطلين والمتشردين والباعة المتجولين، وعنف الأطر والأساتذة والطلبة، كما سجن المئات، واليوم يطحن محسن فكري، ويقولون أن المتهم بريء حتى إدانته؛ وهكذا يرسل شرطي سائق شاحنة لا حول له ولا قوة إلى المقصلة، وسعد المجرد بريء وانتهت القضية.
والحقيقة أنه ينطبق هذا على مثل "طاحت الصومعة علقوا الحجام"
لا يوجد نظام سياسي في العالم إلا ويوجه الأخبار في اتجاه مصلحة استقرار بنيته الاجتماعية، وهذا لابد يعني أنه يوجد في المقابل نظام سياسي لا يهتم لمصلحة الشعب أكثر مما يهمه الحفاظ على استقرار بنية اجتماعية تخدم بقاء سيادة مصالحه الخاصة.
والأكيد أن الأخبار تحتاج لابد إلى قنوات لترويجها بالشكل الذي يتوافق ومصالح الأشخاص في سدة الحكم؛ حيث تسهر هذه الأخيرة على جعلها في متناول اليد في كل ثانية، وذلك أينما حل وإرتحل الواحد داخل إمتداد نفوذ سلطة السيادة، حيث ومنذ مدة كان قد تأكد الكثير بشأن القدرة على التحكم بالعقول بل والضحك عليها أيضا و"استحمارها" إن بلغ الأمر؛ وهنا تأتي أهمية وضع نقد واضح يوضح ضرورة الإعلام والصحافة لضمان الحفاظ على الإديولوجيا المتناسبة مع الشكل المراد تكريسه لذا طبقات الشعب كصمام أمان أو طفاية حريق؛ كلما استدعى الأمر ذلك."