إلى
* كل من آمن بأن الدين لله و جسد على ارض الواقع قوله تعالى " و أن المساجد لله فلا تدعو مع الله أحدا"
* كل من ناهض ادلجة الدين الإسلامي فكان حظه في سبيل ذلك أن نال شرف الاستشهاد.
* كل الأجيال التي أصابها ضلال مؤدلجي الدين الإسلامي، فانساقت وراءهم، و أغمضت عينها عن رؤية الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي المتردي من اجل أن تستعيد وعيها بأن الدين الإسلامي ليس ما يدعو إليه مؤدلجو الدين الإسلامي.
* كل من أدرك خطورة ادلجة الدين الإسلامي منذ البداية و لم ينسق وراء مؤدلجيه.
* من اجل دين إسلامي بلا ادلجة.
* من اجل مجتمع بلا إرهاب.
محمد الحنفي
تقديم :
كثير هو الهرج و المرج الذي أحدثه زلزال تسونامي، لدى من أسميتهم شخصيا بمؤدلجي الدين الإسلامي في جميع أنحاء العالم، و عندنا هنا في المغرب، و في حزب سياسي قام في الأصل و في الفصل على ادلجة الدين الإسلامي التي لا علاقة لها بالدين الإسلامي الذين يسميهم البعض بالإسلاميين، أي المنسوبين إلى الإسلام الذين لا علاقة لهم بالإسلام، و الذين يصدق عليهم قوله تعالى "قالت الأعراب آمنا قل لم تومنوا و لكن قولوا أسلمنا و لما يدخل الإيمان في قلوبكم" و يسميهم البعض الآخر بالمتأسلمين الذين يدعون انهم مسلمون لحاجة في نفس يعقوب، و نسميهم نحن بمؤدلجي الدين الإسلامي لفقدانهم إيديولوجية يعتمدونها في مواجهة الإيديولوجية البورجوازية و إيديولوجية الطبقة العاملة في نفس الوقت مع إعطاء الأولوية لمواجهة إيديولوجية الطبقة العاملة، ثم الإيديولوجية التي تدعمهم في عملية مواجهة الطبقة العاملة، و العمل على إقصاء إيديولوجيتها، و إيهام الناس بأن حل المشاكل الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية ترجع إلى استعادة حكم "الدولة الإسلامية" الضائع، و تطبيق "الشريعة الإسلامية". و ليس في تحقيق الحرية باعتبارها أملا إنسانيا ساميا تسعى كل الشرائع السماوية إلى تحقيقها بنسبة أو بأخرى من خلال إخلاص العبادة لله وحده دون سواه، و من خلال القيم الإنسانية النبيلة التي جاء بها القرءان الكريم، و غيره من الكتب السماوية التي لم يلحقها تحريف إيديولوجي، و سياسي. كما انه ليس في تحقيق الديمقراطية التي تساعد على اجرأة تلك الحرية و تمكين الإنسان من الاختيار الحر و النزيه في اختياره الدستوري، و اختيار المؤسسات التي تمثله و إفراز الحكومة التي تشرف على تسيير شؤونه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية حتى يطمئن على مصيره في جميع مجالات الحياة، و انه ليس في تحقيق العدالة الاجتماعية التي تعتبر وسيلة لتحقيق التوزيع العادل للثروة على جميع أفراد المجتمع حتى يتأتى للجميع العمل على التمتع بالخيرات المادية و المعنوية على أساس المساواة فيما بينهم، بدعوى أن الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية التي ليست إلا دعوات "للكفار و الملحدين و الصهاينة" و غير ذلك من الأوصاف التي يختارونها بدقة لجعل الناس يعتقدون أن من حقهم التمتع بالحرية و بالديمقراطية و بالعدالة الاجتماعية.
لكن هؤلاء المؤدلجين سرعان ما يطرحون أن من حقهم التمتع بالحرية إذا ما تمت محاصرتهم من الاستبداد القائم، حتى تتاح لهم فرصة ممارسة تضليل الشعب دون وازع ضمير، و اختصار الممارسة الدينية في تكريس الممارسة السياسية باسم الدين، و سرعان ما يطرحون الممارسة الديمقراطية عندما تصير وسيلة للوصول إلى المؤسسات المقررة في مصير الشعب من اجل جعلها مشرعنة الاستبداد البديل. و سرعان ما يحرصون على تحقيق العدالة عندما يتعلق الأمر بالحصول على تمويل الأحزاب، و تمويل الجرائد، و تمويل الحملات الانتخابية من أموال الشعب.
و لتناول موضوع " لا عدالة ولا تنمية في مفهوم العدالة و التنمية" سنتناول مفهوم العدالة و مفهوم التنمية، و خطاب العدالة خطاب التضليل و خطاب التنمية خطاب التخلق. و هل من العدالة استغلال الدين في الأمور الإيديولوجية و السياسية ؟ و هل من التنمية إنتاج خطاب التخلف ؟ و ماذا لو امسك مؤدلجو الدين الإسلامي في العدالة و التنمية عن ادلجتهم للدين الإسلامي ؟ و هل يمسك مؤدلجو الدين الإسلامي في العدالة و التنمية عن إنتاج خطاب التخلف ؟ و هل من العدالة و من التنمية اعتبار مغربنا العزيز ماخورا ؟ ألا يمكن اعتبار تفاقم المشاكل الأسرية التي تكتب عنها الجرائد يوميا هو نتاج خطاب تخلف العدالة و التنمية ؟ ألم يحن الوقت للإمساك عن ادلجة الدين الإسلامي و توظيفه في الأمور السياسية ؟ ألم يحن الوقت لممارسة السياسة، و في واضحة النهار بعيدا عن الدين ؟ ألم يتعرف هؤلاء على قول الله "و تلك الأيام نداولها بين الناس"؟ وصولا إلى امتلاك تصور أن مصطلح "العدالة" وظف قصدا في الأمور السياسية لمحاربة تحقيق العدالة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. و أن مصطلح التنمية وظف لمحاربة التنمية بأشكالها المختلفة و باسم الدين من اجل المحافظة على التخلف الذي يتحرك فيه رهط "العدالة و التنمية" الذي لا ينشط مثل الفيروسات المضرة إلا في المستنقعات. و مستنقع التخلف هو اكبر مستنقع لتكريس تضليل "العدالة و التنمية" لتحقيق شعار لا عدالة و لا تنمية بدون مزدوجتين، حتى لا يجف الماء العكر من مستنقع التخلف الذي لا يستهدف بفيروساته إلا الأفكار التقدمية و المتنورة المعتمدة في النضال من اجل تحقيق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية باعتبارها شرطا لتحقيق العدالة و التنمية فعلا على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية لنقل المجتمع المغربي بمختلف فئاته الاجتماعية من مستوى التخلف إلى مستوى التقدم الذي تنشده البشرية في كل مكان.
مفهوم العدالة :
و إن من القيم النبيلة التي يسعى الناس جميعا في الشرق و في الغرب، في الشمال و في الجنوب إلى تحقيقها على ارض الواقع، و انطلاقا من مقاييس محددة تتناسب مع الاختلاف في طبيعة التشكيلة الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و مع الاختلاف في الزمان و المكان، هي قيمة العدالة بمضمونها الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي ، فماذا نعني بالعدالة ؟
إن العدالة مصدر عدل يعدل بين شيئين، إذا وازن بينها، و عدل يعدل بين شخصين إذا مكنهما من التمتع بالحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية. فخلق التوازن بين الأشياء و بين الناس يضمن سلامة الأشياء، و سلامة البشر من الوقوع ضحية للكوارث التي تصيب الأشياء كما تصيب البشر بسبب فقدان التوازن.
و على المستوى الاصطلاحي، فالعدالة تعني تحقيق المساواة بين الناس في الحقوق و في الواجبات و على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و تمكينهم من الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية حتى يشعروا بإنسانيتهم التي سلبت منهم في مختلف المراحل التاريخية السابقة.
و هذا المفهوم يختلف من دين إلى دين آخر، و من تشكيلة اجتماعية إلى تشكيلة اجتماعية أخرى، و من زمن إلى زمن آخر، و من مكان إلى مكان آخر.
فالعدالة عند اليهود ليست هي العدالة عن المسيحيين، و ليست هي العدالة عند المسلمين. و الإنسان بطبيعة الحال لا يسعى إلى اكثر من تمتيعه بحقوقه الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية في أي تشكيلة اقتصادية اجتماعية، سواء كانت إقطاعية أو رأسمالية أو اشتراكية، غير أن التشكيلات الإقطاعية و الرأسمالية لا تقوم على تقرير العدالة بقدر ما تقوم على حرمان الكادحين بالخصوص من جميع الحقوق إن لم نقل معظمها في احسن الأحوال. فطبيعة التشكيلتين المذكورتين تقوم على أساس الاستغلال البشع للكادحين في المجتمع. و الاستغلال يتناقض مع العدالة بمفهومها اليهودي أو المسيحي أو في الدين الإسلامي. و لذلك لا مجال للحديث عن شيء اسمه العدالة في هاتين التشكيلتين. و التشكيلة الوحيدة التي يمكن أن تحضر فيها العدالة هي التشكيلة الاشتراكية إذا تحررت من الجمود العقائدي. و لذلك، فالعدالة في الاشتراكية تعادل التمتع بالحقوق الإنسانية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، كما تعادل تحقق الحرية و الديمقراطية و العدالة الاجتماعية في واقع المجتمع الاشتراكي. و لذلك يمكن القول أن العدالة بمفهومها الاشتراكي تتمثل في إلغاء جميع الفوارق الطبقية و العرقية و اللغوية و القومية و الثقافية و السياسية بين جميع الناس على اختلاف جنسهم أو لونهم أو عرقهم أو لغتهم أو ثقافتهم حتى يصيروا جميعا متساوين في الحقوق و الواجبات.
و هذا المفهوم لا يمكن أن يستوعبه مؤدلجو الدين الإسلامي، و لا يمكن أن يتعاطوا معه إيجابا بقدر ما يسعون إلى نفيه، لأنهم يعتبرون العدالة في وصولهم إلى الحكم، أو إلى مراكز القرار لفرض تطبيق "الشريعة الإسلامية" بقوة الحديد و النار. و لكن ما هي الشريعة الإسلامية التي يحققونها ؟ هل هي تلك التي طبقها الرسول ؟ هل هي التي طبقها أبو بكر ؟ هل هي شريعة عمر أو عثمان ؟ هل هي شريعة علي بن أبي طالب ؟ هل هي شريعة كل خليفة من خلفاء بني أمية ؟ هل هي شريعة كل خليفة من خلفاء بني العباس ؟ هل هي شريعة الأمويين في الأندلس أو الادارسة في المغرب ؟ هل هي شريعة شيعة إيران ؟ هل هي شريعة الوهابيين في الجزيرة العربية ؟ هل هي شريعة الإخوان المسلمين ؟ هل هي شريعة الخوارج في مختلف العصور ؟ هل هي شريعة العثمانيين أو الأتراك حاليا ؟ هل هي شريعة حزب الله في لبنان ؟ أو حماس في فلسطين ؟ أو شريعة بن لادن و الظواهري في أفغانستان ؟ هل هي شريعة الطالبان ؟... إننا لا ندري ما هي "الشريعة الإسلامية" التي تحقق العدالة ؟ و ما مضمون هذه العدالة في نظر مؤدلجي الدين ؟ هل هو مضمون اقتصادي ؟ هل هو مضمون اجتماعي ؟ هل هو مضمون ثقافي ؟ هل هو مضمون سياسي ؟ و هل يمكن أن يتخلى مؤدلجو الدين الإسلامي الذين نسميهم ب"الحزبوسلامي" أي الحزب المنسوب إلى الإسلام عن فرض الاستبداد أو السعي إلى فرض الاستبداد ؟
إن مفهوم العدالة الذي يذهب إليه مؤدلجو الدين الإسلامي، و منهم حزب "العدالة و التنمية" المغربي لا يمكن أن يعني إلا الاستبداد بالمجتمع على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، و العمل على تجييش الناس جميعا وراء الحزبوسلامي المستبد لخدمة مصالح مؤدلجي الدين الإسلامي الطبقية الإقطاعية البورجوازية. و ما سوى هذا المفهوم فهو دخيل على الدين الإسلامي و على المسلمين في جميع أنحاء العالم، و من يعمل به من المسلمين فهو كافر و ملحد، و ما يقام من مؤسسات على أسس مخالفة لما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي "شريعة إسلامية" يعتبر من مؤسسات الكافرين، و هو مخالف لما تقتضيه "العدالة" حسب مفهومهم، و يجب التخلص منه و استئصاله من الواقع بكل تلويناته و أشكاله حتى لا يبقى إلا ما يراه مؤدلجو الدين الإسلامي "شريعة إسلامية".
و عندما يتعلق الأمر بالدول، و بالأحزاب السياسية الأخرى، فإن كل دولة ترى في برنامجها الذي تطبقه حكومتها هو العدالة، و كل حزب يرى في برنامجه هو العدالة، و تنسى الدول أنها إنما هي أدوات للسيطرة الطبقية، كما تنسى الأحزاب أنها مجرد تنظيمات سياسية تمثل طبقات اجتماعية معينة تسعى إلى الوصول إلى الحكم. و أن الحزب الوحيد الذي يمكن أن نعتمد برنامجه الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي و المدني و السياسي هو حزب الطبقة العاملة، لأن من مصلحة هذه الطبقة و عبر حزبها السياسي أن يسعى هذا الحزب إلى تحقيق العدالة في حالة وصوله إلى الحكم، لأنه سيعمل على تحقيق النظام الاشتراكي في بلد معين باعتباره هو النظام الاصلح لتحقيق المساواة بين الناس و على جميع المستويات، و انطلاقا من هذا الاستنتاج يمكن القول بأنه لا عدالة في خطاب " العدالة و التنمية".
مفهوم التنمية :
و كما قلنا في مناقشتنا لمفهوم العدالة، فإن استعمال مفهوم التنمية أيضا يقصد منه تضليل الكادحين الذين يفتقرون إلى التنمية حتى يعتقدوا أن ما يسعى إليه مؤدلجو الدين الإسلامي هو عين التنمية الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية. و الواقع أن ما يسعى إليه الحزبوسلامي المؤدلج للدين الإسلامي ليس إلا تراجعا إلى الوراء، ذلك التراجع القاضي بتحقيق استعادة "دولة الإسلام" كما عرفها تاريخ المسلمين و كما سعى إليها مؤدلجو الدين الإسلامي في مختلف العصور من اجل تطبيق "الشريعة الإسلامية". و لذلك فالتنمية بالنسبة إلى الحزبوسلامي الذي لا يعرف الطريق لا إلى العدالة، و لا إلى التنمية ليست إلا شطب كل أشكال التنمية القائمة في الواقع و القاضية بتحديث الواقع الاقتصادي و الاجتماعي و الثقافي حتى لا يتناسب مع ما هو سائد في كل القارات الخمس، و حتى لا يتناسب مع العصر الذي نعيشه.
فما المراد بالتنمية ؟ و ما مفهوم الحزبوسلامي للتنمية ؟ و ما مفهوم الأحزاب السياسية و الدول القائمة للتنمية ؟
إننا بارتباطنا بهذا المفهوم نجد أنه مأخوذ من نمى المزيد بالتضعيف من الفعل المجرد نما ينمو نموا بمعنى زاد. و نمى تنمية بمعنى جعله يزيد، لتكون بذلك التنمية مصدرا لفعل من أفعال الجعل، الذي يقضي بحصول زيادة في شيء معين. و هذا الشيء هو الفعل الخارجي المتمثل في قيام جهة خارجية بجعل شيء معين ينمو وفق شروط معينة و انطلاقا من خطة معينة مرسومة حتى تستطيع تلك الجهة تحقيق الأهداف المتوخاة من وراء جعل ذلك الشيء ينمو نموا معينا.
و انطلاقا من هذا التصور اللغوي، فإننا نعتبر أن التنمية هي ممارسة اقتصادية اجتماعية ثقافية من منظور سياسي معين لجعل حياة شعب من الشعوب تنتقل من واقع متدن إلى واقع أرقى.
فتحويل الاقتصاد الإقطاعي إلى اقتصاد رأسمالي متطور، و ممكنن يعتبر تنمية اقتصادية. و كذلك تحول الإنتاج الرأسمالي إلى إنتاج اشتراكي أيضا يعتبر تنمية اقتصادية قائمة على أساس توزيع الثروة بين جميع أفراد المجتمع بسبب الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج.
و العمل على جعل جميع الناس يتمتعون بجميع الحقوق الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية في ظل دولة الحق و القانون أو في ظل الدولة الاشتراكية يعتبر تنمية اجتماعية.
و العمل على التنشيط الثقافي، و دعم جميع الوسائل الثقافية و إشاعتها في المجتمع على أساس أن جميع المكونات الثقافية متكافئة فيما بينها حتى تساهم جميعا في بلورة قيم ثقافية متطورة و مساهمة في تطور شعب من الشعوب من خلال تطوير مسلكيات الأفراد و الجماعات يعتبر تنمية.
و الحرص على المساواة بين الجنسين، و أمام القانون في الحياة المدنية يعتبر تنمية.
و السعي إلى إيجاد دستور ديمقراطي من الشعب و إلى الشعب، و إجراء انتخابات حرة و نزيهة لإيجاد مؤسسات تمثيلية حقيقية تعتبر أيضا تنمية.
لأنه بهذه الأشكال التنموية، و في هذه المستويات المختلفة يمكن للشعب – أي شعب – أن ينتقل من وضعية متخلفة إلى وضعية متطورة، و تزداد تطورا بفعل الاستمرار في التنمية المستدامة.
فهل يحضر هذا المفهوم للتنمية في ممارسة الحزبوسلامي المدعو "العدالة و التنمية" ؟
إن الحزبوسلاميين المتنبئين الجدد المؤدلجين للدين الإسلامي يعتبرون كل أشكال التنمية المشار إليها في صياغتنا لمفهوم التنمية الذي نقتنع به أشكالا من الكفر و من الردة عن الدين الإسلامي حسب تأويلاتهم الإيديولوجية لهذا الدين، فلا شيء اسمه التنمية الاقتصادية أو الاجتماعية أو الثقافية أو المدنية أو السياسية إلا في ظل "الدولة الإسلامية". و حسب مفهوم الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) لمفهوم التنمية، و عن طريق تطبيق "الشريعة الإسلامية". لذلك فكل من يقتنع بهذه الأشكال من التنمية ليس إلا كافرا و ملحدا بسبب علمانيته، و ديمقراطيته. لأن العلمانية و الديمقراطية من علامات الكفار و الملحدين، و لذلك نجد أن هؤلاء ينخرطون في الحزبية بعدما ادلجو الدين الإسلامي و حولوه إلى مجرد إيديولوجية للحزبوسلامي (العدالة و التنمية)، و يصير مفهومهم للتنمية هو مجرد مفهوم حزبي ينضاف إلى بقية المفاهيم الحزبية التي يحمل كل منها مفهوم الطبقة الاجتماعية التي تعبر إيديولوجيته عن مصالحها الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية، لكنه يعتبر مفهومه المستند إلى الدين الإسلامي هو الأصلح، و أن جميع الأحزاب ليست على حق في مفاهيمها للتنمية، و كذلك الشأن بالنسبة للدول التي ليست إلا أدوات للسيطرة الطبقية للطبقات الاجتماعية التي تصل إلى امتلاك السلطة. فمفاهيم مختلف الدول ليست إلا مفاهيم الطبقات السائدة و الحاكمة في نفس الوقت، و حسب الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) فالدولة الوحيدة التي تملك مفهوما صحيحا للتنمية هي "الدولة الإسلامية" التي تعمل على تطبيق "الشريعة الإسلامية".
و الواقع أن الحزب الوحيد الذي يحمل مفهوما علميا للتنمية هو حزب الطبقة العاملة، و أن الدولة الوحيدة التي تعمل على إيجاد تنمية حقيقية هي الدولة الاشتراكية، لأنها لا تقتصر على الاقتصاد وحده، و إنما تشمل كذلك الجوانب الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية.
و بذلك نصل إلى أن التصور الذي يحمله الحزبوسلامي للتنمية هو تصور غير علمي، و غير مقبول، و غير مطور للواقع، و غير مساعد على تطور المجتمع على جميع المستويات الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و المدنية و السياسية بقدر ما يدخل المجتمع المغربي بالخصوص في متاهات التخلف الناتجة عن الانشغال بالغيب بدل الارتباط بالواقع، و التفكير في اليوم الآخر بدل الاشتغال على تطوير الحياة التي يعيشها و على جميع المستويات، مما يجعلنا نجزم بأنه لا تنمية في عرف و ممارسة الحزبوسلامي (العدالة و التنمية) مما يجعله حزبا مشرعنا للتخلف، و مشتغلا على تصريف أهوال القبور، و حوار مع الجن و أشياء أخرى لا علاقة لها بالواقع، و لا يمكن أن تساهم في تطوره.