لالـــة زينـــة وزادهـــا نـــور الحمــام


- ذ.محمد الحجام
الجمعة 8 نونبر 2013



ليست حكومة بنكيران وحدها التي عرفت طبعة ثانية في تشكيلتها، بل أغلب الحكومات المغربية السابقة بما فيها حكومة اليوسفي، كان يتم تشكيل طبعة ثانية لها، إلا أن الزمن السياسي المغربي الحالي، ورغم الاستمرارية يعرف تميزا غرائبيا، اعتبارا للدستور الجديد وما تضمنه على إثر حركة 20 فبراير كنسخة مغربية لما سمي بالربيع العربي، واعتبارا لوصول إسلاميي المصباح في المغرب "للسلطة" عبر صناديق الاقتراع وليس بالدم، كما هو حال بعض البلدان العربية التي أطيح بحكامها، واعتبارا للأزمة الاقتصادية وتطور الوعي الشبابي، مما يستوجب ضرورة التأسيس لحد أدنى على الأقل لمفاهيم التداول ومصداقية المؤسسات كأرضية لتفعيل معنى المسؤولية والمحاسبة، والتقليص التدريجي للمفهوم والممارسة المخزنية في السلطة والمجتمع معا، كضمانة استقرار استراتيجي ودخول العصر الحالي.


صحيح أن العدالة والتنمية حزبا مخزنيا لا خوف لهذا الأخير منه، إلا أن تقاليد المخزن لا تسمح لأحد بأن يكبر حتى ولو كان من الخدم، وصحيح أن رهان مهندسي السياسة المخزنية كان مبنيا على تصدع المصباح بعد سنة أو سنتين من الحكومة وتقلص شعبيته، مثل ما وقع لحزب الوردة وكل من دخل ماكينة المخزن الرهيبة، إلا أن حزب بنكيران أثقن اللعبة المخزنية واستفاد من سلوك حزب الاستقلال الذي حكم واستفاد باسم الملك طيلة نصف قرن، وهكذا بدل أن يضعف حزب المصباح تمدد أفقيا عبر جمعياته وهيئاته المدنية على أرضية المصلحة النفعية وليست العقائدية، كما تمدد عموديا بغرس عشرات المئات من أطره في مختلف المواقع الإدارية للدولة، الشيء الذي أربك الهندسة السياسية المخزنية التي كانت تنتظر الهزة ليعاد تحريك التراكتور و G8، للعودة للحكومة وليس الحكم طبعا.


شكلت مسرحية/ انتفاضة شباط المشهد الأول في مسرحية تشكيل الحكومة الثانية وإدلال بنكيران ومصباحه بعد أن أكد هو نفسه أنه مستعد لأي شيء ليبقى فقط في رئاسة الحكومة.


استغرقت المفاوضات لتشكيل الطبعة الثانية للحكومة ثلاث أشهر بعد انسحاب مجموعة شباط، لتعلن المفاجأة وليجد المغاربة أنفسهم أمام تشكيلة حكومية وميزان قوى جديدين على حساب حزب العدالة والتنمية، الذي فقد وسيفقد أكثر الكثير من تأثيره السياسي لصالح صقور المخزن في الحكومة باسم التقنوقراط، وهم أكثر من 7 محتلين الوزاراة أساسية إلى جانب الأحرار، مطوقين وزراء المصباح الذي تعرض لتقليص نوعي، ووجد نفسه في خلط كبير للأوراق مما سيجعل هاته الحكومة الهجينة بعيدة عن برنامج الحكومة الأولى وغير قادرة على طرح برنامج جديد، لاستحالة التوافق بين مكوناتها وعدد وزراءها، الذي زاد عن 31 إلى 39 بدل 15 كما سبق أن حلم بنكيران.


وللمغاربة قصة طويلة ودالة عن الزيادة التي يعتبرونها تأتي من رأس الأحمق، أو عندما يصفون شخصا بالمبالغة السلبية والغير المبررة بقولهم: زاد فيه ، بالإضافة إلى الأمثال الشعبية الكثيرة في هذا الصدد مثل: ما كدو فيل زادوه فيلة- ما حدها تقاقي أو هي تزيد في البيض- زيد على احمار الشلح ما نايض ما نايض- زيد الشحمة في قاع المعلوف.


ومادام بنكيران لا يتردد في كونه مغربي من العمق فهو الآخر ولكي يثبت للمغاربة أنه جاء ليصحح وعيهم الزائف بلازمته واش افهمتوا، فقد أثبت أن الزيادة أحسن من النقصان، ليس في الأجور طبعا، بل في المحروقات والحليب والخبز والنقل والآتي أفظع.


ومع ذلك فالأمل كبير والفرج سيأتي ومفتاحه سيكون على يد رئيس بلدية الفقيه بن صالح السيد المحترم مبديع الذي تقلد حقيبة وزير سيكون أول قرار له نقصان ساعة.


ومع أن هاته الحكومة لازم إعلانها فترة عيد الأضحى، حيث يختزل جل المغاربة العيد في الحولي ويصبح الحولي مستحوذا على كل الكلام والنقاش والتأويل والسلفات والأبناك والعطل والمؤسسات التجارية والرهان بل حتى القمار، فإنهم أي المغاربة لم يعيروا اهتماما كبيرا لهذا الحدث الحكومي، لاستحواذ الحولي عليهم حتى أصبح الكل يظهر بمظهر الحولي بما فيه الأكباش البلاستيكية والسياسية.


أما الأقلية التي تابعت الحدث الحكومي فأغلبها يناقشون ويقدرون حجم ميزانية الدهاز التي ستتطلبها حكومة من 39 وزير: بأجورهم وتعويضاتهم وأجور وتعويضات دواوينهم وسياراتهم وسيارات أسرهم وإقاماتهم وآثاثها الفاخر ومكاتبهم وآثاثها الجديد و........، ناهيك عن الوزراء المسرحين وتقاعدهم وتشطيبهم وترحيلهم معهم لكل امتيازاتهم وعفشهم حسب التعبير المصري.


لقد شكل شعار دمقرطة الدولة والمجتمع عنوان نضال القوى التقدمية منذ الاستقلال، مرورا بسنوات الرصاص، والانتفاضات السلمية والعنيفة والمصالحة والتعديلات الدستورية، لنصل مع الحكومة الجديدة لتجسيد شعار“مخزنة الدولة والمجتمع ”.


مقالات ذات صلة