متى سيلج قضاة المجلس الأعلى للحسابات دهاليز مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط


م. سكوم
الجمعة 5 شتنبر 2014



عانى المغرب على امتداد أربعة عقود من نهب ممنهج للثروات الوطنية في ظل سيادة الافلات من المحاسبة ، و قد همت هذه الظاهرة مختلف المؤسسات العمومية و الشبه عمومية . و مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط ocp sa ليست بمنىء محمد حمودة من هذا ، لكن الملفت للنظر هو ان هذه المؤسسة التي تتحكم في اهم ثروة وطنية لم يتم ايلاءها الاهتمام الكافي بالكشف عما طالها من نهب و هدر للمال العام .

اذ شكلت مرحلة ادارة محمد كريم العمراني للمجموعة اهم فترة يمر بها قطاع الفوسفاط خصوصا تدبير ماليته الذي عرفها هذا القطاع و لازال يعرفها ، حين جمع بين يديه كل السلط : المدير العام و المدير التجاري و المالي و رئيس مجلس ادارة كل الشركات التي تمتلكها المجموعة في صورة ديكتاتورية بيروقراطية لازالت بصماتها حاضرة حتى الان .

و في هذه الفترة كانت المعاملات التجارية للمكتب الشريف للفوسفاط تمر عبر مكتب باريس و هو ما فسر الاغتناء الفاحش لكريم العمراني و بعض الذين استعان بهم في تسييره ، بحيث انهم استغلوا في ذلك تحول ocp من الاستخراج الى التحويل عبر تدشين مشاريع ضخمة تمثلت في بناء مركبات كيماوية باسفي و الجديدة و ميناءين و هو ما فتح الباب امام المترصدين للمال السايب ، و قد قدر عموم المدافعين عن حماية المال العام الترواث المنهوبة في هذه الفترة في ظل غياب ارقام حقيقية قد تكون مهولة ب 1300 مليون دولار .
و بعد مغادرة كريم العمراني للمجموعة سنة 1989 و الى حدود سنة 2006 ظل الحال على ما هو عليه نهب و سلب و استنزاف للمال العام ، مع تعاقب مدراء فشلوا في اعطاء صورة اخرى مغايرة الى ان تم تعيين مصطفى التراب على راس هذه المجموعة ليحمل لواء التطهير انطلاقا من الافتحاصين الذين باشرهما مكتبين دراسيين الاول انجليزي و الثاني فرنسي ليتم الكشف عن وجود ثقب مالي كبير فاق كل التكهنات ، و مع ان نتائج هذين التقريرين ظلت سرية فقد اكد لنا احد الاطر من داخل ادارة الزجاج الى ان النتائج كانت صادمة تورط فيها مسؤولين كبار من داخل المجموعة و من خارجها كذلك ، و تهم :
اختلالات بمصالح المشتريات الدولية و الوطنية و كذلك تلك المتواجدة على صعيد كل موقع على حدة .

الصفقات العالمية المرتبطة ببيع الفوسفاط الخام و كذا الحامض الفوسفوري ، كفضيحة بيع الفوسفاط باثمنة بخسة لاحد الشركات الامريكية Agrifos fertilizer L.P التي يراسها الاطار السابق بالمجمع فاروق الشاوني ، و هنا نتساءل حول نوعية العقدة التي كانت تربط المجموعة بمحمد بن عبد الجليل المدير السابق للقطب التجاري و الذي فك الارتباط به ليعود الى الولايات المتحدة الامريكية حيث كان قبل مجيئه ؟
مكتب باريس و الصفقات المشبوهة التي مرت عبره مع مجموعة من الشركات الفرنسية و الالمانية و الامريكية ، و كذلك الحفلات الفخمة التي كان ينظمها هذا المكتب للزبناء و الممونين و التي ابتلعت ملايين الدولارات .
عقود الخدمات المبرمة بين المكتب الشريف للفوسفاط و العديد من الشركات الوهمية التي تعود ملكيتها لمدراء داخل المكتب و حققت ارقام معاملات ضخمة .
العقود المبرمة مع شركات عالمية لغاية الصيانة و التي مررت العديد من الفواتير الوهمية قدرت بملايين الدولارات لصالح جاكوبس و موسنتو ..
المصالح الاجتماعية التابعة للمجمع و الاموال الطائلة التي تم ابتلاعها بذريعة توفير منتوج اجتماعي للعمال يصب في اطار ما يسمى بالشركة المواطنة و قد همت هذه الاختلاسات قطاعات السكن و المنشات الترفيهية و مراكز التخييم و الرحلات و المراكز الصحية و غيرها .. ناهيك عن السفريات المبالغ فيها و التي كلفت المجمع مبالغ ضخمة .
الاختلالات و الاختلاسات التي عرفها الصندوق الداخلي للتقاعد CIR و التي فاقت 40 مليون دولار
و هو ما عجل بتفويته الى صندوق النظام التكميلي لمعاشات التقاعد RCAR و الذي بلغت تكلفته الاجمالية 33 مليار درهم .

و كرد فعل له على نتائج هذين الافتحاصين قام المدير العام الجديد بتطبيق رزنامة من الاصلاحات على شاكلة الخطة الجديدة الامريكية NEW DEAL داخل هذه المجموعة التي كانت مهددة في أي وقت بالانهيار حيث قام بتوقيف العديد من السؤولين الكبار، لكن عملية توقيفهم كلفت المجمع اموالا اضافية حيث تم منحهم في اضعف الحالات مبلغ 4 ملايين درهم لكل واحد على حدة بعدما كانت اجورهم تتجاوز 200 الف درهم في كثير من الحالات في حين تتوصل العديد من ارامل مستخدمي المجمع بمبلغ هزيل كتعويض شهري .

هذا و لن تجدي سياسة مصطفى التراب و خطته في اصلاح المجمع نفعا اذ ان الاختلالات المالية لازالت قائمة و هنا ندكر على سبيل المثال لا الحصر :
الصندوق الأسود او صندوق الأزمة الذي تم خلقه مع الربيع العربي لغاية امتصاص غضب الشارع عن طريق اغداق الاموال الطائلة على الجمعيات الوهمية و الاشخاص الذاتيين و المعنويين بالعديد من المراكز الفوسفاطية كخريبكة و الجديدة و أسفي و بوكراع و اليوسفية بالخصوص . هذه الكتلة المالية الضخمة اسالت لعاب العديد من مسؤولي ما يسمى بمديرية التنمية المستدامة نظرا لغياب المراقبة و انعدام و سائل إثبات تسليم هذه الاموال في الكثير من الاحيان بالاضافة الى لكون الازمة الشعبية فرضت واقعا امنيا فتح المجال امام صفقات انية انعدمت فيها كل الشروط القانونية بالعديد من المراكز .

الاموال التي تم رصدها بذريعة التهيىء للزيارة الملكية الميمونة التي تكرم خلالها صاحب الجلالة بتشدين العديد من المشاريع بمدينة خريبكة سنة 2012 و التي يروج انها فاقت مبلغ 14 مليار سنتيم . بينما اكد لنا مصدر من داخل الدار ان المبلغ لن يصل الى هذا الحد مهما كانت المبالغ التي تم صرفها .

ترميم العديد من المنشآت التابعة للمصالح الاجتماعية بكل المواقع الفوسفاطية على الصعيد الوطني حيث شكلت عملية الترميم هاته مناسبة للمترصدين لمالية المجمع و خير دليل هو ما عرفته الاصلاحات التي شهدتها المراكز الصحية التابعة للمجمع و خصوصا اصلاح مستشفى م ش ف بخريبكة الذي سرعان ما تم هدم كل ما اصلح بعد التعاقد مع مستشفى الشيخ زايد و هذا يشكل نوعا من العبتيثة ان لم نقل ان مثل هذه الامور تكون مفبركة من البداية لغاية مادية محضة دون استشعار المسؤولية .
كذلك لازال المجمع يعيش على وقع شراء العديد من الالات المتجاوزة و التي تثقل كاهل ميزانيته ، كما تتسبب في العديد من حوادث الشغل.
دعم بعض الجمعيات الصديقة و اغداق الاموال الطائلة عليها كرابطة اطر مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط التي يراسها المتوكل البركة مدير محور الشمال خريبكة - الجرف الاصفر ب ocp saو التي تلقت في فترة وجيزة امدادات مالية جد مهمة بلا حسيب و لا رقيب لغاية اضعاف جناح ما داخل المجموعة ، و هذا ما يضرب مصداقية المجمع و مصداقية نية عمل بعض مدراءه عرض الحائط .

الاموال التي يتم صرفها تحت غطاء الاهتمام بالجانب البيئي لغاية تلميع صورة المجمع التي اثار استهتاره بالبيئة الكثير من الانتقادات ..
كلها خروقات تصب في خانة واحدة اعطت اختلالات مالية كبرى ، رغم الاصلاحات التي باشرها الرجل الحديدي على راس المجموعة مصطفى التراب ، و اذا لم يلج قضاة المجلس الاعلى للحسابات دهاليز اكبر مجموعة اقتصادية بالمغرب ocp sa سيكون بذلك قد ساهم في طمس و ضياع ادلة عن اكبر فساد اداري و مالي في تاريخ المملكة و بالتالي سيدشن لجريمة اقتصادية حسب ما اكده احد اطر هذه المجموعة .


مقالات ذات صلة