المستشفى الإقليمي بابن جرير يعيش على وقع مجموعة من المشاكل التي أدت إلى تأزم حالة القطاع الصحي بالمدينة بفعل الخصاص المهول في الموارد البشرية والنقص الحاد في الخدمات الصحية المقدمة إلى المرضى، ناهيك عن الإهمال والاستهتار بالمواطن من حيث عدم الاهتمام به وبصحته، الأمر الذي يتنافى ومبادئ وقيم المرفق الصحي، زيادة عن الغياب التام للمراقبة الفعلية من قبل الاجهزة الوصية على هذا القطاع الشيء الذي يجعل المعاناة التي يواجهها المواطنون تفقدهم الثقة في الخدمة العمومية وترفع من درجة الإحساس بالتهميش.
مستشفى إقليمي صرفت عليه الدولة ميزانية ضخمة حتى تستفيد من خدماته كل ساكنة مناطق الإقليم، مع النمو الديمغرافي المضطرد الذي يشهده إقليم الرحامنة لم يجد المسؤولون من بد لمواجهة الاعداد الهائلة من المرضى التي تتوافد على المستشفى يوميا سوى نهج أسلوب ترميمه وتوسيعه لاستقبال المزيد من المرضى لكون وزارة الصحة قامت بتوسيع البناية وغابت التخصصات المهمة بالإضافة إلى قلة وندرة الموارد البشرية الشئ الذي يجعل المسؤولين عاجزين عن تامين المداومة بهذا المستشفى مع غياب المعدات، فمصلحة الاستعجالات الطبية بالمستشفى الإقليمي قد تجد فيها كل شيئ إلا العناية الطبية المستعجلة، فلا وجود للأطباء، و الطبيب الوحيد المداوم لا يتمكن من التكفل بالأعداد الكبيرة للمرضى المتمددين على الكراسي و على الأرضيات في قاعة الانتظار و خارجها و تحمل ألامهم ، مصلحة الاستعجالات هاته واقعها بعيد تمام البعد عن كل سمة العجلة و الطب يقصدها العشرات من المواطنين طيلة ساعات النهار و بشكل خاص في ساعات الليل حيث تشتد الآلام المختلفة بالمرضى و المصابين و المواطنين البسطاء الدين يهرعون إليها أملا في حقنة صغيرة تقلل عنهم الألم أو كشف دقيق عن حالتهم وتوجيههم إلى الجهة المناسبة أو حتى ابتسامة تعطيهم الأمل في الحياة ،ولكنهم لا يجدون من كل ذلك غير التذمر والتسيب والإهمال،وهذا قليل ما يعانيه المرضى على مستوى مصلحة الاستعجالات بالمستشفى الإقليمي، وهو يجعل الكثير منهم يفضلون التنقل لمدينة مراكش أو قلعة السراغنة طلبا للاستشفاء في الوقت الذي كان فيه الكل يراهن على انطلاقة المستشفى الإقليمي بابن جرير، وتبخرت مع ذلك أحلام المواطنين وظهرت ادعاءات وزيف المسؤولين حينما وجدوا أنفسهم أمام نفس الاطقم الصحية التي كانت بهذا المستشفى وأمام نفس الممارسات ونفس العقليات المتقادمة، والغريب ان وزارة الصحة وكافة المتدخلين قامت بمجهودات جبارة لتوفير السيولة المالية لتوسيع وتجهيز هذا المستشفى كما تم تجهيزه بأحدث الآليات لكن مع كامل الأسف لم يتم تأهيل العنصر البشري ولم يتم توظيف اطر وكفاءات بإمكانها الإشراف على التجهيزات الجديدة، فالقطاع الصحي بالإقليم يحتاج لتدخلات صارمة وحاسمة تقطع مسلسل الفوضى واللامبالات وتزرع حس العمل والمسؤولية بالمستشفى الإقليمي بابن جرير لما يستجيب ومتطلبات الساكنة ويتماشى مع النمو الديمغرافي لمدينة ابن جرير وباقي مناطق الإقليم حتى يتسنى لكل مريض بالمنطقة أن يعيش مواطنته الحقيقية وكرامته التي يبحث عنها.