لا شك أن تجريم كافة أشكال التعذيب والاختفاء القسري والشطط، ودسترة الحق في التجمهر والتظاهر السلمي، والتنصيص على التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة... كل هذه القضايا تجعل من مشروع الدستور الذي أعلنه العاهل المغربي في خطاب 17 يونيو، رائداً في مجال الحقوق المدنية.
ولا شك أيضاً بأن دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، والتأكيد على المكونات العربية والإسلامية والأمازيغية والحسانية الصحراوية للهوية المغربية، وعلى روافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية، كل هذا يجعلنا أمام نص دستوري رائد في الاعتراف بالتنوع وبالحقوق الثقافية.
لكن السؤال الآن : ماذا عن الحقوق السياسية؟ ماذا عن إصلاح النظام السياسي؟
من الواضح أن الملك سيتنازل، في مشروع الدستور الجديد، عن عدد من الصلاحيات التنفيذية لفائدة رئيس الحكومة، لكنه سيحتفظ، في المقابل، بقدرته على التحكم في كل القرارات الاستراتيجية :
فالملك، بحسب مشروع الدستور الجديد، يمتلك الحق في حل البرلمان بمجلسيه ، وقد يعلن حالة الاستثناء، وبوسعه أن يعفي أي عضو من أعضاء الحكومة. فضلا عن أنه رئيس المجلس العلمي الأعلى، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس المجلس الأعلى للأمن، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وهو يترأس المجلس الوزاري، والذي يتداول في كل القضايا الحساسة منها : التداول في التوجهات الاستراتيجية لسياسية الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشروع قانون العفو العام، وإعلان حالة الحصار، وإشهار الحرب، ويمتلك أيضاً صلاحيات تعيين العمال والولاة والسفراء والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
في مشروع الدستور الجديد، يتحمل الملك مسؤوليات جسيمة، غير أنه لا يتعرض في المقابل لأي شكل من أشكال المساءلة أو المراقبة أو المحاسبة، وهذا بالرغم من أن الدستور نفسه يؤكد، منذ فصله الأول، على "ربط المسؤولية بالمحاسبة". ما يعني أننا أمام دستور، من الناحية السياسية، يخرق نفسه بنفسه.
قبل موعد الخطاب الملكي، قام أعوان السلطة بتعبئة المواطنين ودعوتهم إلى الاستعداد للخروج في تظاهرات تأييد للخطاب، بل وأقامت السلطات المحلية شاشات كبرى في الساحات العمومية داخل بعض القرى والمدن، حتى يتجمهر المواطنون لمتابعة الخطاب، فينطلقون مباشرة في تظاهرات مؤيدة للدستور. وتساءل البعض : لماذا اللجوء الاستباقي إلى تجييش الشارع فيما لو كان الأمر يتعلق باستجابة فعلية لمطلب الإصلاح السياسي؟
عقب انتهاء الخطاب الملكي خرج بضع عشرات من المواطنين في عدة مدن مغربية، استجابة لتعبئة أعوان السلطة وتأييدا لمشروع الدستور الجديد، والذي اصطلح عليه بعض المحتفين به باسم دستور الملك.
هذا خطأ سياسي.
أفلا تملك الدولة مثقفين قادرين على تدبير التواصل الجماهيري وتأطير النقاش العمومي، بالعقل وبالحكمة وبروح الإصلاح والتثقيف الشعبي، أم أنها بعد أن تنبذ الذكاءات وتعادي الكفاءات، لا تجد أمامها غير المنتفعين والمهرجين؟
هذا ليس مجرد خطأ سياسي، بل إنه خطيئة سياسية.
ولا شك أيضاً بأن دسترة اللغة الأمازيغية إلى جانب اللغة العربية، والتأكيد على المكونات العربية والإسلامية والأمازيغية والحسانية الصحراوية للهوية المغربية، وعلى روافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية، كل هذا يجعلنا أمام نص دستوري رائد في الاعتراف بالتنوع وبالحقوق الثقافية.
لكن السؤال الآن : ماذا عن الحقوق السياسية؟ ماذا عن إصلاح النظام السياسي؟
من الواضح أن الملك سيتنازل، في مشروع الدستور الجديد، عن عدد من الصلاحيات التنفيذية لفائدة رئيس الحكومة، لكنه سيحتفظ، في المقابل، بقدرته على التحكم في كل القرارات الاستراتيجية :
فالملك، بحسب مشروع الدستور الجديد، يمتلك الحق في حل البرلمان بمجلسيه ، وقد يعلن حالة الاستثناء، وبوسعه أن يعفي أي عضو من أعضاء الحكومة. فضلا عن أنه رئيس المجلس العلمي الأعلى، ورئيس السلطة القضائية، ورئيس المجلس الأعلى للأمن، والقائد الأعلى للقوات المسلحة الملكية. وهو يترأس المجلس الوزاري، والذي يتداول في كل القضايا الحساسة منها : التداول في التوجهات الاستراتيجية لسياسية الدولة، ومشاريع مراجعة الدستور، ومشاريع القوانين التنظيمية، والتوجهات العامة لمشروع قانون المالية، ومشروع قانون العفو العام، وإعلان حالة الحصار، وإشهار الحرب، ويمتلك أيضاً صلاحيات تعيين العمال والولاة والسفراء والمسؤولين عن الإدارات المكلفة بالأمن الداخلي والمسؤولين عن المؤسسات والمقاولات الاستراتيجية باقتراح من رئيس الحكومة وبمبادرة من الوزير المعني.
في مشروع الدستور الجديد، يتحمل الملك مسؤوليات جسيمة، غير أنه لا يتعرض في المقابل لأي شكل من أشكال المساءلة أو المراقبة أو المحاسبة، وهذا بالرغم من أن الدستور نفسه يؤكد، منذ فصله الأول، على "ربط المسؤولية بالمحاسبة". ما يعني أننا أمام دستور، من الناحية السياسية، يخرق نفسه بنفسه.
قبل موعد الخطاب الملكي، قام أعوان السلطة بتعبئة المواطنين ودعوتهم إلى الاستعداد للخروج في تظاهرات تأييد للخطاب، بل وأقامت السلطات المحلية شاشات كبرى في الساحات العمومية داخل بعض القرى والمدن، حتى يتجمهر المواطنون لمتابعة الخطاب، فينطلقون مباشرة في تظاهرات مؤيدة للدستور. وتساءل البعض : لماذا اللجوء الاستباقي إلى تجييش الشارع فيما لو كان الأمر يتعلق باستجابة فعلية لمطلب الإصلاح السياسي؟
عقب انتهاء الخطاب الملكي خرج بضع عشرات من المواطنين في عدة مدن مغربية، استجابة لتعبئة أعوان السلطة وتأييدا لمشروع الدستور الجديد، والذي اصطلح عليه بعض المحتفين به باسم دستور الملك.
هذا خطأ سياسي.
أفلا تملك الدولة مثقفين قادرين على تدبير التواصل الجماهيري وتأطير النقاش العمومي، بالعقل وبالحكمة وبروح الإصلاح والتثقيف الشعبي، أم أنها بعد أن تنبذ الذكاءات وتعادي الكفاءات، لا تجد أمامها غير المنتفعين والمهرجين؟
هذا ليس مجرد خطأ سياسي، بل إنه خطيئة سياسية.