مفهوم الممارسة الكونفيدرالية


محمد الحنفي
الثلاثاء 17 دجنبر 2013



وإن أول ما يصادفنا، ونحن نتعامل مع موضوع المناقشة، والمعالجة، هو ضرورة تحديد مفهوم الممارسة الكونفيدرالية، الذي يحيلنا على طرح مجموعة من الأسئلة التي تعتبر مدخلا ضروريا لتناول هذا المفهوم. وهذه الأسئلة هي:

هل ما نراه في ممارسة بعض الكونفيدراليين هو عين الممارسة الكونفيدالية؟

أليست بعض الممارسات المنتجة باسم الانتماء إلى الك.د.ش، وباسم تمثيلية الك.د.ش، وباسم قيادتها المحلية، أو الإقليمية، أو الجهوية، أو الوطنية في بعض الأحيان، ممارسات تتناقض تناقضا مطلقا مع حقيقة مفهوم الممارسة الكونفيدرالية؟

أليست تلك الممارسات أكبر إساءة إلى الك.د.ش، وإلى العمل النقابي في إطارها؟

أليس من حق الكونفيداليين أن يتمتعوا بحق الوضوح في الممارسة الكونفيدالية، التي يستفرد بعض الكوفيدراليين بإنتاجها وبادعاء صحتها؟

هل من الممارسة الكونفيدرالية أن يتحرك بعض القادة المحليين بعيدا عن الأجهزة المحلية، وباسمها، ودون علم أعضائها؟

هل من الممارسة الكونفيدرالية أن يصير بعض القادة المحليين بيروقراطيين؟

هل من الممارسة الكونفيدرالية أن يلجأ بعض الأشخاص إلى تنصيب أنفسهم قادة محليين، ودون وجود اجهزة قيادية محلية؟

هل من الممارسة الكونفيدرالية لجوء بعض المنصبين أنفسهم قادة محليين إلى اختصار كل العمل الكونفدرالي في شخوصهم، بعيدا عن الأجهزة، وعن اختصاصات كل جهاز من تلك الأجهز،ة وكل عضو من أعضاء كل جهاز؟

وهل استفراد بعض الكونفيدراليين بالقيادة المحلية، يعتبر عملا ديمقراطيا تقدميا جماهيريا مستقلا ووحدويا؟

وما المراد بالممارسة الكونفيدرالية؟

أليست هي المترتبة عن احترام الماديء المسطرة في الأدبيات الكونفيدرالية؟

اليست هي الممارسة التي أنتجها الكونفيدراليون بعد الحسم مع الجهاز البيروقراطي في الإتحاد المغربي للشغل؟

اليست الممارسة الكونفيدرالية هي الإشراك الواسع للكوفيدراليين في التقرير، والتنفيذ؟

أليست الممارسة الكونفيدرالية هي الحسم، وبصفة نهائية، مع الممارسة الانتهازية، ومع الإنتهازيين في صفوف التنظيمات الكونفيدرالية؟

ألا نعتبر أن الممارسة الكونفيدرالية هي بمثابة مدرسة لإنتاج قيم الحرية، والديمقراطية، واليسارية، والعدالة الاجتماعية؟

أليست الممارسة الكونفيدرالية مدرسة للتربيةعلى الحقوق الإنسانية: الاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية، والمدنية، والسياسية؟

إننا، ونحن نطرح هذه الأسئلة / المدخل، لنتناول مفهوم الممارسة الكونفيدرالية، لا نسعى إلى النيل من أحد كما قد يعتقد البعض، ولا نروم الإساءة إلى الك.د.ش، كما قد يعتقد آخرون، بقدر ما نسعى إلى دحض الممارسات التحريفية، التي أصبحت تنسب إلى الك.د.ش، وباسم الك.د.ش، من أجل اعادة الاعتبار إلى العمل النقابي المبدئي، في الإطارات الكونفيدرالية، أفقيا، وعموديا، وسعيا إلى إعادة الاعتبار لمبدئية التنظيم النقابي الكونفيدرالي؟

ولذلك، فما نراه في ممارسة بعض الكوفيدراليين، أنى كان توجههم السياسي، ومهما ادعوا من حرص على الكونفيدرالية، ومهما كان مستواهم التنظيمي، لا علاقة له بالممارسة الكونفيدرالية التي لا يمكن إلا أن تكون ديمقراطية، وتقدمية، وجماهيرية، ومستقلة، ووحدوية، وضد إنتاج قيم البيروقراطية، والرجعية، والنخبوية، والتبعية، والتعدد النقابي، التي هي ديدن الممارسات التحريفية، التي انتجت الهزات العنيفة في صفوف الك.د.ش، والتي أفرزت تنظيمين نقابيين مركزيين آخرين.

وهذان الإفرازان التحريفيان المشار إليهما، ليسا إلا نتيجة لاستغلال الانتماء إلى الك.د.ش، وتمثيلها، وباسم قيادتها، لإنتاج ممارسات تحريفية، من أجل تحقيق أهداف أخرى لا علاقة لها بالأهداف الكونفيدرالية. وهو ما يجعل ممارسة من هذا النوع، تتناقض تناقضا مطلقا مع الممارسة الكونفيدرالية في صفائها، وهدفيتها، ومبدئيتها.

وما دامت الممارسات التحريفية ملازمة لمسلكية بعض الذين يعتبرون أنفسهم مجسدين للكونفدرالية، "ومدافعين" عنها، فإننا قد ننتظر في مرحلة معينة إفرازا تحريفيا آخر من الجسد الكونفيدرالي، الذي لا نريد له ألا ان يكون سليما، ومعافى، وقوة رائدة في صفوف الحركة النقابية على المستوى الوطني، أوالقومي، أو العالمي، كما حصل، وكما يمكن أن يحصل مستقبلا، إذا تم السكوت عن ممارسي التحريف النقابي في مختلف الإطارات الكونفيدرالية: المحلية، والإقليمية، والجهوية، والوطنية، قطاعيا، ومركزيا.

وإذا كان الأمر كذلك، فإن لجو بعض الذين يدعون دفاعهم عن الكونفيدرالية الديمقراطية للشغل، واستغلال ذلك "الدفاع"، إلى إنتاج الممارسة التحريفية، التي لا يمكن أن ينتج عنها إلا الإساءة إلى الكونفيدرالية، مما يؤثر في سمعتها، ويقود إلى إضعافها .

ولذلك، فإن الحرص على تجسيد الممارسة الكونفيدرالية الصحيحة، التي لا تنتج الا العمل النقابي الصحيح، يقتضي:

1) الاستماع إلى العمال، وباقي الأجراء، من أجل معرفة رأيهم في الممارسة الكونفيدالية، التي لها علاقة مباشرة بهم، وصولا إلى استنتاج ما يجب استنتاجه، مما له علاقة بهم، ومما يقوم به الكونفيدراليون المسئولون عن العمل الكونفيدرالي في مجال التنظيم الكونفيدرالي المحلي، أو الإقليمي، أو التنظيمي، أو الجهوي.

2) قيام الأجهزة الوطنية المشرفة على التنظيم، بإنجاز لقاءات تنظيمية محلية، أو إقليمية، أو جهوية، لمعرفة الوضع التنظيمي، والوقوف على أسباب التردي، الذي يعرفه.

ومن هم المسئولون عن ذلك التردي؟

ولماذا يتمادون في إنتاج الممارسة التحريفية، التي تخرب الك.د.ش، وتضعف تأثيرها في صفوف العمال، وباقي الأجراء، وتجعلها منحسرة، وغير قادرة على تأطير غالبية العمال، وباقي الأجراء، كما كانت سابقا؟

3) حرص القيادة الكونفيدرالية على التعامل مع التنظيم، بدل التعامل مع الأفراد، الذين قد يكونون منتجين للممارسة التحريفية، سعيا إلى تجنب الأسباب التي تؤدي إلى إنتاج النقابيين الانتهازيين المعروفين، وأملا في جعل مخاطبة التنظيم منطلقا لبناء الك.د.ش. ولإعادة الاعتبار إلى العمل النقابي الكونفيدرالي المبدئي.

4) الحرص على إعادة هيكلة التنظيم، وعقد الدورات التنظيمة: التنفيذية، والتقريرية، في الأوقات المحددة، وتحت إشراف الأجهزة المسئولة على المستوى الوطني، حتى لا يسعى المحرفون إلى قتل التنظيم، والحلول محله، من أجل انتهاز فرصة قيام الجمود التنظيمي، لإنتاج الممارسات التحريفية، التي تتحول إلى قاعدة، بدل الممارسة الكونفيدرالية الصحيحة، التي تتحول إلى استثناء.

5) الإشراك الواسع للعمال، وباقي الأجراء في مختلف الأنشطة الكونفيدرالية، وبإشراف وطني، وفي مختلف المواقع الكونفيدرالية، حتى يصير العمل الكونفدرالي وسيلة لإنتاج الأطر الكونفيدرالية المستعدة لتحمل المسئولية، وعن جدارة، في أفق قيادة النضالات النقابية الكونفيدرالية المريرة، التي لا وجود فيها لمصلحة التحريفيين، بقدر ما تحرص على تحقيق المصلحة الجماعية للعمال، وباقي الأجراء.

مقالات ذات صلة