المؤكد ان العدالة الاجتماعية رديفة للعدالة الجبائية ، ولتحقيقهما معا يبقى المطلوب أولا الضرب بيد من حديد على المفسدين واسترجاع الاموال المنهوبة ، ثم ثانيا متابعة المتهربين من اداء الضرائب . وامام الوضعية الاقتصادية التي نعيشها نتساءل :ألم يحن الوقت لمساءلة بعض الموظفين الحاليين والسابقين في مختلف الادارات والجهات عن الاغتناء الفاحش والسريع وعن ثرائهم الغامض ؟ من أين لعبض الموظفين من أصحاب الدخل المتوسط أو الهزيل كل هذه العقارات والحسابات البنكية الكثيرة الارقام بين عشية وضحاها ؟ الا يجب التحري والتدقيق في كل الاستثناءات في قطاع التعمير ، والتراخيص التي تشرف عليها لجن الاستثمار والوكالات الحضرية والعمالات والولايات ومجالس المنتخبين ، الا يهدد استمرار الفساد ونزيف المال والعقار مستقبل التنمية والاقتصاد بالمغرب ؟
منطق الامور يقول انه لا يعقل ان يحتكر بعض الموظفين الذين لا تربطهم بالوطنية أية روابط كل الامتيازات ، ويراكموا الثروات بهذه السرعة بلا حسيب ولا رقيب . في بلد كالمغرب الذي لازال يعاني جل سكانه الفقر والبطالة ... ليس عيبا ان يراكم الانسان الثروة بالطرق المشروعة ، التي تفترض الوضوح في المعاملات التجارية والخدماتية ، وتفرض احترام للقوانين مع الانصاف الفوري والسريع لذوي الحقوق ، ناهيك عن الالتزام والمسؤولية التي يجب ربطها دوما بالمحاسبة .ولكن ان يتحجج الموظف بتجارة بارك الله له فيها بالاعتماد على مداخيل سرية وسلك طرق مشبوهة واعتماد أساليب الغش والمراوغة ، والتهرب الضريبي والتملص من التزامات الدولة ، فتلك هي أساليب الفساد والشطط واستغلال النفوذ .
للاسف الشديد ، في غياب المحاسبة والمساءلة ، يصبح هذا السلوك عاديا سواء تعلق الامر ببعض المناصب الحساسة في الادارات العمومية ، أو عندما يتعلق الامر بتدبير الشأن العام ، مادام جل المسؤولين والمنتخبين عندنا يفضلون حتى اشعار آخر ، الانزواء في الرداءة واختيار اما موظفين فاشلين لتدبير أمور الادارة والجماعات الترابية ،أو أسماء تجر خلفها تاريخا أسود في التسيير والشطط والانتهازية والرشوة . وكل الصفات غير المقبولة في وطن يجب أن يحترم فيه الموظف القانون وأخلاق المواطنة ، مادام الاصل في العهد الجديد هو ربط المسؤولية بالمحاسبة ، واختيار الكفاءات وذوي التجربة لتحقيق ولو الجزء القليل من القيمة المضافة المنتظرة وليس العكس .
لقد بات من الواجب اليوم على العديد من الاشخاص في صفوف كل القطاعات العمومية وحتى الخاصة الاجابة على سؤال : " من أين لك هذا ؟ ، ومعرفة مصادر أموال هؤلاء الاثرياء المتخفين وراء مشاريع واهية لا مداخيل لها . مشاريع يضعونها كواجهة من اجل غسل أموالهم المشبوهة المصادر . ان المواطنة تقتضي اليوم محاربة الغموض والظلام بكل تجلياته ، وفرض الالتزام بالوضوح والتقيد بالقوانين المنظمة للمعاملات التجارية والخدماتية ، بعيدا عن كل أشكال الرشوة والاكراميات والمحسوبية والزبونية وما الى ذلك .
آخر الكلام جل المسؤولين عندنا يعتقدون للاسف انهم بارعون عندما يكذبون ، ولكنهم ينسون أننا أكثر براعة عندما نمثل أننا نصدقهم .