أذكر أنه في أوج الربيع العربي ، زفت التلفزة المغربية عبر قناتيها الأولى والثانية إلى عموم الشباب المعطلين المغاربة حاملي الشهادات العليا من ماستر ودكتوراه خبر عزم الحكومة على توظيفهم في أسلاك الوظيفة العمومية وشبه العمومية استنادا إلى مرسوم وزاري سيصدر لأجل ذلك الغرض. وما زلت أذكر كذلك أنه في تلك الأيام الباردة من شهر فبرابر 2011 تداعى إلى العاصمة الرباط استجابة إلى ذلك الخبر ـ الذي عد بمثابة نداء ـ المئات من حاملي الشهادات العليا من مختلف التخصصات ومن كل جهات المملكة متأبطين وثائقهم قصد إيداعها لدى مكتب الجهة الحكومية المسؤولة عن التوظيف.
ما يزال حتى اليوم يتراءى أمامي مشهد مجموعات متفرقة من الأطر العليا المعطلة وهي في طور التشكل وقد فتحت لوائح لتسجيل أسمائها قصد وضعها لدى مكتب السيد عبد السلام البكاري مستشار الوزير الأول في الحكومة السابقة المكلف بتشغيل الأطر العليا المعطلة .وقتئذ، كانت تبدو لي علامات البهجة والحبور وقد خيمت على أحوال وملامح العديد من حاملي الشهادات العليا ممن جمعتني بهم مقاعد الدراسة الجامعية ، فكنت أرى السعادة تعلو وجوههم والبسمة ترتسم على ثغورهم والحماس يتقد في عيونهم ، كل ذلك كان من إفراز تلك المبادرة الكريمة التي فتحت أبواب التوظيف المباشر على مصراعيها أمامهم.
و أذكر أنه ما كاد ينصرم أسبوعان حتى أعلنت حكومة عباس الفاسي يوم فاتح مارس 2011 عن توظيف الدفعة الأولى من الأطر العليا المعطلة والتي بلغ عددها 4304 إطارا ، بينما لم يستفد من تلك العملية المئات من حاملي الشهادات العليا بالرغم من استلام الجهة الحكومية المختصة للوائح ترشيحهم وتأشيرها عليها ، وهو الأمر الذي أثار عاصفة من الإستياء في نفوس المعطلين الذين تم استثناؤهم أو بالأحرى الذين تم إقصاؤهم من عملية التوظيف المذكورة ، هؤلاء الذين سرعان ما استجمعوا صفوفهم و التأموا بشوارع الرباط بعد أن انضووا تحت لواء أربع تنسيقيات (الأولى،الموحدة ، الوطنية، المرابطة) ليشرعوا بعد ذلك في تنفيذ سلسلة من من الإحتجاجات السلمية التي توجت يوم 8 مارس 2011 بإجراء ممثلي التنسيقيات الأربع لحوار مع أعضاء اللجنة الثلاثية ( الوزارة الأولى ، وزارة الداخلية، وزارة تحديث القطاعات العامة ) وهو الحوار الذي تلقى خلاله ممثلو المعطلين وعدا من لدن أعضاء اللجنة الثلاثية بإدماج الدفعة الثانية المتبقية من الأطر العليا المعطلة ابتداء من 25 أبريل 2011 . غير أن ذلك الوعد سرعان ما استحال إلى سراب بعد حلول الموعد المذكور، ما ولد تذمرا في نفوس المعطلين المنضوين تحت مظلة التنسيقيات الأربع الذين صعدوا بعد ذلك من وتيرة احتجاجاتهم السلمية بشوارع الرباط والتي توجت بتدشينهم لإعتصام مفتوح داخل المقر العام لحزب الإستقلال بالرباط ، وهو الإعتصام الذي استمر زهاء أسبوع حيث تخللته عدة لقاءات بين ممثلي التنسيقيات الأربع وأعضاء اللجنة الثلاثية، كان آخرها اللقاء الذي جمع بين كلا الطرفين يوم 20 يوليوز2011 إذ تم خلاله التوقيع على محضر حكومي يقضي بإدماج الأطر المتبقية من دفعة فاتح مارس 2011 الحاصلة على شهادات الدكتوراه،دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، دبلوم الدراسات العليا المتخصصة ، الماستر، الماستر المتخصص ، مهندسي الدولة برسم السنة الدراسية الجامعية 2010 وما دونها في أسلاك الوظيفة إدماجا مباشرا ، وهو المحضر الذي وقعه ممثلو القطاعات الحكومية بحضور رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد اليزمي الذي كان شاهدا على ذلك التوقيع وضامنا لتنفيذ مقتضيات المحضر المذكور .
و في إطار تنزيل مضامين ذلك المحضر ، قام ممثلو التنسقيات الأربع بعد ذلك بإيداع اللوائح المحينة للأطر العليا المعنية به لدى اللجنة المكلفة بتدبير الملف وذلك بهدف برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 كما نص على ذلك منطوق المحضر المعلوم . ولأن المغرب شهد بعد ذلك مرحلة انتقالية تمثلت في إجراء الإستحقاقات التشريعية وإقرارالدستور الجديد وسحب القانون المالي لسنة 2012 من البرلمان في أفق المصادقة عليه بعد تشكيل الحكومة الحالية، فإن مقتضيات منطوق محضر 20 يوليوز لم تشق طريقها نحو التفعيل ، وهو الأمر الذي أثار توجس الأطر العليا المعطلة المشمولة به و التي لم يخفض من منسوب مخاوفها على مآل محضرها إلا بعض الخرجات الإعلامية لقادة من حزب العدالة والتنمية الذي فاز في تلك الإستحقاقات التشريعية ، وهي الخرجات التي حملت تطمينات لمعطلي "المحضر" إذ أعرب خلالها ثلة من قادة حزب المصباح ومنهم السيد عبد الإله بنكيران والسيد مصطفى الخلفي والسيد نجيب بوليف عن التزام حكومتهم بتنفيذ مضامين محضر 20 يوليوز.ولا مراء في أن تلك التطمينات قد نزلت بردا وسلاما على معطلي " المحضر " الذين حملوها محمل الجد وصدقوا ذويها حتى أنه ترسخت لديهم بعد ذلك قناعة لا تتزحزح بأن إدماجهم في أسلاك الوظيفة أصبح في حكم المؤكد . فشرع كل واحد من معطلي "المحضر" في تدبير شؤونه وترتيب أموره استعدادا للإلتحاق بمنصبه.فكان أن عقد العديد منهم قرانهم ، بينما قدمت شريحة واسعة منهم استقالتها من عملها في القطاع الخاص في الوقت الذي حزم بعضهم حقيبته وودع ديار المهجر بغير رجعة رغبة منه في المساهمة بكفاءته ومؤهلاته العلمية في تنمية بلده، في حين أقدمت فئة منهم على الإنخراط في إبرام التزامات مالية عبر الإستدانة والإقتراض لسد حاجيات تخص أسرها أو مستقبلها .
كذلك توالت الأشهر بطيئة على معطلي "المحضر" الذين أصبحوا يئنون بعد ذلك تحت وطأة الإنتظار والترقب ، حيث ظلت خلالها آذانهم وأبصارهم مشدودة إلى وسائل الإعلام في انتظار التقاط خبر يبدد مرارة سآمتهم وضجرهم ،كما أنهم أضحوا بموازاة ذلك يسعون بشكل حثيث للتواصل مع أعضاء حكومة بنكيران قصد الإستفسار عن مسار ملفهم وعن موعد الإلتحاق بمناصبهم ، إلا أن الإجابات التي كانوا يتلقونها من طرف أعضاء حزب العدالة والتنمية المشاركين في الحكومة كان يلفها في عمومها الغموض والتضارب بل وأحيانا كان يكتنفها الإلتفاف ما ولد لدى المعنيين بالمحضر ارتيابا و توجسا حول مصير محضرهم. كذلك استمر حالهم إلى أن التقى ممثلو أطر الدفعة الثانية بشكل رسمي يوم 9 أبريل 2012 بالسيد عبد الإله بنكيران بمقر رئاسة الحكومة ليفاجئهم هذا الأخير بتصريح صادم مفاده أنه لا يمكنه أن يلتزم بتنفيذ المحضر لتناقضه مع الدستور ، كما أخبرهم خلال ذات اللقاء بأنه سيحيل منطوق المحضر إلى الأمانة العامة للحكومة قصد البث في قانونيته . ولا ريب أن نزل ذلك التصريح على معطلي "محضر 20 يوليوز" كالصاعقة ، ذلك أنهم لم يقدهم تفكيرهم من قبل إلى الإعتقاد بأن التزام الدولة يمكن تعطيل تنفيذه .
وكما كان متوقعا فقد أشعل تصريح تراجع السيد بنكيران عن تنفيذ مضامين محضر 20 يوليوز فتيل احتجاجات المعطلين "المحضريين" الذين كثفوا بعد ذلك من تواجدهم في شوارع الرباط بهدف إطلاق صيحات تظلماتهم إلى الجهات المسؤولة عبر تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية قبالة مبنى البرلمان كما أمام العديد من المؤسسات الحكومية ومقرات الأحزاب . لكن تلك الإحتجاجات لم تكن لتجد لها صدى لدى صناع القرار الذين آثروا اعتماد المقاربة الأمنية في التعامل معها ، وهي المقاربة التي أفضت إلى حدوث إصابات متنوعة و متفاوتة الخطورة في صفوف المحتجين من أطر" المحضر" ما تزال آثارها حتى اليوم بادية على أبدانهم ورؤوسهم ، كما كان من نتائج اعتماد تلك المقاربة الأمنية حدوث حالات إجهاض في صفوف بعض المعطلات بفعل التعنيف الذي طالهن خلال احتجاجهن السلمي .كذلك تواصلت محنة معطلي "المحضر" الذين وجدوا أنفسهم بعد تراجع حكومة بنكيران عن إحقاق حقهم مضطرين للمرابطة بالعاصمة يومين أو ثلاثة أيام كل أسبوع لتنظيم مسيرات ووقفات اجتجاجية سلمية للمطالبة بإنصافهم. وما يزال حالهم كذلك حتى كتابة هذه السطور، فاحتجاجاتهم مستمرة ، وأموالهم في استنزاف مطرد ،وأحوالهم النفسية في احتراق بطيئ ، وأجواء أسرهم تلفها غيوم التذمر والترقب ، بينما عصف التفكك ببيوت بعض أسرهم واستبد المرض بأجساد شريحة منهم ، كما أن الموت لم يمهل ثلة من آبائهم وأمهاتهم حتى يشهدوا يوم إنصاف أبنائهم وبناتهم.
إنها المعاناة ، بل المأساة بعينها تلك التي أصبح يرزح تحت سطوتها معطلو "محضر 20 يوليوز" الذين ما تركوا بابا من أبواب أحزاب الأغلبية والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني إلا وطرقوه من أجل استرداد حقهم المسلوب. وهاهم حتى الآن ما يزالون بعد أن تفاقمت معاناتهم وتدهورت أحوالهم يواصلون بحماس متقد مسيرتهم الإحتجاجية السلمية في شوارع الرباط وقد آلوا على أنفسهم ألا يفرملوها إلا بعد أن يتم إنصافهم و تنفيذ مقتضيات محضرهم
ما يزال حتى اليوم يتراءى أمامي مشهد مجموعات متفرقة من الأطر العليا المعطلة وهي في طور التشكل وقد فتحت لوائح لتسجيل أسمائها قصد وضعها لدى مكتب السيد عبد السلام البكاري مستشار الوزير الأول في الحكومة السابقة المكلف بتشغيل الأطر العليا المعطلة .وقتئذ، كانت تبدو لي علامات البهجة والحبور وقد خيمت على أحوال وملامح العديد من حاملي الشهادات العليا ممن جمعتني بهم مقاعد الدراسة الجامعية ، فكنت أرى السعادة تعلو وجوههم والبسمة ترتسم على ثغورهم والحماس يتقد في عيونهم ، كل ذلك كان من إفراز تلك المبادرة الكريمة التي فتحت أبواب التوظيف المباشر على مصراعيها أمامهم.
و أذكر أنه ما كاد ينصرم أسبوعان حتى أعلنت حكومة عباس الفاسي يوم فاتح مارس 2011 عن توظيف الدفعة الأولى من الأطر العليا المعطلة والتي بلغ عددها 4304 إطارا ، بينما لم يستفد من تلك العملية المئات من حاملي الشهادات العليا بالرغم من استلام الجهة الحكومية المختصة للوائح ترشيحهم وتأشيرها عليها ، وهو الأمر الذي أثار عاصفة من الإستياء في نفوس المعطلين الذين تم استثناؤهم أو بالأحرى الذين تم إقصاؤهم من عملية التوظيف المذكورة ، هؤلاء الذين سرعان ما استجمعوا صفوفهم و التأموا بشوارع الرباط بعد أن انضووا تحت لواء أربع تنسيقيات (الأولى،الموحدة ، الوطنية، المرابطة) ليشرعوا بعد ذلك في تنفيذ سلسلة من من الإحتجاجات السلمية التي توجت يوم 8 مارس 2011 بإجراء ممثلي التنسيقيات الأربع لحوار مع أعضاء اللجنة الثلاثية ( الوزارة الأولى ، وزارة الداخلية، وزارة تحديث القطاعات العامة ) وهو الحوار الذي تلقى خلاله ممثلو المعطلين وعدا من لدن أعضاء اللجنة الثلاثية بإدماج الدفعة الثانية المتبقية من الأطر العليا المعطلة ابتداء من 25 أبريل 2011 . غير أن ذلك الوعد سرعان ما استحال إلى سراب بعد حلول الموعد المذكور، ما ولد تذمرا في نفوس المعطلين المنضوين تحت مظلة التنسيقيات الأربع الذين صعدوا بعد ذلك من وتيرة احتجاجاتهم السلمية بشوارع الرباط والتي توجت بتدشينهم لإعتصام مفتوح داخل المقر العام لحزب الإستقلال بالرباط ، وهو الإعتصام الذي استمر زهاء أسبوع حيث تخللته عدة لقاءات بين ممثلي التنسيقيات الأربع وأعضاء اللجنة الثلاثية، كان آخرها اللقاء الذي جمع بين كلا الطرفين يوم 20 يوليوز2011 إذ تم خلاله التوقيع على محضر حكومي يقضي بإدماج الأطر المتبقية من دفعة فاتح مارس 2011 الحاصلة على شهادات الدكتوراه،دبلوم الدراسات العليا المعمقة ، دبلوم الدراسات العليا المتخصصة ، الماستر، الماستر المتخصص ، مهندسي الدولة برسم السنة الدراسية الجامعية 2010 وما دونها في أسلاك الوظيفة إدماجا مباشرا ، وهو المحضر الذي وقعه ممثلو القطاعات الحكومية بحضور رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان السيد اليزمي الذي كان شاهدا على ذلك التوقيع وضامنا لتنفيذ مقتضيات المحضر المذكور .
و في إطار تنزيل مضامين ذلك المحضر ، قام ممثلو التنسقيات الأربع بعد ذلك بإيداع اللوائح المحينة للأطر العليا المعنية به لدى اللجنة المكلفة بتدبير الملف وذلك بهدف برمجة المناصب المالية الخاصة بهذه العملية للقانون المالي لسنة 2012 كما نص على ذلك منطوق المحضر المعلوم . ولأن المغرب شهد بعد ذلك مرحلة انتقالية تمثلت في إجراء الإستحقاقات التشريعية وإقرارالدستور الجديد وسحب القانون المالي لسنة 2012 من البرلمان في أفق المصادقة عليه بعد تشكيل الحكومة الحالية، فإن مقتضيات منطوق محضر 20 يوليوز لم تشق طريقها نحو التفعيل ، وهو الأمر الذي أثار توجس الأطر العليا المعطلة المشمولة به و التي لم يخفض من منسوب مخاوفها على مآل محضرها إلا بعض الخرجات الإعلامية لقادة من حزب العدالة والتنمية الذي فاز في تلك الإستحقاقات التشريعية ، وهي الخرجات التي حملت تطمينات لمعطلي "المحضر" إذ أعرب خلالها ثلة من قادة حزب المصباح ومنهم السيد عبد الإله بنكيران والسيد مصطفى الخلفي والسيد نجيب بوليف عن التزام حكومتهم بتنفيذ مضامين محضر 20 يوليوز.ولا مراء في أن تلك التطمينات قد نزلت بردا وسلاما على معطلي " المحضر " الذين حملوها محمل الجد وصدقوا ذويها حتى أنه ترسخت لديهم بعد ذلك قناعة لا تتزحزح بأن إدماجهم في أسلاك الوظيفة أصبح في حكم المؤكد . فشرع كل واحد من معطلي "المحضر" في تدبير شؤونه وترتيب أموره استعدادا للإلتحاق بمنصبه.فكان أن عقد العديد منهم قرانهم ، بينما قدمت شريحة واسعة منهم استقالتها من عملها في القطاع الخاص في الوقت الذي حزم بعضهم حقيبته وودع ديار المهجر بغير رجعة رغبة منه في المساهمة بكفاءته ومؤهلاته العلمية في تنمية بلده، في حين أقدمت فئة منهم على الإنخراط في إبرام التزامات مالية عبر الإستدانة والإقتراض لسد حاجيات تخص أسرها أو مستقبلها .
كذلك توالت الأشهر بطيئة على معطلي "المحضر" الذين أصبحوا يئنون بعد ذلك تحت وطأة الإنتظار والترقب ، حيث ظلت خلالها آذانهم وأبصارهم مشدودة إلى وسائل الإعلام في انتظار التقاط خبر يبدد مرارة سآمتهم وضجرهم ،كما أنهم أضحوا بموازاة ذلك يسعون بشكل حثيث للتواصل مع أعضاء حكومة بنكيران قصد الإستفسار عن مسار ملفهم وعن موعد الإلتحاق بمناصبهم ، إلا أن الإجابات التي كانوا يتلقونها من طرف أعضاء حزب العدالة والتنمية المشاركين في الحكومة كان يلفها في عمومها الغموض والتضارب بل وأحيانا كان يكتنفها الإلتفاف ما ولد لدى المعنيين بالمحضر ارتيابا و توجسا حول مصير محضرهم. كذلك استمر حالهم إلى أن التقى ممثلو أطر الدفعة الثانية بشكل رسمي يوم 9 أبريل 2012 بالسيد عبد الإله بنكيران بمقر رئاسة الحكومة ليفاجئهم هذا الأخير بتصريح صادم مفاده أنه لا يمكنه أن يلتزم بتنفيذ المحضر لتناقضه مع الدستور ، كما أخبرهم خلال ذات اللقاء بأنه سيحيل منطوق المحضر إلى الأمانة العامة للحكومة قصد البث في قانونيته . ولا ريب أن نزل ذلك التصريح على معطلي "محضر 20 يوليوز" كالصاعقة ، ذلك أنهم لم يقدهم تفكيرهم من قبل إلى الإعتقاد بأن التزام الدولة يمكن تعطيل تنفيذه .
وكما كان متوقعا فقد أشعل تصريح تراجع السيد بنكيران عن تنفيذ مضامين محضر 20 يوليوز فتيل احتجاجات المعطلين "المحضريين" الذين كثفوا بعد ذلك من تواجدهم في شوارع الرباط بهدف إطلاق صيحات تظلماتهم إلى الجهات المسؤولة عبر تنظيم مسيرات ووقفات احتجاجية قبالة مبنى البرلمان كما أمام العديد من المؤسسات الحكومية ومقرات الأحزاب . لكن تلك الإحتجاجات لم تكن لتجد لها صدى لدى صناع القرار الذين آثروا اعتماد المقاربة الأمنية في التعامل معها ، وهي المقاربة التي أفضت إلى حدوث إصابات متنوعة و متفاوتة الخطورة في صفوف المحتجين من أطر" المحضر" ما تزال آثارها حتى اليوم بادية على أبدانهم ورؤوسهم ، كما كان من نتائج اعتماد تلك المقاربة الأمنية حدوث حالات إجهاض في صفوف بعض المعطلات بفعل التعنيف الذي طالهن خلال احتجاجهن السلمي .كذلك تواصلت محنة معطلي "المحضر" الذين وجدوا أنفسهم بعد تراجع حكومة بنكيران عن إحقاق حقهم مضطرين للمرابطة بالعاصمة يومين أو ثلاثة أيام كل أسبوع لتنظيم مسيرات ووقفات اجتجاجية سلمية للمطالبة بإنصافهم. وما يزال حالهم كذلك حتى كتابة هذه السطور، فاحتجاجاتهم مستمرة ، وأموالهم في استنزاف مطرد ،وأحوالهم النفسية في احتراق بطيئ ، وأجواء أسرهم تلفها غيوم التذمر والترقب ، بينما عصف التفكك ببيوت بعض أسرهم واستبد المرض بأجساد شريحة منهم ، كما أن الموت لم يمهل ثلة من آبائهم وأمهاتهم حتى يشهدوا يوم إنصاف أبنائهم وبناتهم.
إنها المعاناة ، بل المأساة بعينها تلك التي أصبح يرزح تحت سطوتها معطلو "محضر 20 يوليوز" الذين ما تركوا بابا من أبواب أحزاب الأغلبية والمعارضة ومؤسسات المجتمع المدني إلا وطرقوه من أجل استرداد حقهم المسلوب. وهاهم حتى الآن ما يزالون بعد أن تفاقمت معاناتهم وتدهورت أحوالهم يواصلون بحماس متقد مسيرتهم الإحتجاجية السلمية في شوارع الرباط وقد آلوا على أنفسهم ألا يفرملوها إلا بعد أن يتم إنصافهم و تنفيذ مقتضيات محضرهم