هل نحن مستعدون للمعركة السيبرانية القادمة ؟


مريم عبودي
الاثنين 14 أبريل 2025


بقلم: مريم عبودي – صحفية وخبيرة في الأمن السيبراني


لم يكن الهجوم السيبراني على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مجرد اختراق تقني عابر، بل هو صفعة رقمية كشفت عورة البنية المعلوماتية لمؤسساتنا، ورسالة واضحة مفادها أن الأمن السيبراني لم يعد خيارًا، بل ضرورة وجودية.

في الثامن من أبريل 2025، استيقظنا على أنباء تسريب بيانات آلاف المغاربة، من معلوماتهم الشخصية إلى تفاصيلهم البنكية، إثر هجوم سيبراني منسّق نفذته مجموعة جزائرية تُدعى "جبروت". وبينما انشغل البعض بالتحليل السياسي أو بالتراشق الإلكتروني، ظل السؤال الأهم معلقًا في الهواء: هل نملك فعلاً منظومة سيبرانية قادرة على حماية مواطنينا؟

بصفتي صحفية متخصصة في شؤون التكنولوجيا والأمن الرقمي، وخبيرة في هذا المجال، أؤكد أن ما وقع لم يكن سوى نتيجة طبيعية لإهمال مزمن. لعقود، تعاملنا مع الأمن السيبراني كملف ثانوي، يُفتح فقط بعد الكوارث، وتُصرف عليه ميزانيات لا تليق بخطورة التهديدات. هذا الهجوم هو نتاج ضعف الرؤية الاستراتيجية، وقلة الاستثمار في العنصر البشري، وغياب التنسيق بين مؤسسات الدولة.

دعونا نكون واضحين: الأمن السيبراني اليوم هو أحد أذرع الدفاع السيادي، شأنه شأن الدفاع العسكري أو الأمن الداخلي. فمن يتحكم في بيانات شعب، يمكنه أن يتحكم في اقتصاده، في قراراته، وحتى في مستقبله.

الرد على الهجوم لا يجب أن يكون فقط فنّيًا، بل سياسيًا واستراتيجياً. نحن بحاجة إلى إنشاء وكالة وطنية مستقلة للأمن السيبراني، ذات صلاحيات واسعة، تمكّنها من التدخل الاستباقي لا بعد فوات الأوان. كما يجب إلزام المؤسسات العمومية والقطاع الخاص بمعايير أمنية صارمة، وتدريب موظفيها على الوقاية والتصدي.

المعركة القادمة لن تُخاض بالسلاح التقليدي، بل بلوحات المفاتيح، بالخوارزميات، وبأخطر سلاح في القرن الواحد والعشرين: البيانات. والسؤال الذي يجب أن نطرحه بجدية الآن هو: هل نحن مستعدون فعلاً؟ أم أننا ننتظر الهجوم القادم كي نبدأ من جديد في معالجة آثار ما كان بالإمكان تفاديه؟

إن لم يتحول هذا الحادث إلى نقطة تحول حقيقية في إستراتيجيتنا الوطنية، فسنظل عالقين في دائرة ردود الفعل، بينما يُخترق مستقبلنا أمام أعيننا.

مقالات ذات صلة