|
بؤس السياسة في زمن شعبوية الساسة
انتصرت الشعبوية في المغرب بعد أن هزمت. الأحزاب وتراجعت الثقافة وعمت السوقية كلغة ومنهج وسياسة. هل هذا الإنتصار ونجاح أقطابه في قيادة ثلاثة أحزاب مرة واحدة جاء نتيجة صدفة غريبة أو فرض بشكل من الأشكال على المشهد السياسي ؟ المؤكد أن ظاهرة الشعبوية برزت كنتيجة لعدة تطورات شهدتها البلاد. من ضمنها انهاك الأحزاب الوطنية وإغراق الساحة بأحزاب مصطنعة وتغليب كفة البرقراط المفر نسين على رجال السياسة كيفما كانت كفاءتهم. لكن ما هي الشعبوية؟ هل هي التواصل مع عامة الشعب بالأسلوب البسيط الذي يستطيع ان يفهم به تعقيدات السياسة ودهاليز المصالح المتشعبة؟ إذا كانت كذلك فنعم الخطاب ونعم التواضع. لكن الشعبوية ليست كذلك. بل هي نوع معروف من النفاق السياسي الذي يمتهنه ساسة غالبا لا يؤمنون بشيء اسمه مبادئ وقيم ولا يحكم تحركاتهم سوى طموحهم الشخصي ولا يستحيون في الإعلان عن ذلك وعن إيمانهم الراسخ بأن الغاية، كيفما كانت، تبرر الوسيلة. هذا المنطق الذي أسس له ماكيفيل منذ قرون يجد اليوم في بلادنا من يدافع عنه باسم الواقعية وابتعاد المثقفين عن هموم الشعب. الحقيقة المرة أن النخبة المثقفة الملتزمة إما
تتمة....
أن أهوتها السلطة المطلقة أو أرهقتها المعارضة المتطرفة أو هجرت البلاد أو السياسة أو عما معا فوصل بنا ذلك الى نوع من الفراغ الذي استغله ما يعرف اليوم بالإسلام السياسي، قبل أن تبرز ظاهرة الشعبوية. وهذه الأخيرة علامة لا تخطئً على تدهور الدوق العام ومعه الخطاب السياسي الذي يحمل العبارات الخادشة للحياء والكلمات الجارحة للكرامة والهزل الثقيل والضحك بدون سبب. وليس في كل ذلك تواضع مع الشعب بل عدم احترام لفهمه واستغفال لذكائه. بيد أنه من المفروض أن ترتقي السياسة وأهل السياسة بالطبقات المتواضعة وتساهم يوميا في تأطيرها وتنميتها ثقافيا وليس الإنغماس في كل ما هو ساقط في لغة الشارع وادعاء القرب من الشعب بذلك. هذا ضرب من الديماغوجية المفسدة التي هدفها خدمة الطموحات الشخصية المتسرعة والوصولية لا غير. أما إذا عمت هذه الظاهرة المشهد السياسي فاقرآ السلام على العمل الجاد والمفيد وترحم على زمن الخطاب الراقي وانس مصالح الناس التي ستضيع وسط زحمة بلد ستصبح "جامع الفنا" كبير
اكتب رسالة
|
|