HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

أوربا من اليسار الى اليمين


فادى عيد
الخميس 5 يونيو 2014




كثيرة هى الموجات الايدوليجية و الحزبية بالقارة العجوز، و لكن تأتى فى تلك المرة موجة اليمين المتطرف فى الانتخابات البرلمانية الاوربية لكى تضرب كل المراكب اليسارية التى ترسو فوق المياة منذ أربعة أعوام .

فكما كان متوقعا أكتساح اليسار بالانتخابات البرلمانية الاخيرة بأوربا بسبب تداعيات الازمة الاقتصادية وقتها، كان ايضا متوقعا أخفاقه فى تقديم اى حلول واقعية لمواجهة تلك الازمات، و هو ما جعلنا ننظر لما سيحدث بعد فشل اليسار فى البرلمان الاوربى، فالمؤشرات السابقة كانت تشير الى عودة أحزاب المحافظون و الليبراليون و الخضر و الاقليميين، و لكن ما حدث هو تفوق أحزاب اليمين المتطرف، فحزب الاستقلال البريطانى الرافض للاتحاد مع أوربا حصل على نسبة 27% من مقاعد البرلمان، و بات " نايجل فاراج " رئيس حزب الاستقلال صاحب الذراع السياسى الاقوى بالمملكة المتحدة .
و اذا كانت تلك النتائج ستجعل " ديفيد كاميرون " رئيس الوزراء أمام ضغوط شديدة من أجل أتخاذ موقف حاسم بخصوص تعهده بإعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي، و بشأن علاقة بريطانيا معه، فقد أصبح كلا من " نيك كليغ " رئيس حزب الديمقراطيين الأحرار، و " إد ميليباند " زعيم حزب العمال، و رفاقهم القياديين فى مهب الريح .

و فى فرنسا حصد حزب الجبهة الوطنية اليميني المتطرف على ربع المقاعد، لكى يرسم نوع من الدهشة على وجه مؤيديه، و نوعا من الصدمة على وجه المنافسين له كما ظهرت تلك الصدمة بوضوح على وجه رئيس وزراء فرنسا " مانويل فالز " الذى علق على تلك النتائج قائلا : أن هناك زلزالاً سياسيا قد وقع . ثم خطاب الرئيس الفرنسى " فرنسوا هولاند " الذى أعرب عن حزنه العميق عن خسارة حزبة أمام اليمين المتطرف، و تصريحه بأن الشعب الفرنسى أصبح يشعر بالغربة فى القارة الاوربية، و هو نفس الشعور الذى كان عليه " فرنسوا هولاند " و نظراءه الأوروبيين بالقمة الغير رسمية التى أنعقدت يوم 27 مايو ببروكسل، فتلك النتيجة هى الاسوأ منذ 35 عاما للحزب الاشتراكى بفرنسا، و ربما تكون الصدمة أكثر عندما يرى " هولاند " و رفاقه مساندة الحزب الاشتراكى و حزب الاتحاد من اجل الحركة الشعبية ( اليميني المعارض ) لحزب الجبهة الوطنية فى البرلمان الاوربى .

كذلك حصد اليمين المتطرف 10% فى الانتخابات اليونانية و 12% بالانتخابات الهولندية، و 20% بالنمسا، و هو الامر الذى يجعل اليمين المتطرف يشارك بـ 130 نائب يميني متطرف من اصل 211 نائب يمينى، و بتلك النتيجة يكون اليمين المتطرف حقق أعلى نسبة للمشاركة فى البرلمان الاوربى منذ تأسيسه .

قد تكون تلك التغيرات الجزرية بالبرلمان الاوربى غير مؤثرة على سياسة اوربا الخارجية او خططها الاقتصادية المستقبلية بقدر كبير، و لكن وصول تلك الاحزاب ذو التوجهات اليمينية المتطرفة، صاحبة الدعوات الانفصالية، و المناهضة للاتحاد الاوربى، و المشككة فى اليورو، ستخلق بالتأكيد نوعا من الصراع الداخلى بكل حكومة، و بين الاحزاب و بعضها، خاصة بين الكبار بالمملكة المتحدة و فرنسا و المانيا، و ستضع كلا من أسبانيا و أيطاليا فى حيرة بين التقرب من لندن ( حلف الاطلسى ) ام التقرب لبرلين ( الاتحاد الاوربى ) .

و من الملحوظات الهامة فى تلك الانتخابات هو الاحجام و العزوف عن المشاركة و بالاخص فى المانيا و فرنسا و بريطانيا، فبتلك الانتخابات التى أمتنع 55% من المشاركة فى حق التصويت بها بغرب اوربا، و أمتناع 30% من المشاركة بشرق أوربا، و قدمت لنا اليمين المتطرف كأغلبية بنسبة تعادل 25%، بينما حجمت اليسار الراديكالى فى أقل من 6%، أكدت مقولة الرئيس الفرنسى السابق " فاليري جيسكار ديستان " ذو التوجه اليميني الوسطى بعد التوقيع على الاتفاقية المؤسسة للاتحاد الاوربى المعروفة بأسم معاهدة ماسترخت فى أوائل التسعينات ببلدية ماسترخت عاصمة مقاطعة ليمبورخ الهولندية، عندما قال " الاشتراكية الان لم تعد مشروعة "

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير