يتعرض الاطفال والمراهقون لاضطرابات سلوكية ونفسية متعددة تتفاوت أعراضها وتتنوع عواملها وأسبابها بين الجيني والوراثي وما يعود للوسط الاجتماعي ولتاثيراته. ومن هذه الاضطرابات نذكر اضطراب المعارضة واضطراب التصرف والتعلمات(صعوبة القراءة والكتابة) ... ومن المعلوم أنه من الصعب تشخيص هذه الاضطراب وهي مهمة لايقوم بها الاالطبيب المختص
يشكو الاباء (كما المدرسون) من أن الاطفال في الوقت الراهن أكثر حركية واندفاعية من أطفال الامس اذ يلاحظون أن لديهم صعوبات على مستوى التركيز والانتباه ويتميزون بالاندفاع والتسرع والنشاط الزائد وقد يتسرع الكثير منهم بوصف طفل أو مراهق ذونشاط حركي زائد أنه يعاني من اضطراب الانتباه والحركية .
ان الاخصائين والاطباءالنفسين يميزون بين شكلين من الحركة المفرطة للاطفال:
-الحركية المفرطية ذات الاصل النفسي التربوي: هؤلاء هم أطفال يتميزون بعدم استقرار نفسي حركي..والمتمثل في عجز في تدبير انفعالاتهم والشعور السريع بالاحباط والغضب. وهي علامات على معاناة. وهذا ما يدفعهم إلى سلوكات اندفاعية وعدوانية...ان هذاعدم الاستقرار النفسي غالبا مايرجع الى التربية الغير المتكيفة ومن ذلك عجز الاباء عن وضع موجهات و حدود أمام قوة الطفل المطلقة كما قد تكون هذه الحركية الزائدة هي رد فعل وصدى لحدث شخصي أو عائلي يخلق المعاناة كالطلاق.. ان هذا عدم الاستقرار يحتاج علاجا بيداغوجيا ونفسيا وتربويالان هذا الشكل من الحركية الزائدة هي الشائعة والغالبة في أوساطنا العائلية والمدرسية وهذا بسبب الضغوط الحياتية المتزايدة ووقعها السيء على نفسيات الاطفال.. انه ليس موضوع كتابتنا أما الشكل الذي سنتطرق له فهو الحركية المفرطة ذات الاصل العضوي
-الحركية المفرطة ذات اصل عضوي:
ان الامر يتعلق بحركية مفرطة حقيقية مزمنة وأصل هذا الاضطراب ذوأسباب عصبية و جينية وهذاالاضطراب هو المعروف باضطراب الحركية المصحوب أو غير المصحوب بنقص الانتباه والاندفاعية .(كما هو مسجل في كتب الطب النفسي).
ان الاسئلة التي سنتطرق لها عبر هذه الكتابة هي تعريف هذا الاضطراب والاشارة لبعض أعراضه وأسبابه وهذا اعتمادا على الكتابات الطبية عنه لكن قبل هذا فلنقم ببعض التوضيح لعملية ذهنية أساسية عند الانسان ترتبط بذلك الاضطراب
الانتباه وظيفة ذهنية مهمة ومعقدة :
ان دماغ الانسان هو العضو الذي يتحكم في كل ما يصدر من الانسان من أفعال. ويعد الانتباه من أهم الوظائف الذهنية في حياة الانسان.. والانتباه كمفهوم يصعب تعريفه وهو أشبه بتعريف مفهوم الوقت أوالزمن فكلنا نعرف الوقت لكن نعجز عن تقديم تعريف له لكن ما يمكن الاشارة له هو أن الانسان عرضة يوميا لسيل من المعلومات الداخلية ( افكار وتمثلات وصور) وخارجية ما يصله من مثيرات حسية من المحيط الخارجي..ان الدماغ يقوم ازاء هذه المعلومات بتوجيه الانتباه والاهتمام والشعور لنقط محددة تهم الانسان في تكيفه مع الوسط ومتطلبات الحياة وهو متفاوت بين الناس ان الانتباه يصفي الافكار المهمة من غير المهمة. و هو وظيفة مركزية وهو يتداخل مع وظائف دماغية اخرى كالتذكر والتخطيط..
اضطراب الانتباه المصاحب او الغير المصاحب بالحركية والاندفاعية المفرطة :
لقد أصبح هذا الاضطراب في الوقت الحاضر موضوعا للعديد من المناقشات رغم أن هذا الاضطراب السلوكي موجود دوما انه بمثابة جحيم حقيقي بالنسبة للطفل الذي يعاني منه كما أنه يطرح صعوبات للوالدين والمحيطين به...يقول الاخصائيون انه اضطراب يجد جذوره عضويا في الدماغ, فتصوير دماغ المصابين به ومقارنتها بدماغ أشخاص عادين يثبت وجود اختلاف طفيف بينهما وايضا في أداء الدماغين. أي انه اختلال في نمو الدماغ (يمس بعض الوظائف التنفيدية ذات الصلة بالانتباه) وهو ما يجعل الاطفال المصابين به يجدون صعوبات أكبر من غيرهم في التكيف ومواجهة الاكراهات.. انه اضطراب منتشر (ففي بلد ككندا مثلا يصيب7 في م من الاطفال المتمدرسين). هو اضطراب يظهر مبكرا في الطفولة وثلث الحالات تتحسن وقد تختفي وفي نصفها تستمر الى المراهقة والرشد
الاعراض :
ان هذا الاضطراب يمس ثلاث أبعاد سلوكية اساسية :
عدم الانتباه : اي نجد قلة أو انعدام أو صعوبة الانتباه عند الطفل ( يصعب الانتباه لما يقوله المعلم / كما أن أقل مثير خارجي يجذب انتباهه..)
الحركية المفرطة : يتميز الطفل بالحاجة الملحة للحركة وهو يعجزعن التحكم فيها ومقاومتها غير أنها حركة بلاجدوى وبلا انسجام أو هدف
الاندفاعية : لدى الطفل تسرع ويقوم بالافعال حتى قبل التفكير (اوضح مثال هو الاجابة على أسئلة المعلم مباشرة ومن غير تقكير
ان توزيع هذه الاعراض هي كما يلي : ( 80 في م من المصابين لهم العلامات الثلاث بينما15 في م يعانون من عدم الانتباه و5 في م من الحركية
ارتباط الاضطراب بامراض أخرى :
العديد من الاطفال المصابين باضطراب الانتباه يعانون أيضا من اضطرابات اخرى :
اضطراب المعارضة مع الاستفزاز : وهو سلوك يتميزبموقف عدائي وحذر وسلبي امام وجوه السلطة مع عدم احترام القواعد غالبا ما يظهر عند الاطفال الحركين والاندفاعين و يعقد اندماجهم وتكيفهم المدرسي والعائلي
اضطراب التصرف : سلوك لااجتماعي عميق والذي يمكن أن يترجم في سرقة الغير والاعتداء وهو عموما سلوك مدمر تجاه الغير ..
الاكتئاب : غالبا ما يظهر وهو نتيجة النبذ الذي يعيشه الطفل لانه لا يقدر على التحكم في نفسه فيحس بتقدير ذاتي متدني
اضطرابات القلق : هم ونرفزة مفرطة تصاحب باعراض جسمية مختلفة (تسرع ايقاع القلب / تعرق..)
اضطرابات التعلمات : حوالي 20 في م من الاطفال المصابين لديهم تاخر في نمو اللغة وفي الكتابة
اسباب ظهور الاضطراب:
اسباب ظهور الاضطراب :
الاسباب :
هو مرض معقد ليس له سبب وحيد يتعلق الامر باضطراب بمصدر عصبي ( نرولوجي) مرتبط بنمو واداء غير عادي للدماغ. وهكذا فقد لاحظ الباحثون عندالاطفال والبالغين المصابين بهذا الاضطراب ان المناطق الدماغية المسؤولة عن الانتباه وحس التنظيم وضبط الحركات انها تنشط بشكل غير عادي او لها تشريح خاص. كما لاحظوا اختلال في معدلات بعض الناقلات العصبية الكيماوية في الدماغ مثل الدوبامين والنورادرينالين
العامل الجيني : عوامل وراثية تساهم بشكل كبير في ظهور هذا الاضطراب وبالفعل فمن خلال ابحاث اقيمت على التوائم المماثلة ( تشابه كلي للميراث الجيني) فاذا اصيب واحد فانه في 90 من المئة يصاب الاخر. لقد اكتشفت عدة جينات مورطة في هذا الاضطراب غير ان العوامل الجينية لاتفسر بوحدها المرض
المحيط : التعرض لبعض المواد السامة (كحول /تبغ/ رصاص/..الخ) خلال الفترة الجنينية تفسر حوالي 15 في م من الحالات
اصابات دماغية : اصابة او عدوى في الدماغ ونقص الاوكسجين عند الولادة او تعقيدات اخرى مرتبطة بالولادة يمكن ان تزيد من احتمال الاصابة بالاضطراب
من شروط التشخيص :
ان وضع التشخيص ( والذي لايوضع قبل س7سنوات) هو بيد الاختصاصين غير ان هنالك بعض الشروط الضرورية حتى نقول ان الطفل يعاني فعلا من هذا الاضطراب ومنها : ان تكون العلامات قد ظهرت مبكرا وقبل 7 سنوات وهي اعراض تلاحظ في جميع الفضاءات التي يحيا فيها الطفل ( البيت والمدرسة والشارع) وان تمتد على الاقل ستةاشهر وان تخلق له المعاناة (عائليا ومدرسيا واجتماعيا) وان لاتكون مظهر لمرض اخر ( كالتوحد او التخلف العقلي)
الاعراض الممكن ملاحظتها في مرحلة الروض :
في الغالب : فالطفل عدواني ( يضرب الاخرين) ويقلب الاشياء وفضوله لايشبع ولايخاف يبدووكانه لايسمع ولا يمتثل للتعليمات.. واحيانا يلعب كثيرا وبقوة و يكسر العابه واشياءه ملحاح مصر ومقاطع للاخرين وله نوبات غضب مفرطة..
الاعراض الممكن ملاحظتها في مرحلة التمدرس الابتدائي :
غالبا ما :يسهل تلهيته مع صعوبة التركيز على مهمة ما. واجباته منظمة بشكل سيء يفقد اشياءه كثير النسيان ينظر اليه انه غير ناضج لاينتظر دوره في الصف غالبا ما يزعج القسم ويقاطع الاخرين ويفرض وجوده..صعوبات في عقد علاقات مع الاقران وعدواني ولايبقى جالسا
ان الاضطراب يمتد الى المراهقة والرشد لكن الملاحظ انه في بداية الحياة فان الحركية المفرطة هي من سيثير الانتباه ومع المراهقة ستسيطر الاندفاعية ومشاكل الانتباه مع سن الرشد
ان علاج هذا الاضطراب كيماويا عبر الادوية ولاسيما دواء الريطالين المعروف في الدول الغربية لعلاج اضطراب الحركية المفرطة لازال يثير جدلا وصراعا بين المعنين من الاطباء والاباء.