عرف الأسد منذ الأزل بقوته التي لا تقهر، وبجبروته وهبته العظيمة من له الفريسة كلها ولا يصطادها، وله الأولوية في الافتراس حق الشبع، بعدها تاتي النمور فالذئاب ثم الكلاب لتقتات مما تبقى عنه.
لكن زمان اليوم أراد عكس ذلك، ان يصطاد الأسد لتأكل الكلاب، بل لتتمكن وتتمكن وهذا ما طبق على البشر.
فليس سرا انه بالامس القريب كانوا عاملين او ربما موظفين عاديين، بعيدين عن كل كسب فاحش وليس لهم من الثراء والغنى الا التمني والأحلام. وبقدرة قادر، بين عشية وضحاها اصبحوا رجالا لهم من المال والثروة ما يسيل لعاب كل ناظر او سامع، ونتسائل عن مصدر هذا الثراء، وهذا التغيير المفاجئ لتبيين الاجوبة بين المال العام والرشوة وثروات الآخرين عن طريق النصب والاحتيال...
فيصبحون بعد ذلك محط الاهتمام، الطلبات رهن اشارتهم والرجال في خدمتهم، لهم من القدرة والحصانة ما يمكنهم من تحقيق المستحيل وتغيير التوابث والضوابط، ويتصرفون دون خشية ويتجرؤون دون ضجل، ويدبرون أمور الاشياء كما ) يدبر على راسهم مزيان(. فيزداد غناهم ثروة، وحيتهم اتساعا ويصبح المثال التالي يعنيهم : ) اللي طلع فوق ظهر الجمل لم يعد يخشى عض الكلاب( ) واخدم التاعس للناعس( فيزول الستار لنرى الطبقة الكادحة تشقى وتكدح وتتعب من اجل النهوض بالبلاد والطبقة الغنية. تجني ثمار عرقهم وتستلذ حصيلة مجهوداتهم، فتجني الثروات تلو الأخرى ويبقى الكادح في دوامة الشقاء ليجني مالا يسمن ولا يغني من جوع
على حد قول الشاعر :
الأسود في الغابة تموت جوعا
ولحم الضان يرمى للكلاب
ويقصد بالكلاب اولئك من تمكنوا من صعود سلم الغنى على حساب لفقراء و ولوج عالم الثروات ,مما مكنهم من تبني القرار ومن الحساب و الضرائب و الأ حكام و الزكاة استطاعوا الفرار .
لكنهم لم يتمكنوا من مسح العار الذي يلاحقهم، والذي يبقى واصما شذراته على جبينهم حتى ينال منهم في الدنيا والاخرة.
فمال العموم عمى لهم في العيون، ومال الرشوة سحت لهم في البطون، فبعدما كان مالا حلال كسب بعرق جبين الكادح اصبح نارا في بطون المرتشين انها تذكرة لاولي الالباب، واتمنى ان اكون خاطبت اولي الآلباب.