HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

الأمازيغية والوحدة الوطنية


د.فؤاد بوعلي
الاربعاء 12 أكتوبر 2011




الأمازيغية والوحدة الوطنية
..... وأخيرا اقتنع الجميع أن هناك وثيقة تتحدث عن لقاءات سرية بين بعض النشطاء الأمازيغ والأمريكان. فبعد الإنكار وإرجاء للقراءة تبين أن وجود الوثيقة يخلط أوراق من راهنوا على سرية استجدائهم للسادة الأمريكان. ولأن الوثيقة غير قابلة للدحض أو الرد انتقل بعض "منظريهم" إلى التفنن في التأويل وربطها بانتماء حزبي ضيق، وكأن الأمر يتعلق بحسابات انتخابوية أو فئوية عرضية . فهكذا تقرأ الحقائق في عرف هؤلاء: شخصنة المواقف بدل مناقشتها. وكم كنا نتمنى أن يبلور الكشف موقفا وطنيا حقيقيا للمتحدثين عن الهوية المغربية يفرض المفاصلة عن المواقف المتطرفة المستقوية بالخارج، وكم حلمنا أن يقوم المتصدون للدفاع عن المغربة حين تثار قضية العربية أن يزايلوا أنفسهم باتخاذ موقف وطني واضح. لكن تبين أن الأمر لا يتعلق بتيار منفصل بل بمسار تم الاتفاق عليه وفق توزيع للأدوار يستهدف هوية المغاربة وانتماءهم وتنفيذا لأجندات معينة.

لم يكن يتصور في تاريخ الأمازيغ أنه سيأتي يوم يغدو التآمر على النسيج الاجتماعي واللحمة المجتمعية جزءا من برنامج "نضالي". فعندما قاد رواد الحركة الوطنية بأمازيغييهم وعربييهم معركة التحرر، وعندما قاد الديمقراطيون حلم دولة الحرية، لم يكن يدور بخلدهم إلا الدفاع عن الإنسان المغربي بكل انتماءاته العرقية، تأسيسا على التوافقات التي راكمها المجتمع منذ قرون. يقول صاحب "معتقل الصحراء": "وليت شعري لماذا كنا نحرص على الاستقلال إن لم تكن أهدافنا المحافظة على مثلنا العليا المجموعة في ديننا الحنيف؟ والمحافظة على هذه اللغة التي استمات المغاربة كلهم، عربهم وبربرهم في جعلها هي اللغة الوحيدة في البلاد". فالذي يحدد وطنية أي واحد منا هو حرصه على الوطن واستقراره والعيش المشترك فيه والدفاع عنه بدل المراهنة على الهويات الضيقة والبحث عن انتماءات جديدة وأوطان مزعومة. فالوطن خط أحمر. لذا فعندما يغيب الوطن يغدو كل سلوك ممكن ومبرر، فالتعامل مع الكيان الصهيوني لا يوجد فيه أي حرج من أجل مصلحة الأمازيغ في العالم كما قال كبيرهم الذي ينطق باسمهم، وليس عيبا أن يجالس الأمريكان والفرنسيين ويستنهضوا ضد مواطنين مغاربة وجلهم أمازيغ من أجل الأمازيغ، وليس عيبا استجداء عون المنظمات الدولية من أجل الأمازيغ وترسيم الأمازيغية. عندما يغيب الوطن كل شيء ممكن... ومبرر.

ليس العيب في اللقاء بالأمريكان أو الجلوس معهم وتجاذب الأفكار والرؤى، لكن الكارثة في الاستعانة بهم ضد أبناء الوطن، خاصة إذا وضعنا الأمر في سياق الاهتمام الأمريكي بعد الفرنسي بالأمازيغية وجولات ممثلي سفاراتهم لمناطق العمق المغربي. لذا لن يكون الجواب على هذا الموقف اللا وطني إلا بموقف وطني صريح يربط الأمازيغية بعمقها الوطني الذي انتمت له على الدوام، بعيدا عن أحلام الوطن البديل التي تصنعها نخبة تقتات بهدم معبد السيادة الوطنية ورموزها. وفي هذا الإطار جميل أن تقرأ خبرا يقول: "يعتزم المجلس العلمي لمدينة أكادير تنظيم ندوة علمية في دجنبر المقبل في موضوع الأمازيغ والوحدة الدينية والوطنية في المملكة المغربية". وكيفما كانت الجهة المنظمة وطبيعة المشاركين فإن فكرة النشاط في حد ذاته إحياء لحقيقة الأمازيغية كصمام أمان للوحدة الوطنية.




         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير