HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

التعليم حق وليس امتياز


ذ. محمد الحجام
الاثنين 1 أكتوبر 2012




التعليم حق وليس امتياز
بعد مرور العطلة الصيفية اتضح ما مدى استعداد الدولة للدخول السياسي والاقتصادي والاجتماعي ـ، وما هي التدابير التي هيأتها ؟ وخصوصا ما هي الاولويات التي سطرتها في ظل الازمة الخانقة والشاملة التي يتخبط فيها الشعب المغربي ؟ فقد دشنت الحكومة دخولها بالدخول المدرسي ، الذي يستقطب اهتمام كل المواطنين لكون التعليم يرتبط بكل الاسر والفئات الاجتماعية واعتبارا كذلك لما يبنون عليه من آمال عريضة لتربية وتعليم ومستقبل أبنائهم .

لقد بدأ هذا الدخول بتدبدب واضطراب كبيرين ( الاكتظاظ رغم حرمان العديد من حاملي الباكالوريا من التسجيل ، اما بسبب ضعف المعدل او لكون الشهادة استهلكت صلاحيتها أي سنتين ) واتضح مرة اخرى ان الازمة العميقة والمأزق الحقيقي التي عرفها قطاع التربية والتعليم منذ الستينات من القرن الماضي ، لازالت مستمرة ، رغم كل المشاريع والبرامج الاصلاحية والتقويمية المتعاقبة من الميثاق الوطني والعشرية ، وصولا الى البرامج الاستعجالية بعد المرور بالتقييمات التعليم بالاهداف وشعارات المردودية والجودة ، وانتهاءا بمدرسة النجاج / الفشل الذي كان واضحا في تشخيص الخطاب الملكي ل 20 غشت . اذن اذا كان قد تم في الصيف الاعلان الرسمي عن فشل منظومة التعليم ككل ، فان الدخول الحالي لا ينبىء بوجود اية بادرة للاصلاح او النظر بالجدية المطلوبة في سياسة التربية والتعليم في بلادنا.

فمباشرة وتزامنا مع الدخول المدرسي ، قرر وزير التربية والتعليم منع اساتذة التعليم العمومي من اعطاء دروس في المؤسسات التعليمية الخصوصية ، واذا كان هذا القرار في حد ذاته لا يخلو من ايجابية ، فان الوزير قد تراجع عنه على الفور ، واجل تنفيذه الى ما بعد ، وتحديدا على مدى خمس سنوات ليظهر جليا مدى الارتجالية في التقرير وقوة الضغط ، الذي مارسه قطاع التعليم الحر في هذا الاتجاه أي في اتجاه التاجيل او ربما الالغاء.

ان فكرة الزام التعليم الخصوصي بتكوين اطرها التربوية حق اريد به باطل ، فكيف يمكن ذلك عمليا ؟ ذلك ان هذا القطاع لا يتوفر على الوسائل الكفيلة بذلك من جهة ، ومن جهة اخرى كيف يمكن تصور هذا التكوين بعيدا عن مراقبة الدولة ؟ فان ذلك قد ينتهي بنا الى وجود نظامين للتعليم مستقلين ، مما ينتج عنه حتما نظام تعليمي طبقي : تعليم عمومي لعامة الشعب ، وتعليم خصوصي للفئات المتوسطة والميسورة ، والتي تضطر الكثير منها الى ارسال ابناء ها وبناتها للدراسة في الخارج ، وما يستتبع ذلك من هدر للعملة الصعبة ، التي تشتكي الخزينة من الشح منها ، فقط لان هؤلاء اغلقت في وجههم مؤسسات بلدهم الحبيب .

ان من الشروط الاولوية في افق اصلاح المنظومة التعليمية ، هو الرجوع الى المبادىء العامة التي سطرتها الحركة الوطنية في بداية الاستقلال :
- تعميم التعليم وجعله حقا مشروعا لجميع ابناء المغاربة بدون أي تمييز .
- التوحيد أي اعتماد نظام تعليمي موحد لجميع ابناء المواطنين .
- التعريب أي اعطاء الاولوية للغة العربية .
- وهنا يجب ابلاء اللغة الامازيغية المكانة اللازمة بها تماشيا مع مقتضيات الدستور الجديد . وهذا مع الانفتاح على جميع اللغات الحية التي تمكننا من اكتساب العلوم والتكنولوجية التي بدونها لن نحقق التقدم المنشود .
- المجانية ، وهو مبدأ اصبح محل مزايدة سياسية منذ الثمانينات ان الشعب المغربي شعب فقير وازداد فقرا في السنوات الاخيرة .فالحالة هذه ، ان التفكير في ضرب هذا المبدأ ينم عن جهل حقيقي بوضعية الشعب المغربي ويحول التعليم من حق تضمنه كل القوانين الوضعية والالاهية إلى امتياز .

لذلك فان السياسة التعليمية في بلادنا ، يجب ان تكون ذات نظرة شمولية تنسحب على المنظومة التعليمية ككل سواء في شقه العمومي او الخصوصي .
وهنا يجب التذكير بان التعليم الخصوصي ليس جديدا على بلادنا ، ذلك ان الحركة الوطنية هي التي بادرت الى انشائه وتثبيته وجعله سلاحا ضد الاستعمار ، فاذا كان التعليم الخصوصي الان قد حاد عن هذه المبادىء الوطنية ، واصبح في مجمله قطاعا تجاريا محضا يتحكم فيه منطق الربح ولا شيء غير الربح ، فان وزارة التربية الوطنية بامكانها ومن واجبها ان تراقب هذا القطاع مراقبة صارمة ، وجعله موازيا للقطاع العمومي ومكملا له ، لا بديلا عنه .

ان النية الحقيقية في الاصلاح الشامل الذي يتحدث عنه الجميع ، يبدأ حتما باصلاح التربية والتعليم ، ولن يتاتى هذا الا بربط التعليم بقطاع الانتاج المأزوم اصلا ، ويبقى التشاؤم مهيمنا ، لان جميع محاولات الاقلاع الاقتصادي والسياسي ، لن تنجح داخل مجتمع جاهل او ذي تكوين مهزوز .ربما ستجرنا قاطرة الاتفاق او الحوار الاستراتيجي المغربي الامريكي ، التي تضم محورا خاصا بالتعليم في نظرته للتسامح الديني والتصالح والتعانق رغم القتل والاغتصاب لحقوق المسلمين الى جانب محاور السياسة والاقتصاد وبالطبع الامن والعسكر .
رحمك الله يا حسين السلاوي في اغنيتك الخالدة : الزين والعين الزرقاء ، جانا بكل خير ، وما تسمع غير اوكي ، اوكي كمان باي باي.

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير