إلى
كل من تحرر من أدلجة الدين.
كل من ضحى من أجل أن تصير أدلجة الدين في ذمة التاريخ.
الشهيد عمر بنجلون الذي قاوم أدلجة الدين حتى الاستشهاد.
العاملين على مقاومة أدلجة الدين على نهج الشهيد عمر بنجلون.
من أجل مجتمع متحرر من أدلجة الدين.
من أجل أن يكون الدين لله والوطن للجميع.
مقدمة :
إن ما ترسخ من خلال الممارسة السياسية في بلدان المسلمين، وما صار يقره الإنسان العادي، وما قالت به العديد من الكتابات: أن الإسلام أصبح مصدرا للتحزب في اتجاه اليمين، واليمين المتطرف، وقد يكون كذلك في اتجاه الوسط. وجعل الإسلام مصدرا للتحزب، يناقض كون الإسلام جاء لجميع الناس، على اختلاف ألسنتهم، وألوانهم، وطبقاتهم، ويجعله متحيزا إلى هذه الطبقة، أو تلك، وضد هذه الطبقة، أو تلك، مجسدا لمصالح طبقة معينة دون باقي الطبقات: أي أن الإسلام تحول إلى مجرد إيديولوجية.
وما نعلمه أن الإيديولوجية هي التعبير بواسطة الأفكار عن مصالح طبقة معينة، وما نعلمه أيضا، أن الإيديولوجية تتعدد بتعدد الطبقات الاجتماعية، التي لها علاقة بالاختلال في توزيع الدخل، الذي يتكدس في يد طبقة معينة بكمية كبيرة، وفي يد أخرى بكمية متوسطة، لتأخذ منه أخرى قدر حاجتها، ولتحرم منه باقي الطبقات المقهورة، وهو ما يستدعي تضارب المصالح المعبر عنها بالأيديولوجية التي تقتضي تنظيم أحزاب للدفاع عن تلك المصالح، والسعي إلى جعلها سائدة في المجتمع. والإسلام لا يمكن بأي حال من الأحوال، أن يتحول إلى مجرد تعبير عن مصالح طبقية معينة، لأنه بذلك يفقد كونه قادرا على استيعاب جميع الطبقات الاجتماعية، كما يفقد كونه جاء لجميع الناس، وبالتالي علينا أن نزيل منه بعض الآيات التي تفيد هذا المعنى، مثل قوله تعالى: "يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء"، وقوله تعالى: "جعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا، إن اكرمكم عند الله اتقاكم"، وقوله تعالى: "إنما المومنين إخوة".
والذين يعملون على تحزيب الإسلام، إنما يرتكبون جريمة جعل الله غير عادل، وهو العادل حقا، ومتحيز إلى طبقة دون سائر الطبقات، وهو، جل شأنه، ليس كذلك. فهو العادل أبدا، ولولا عدله، ما قال: "وأمرهم شورى بينهم".
فتحزيب الإسلام، إذن، هو عمل مقصود من قبل جهات معينة، ابتداء من ممارسة دول المسلمين، ومرورا بالجمعيات التي تعد المسلمين لقبول ممارسة تحزيب الإسلام، وانتهاء بالأحزاب التي تدعي أنها إسلامية، ومن أجل المسلمين البسطاء يعتقدون ما يدعيه محزبو الإسلام، فينساقون وراءهم، وينقادون لأوامرهم، ويوصلونهم إلى مراكز القرار، أو يدعمون حركتهم الاجتماعية، أو يقبلون تجييشهم، وتوظيفهم لمواجهة التوجهات التي ترى الإسلام دينا للجميع، أو ترى حق الجميع في الاعتقاد به، كما توظفهم لمواجهة اليسار، باعتباره ملحدا، لا يؤمن بالإسلام أبدا، ولا يسعى إلى الإيمان به، بقدر ما يحاربه، كما يدعي ذلك مؤدلجو الدين الإسلامي، ومحزبوه.
ونحن، في هذه المعالجة، سنعمل على تبسيط مفهوم الحزب، والوقوف على أسسه، ومبادئه، وطبيعة الانتماء الحزبي، ودواعيها، والهدف منها، ومفهوم الحزبوسلامي، وتكوين الحزبوسلامي، وتنظيم الهجوم على اليسار، وتعبيره عن الانتماء إلى طبقة معينة، أو مجموعة من الطبقات، ولجوءه إلى استنساخ برامج اليسار، وتحويرها، لتناسب أدلجة الدين الإسلامي، وتنظيم التسلل إلى المنظمات الجماهيرية، وتحريف النضال الديمقراطي بقرار من الحزبوسلامي، واستغلاله للعمل الجماهيري لتصفية اليسار، والحزبوسلامي، وأدلجة الدين الإسلامي، والحزبوسلامي، والنضال الديمقراطي، والموقف من الانتخابات، والحزبوسلامي، والخطاب البرلماني، والحزبوسلامي، وأفق تنظيم المجتمع، والحزبوسلامي والعودة إلى عصور الظلام، وحزب الطبقة العاملة، وضرورة مواجهة الحزبوسلامي، والحزبوسلامي، وعوامل المد، والجزر، ومنظور الحزبوسلامي للواقع، وتصوره للآفاق.
ولماذا لا يدخل الحزب البورجوازي في مواجهة الحزبوسلامي؟
والحزب الإقطاعي، وتحدي الحزبوسلامي.
وهل يمكن أن تسود عوامل انحسار الحزبوسلامي؟
وبذلك سنسلط الضوء على استغلال الدين الإسلامي لصالح الحزبوسلامي.
وما ذا يجب أن نعمل من أجل أن يبقى الدين لله؟
وكيف تحول ذلك الدين إلى مجرد إيديولوجية؟
وصولا إلى الاقتناع بأن ما جرى، ويجري باسم الإسلام على المستوى الإيديولوجي، لا علاقة له بالإسلام.
وبالتالي فإن الدين الإسلامي الحقيقي ينبذ كل ذلك، ويعمل على اعتبار مؤدلجي الدين الإسلامي مارقين، وخارجين عن مقتضياته، ومتنبئين جددا، يرتبطون بتكريس الشرك بالله، عن طريق جعل المسلمين الموهومين يعبدون الحركة المستغلة للدين الإسلامي، أو يعبدون زعيم الحركة، الذي يتحول إلى مصدر للبركات، يقصده الناس من كل حدب، وصوب، من أجل التمسح به، كما يتمسحون بالأولياء، والصالحين، وهو ما يعتبر تجنيا على الإسلام، والمسلمين، وتجاوزا لكونه عاملا من عوامل تماسك شعوب المسلمين في كل أرجاء الأرض، وسببا من أسباب سيادة قيم الحق، والعدل، والتضامن، والتضحية، والإيثار. وهي قيم إنسانية، تفرض تجنب تحويل الإسلام إلى مجرد إيديولوجية.
وعمل كهذا، لا يمكن اعتباره إلا وسيلة من وسائل حماية الإسلام من التطاول الأيديولوجي، حتى يكون فعلا لجميع الناس، وصالحا لكل زمان ومكان.