"إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما " صدق الله العظيم
زِهْ، فجلدهم ألفا:
كدنا نسمع هذه "الأف" من السيد رئيس الحكومة مرارا؛رغم أنه متقاعد وظيفيا ،وابن بار بوالدته ،على ما يبدو. وما بر بوالديه من لا يكرم المتقاعدين ،ولو معنويا فقط .
سمعنا أن صناديق التقاعد في أزمة.سمعنا أن الإفلاس على الأبواب.وسمعنا أن الانتقاص من المعاشات وارد؛بل قد يصل الأمر،في المستقبل المنظور، إلى العجز الكامل عن صرفها. كل هذا سمعناه ،وليس له غير معنى واحد :
يا معشر المتقاعدين إنكم عبء كبير على الميزانية، إن لم يكن على الدولة.
زِهْ ،فجلدهم ألفا. أيوجد أقسى من هذا الجلد ؟ خصوصا حينما يتم السكوت كلية عن الجهات التي عاثت فسادا في الصناديق ،حتى أوردتها كل هذه المهالك. يُجلد المتقاعدون لأنهم شاركوا ،في الفساد الكبير،بكونهم ضحاياه.
لقد عوضت الدولة عن سنوات الرصاص، حتى بعض الذين كانوا يطلقونه؛وكان عليها ،في ما يخص المتقاعدين،أن تعترف لهم ،بدورهم،بالرصاص الذي فجر أقفال الصناديق ،وأخرس ألسنة النواطير وَفَقَأَ عيونهم.
كان عليها أن تَعقد لهم ،على الأقل،جلسات إنصاف ومصالحة ؛يستمعون فيها إلى اعترافات الأحياء من المشرملين الكبار؛وبعدها تكون لهم الخِيَرَةُ في أمرهم،ولا أراهم إلا كراما. لقد شاركوا في الإفساد،كضحايا،فكيف لا يشاركون في الإصلاح كمستفيدين؟
بدل هذا "الوئام المدني" المتحضر، يشن رئيس الحكومة حربا نفسية على شريحة من المواطنين، لا ذنب لهم عدا ما يكون للضحية من ذنب؛مادام الفاعل لايكون فاعلا إلا بمفعول به. ولا ذنب ثانيا لهم عدا العمر الذي تقدم بهم ،دون أن يعفيهم لا من الضريبة على الدخل-وهي مثناة ،اعتبارا لأدائها زمن نشاطهم- ولا من الضريبة على الدم ؛ما دامت مسؤولياتهم –في ظل بطالة الشباب الحالية- لا تتقاعد أبدا.
إذا كانت الحكومات السابقة قد نأت بنفسها عن ملف إصلاح أنظمة التقاعد؛فليس لعدم شجاعتها ،كما يردد أبو الغلاء المعري- على حد تندر بعض الظرفاء-بل لخجلها من المتقاعدين ؛وكراهيتها جلدهم بجريرة غيرهم.أما وقد حل زمن الرئيس النِّحرير، الفعال لما يريد ؛فلماذا لا يكون المتقاعدون كالصحافيين:"باعوا الماتش"،وتحولوا إلى مشوشين على الحكومة بمطالبهم؟
لم تكن كريما وأنت تفتح على المتقاعدين أبواب الريبة والتوجس.ولم تكن كريما وأنت تستثنيهم،سابقا، من زيادة مرتبطة بغلاء المعيشة ،وليس بالسلالم والأجور. ولم تكن كريما وأنت تتراجع عن زيادة مستحقة ضريبيا ؛وقد مضى عام على الشروع في صرفها.مرة أخرى تجلد شريحة منهم بجريرة غيرهم.
وانتبهت السياسة إلى الفريسة :
إذ بدا للرئيس أن يُمطط حديث التهديد- بعد أن حسم الخبراء في الأمر ،وسطروا الحلول الرياضية-لأن السياسة لا تحب نقط النهاية أبدا.
ربما لم تظهر للسيد رئيس الحكومة كل الأرقام الصحيحة والمصححة، وكل التواريخ ؛عدا الرقم الصعب الذي تعنيه الانتخابات.
أقبلت النقابات على الإصلاح،بداية، ثم أدبرت؛ لأنها ،بدورها،لا ترى غير الأرقام الصعبة،ولا يحركها غير بنزين الاستحقاقات .
بدل أن يكون المتقاعدون طرفا في ملف قضائي يُخرج التماسيح الحية من بِركها ؛هاهم يتحولون إلى ملف سياسي ،تتنازعه الأحزاب ؛على غرار صندوق المقاصة ،ولوائح الريعيين..
ولنمارس بدورنا تسييس ملفنا فنقول: لا نقبل بإصلاح في ولايتك أيها الرئيس ،لأن سوابقك تؤكد أنك لن تكون في صف الضعفاء أبدا. ستفتح أبواب جهنم جديدة على المتقاعدين ،وهم مكتوفو الأيدي .فهل نضرب عن التقاعد حتى نرغمكم على الاستماع إلينا؟ حتى النقابات قطعت علاقتها بنا لأننا خارج ملعبها النشيط.
لا نقبل أن نقف بين الفيلة وهي تتصارع،لينتهي بنا الأمر عظاما مطحونة بين سياسيين لا يطيقون بعضهم البعض ،ولا يتقاعدون أبدا.
لنا أكثر من مبرر لنرفع أمر إصلاح أنظمة التقاعد إلى واسع النظر الملكي ،بعيدا عن تدافعكم .
إن الإصلاح المرتقب غير موجه فقط للمتقاعدين ؛ومن هنا ضرورة ارتقائه الى مستوى المدرسة التي تربي الموظفين الممارسين على الإبداع المهني ،والعطاء الدائم ؛المؤسسين على الثقة في رشد الحكومة ،والاطمئنان على الغد ،حينما تداهم الشيخوخة ويضعف البدن، ويضيق الفؤاد عن سماع رئيس حكومة ،شبيه بالحالي ،وهو يجلد المتقاعدين لأنهم سكتوا عن تسييس ملفهم ؛ووقفوا يتفرجون على الفيلة وهي تشحذ أنيابها.
لسنا من بلد أجنبي حتى نُقصى من تشريعات الوظيفة العمومية ،حالا ومآلا. لقد ألزمتمونا بالتنازل عن الصفات التي تقاعدنا على أساسها،خلافا للمعمول به في باقي الدول؛ فلا تنالوا من عزة نفوسنا وأنتم تتأففون منا بكرة وأصيلا. ولا نسألكم رفاها وترفا ،حينما تعوزنا حتى الكلمة الطيبة التي لاتكلف شيئا.
وتحية للجامعة الوطنية لجمعيات المتقاعدين بالمغرب؛وجمعية الأمل للمتقاعدين بالقنيطرة.
وبارك الله مؤتمركم ،المنعقد حاليا بفاس.(7.6.2014)
زِهْ، فجلدهم ألفا:
كدنا نسمع هذه "الأف" من السيد رئيس الحكومة مرارا؛رغم أنه متقاعد وظيفيا ،وابن بار بوالدته ،على ما يبدو. وما بر بوالديه من لا يكرم المتقاعدين ،ولو معنويا فقط .
سمعنا أن صناديق التقاعد في أزمة.سمعنا أن الإفلاس على الأبواب.وسمعنا أن الانتقاص من المعاشات وارد؛بل قد يصل الأمر،في المستقبل المنظور، إلى العجز الكامل عن صرفها. كل هذا سمعناه ،وليس له غير معنى واحد :
يا معشر المتقاعدين إنكم عبء كبير على الميزانية، إن لم يكن على الدولة.
زِهْ ،فجلدهم ألفا. أيوجد أقسى من هذا الجلد ؟ خصوصا حينما يتم السكوت كلية عن الجهات التي عاثت فسادا في الصناديق ،حتى أوردتها كل هذه المهالك. يُجلد المتقاعدون لأنهم شاركوا ،في الفساد الكبير،بكونهم ضحاياه.
لقد عوضت الدولة عن سنوات الرصاص، حتى بعض الذين كانوا يطلقونه؛وكان عليها ،في ما يخص المتقاعدين،أن تعترف لهم ،بدورهم،بالرصاص الذي فجر أقفال الصناديق ،وأخرس ألسنة النواطير وَفَقَأَ عيونهم.
كان عليها أن تَعقد لهم ،على الأقل،جلسات إنصاف ومصالحة ؛يستمعون فيها إلى اعترافات الأحياء من المشرملين الكبار؛وبعدها تكون لهم الخِيَرَةُ في أمرهم،ولا أراهم إلا كراما. لقد شاركوا في الإفساد،كضحايا،فكيف لا يشاركون في الإصلاح كمستفيدين؟
بدل هذا "الوئام المدني" المتحضر، يشن رئيس الحكومة حربا نفسية على شريحة من المواطنين، لا ذنب لهم عدا ما يكون للضحية من ذنب؛مادام الفاعل لايكون فاعلا إلا بمفعول به. ولا ذنب ثانيا لهم عدا العمر الذي تقدم بهم ،دون أن يعفيهم لا من الضريبة على الدخل-وهي مثناة ،اعتبارا لأدائها زمن نشاطهم- ولا من الضريبة على الدم ؛ما دامت مسؤولياتهم –في ظل بطالة الشباب الحالية- لا تتقاعد أبدا.
إذا كانت الحكومات السابقة قد نأت بنفسها عن ملف إصلاح أنظمة التقاعد؛فليس لعدم شجاعتها ،كما يردد أبو الغلاء المعري- على حد تندر بعض الظرفاء-بل لخجلها من المتقاعدين ؛وكراهيتها جلدهم بجريرة غيرهم.أما وقد حل زمن الرئيس النِّحرير، الفعال لما يريد ؛فلماذا لا يكون المتقاعدون كالصحافيين:"باعوا الماتش"،وتحولوا إلى مشوشين على الحكومة بمطالبهم؟
لم تكن كريما وأنت تفتح على المتقاعدين أبواب الريبة والتوجس.ولم تكن كريما وأنت تستثنيهم،سابقا، من زيادة مرتبطة بغلاء المعيشة ،وليس بالسلالم والأجور. ولم تكن كريما وأنت تتراجع عن زيادة مستحقة ضريبيا ؛وقد مضى عام على الشروع في صرفها.مرة أخرى تجلد شريحة منهم بجريرة غيرهم.
وانتبهت السياسة إلى الفريسة :
إذ بدا للرئيس أن يُمطط حديث التهديد- بعد أن حسم الخبراء في الأمر ،وسطروا الحلول الرياضية-لأن السياسة لا تحب نقط النهاية أبدا.
ربما لم تظهر للسيد رئيس الحكومة كل الأرقام الصحيحة والمصححة، وكل التواريخ ؛عدا الرقم الصعب الذي تعنيه الانتخابات.
أقبلت النقابات على الإصلاح،بداية، ثم أدبرت؛ لأنها ،بدورها،لا ترى غير الأرقام الصعبة،ولا يحركها غير بنزين الاستحقاقات .
بدل أن يكون المتقاعدون طرفا في ملف قضائي يُخرج التماسيح الحية من بِركها ؛هاهم يتحولون إلى ملف سياسي ،تتنازعه الأحزاب ؛على غرار صندوق المقاصة ،ولوائح الريعيين..
ولنمارس بدورنا تسييس ملفنا فنقول: لا نقبل بإصلاح في ولايتك أيها الرئيس ،لأن سوابقك تؤكد أنك لن تكون في صف الضعفاء أبدا. ستفتح أبواب جهنم جديدة على المتقاعدين ،وهم مكتوفو الأيدي .فهل نضرب عن التقاعد حتى نرغمكم على الاستماع إلينا؟ حتى النقابات قطعت علاقتها بنا لأننا خارج ملعبها النشيط.
لا نقبل أن نقف بين الفيلة وهي تتصارع،لينتهي بنا الأمر عظاما مطحونة بين سياسيين لا يطيقون بعضهم البعض ،ولا يتقاعدون أبدا.
لنا أكثر من مبرر لنرفع أمر إصلاح أنظمة التقاعد إلى واسع النظر الملكي ،بعيدا عن تدافعكم .
إن الإصلاح المرتقب غير موجه فقط للمتقاعدين ؛ومن هنا ضرورة ارتقائه الى مستوى المدرسة التي تربي الموظفين الممارسين على الإبداع المهني ،والعطاء الدائم ؛المؤسسين على الثقة في رشد الحكومة ،والاطمئنان على الغد ،حينما تداهم الشيخوخة ويضعف البدن، ويضيق الفؤاد عن سماع رئيس حكومة ،شبيه بالحالي ،وهو يجلد المتقاعدين لأنهم سكتوا عن تسييس ملفهم ؛ووقفوا يتفرجون على الفيلة وهي تشحذ أنيابها.
لسنا من بلد أجنبي حتى نُقصى من تشريعات الوظيفة العمومية ،حالا ومآلا. لقد ألزمتمونا بالتنازل عن الصفات التي تقاعدنا على أساسها،خلافا للمعمول به في باقي الدول؛ فلا تنالوا من عزة نفوسنا وأنتم تتأففون منا بكرة وأصيلا. ولا نسألكم رفاها وترفا ،حينما تعوزنا حتى الكلمة الطيبة التي لاتكلف شيئا.
وتحية للجامعة الوطنية لجمعيات المتقاعدين بالمغرب؛وجمعية الأمل للمتقاعدين بالقنيطرة.
وبارك الله مؤتمركم ،المنعقد حاليا بفاس.(7.6.2014)