ولعل الجميع قد لاحظ كيف تحركت "ماكينة" الدولة بسرعة الضوء، إبان ظهور حركة 20 فبراير في الشارع، لاحتواء الحراك الشعبي من الانفلات، الذي كان بإمكانه أن يأتي على الأخضر واليابس، خصوصا وأن بواعث الانتفاضة الشعبية في المغرب كانت ولازالت أقوى من أي بواعث انتفاضة شعبية عربية عرفها الربيع العربي؛
فبسخط قسم كبير من الشعب المغربي على العملية السياسية برمتها، وهو ما عكسته المشاركة السياسية الجد متدنية في إنتخابات 2007؛ وبعجز شرائح واسعة من المجتمع المغربي في السنين الأخيرة عن الإجابة على أبسط متطلبات العيش الكريم، وليس أقلها عدم قدرة العديد من الأسر المغربية، وخاصة في العالم القروي، حتى على توفير مادة "الطحين" باعتباره المادة الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي منزل مغربي؛ كان بإمكان كل ذلك وغيره، أن يشكل فتيلا لانتفاضة شعبية لا احد كان قادرا على التكهن بتكلفتها، لا قدر الله.
و صراحة من موقعي كمواطن مغربي ـ ورغم التذمر النفسي الكبير الذي يتملكني، جراء سوء أحوال البلد على جميع الأصعدة، و كذا إحساسي بغبن شديد بفعل التحايل والمناورات على مطالب الشعب، إضافة إلى شعوري بغياب إرادة سياسية حقيقية في اتجاه الإصلاح لدى الساهرين على أمور المغاربةـ لا يسعني إلا أن أحيي عاليا العقل الرسمي المغربي على قدرته العجيبة في امتصاص الحراك الشعبي المغربي الأخير.
وقد لاحظ الجميع كيف أثلج خطاب التاسع من مارس، صدر معظم قيادات الأحزاب السياسية، وكيف أفضت المفاوضات مع قيادات النقابات العمالية بزيادة 600 درهم، للموظفين في القطاع العمومي، وكيف سافر عباس الفاسي إلى دولة "الجزيرة" أو دولة قطر في عز الغليان الشعبي، ثم كيف توارى الهمة تدريجيا عن دائرة الضوء... هذا طبعا، مع تجاوزات أمنية لا مبرر لها من قبيل التدخل الأمني العنيف الذي شهدته أيام 06/13مارس و 15/22/29/ماي الأخيرين..
لكن، بالقدر الذي يبدو فيه العقل الرسمي عبقري وداهية، بالقدر الذي يبدو فيه أحيانا كثيرة على درجة من الغباء لا نظير لها، خاصة حين يفتعل معارك "جانبية ومجانية" كان بالإمكان الإستغناء عنها.
ومن بين تلك المعارك التي لازال العديد من المتتبعين حائرين في فك شفراتها حتى اليوم، نجد قضية معاد "الحاقد" فنان حركة 20 فبراير.
فرغم ملايين الأصوات، إذا احتسبنا مجموع المسيرات من كل يوم أحد، والدعوات التي أطلقتها العديد من الفعاليات الحقوقية والفنية لإطلاق سراح الشاب "الحاقد"، لازالت الدولة متعنتة في اعتقاله، وتراكم حقدا مجانيا للعديد من المغاربة الذين آمنوا بعدالة قضيته.
وشخصيا، لم أكن اعرف معاد "الحاقد"، وربما كان هذا حال الكثير من المغاربة الذين لم يسمعوا به من قبل، لكن، اعتقاله سلط الضوء عليه، وجعل العديد من المواطنين يسألون عنه وعن أغانيه، لتغدو كلماته وهو داخل السجن أكثر وقعا على أذان معتقليه وهو خارجه.
أما الصحفي رشيد نيني، فقد عكست محاكمته شخصنة ما بعدها شخصنة للمؤسسات الرسمية و عنترية ما بعدها عنترية، حاول من خلالها خصومه إستعراض "عضلاتهم القضائية" للقضاء عليه، مستفيدين من تواطؤ العديد من المنابر الإعلامية عليه، ومن تدني شعبيته بعد انتقاده في بعض مقالاته لحركة 20 فبراير في بادئ الأمر.
ونحن لا نعتبر نيني، أو غيره فوق القانون، لكن على الأقل وانتم تؤسسون لفصل سياسي جديد قوامه دستور ديمقراطي وإنتخابات مفصلية كما تدعون، كان أولى بكم أن تطلقوا سراح الرجل على الأقل بمناسبة عيد الأضحى، فمهما كان هو اشرف من العديد من المجرمين الذين تم العفو عنهم في هذه المناسبة، وكما يقول المثل المغربي الدارج "لي غلب يعف" مادامت الرسالة قد وصلت للجميع.
أما آخر "المعارك المجانية" التي تفتقت عليها عبقرية "أصحاب الحسنات" فهي رفض ترشيح القاضي السابق جعفرحسون للإنتخبات القادمة، كوكيل للائحة "المصباح" بتارودانت الجنوبية، تحت ذريعة أن لائحة الحزب المودعة من طرف وكيلها جعفر حسون "مخالفة لمقتضيات المادة 7 والمادة 24 من القانون التنظيمي لمجلس النواب!.
وتسقط المادة السابعة من القانون المذكور أهلية الترشح للإنتخابات النيابية بالنسبة للأشخاص الذين يزاولون بالفعل عددا من الوظائف، منها القضاء، أو الذين انتهوا من مزاولتها منذ أقل من سنة في تاريخ الاقتراع.
ومعلوم ان القاضي السابق جعفر حسون، كان قد جرى توقيفه يوم 19 غشت 2010، وهو القرار الذي أنهى مزاولته الفعلية للقضاء، ومنذ ذلك اليوم لم يزاول أية مهام قضائية، مما يفسر قرار منعه من الترشيح في اتجاه مناقض لما سيق به، كما يعطي لحزب العدالة والتنمية الذي وكل جعفر حسون على لائحته بتارودانت الجنوبية، فرصة ذهبية لمزيد من تسليط الضوء عليه وكسب رصيد شعبي جديد لحسابه، خاصة وأن أمينه العام "البوحاطي" بنكيران منذ شهور خلت، وهو يذكي وسط المغاربة مزاعم من قبيل أن حزب العدالة والتنمية هو القوة السياسية الوحيدة المستهدفة في البلد من طرف "جهات داخل الدولة" وكأننا نعيش في دولة داخلها دولة على شاكلة لبنان !!.
إن ما جرى ويجري مع القاضي حسون وقبله الحاقد ونيني وغيرهم من ضحايا الحسابات الشخصية الضيقة، ستكون تكلفته السياسية كبيرةعلى مستقبل المغرب، في الأسابيع أو الشهور أو حتى الأعوام القادمة، ولن يثني ذلك لا أموال "الرياض" ولا الخطط الجهنمية للساكن في "قصر الإليزيه".
إن المغرب ورهاناته الإستراتيجية أكبر من نيني، وحسون، والحاقد، و من كل الحسابات الشخصية والأنانية البغيضة. فرجاء رحمة ورفقا بهذا البلد وبأبنائه.
فبسخط قسم كبير من الشعب المغربي على العملية السياسية برمتها، وهو ما عكسته المشاركة السياسية الجد متدنية في إنتخابات 2007؛ وبعجز شرائح واسعة من المجتمع المغربي في السنين الأخيرة عن الإجابة على أبسط متطلبات العيش الكريم، وليس أقلها عدم قدرة العديد من الأسر المغربية، وخاصة في العالم القروي، حتى على توفير مادة "الطحين" باعتباره المادة الأساسية التي لا يمكن الاستغناء عنها في أي منزل مغربي؛ كان بإمكان كل ذلك وغيره، أن يشكل فتيلا لانتفاضة شعبية لا احد كان قادرا على التكهن بتكلفتها، لا قدر الله.
و صراحة من موقعي كمواطن مغربي ـ ورغم التذمر النفسي الكبير الذي يتملكني، جراء سوء أحوال البلد على جميع الأصعدة، و كذا إحساسي بغبن شديد بفعل التحايل والمناورات على مطالب الشعب، إضافة إلى شعوري بغياب إرادة سياسية حقيقية في اتجاه الإصلاح لدى الساهرين على أمور المغاربةـ لا يسعني إلا أن أحيي عاليا العقل الرسمي المغربي على قدرته العجيبة في امتصاص الحراك الشعبي المغربي الأخير.
وقد لاحظ الجميع كيف أثلج خطاب التاسع من مارس، صدر معظم قيادات الأحزاب السياسية، وكيف أفضت المفاوضات مع قيادات النقابات العمالية بزيادة 600 درهم، للموظفين في القطاع العمومي، وكيف سافر عباس الفاسي إلى دولة "الجزيرة" أو دولة قطر في عز الغليان الشعبي، ثم كيف توارى الهمة تدريجيا عن دائرة الضوء... هذا طبعا، مع تجاوزات أمنية لا مبرر لها من قبيل التدخل الأمني العنيف الذي شهدته أيام 06/13مارس و 15/22/29/ماي الأخيرين..
لكن، بالقدر الذي يبدو فيه العقل الرسمي عبقري وداهية، بالقدر الذي يبدو فيه أحيانا كثيرة على درجة من الغباء لا نظير لها، خاصة حين يفتعل معارك "جانبية ومجانية" كان بالإمكان الإستغناء عنها.
ومن بين تلك المعارك التي لازال العديد من المتتبعين حائرين في فك شفراتها حتى اليوم، نجد قضية معاد "الحاقد" فنان حركة 20 فبراير.
فرغم ملايين الأصوات، إذا احتسبنا مجموع المسيرات من كل يوم أحد، والدعوات التي أطلقتها العديد من الفعاليات الحقوقية والفنية لإطلاق سراح الشاب "الحاقد"، لازالت الدولة متعنتة في اعتقاله، وتراكم حقدا مجانيا للعديد من المغاربة الذين آمنوا بعدالة قضيته.
وشخصيا، لم أكن اعرف معاد "الحاقد"، وربما كان هذا حال الكثير من المغاربة الذين لم يسمعوا به من قبل، لكن، اعتقاله سلط الضوء عليه، وجعل العديد من المواطنين يسألون عنه وعن أغانيه، لتغدو كلماته وهو داخل السجن أكثر وقعا على أذان معتقليه وهو خارجه.
أما الصحفي رشيد نيني، فقد عكست محاكمته شخصنة ما بعدها شخصنة للمؤسسات الرسمية و عنترية ما بعدها عنترية، حاول من خلالها خصومه إستعراض "عضلاتهم القضائية" للقضاء عليه، مستفيدين من تواطؤ العديد من المنابر الإعلامية عليه، ومن تدني شعبيته بعد انتقاده في بعض مقالاته لحركة 20 فبراير في بادئ الأمر.
ونحن لا نعتبر نيني، أو غيره فوق القانون، لكن على الأقل وانتم تؤسسون لفصل سياسي جديد قوامه دستور ديمقراطي وإنتخابات مفصلية كما تدعون، كان أولى بكم أن تطلقوا سراح الرجل على الأقل بمناسبة عيد الأضحى، فمهما كان هو اشرف من العديد من المجرمين الذين تم العفو عنهم في هذه المناسبة، وكما يقول المثل المغربي الدارج "لي غلب يعف" مادامت الرسالة قد وصلت للجميع.
أما آخر "المعارك المجانية" التي تفتقت عليها عبقرية "أصحاب الحسنات" فهي رفض ترشيح القاضي السابق جعفرحسون للإنتخبات القادمة، كوكيل للائحة "المصباح" بتارودانت الجنوبية، تحت ذريعة أن لائحة الحزب المودعة من طرف وكيلها جعفر حسون "مخالفة لمقتضيات المادة 7 والمادة 24 من القانون التنظيمي لمجلس النواب!.
وتسقط المادة السابعة من القانون المذكور أهلية الترشح للإنتخابات النيابية بالنسبة للأشخاص الذين يزاولون بالفعل عددا من الوظائف، منها القضاء، أو الذين انتهوا من مزاولتها منذ أقل من سنة في تاريخ الاقتراع.
ومعلوم ان القاضي السابق جعفر حسون، كان قد جرى توقيفه يوم 19 غشت 2010، وهو القرار الذي أنهى مزاولته الفعلية للقضاء، ومنذ ذلك اليوم لم يزاول أية مهام قضائية، مما يفسر قرار منعه من الترشيح في اتجاه مناقض لما سيق به، كما يعطي لحزب العدالة والتنمية الذي وكل جعفر حسون على لائحته بتارودانت الجنوبية، فرصة ذهبية لمزيد من تسليط الضوء عليه وكسب رصيد شعبي جديد لحسابه، خاصة وأن أمينه العام "البوحاطي" بنكيران منذ شهور خلت، وهو يذكي وسط المغاربة مزاعم من قبيل أن حزب العدالة والتنمية هو القوة السياسية الوحيدة المستهدفة في البلد من طرف "جهات داخل الدولة" وكأننا نعيش في دولة داخلها دولة على شاكلة لبنان !!.
إن ما جرى ويجري مع القاضي حسون وقبله الحاقد ونيني وغيرهم من ضحايا الحسابات الشخصية الضيقة، ستكون تكلفته السياسية كبيرةعلى مستقبل المغرب، في الأسابيع أو الشهور أو حتى الأعوام القادمة، ولن يثني ذلك لا أموال "الرياض" ولا الخطط الجهنمية للساكن في "قصر الإليزيه".
إن المغرب ورهاناته الإستراتيجية أكبر من نيني، وحسون، والحاقد، و من كل الحسابات الشخصية والأنانية البغيضة. فرجاء رحمة ورفقا بهذا البلد وبأبنائه.