شرعت الحكومة في التفكير في اصلاح منظومة التقاعد، بعد أن اُنجزت منذ سنوات عدة دراسات وتقارير في الموضوع، حيث تم إحداث سنة 1997 لجنة تتبع الدراسات الاكتوارية، أما في سنة 2000 تم إعداد تقرير شمولي حول نتائج الدراسات الاكتوارية الخاصة بأنظمة التقاعد، لكن في سنة 2002 تم إعداد تقرير خاص يتناول سبل إصلاح أنظمة التقاعد، إلا أنه في سنة 2003 مكنت خلاصة هذين التقريرين من إدراج ملف إصلاح منظومة التقاعد ضمن الحوار الاجتماعي للحكومة مع الشركاء الاجتماعيين والاقتصاديين وذلك في اتفاق 30 أبريل 2003، وقد عملت المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا المشاركة في الحوار الاجتماعي كل من الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل والاتحاد العام للشغالين بالمغرب، على تثمين مبادرة الحكومة بإدراج محور قطاع التقاعد لأول مرة في مسلسل الحوار الاجتماعي، حيث نص هذا الاتفاق على ضرورة عقد مناظرة وطنية حول إصلاح أنظمة التقاعد، والتي إنعقدت في دجنبر من سنة 2003 شاركت فيها كل الفعاليات المعنية بهذا القطاع.
وتفعيلا لتوصيات هذه المناظرة الوطنية، تم إحداث سنة 2004 كل من لجنة وطنية برئاسة الوزير الأول، تعني بملف إصلاح أنظمة التقاعد، وكذا لجنة تقنية، التي تضم ممثلي الوزارات المعنية ومختلف أنظمة التقاعد والنقابات وأرباب العمل.
وتعمل اللجنة التقنية تحت إشراف اللجنة الوطنية، ومكلفة بالجوانب التقنية للملف، وذلك بتشخيض وضعية أنظمة التقاعد ووضع الإطارات المرجعية لإصلاحها.
كما أن المجلس الأعلى للحسابات صدر تقريرا مفصلا في يوليوز 2013 حول " منظومة التقاعد بالمغرب التشخيص ومقترحات الإصلاح"، وعلى إثر هذا التقرير خصص مجلس النواب يوم 23 يونيو 2014 جلسة عمومبة لمناقشة العرض الذي تقدم به الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات.
وحسب تقرير المجلس الاعلى للحسابات([1])، فإن اللجنة التقنية أنجزت سنة 2007 دراسة حول تشخيص مختلف أنظمة التقاعد، حيث خلصت هذه الدراسة إلى اقتراح سيناريوهات لإصلاح أنظمة التقاعد بالمغرب.
إن تحليل الوضعية العامة لأنظمة التقاعد بالمغرب، ارتكز كما رأينا على التقارير والدراسات التي أنجزتها مختلف المؤسسات الوطنية والدولية، وكذا على نتائج أشغال اللجنة الوطنية لإصلاح التقاعد.
لكن رغم هذه الدراسات والتقارير وطول المدة، فالحكومة لم تخرج بعد إلى حيز الوجود مسودة الاصلاح الشامل لنظام التقاعد بالمغرب، بقدر ما عملت على تجزئ الملف وفي غياب لأية مقاربة تشاركية مع المركزيات النقابية كفرقاء اجتماعيين في بداية الأمر، كما هو الشأن بالنسبة لملف الصندوق المغربي للتقاعد، حيث أحالت الحكومة الملف الجزئي على المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوم فاتح غشت 2014، كل من:
• مشروع القانون رقم 71.14 يغير ويتمم القانون رقم 011.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية.
• مشروع القانون رقم 72.14 يغير ويتمم القانون رقم 012.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها التقاعد موظفو وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية.
ويتضمن هذان المشروعان الذي لم يتم طرحهما مسبقا على النقابات الأكثر نمثيلا في اطار الحوار الاجتماعي للدراسة وابداء الرأي، إجراءات تعتبرها الحكومة استعجالية بهدف القيام بإصلاح مقياسي لنظام المعاشات المدنية، الذي يدير الصندوق المغربي للتقاعد.
قبل عرض مضامين تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي (رابعا)– الذي كان ذكيا في تحليله ومقترحاته، أمام ما يتوفر عليه المجلس من خبراء وفاعلين اقتصاديين واجتماعيين–، لابد من الوقوف على نجاح الإضراب الوطني الذي عرفه المغرب يوم 29 أكتوبر 2014، من جهة، والذي عجل الحكومة بالمفاوضات مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، بحيث أرجع ملف التقاعد إلى اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح منظومة التقاعد التي يرأسها رئيس الحكومة، والمكونة من الأمناء العامين للمركزيات النقابية الاكثر تمثيلا، ورئيس الاتحاد العام لمقاولات المغرب، وكذا من وزراء المعنيين بالملف (أولا)، بالاضافة إلى أن الحكومة استئنافت الحوار الاجتماعي مع الفرقاء الاجتماعيين الذي كان مجمدا منذ مدة طويلة (ثانيا)، ومن جهة أخرى، النقاشات ومختلف الأراء المتداولة في صفوف الموظفين والمستخدمين وحتى عامة الناس، والتي إنصبت حول مدى أحقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إبداء الرأي في ملف إصلاح منظومة التقاعد المحال عليه من طرف رئاسة الحكومة يوم فاتح غشت 2014، من أجل الدراسة وإبداء الراي بشأن نظام المعاشات المدنية(ثالثا).
أولا: نجاح الاضراب الوطني يعجل بمناقشة ملف الإصلاح الشامل لمنظومة التقاعد مع النقابات
بعد نجاح الاضراب العام ليوم 29 أكتوبر 2014 الأخير، الذي دعت إليه المركزيات النقابية الثلاث والأكثر تمثيلا، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفدرالية الديمقراطية للشغلFDT([2])، بعد أن انضمت إليها كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والفدرالية الديمقراطية للشغلFDT([3])، والمنظمة الديمقراطية للشغلODT والاتحاد الوطني للشغلUNT-، والاتحاد المغربي للشغل- التوجه الديمقراطي-، باستثناء الاتحاد الوطني للشغل بالمغربUNTM القريبة من الحزب الحاكم، سارعت الحكومة أسبوعان بعد الاضراب إلى إستدعاء المركزيات النقابية الاكثر تمثيلا إلى طاولة المفاوضات في إطار اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد([4]) يوم 13 نونمبر 2014 والذي أجل حتى يوم 2 دجنبر 2014.
ويأتي هذا الاجتماع بعد توصل الحكومة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتقرير مفصل في شأن المشروعين السالف ذكرهما، إلا أن المركزيات النقابية الثلاث الأكثر تمثيلا التي حضرت هذا الاجتماع، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT([5])، شددت على شمولية الملف المطلبي، الذي لا يتحمل التجزئ والانتقالية، بقدر ما أكدت المركزيات النقابية الثلاث تشبثها على ضرورة التفاوض حول كافة مضامين الملف المطلبي([6]) والذي يتضمن :
• تحسين الدخل والأجور والتعويضات؛
• تنفيذ بنود اتفاق 26 أبريل 2011؛
• حماية الحريات النقابية وإلغاء الفصل 288؛
• تبني مقاربة تشاركية في ملف التقاعد؛
• تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور؛
• الزيادة في معاشات التقاعد؛
• فتح مفاوضات قطاعية؛
• إحترام القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها مدونة الشغل؛
• تطوير الحماية الاجتماعية.
كما أكدت كذلك المركزيات النقابية الثلاث،على أن ملف التقاعد لا يشكل سوى نقطة ضمن باقي النقط المدرجة في ملفها المطلبي، حيث لم يكن وحده الدافع إلى خوضها للإضراب الوطني ليوم 29 أكتوبر 2014.
لكن هذا الاجتماع قاطعته المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT([7])، معتبرة([8]) أن الحكومة جاءت متعاملة مع إصلاح صندوق المعاشات في انفراديته بعيدا عن منظومة الإصلاح الشامل أي منظومة الحماية الاجتماعية والتغييب الكلي للحوار الاجتماعي لقرابة ثلاثة سنوات وفي استخفاف تام بالعمل النقابي والحركة النقابية المغربية.
ويأتي هذا الاجتماع بعد توصل الحكومة من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، بتقرير مفصل في شأن المشروعين السالف ذكرهما، إلا أن المركزيات النقابية الثلاث الأكثر تمثيلا التي حضرت هذا الاجتماع، كل من الاتحاد المغربي للشغلUMT والكونفدرالية الديمقراطية للشغلCDT والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT([5])، شددت على شمولية الملف المطلبي، الذي لا يتحمل التجزئ والانتقالية، بقدر ما أكدت المركزيات النقابية الثلاث تشبثها على ضرورة التفاوض حول كافة مضامين الملف المطلبي([6]) والذي يتضمن :
• تحسين الدخل والأجور والتعويضات؛
• تنفيذ بنود اتفاق 26 أبريل 2011؛
• حماية الحريات النقابية وإلغاء الفصل 288؛
• تبني مقاربة تشاركية في ملف التقاعد؛
• تخفيض الضغط الضريبي عن الأجور؛
• الزيادة في معاشات التقاعد؛
• فتح مفاوضات قطاعية؛
• إحترام القوانين الاجتماعية وفي مقدمتها مدونة الشغل؛
• تطوير الحماية الاجتماعية.
كما أكدت كذلك المركزيات النقابية الثلاث،على أن ملف التقاعد لا يشكل سوى نقطة ضمن باقي النقط المدرجة في ملفها المطلبي، حيث لم يكن وحده الدافع إلى خوضها للإضراب الوطني ليوم 29 أكتوبر 2014.
لكن هذا الاجتماع قاطعته المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، كل من الاتحاد العام للشغالين بالمغربUGTM والفيدرالية الديمقراطية للشغلFDT([7])، معتبرة([8]) أن الحكومة جاءت متعاملة مع إصلاح صندوق المعاشات في انفراديته بعيدا عن منظومة الإصلاح الشامل أي منظومة الحماية الاجتماعية والتغييب الكلي للحوار الاجتماعي لقرابة ثلاثة سنوات وفي استخفاف تام بالعمل النقابي والحركة النقابية المغربية.
ثانيا: نجاح الاضراب الوطني يعجل باستئناف الحوار الاجتماعي مع النقابات
بعد طول إنتظار المركزيات النقابية الاكثر تمثيلا لإستئناف الحوار الاجتماعي الذي وعدت به الحكومة في لقاء اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد يوم 2 دجنبر 2014، على إثر هذا الاجتماع تم الاتفاق على تنظيم جلسات التفاوض الجماعي حول الملف المطلبي في شموليته بما فيه ملف التقاعد، وأمام تجاهل الحكومة للمطالب النقابية وعدم وفاء بالتزاماتها السابقة، بدأت المركزيات النقابية تهدد بالرفع من وتيرة الاحتجاجات، مما أدى برئيس الحكومة بعقد يوم 10 فبراير 2015 لقاء مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا، بمقر رئاسة الحكومة بالرباط.
وخلال هذا اللقاء اختارت الحكومة في جدولة اللقاء مع المركزيات النقابية الاكثر تمثيلا، تقسيم جولة الحوار الاجتماعي لى ثلاث جلسات، وبشكل متفرق، وخلافا لسابقاتها، حيث إستمرت الجلسات يوما كاملا.
فهل هذه التفرقة الثلاثية التي نهجتها الحكومة في حق المركزيات النقابية الأكثر تنمثيلا احتراما للتوجهات النقابية المعبر عنها من خلال التحالفات؟ أم مخافة من التصدعات والانسحابات؟ أم هي نتيجة "التشرذم النقابي" والتسييس المفرط للعمل النضالي؟ الجواب نجده عند الحكومة، كما للقارئ كلمته في الموضوع،
ومكونات هذه الجلسات هي:
الجلسة الأولى: مع الاتحاد المغربي للشغل(UMT)، والكونفدرالية الدبمقراطية للشغل(CDT) والفيدرالية الديمقراطية للشغل(FDT) (جناح العزوزي)؛
الجلسة الثانية: مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب(UGTM) و الفيدرالية الديمقراطية للشغل(FDT) (جناح فاتحي)؛
الجلسة الثالثة: مع الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب(UNTM)، الموالي للحزب الحاكم.
في حين سجل غياب الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM).
الجلسة الأولى: بعد تأكيد النقابات المركزية الثلاث على ضرورة معالجة الملف المطلبي (السابق ذكره) في شموليته ودون انتقاء ولا تجزئ، خلص النقاش بخصوص منهجية الحوار إلى اقتراح تشكيل اللجن التالية([9]) :
• لجنة الأجور وتحسين الدخل؛
• لجنة التعويضات العائلية؛
• لجنة الحريات النقابية والانتخابات وتطبيق تشريعات الشغل؛
• لجنة المفاوضة القطاعية، بالإضافة إلى اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد الموجودة.
كما حددت المركزيات النقابية الثلاث، عشرة أيام كسقف زمني لاشتغال هذه اللجن التي سيتولى رئاستها وزراء لهم علاقة مباشرة بالموضوع، حتى يتسنى لهم اتخاذ القرار.
من خلال هذه الجلسة وما أسفر عليها، يتبين أن ملف إصلاح أنظمة التقاعد قد يعاد إلى نقطة الصفر، أي إرجاع المياه إلى مجاريها، بعد أن اتفقت المركزيات النقابية الثلاث مع رئاسة الحكومة على إعادة ملف إصلاح نظام التقاعد إلى اللجنة التقنية، التي سبق أن إشتغلت عليه لأكثر من عشر سنوات.
وعليه، ستتولى اللجنة التقنية المكلفة بالنظر في إصلاح أنظمة التقاعد وفق ثلاث مقترحات:
مقترحات الحكومة؛
مقترحات النقابات المركزيات الأكثر تمثيلا؛
بالنسبة للمقترحين سبق وأن تناولتهما في مقال سابق في موضوع" أي إصلاح لأنظمة التقاعد في غياب المقاربة التشاركية مع النقابات"([10]).
مقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
الجلسة الثانية: إن النقابان، حسب بلاغهما الاخباري المشترك([11])، ناقشت مع الحكومة جميع نقط الملف المطلبي، وفي الأخير تشبثت المركزيتان بضرورة الاتفاق على جدول زمني يتناول كل من:
• تحسين الدخل لكافة الأجراء؛
• تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011؛
• معالجة الحريات النقابية معالجة جذرية ومنها إلغاء الفصل 288 من المسطرة الجنائية والتصديق على الاتفاقية الدولية 87؛
• الحفاظ على الحوار الاجتماعي المركزي بطابعه المؤسساتي في إطار لجنتين تختص إحداهما بالقطاع العام والأخرى بالقطاع الخاص؛
• ضمان استمرار أو تفعيل الحوارات القطاعية؛
• وصول جميع الأطراف إلى حل توافقي في ملف إصلاح التقاعد على أساس ألا يطال هذا الإصلاح جيوب الشغيلة المغربية فقط؛
• مطالبة المركزيتين النقابيتين الحكومة بإعادة النظر في منظومة الانتخابات المهنية لضمان تكافأ الفرص بين القطاعين العام والخاص؛
• إلتزام السيد وزير الداخلية بتفعيل اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة.
الجلسة الثالثة: والأخيرة، فقد أكدت المركزية النقابية([12]) على فضيلة الحوار الذي وحده يمكن التعاون بين الحكومة والنقابات لتجاوز كل الصعاب.
وبعد عرض والتذكير للقضايا الرئيسية للملف المطلبي سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام فقد دعت النقابة إلى:
الحفاظ على وتيرة انعقاد الحوار وتفعيله عبر لجنة القطاع العام برئاسة وزير الوظيفة العمومية ولجنة القطاع الخاص برئاسة وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، لمدارسة مختلف القضايا والمطالب المرفوعة للحكومة مادية كانت أو معنوية؛
تحسين دخل الشغيلة المغربية عبر عدة مداخل غير مباشرة؛
توسيع التغطية الصحية لتشمل الأبوين المعوزين؛
إحداث لجنة التقاعد مشتركة تفاوضية المكونة من الحكومة والنقابات وصناديق التقاعد، للتفاوض على أرضية مقترح الحكومة ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمذكرات النقابية؛
تعجيل بعقد لقاء تشاوري مع النقابات على غرار اللقاءات التشاورية التي تمت مع الأحزاب، لتفادي الاختلالات التي ميزت انتخابات المأجورين السابقة (2009)؛
ضرورة إعادة النظر في المرسوم المنظم لانتخابات المأجورين قبل إجرائها بما يحقق النزاهة والديمقراطية وتكافؤ الفرص بين مختلف الفرقاء؛
تحمل الحكومة لمسؤليتها في ايقاف نزيف الفساد المستشري في العمل التعاضدي، ومنبها في نفس الوقت الحكومة على أن قرار الزيادة في الاقتطاعات والذي اعتبره الاتحاد قرارا غير قانوني نظرا لصدوره عن هيئة مطعون في شرعيتها.
التأكيد على إستكمال الحوار عبر ثلاث لجان، كل من لجنة إصلاح التقاعد ولجنة القطاع العام ولجنة القطاع الخاص، على أن ترفع نتائجها إلى اللجنة الوطنية العليا إلتى يرأسها رئيس الحكومة.
وبقرائتنا لهذه الجلسات الثلاث، يلاحظ أن رئيس الحكومة لم تتفق مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا على جدولة زمانية معينة ومحددة، ماعى المدة التي حددتها النقابات في عشرة أيام في الجلسة الأولى، مما يبقى استئناف الحوار الاجتماعي حسب رغبة الحكومة، ليس إلا.
كما أن جولات الحوار الاجتماعي الذي جمع بين المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والحكومة خلال هذه الجلسات لم تفض إلى أي نتائج ملموسة، سواء تعلق الأمر بملف إصلاح التقاعد أو تعلق الأمر بالمطالب النقابية.
ولتفادي الحكومة من اصطدامات مع النقابات، سارعت قبل مضي عشرة أيام عن جلسات الحوار الاجتماعي ليوم 10 فبراير 2015، إلى إشعار المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا عن انطلاق يوم 23 فبراير 2015 عمل اللجن الحوارية المتخصصة حسب المواضيع، ووفق جدولة زمانية معينة، مما يتطلب من المركزيات النقابية العمل على انتداب ممثليهم للمشاركة في اللجن التي شكلتها الحكومة من أجل معالجة المطالب المطروحة أثناء جلسات الحوار يوم 10 فبراير 2015.
حيث شكلت الحكومة أربع لجن متخصصة في الملفات الاجتماعية، وبرئاسة وزراء لهم علاقة مباشرة بالموضوع وهي:
اللجنة الأولى: لجنة نظام المعاشات المدنية، تحت إشراف وزير الاقتصاد والمالية؛
اللجنة الثانية: لجنة الانتخابات المهنية، تحت إشراف وزير الداخلية؛
اللجنة الثالثة: لجنة القطاع العام، تحت إشراف الوزير المنتدب المكلف بالوظبفة العمومية؛
اللجنة الرابعة: لجنة القطاع الخاص، تحت إشراف وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية.
إذا كانت مبادرة الحكومة في دعوة المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا لاستئناف الحوار عبر لجن متخصصة، يعتبر مكسبا للمركزيات النقابية، خاصة بعد موافقة الحكومة على معالجة الملف المطلبي في شموليته ودون انتقاء ولا تجزئ، فهل سيتمخض عن هذا الحوار نتائج ملموسة حسب منتظرات الطبقة العاملة؟ خاصة وأن النقابات في امتحان عسير مع اقتراب انتخابات المأجورين.
وما دمنا قد تطرقنا في مقالنا السابق للمقترحين الحكومي والنقابي بشأن إصلاح منظومة التقاعد في موضوع " أي إصلاح لنظام التقاعد في غياب المقاربة التشاركية من النقايات" كجزء أول، فقد جاء دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي توصل بالمقترح الحكومي المتعلق بمشروعين قانونين بشأن نظام المعاشات المدنية، قصد إبداء رأيه في الموضوع.
إذاً، برجوعنا إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن نظام المعاشات المدنية، فاننا سنقف على مضمون هذا التقرير، من حيث الاطار المرجعي المستند في اعداد الرأي (أ)، والمبادئ التي ارتكز عليها المجلس (ب)، وكذا رأي المجلس في المقترح الحكومي (ت)، وفي الأخير سنعمل على تبيان توصيات المحلس في شأن منظومة التقاعد(ث).
لكن، قبل التطرق لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لابد من معرفة مدى أحقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن نظام المعاشات المدنية.
وخلال هذا اللقاء اختارت الحكومة في جدولة اللقاء مع المركزيات النقابية الاكثر تمثيلا، تقسيم جولة الحوار الاجتماعي لى ثلاث جلسات، وبشكل متفرق، وخلافا لسابقاتها، حيث إستمرت الجلسات يوما كاملا.
فهل هذه التفرقة الثلاثية التي نهجتها الحكومة في حق المركزيات النقابية الأكثر تنمثيلا احتراما للتوجهات النقابية المعبر عنها من خلال التحالفات؟ أم مخافة من التصدعات والانسحابات؟ أم هي نتيجة "التشرذم النقابي" والتسييس المفرط للعمل النضالي؟ الجواب نجده عند الحكومة، كما للقارئ كلمته في الموضوع،
ومكونات هذه الجلسات هي:
الجلسة الأولى: مع الاتحاد المغربي للشغل(UMT)، والكونفدرالية الدبمقراطية للشغل(CDT) والفيدرالية الديمقراطية للشغل(FDT) (جناح العزوزي)؛
الجلسة الثانية: مع الاتحاد العام للشغالين بالمغرب(UGTM) و الفيدرالية الديمقراطية للشغل(FDT) (جناح فاتحي)؛
الجلسة الثالثة: مع الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب(UNTM)، الموالي للحزب الحاكم.
في حين سجل غياب الاتحاد العام لمقاولات المغرب (CGEM).
الجلسة الأولى: بعد تأكيد النقابات المركزية الثلاث على ضرورة معالجة الملف المطلبي (السابق ذكره) في شموليته ودون انتقاء ولا تجزئ، خلص النقاش بخصوص منهجية الحوار إلى اقتراح تشكيل اللجن التالية([9]) :
• لجنة الأجور وتحسين الدخل؛
• لجنة التعويضات العائلية؛
• لجنة الحريات النقابية والانتخابات وتطبيق تشريعات الشغل؛
• لجنة المفاوضة القطاعية، بالإضافة إلى اللجنة الوطنية لإصلاح أنظمة التقاعد الموجودة.
كما حددت المركزيات النقابية الثلاث، عشرة أيام كسقف زمني لاشتغال هذه اللجن التي سيتولى رئاستها وزراء لهم علاقة مباشرة بالموضوع، حتى يتسنى لهم اتخاذ القرار.
من خلال هذه الجلسة وما أسفر عليها، يتبين أن ملف إصلاح أنظمة التقاعد قد يعاد إلى نقطة الصفر، أي إرجاع المياه إلى مجاريها، بعد أن اتفقت المركزيات النقابية الثلاث مع رئاسة الحكومة على إعادة ملف إصلاح نظام التقاعد إلى اللجنة التقنية، التي سبق أن إشتغلت عليه لأكثر من عشر سنوات.
وعليه، ستتولى اللجنة التقنية المكلفة بالنظر في إصلاح أنظمة التقاعد وفق ثلاث مقترحات:
مقترحات الحكومة؛
مقترحات النقابات المركزيات الأكثر تمثيلا؛
بالنسبة للمقترحين سبق وأن تناولتهما في مقال سابق في موضوع" أي إصلاح لأنظمة التقاعد في غياب المقاربة التشاركية مع النقابات"([10]).
مقترحات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
الجلسة الثانية: إن النقابان، حسب بلاغهما الاخباري المشترك([11])، ناقشت مع الحكومة جميع نقط الملف المطلبي، وفي الأخير تشبثت المركزيتان بضرورة الاتفاق على جدول زمني يتناول كل من:
• تحسين الدخل لكافة الأجراء؛
• تنفيذ ما تبقى من اتفاق 26 أبريل 2011؛
• معالجة الحريات النقابية معالجة جذرية ومنها إلغاء الفصل 288 من المسطرة الجنائية والتصديق على الاتفاقية الدولية 87؛
• الحفاظ على الحوار الاجتماعي المركزي بطابعه المؤسساتي في إطار لجنتين تختص إحداهما بالقطاع العام والأخرى بالقطاع الخاص؛
• ضمان استمرار أو تفعيل الحوارات القطاعية؛
• وصول جميع الأطراف إلى حل توافقي في ملف إصلاح التقاعد على أساس ألا يطال هذا الإصلاح جيوب الشغيلة المغربية فقط؛
• مطالبة المركزيتين النقابيتين الحكومة بإعادة النظر في منظومة الانتخابات المهنية لضمان تكافأ الفرص بين القطاعين العام والخاص؛
• إلتزام السيد وزير الداخلية بتفعيل اللجان الإقليمية للبحث والمصالحة.
الجلسة الثالثة: والأخيرة، فقد أكدت المركزية النقابية([12]) على فضيلة الحوار الذي وحده يمكن التعاون بين الحكومة والنقابات لتجاوز كل الصعاب.
وبعد عرض والتذكير للقضايا الرئيسية للملف المطلبي سواء في القطاع الخاص أو في القطاع العام فقد دعت النقابة إلى:
الحفاظ على وتيرة انعقاد الحوار وتفعيله عبر لجنة القطاع العام برئاسة وزير الوظيفة العمومية ولجنة القطاع الخاص برئاسة وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية، لمدارسة مختلف القضايا والمطالب المرفوعة للحكومة مادية كانت أو معنوية؛
تحسين دخل الشغيلة المغربية عبر عدة مداخل غير مباشرة؛
توسيع التغطية الصحية لتشمل الأبوين المعوزين؛
إحداث لجنة التقاعد مشتركة تفاوضية المكونة من الحكومة والنقابات وصناديق التقاعد، للتفاوض على أرضية مقترح الحكومة ورأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي والمذكرات النقابية؛
تعجيل بعقد لقاء تشاوري مع النقابات على غرار اللقاءات التشاورية التي تمت مع الأحزاب، لتفادي الاختلالات التي ميزت انتخابات المأجورين السابقة (2009)؛
ضرورة إعادة النظر في المرسوم المنظم لانتخابات المأجورين قبل إجرائها بما يحقق النزاهة والديمقراطية وتكافؤ الفرص بين مختلف الفرقاء؛
تحمل الحكومة لمسؤليتها في ايقاف نزيف الفساد المستشري في العمل التعاضدي، ومنبها في نفس الوقت الحكومة على أن قرار الزيادة في الاقتطاعات والذي اعتبره الاتحاد قرارا غير قانوني نظرا لصدوره عن هيئة مطعون في شرعيتها.
التأكيد على إستكمال الحوار عبر ثلاث لجان، كل من لجنة إصلاح التقاعد ولجنة القطاع العام ولجنة القطاع الخاص، على أن ترفع نتائجها إلى اللجنة الوطنية العليا إلتى يرأسها رئيس الحكومة.
وبقرائتنا لهذه الجلسات الثلاث، يلاحظ أن رئيس الحكومة لم تتفق مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا على جدولة زمانية معينة ومحددة، ماعى المدة التي حددتها النقابات في عشرة أيام في الجلسة الأولى، مما يبقى استئناف الحوار الاجتماعي حسب رغبة الحكومة، ليس إلا.
كما أن جولات الحوار الاجتماعي الذي جمع بين المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا والحكومة خلال هذه الجلسات لم تفض إلى أي نتائج ملموسة، سواء تعلق الأمر بملف إصلاح التقاعد أو تعلق الأمر بالمطالب النقابية.
ولتفادي الحكومة من اصطدامات مع النقابات، سارعت قبل مضي عشرة أيام عن جلسات الحوار الاجتماعي ليوم 10 فبراير 2015، إلى إشعار المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا عن انطلاق يوم 23 فبراير 2015 عمل اللجن الحوارية المتخصصة حسب المواضيع، ووفق جدولة زمانية معينة، مما يتطلب من المركزيات النقابية العمل على انتداب ممثليهم للمشاركة في اللجن التي شكلتها الحكومة من أجل معالجة المطالب المطروحة أثناء جلسات الحوار يوم 10 فبراير 2015.
حيث شكلت الحكومة أربع لجن متخصصة في الملفات الاجتماعية، وبرئاسة وزراء لهم علاقة مباشرة بالموضوع وهي:
اللجنة الأولى: لجنة نظام المعاشات المدنية، تحت إشراف وزير الاقتصاد والمالية؛
اللجنة الثانية: لجنة الانتخابات المهنية، تحت إشراف وزير الداخلية؛
اللجنة الثالثة: لجنة القطاع العام، تحت إشراف الوزير المنتدب المكلف بالوظبفة العمومية؛
اللجنة الرابعة: لجنة القطاع الخاص، تحت إشراف وزير التشغيل والشؤون الاجتماعية.
إذا كانت مبادرة الحكومة في دعوة المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا لاستئناف الحوار عبر لجن متخصصة، يعتبر مكسبا للمركزيات النقابية، خاصة بعد موافقة الحكومة على معالجة الملف المطلبي في شموليته ودون انتقاء ولا تجزئ، فهل سيتمخض عن هذا الحوار نتائج ملموسة حسب منتظرات الطبقة العاملة؟ خاصة وأن النقابات في امتحان عسير مع اقتراب انتخابات المأجورين.
وما دمنا قد تطرقنا في مقالنا السابق للمقترحين الحكومي والنقابي بشأن إصلاح منظومة التقاعد في موضوع " أي إصلاح لنظام التقاعد في غياب المقاربة التشاركية من النقايات" كجزء أول، فقد جاء دور المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي الذي توصل بالمقترح الحكومي المتعلق بمشروعين قانونين بشأن نظام المعاشات المدنية، قصد إبداء رأيه في الموضوع.
إذاً، برجوعنا إلى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن نظام المعاشات المدنية، فاننا سنقف على مضمون هذا التقرير، من حيث الاطار المرجعي المستند في اعداد الرأي (أ)، والمبادئ التي ارتكز عليها المجلس (ب)، وكذا رأي المجلس في المقترح الحكومي (ت)، وفي الأخير سنعمل على تبيان توصيات المحلس في شأن منظومة التقاعد(ث).
لكن، قبل التطرق لتقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، لابد من معرفة مدى أحقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن نظام المعاشات المدنية.
ثالثا: مدى أحقية المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في إبداء الرأي بشأن نظام المعاشات المدنية؟
إن إحداث المجلس الاقتصادي والاجتماعي جاء بناء على مقتضيات الدستور السابق لسنة 1996، من خلال الباب التاسع الذي كان يتضمن ثلاثة فصول من 93 إلى 95، والذي ينظمه الظهير الشريف رقم 1.10.28 صادر في 18 من ربيع الاول 1431 (5 مارس 2010) القاضي بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 60.09 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي([13])، وقد احتفظ الدستور الجديد لسنة 2011 على المضمون السابق، ما عدى إضافة المستجد "البيئي"، حيث خص الدستور المغربي الجديد بابا واحدا للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خلال الباب الحادي عشر والمكون من ثلاثة فصول من 151 إلى 153.
لقد نص الفصل 152 من الدستور على أن "للحكومة والمجلس النواب والمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي.
يدلي المجلس برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة".
وفي إطار ملائمة النصوص القانونية مع مقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011، صدر ظهير شريف جدبد رقم 1.14.124 صادر في 3 شوال 1435 (31 يوليوز 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 12-128 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي([14]) ، الذي يحتوي على 40 مادة تتوزع على سبعة أبواب:
الباب الأول، خصص لأحكام تمهيدية ( المادة 1)؛
الباب الثاني، خصص لصلاحيات المجلس (المواد من 2 إلى 10)؛
الباب الثالي، خصص لتأليف المجلي (الموادمن 11 إلى 17)؛
الباب الرابع، خصص لتنظيم المجلس (المواد من 18 إلى 22)؛
الباب الخامس، خصص لكيفيات تسيير المجلس (المواد من 23 إلى 28)؛
الباب السادس، خصص للتنظيم الاداري والمالي للمجلس (المواد من 29 إلى 35)؛
الباب السابع والأخير، خصص لأحكام مختلفة وانتقالية ( المواد من 36 إلى 40).
إلا أن نقاشنا سينصب على الباب الثاني المتعلق بصلاحيات المجلس، حتى نتمكن من الوقوف على مدى أحقية المجلس في إبداء الرأي بشأن اصلاح منظومة التقاعد، إنطلاقا من المشروعين القانونية الذي احالتهم الحكومة على المجلس.
إن القانون التنظيمي للمجلس رقم 12-128 يعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤسسة دستورية، كما أنها هيئة تمثيلية لعديد من القطاعات المهنية والاجتماعية والاقتصادية، وايضا هي هيئة استشارية تعمل على تقديم اقتراحات وأراء للسلطتين التنفيذية والتشريعية، للحكومة ولمجلسي النواب والمستشارين، حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات القطاعية والتوجهات الكبرى للدولة في عديد من الميادين الحيوية، وقد نصت المادة الثانية من قانون التنظيمي المتعلق بصلاحيات المجلس على أنه " طبقا لأحكام الفصل مائة واثنين وخمسين من الدستور، يضطلع المجلس بمهام استشارية لدى الحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين.
ولهذا الغرض، يعهد إليه القيام، وفق الشروط والكيفية المنصوص عليها في القانون التنظيمي، بما يلي:
الإدلاء برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة وفي جميع القضايا الأخرى ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلقة بالجهوية المتقدمة؛
تحليل الظرفية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية وانعكاساتها؛
تقديم اقتراحات في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛
تيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي؛
إنجاز الدراسات والأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته".
كما أن المشرع اورد حالة الاستثناء، أثناء مزاولة المجلس للمهمة الاستشارية، حيث أستثني المجلس من الاستشارة في مشاريع قونين المالية للحكومة وللمجلسين، بحيث نصت المادة الثالثة من القانون التنظيمي للمجلس على أنه " باشتثناء مشاريع قوانين المالية، للحكومة ولمجلس النوب والمجلس المستشارين، كل في ما يحصه، أن يستشير المجلس حول:
1. مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛
2. المشاريع المرتبطة بالإختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".
ولكن في نفس الوقت منح المشرع الصلاحية للحكومة وللمجلسين النواب والمستشارين من استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خاصة فيما يتعلق بمشاريع ومقترحات القوانين ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ولا سيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء والمشغلين وإلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، وكذا كل ما له علاقة بالسياسة العمومية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، حسب المادة الرابعة من القانون التنظيمي.
كما أن المشرع ألزم المجلس على إدلاء برأيه بشأن المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه بموجب المادتين 3و4 من القانون التنظيمي للمجلس خلال مدة محددة، لكن دون تجاوز الآجال، وإلا أعتبرت المشاريع والمقترحات غير مثيرة لأية ملاحظة، حيث نصت المادة الخامسة على أنه" يجب على المجلس أن يدلي برأيه بخصوص المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه بموجب المادتين 3 و4 أعلاه، خلال مدة لا تتجاوز شهرين تسري ابتداء من تاريخ توصله بها.
وتقلص هذه المدة إلى عشرين يوما، إذا اثيرت حالة الاستعجال ودواعيها في رسالة الإحالة الموجهة إليه من قبل الحكومة أو من لدن أحد مجلسي البرلمان.
ويمكن للمجلس، بصفةاستثنائية، أن يطلب تمديد الأجلين المذكورين مع بيان الأسباب الموجبة، إذا تعذر عليه الإدلاء بالاستشارة المطلوبة خلالهما، على أن لا يتجاوز التمديد نصف المدة الأصلية.
وفي حالة عدم الإلاء برأيه في الآجال المشار إليها، تعتبر المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه، غير مثيرة لأية ملاحظات لديه".
وفي بعض الحالات قد يقوم المجلس من تلقاء نفسه بانجاز دراسات أو أبحاث، أو العمل على تقديم اقتراحات وإدلاء بأراء، لكن في مجال اختصاصاته المسندة إليه وفق القانون التنظيمي، على أساس أن يخبر الحكومة ومجلسي البرلمان بذلك، (المادة السادسة)، كما قد يتجه رئيس الجكومة أو رئيسي مجلس النواب والمستشارين، إلى طلب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إبداء الرأي أو إنجاز دراسة أو بحث، حيث نصت المادة السابعة على أنه "يحال على المجلس طلب إبداء الرأي أو إعداد دراسة أو بحث، باسم الحكومة، من قبل رئيس الحكومة وباسم مجلسي البرلمان، حسب الحالة، من قبل رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين.
توجه الآراء والدراسات والأبحاث التي طلبتها الحكومة من المجلس إلى رئيس الحكومة، كما توجه إلى كل من رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين الآراء والدراسات والأبحاث التي طلبها كل منهما".
كما ألزم المشرع الحكومة ومجلسي البرلمان ومختلف المؤسسات والهيئات أو المجالس أو اللجان على موافات المجلس تلقائيا أو بطلب منه، بكل المعلومات والمعطيات والوثائق التي من شأنها مساعدة المجلس على ممارسة صلاحياته، حسب المادة الثامنة.
وفي إطار الحالات المنصوص عليها في المواد 3و4و6 السابق ذكرها، فرئيس الحكومة ورئيسي البرلمان يقومون باخبار المجلس بمآل الآراء التي أدلى بها، حسب المادة التاسعة.
ومن صلاحيات المجلس، يقوم رئيسها برفع إلى جلالة الملك تقريرا سنويا حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد، وكذا حول أنشطة المجلس، وقبل نشره بالجريدة الرسمية يوجهه إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، حسب المادة العاشرة.
بعد إطلاعنا على صلاحيات المجلس المسندة إليه قانونيا من خلال المواد من 2 إلى 10 من القانون التنظيمي رقم 12-128، يتضح ان لجوء رئيس الحكومة إلى استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كمؤسسة دستورية، بشأن إبداء الرأي في نظام المعاشات المدنية، جاء طبقا للمقتضيات المادتين الثانية والسابعة من القانون التنظيمي.
لقد نص الفصل 152 من الدستور على أن "للحكومة والمجلس النواب والمجلس المستشارين أن يستشيروا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في جميع القضايا، التي لها طابع اقتصادي واجتماعي وبيئي.
يدلي المجلس برأيه في التوجهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة".
وفي إطار ملائمة النصوص القانونية مع مقتضيات الدستور الجديد لسنة 2011، صدر ظهير شريف جدبد رقم 1.14.124 صادر في 3 شوال 1435 (31 يوليوز 2014) بتنفيذ القانون التنظيمي رقم 12-128 المتعلق بالمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي([14]) ، الذي يحتوي على 40 مادة تتوزع على سبعة أبواب:
الباب الأول، خصص لأحكام تمهيدية ( المادة 1)؛
الباب الثاني، خصص لصلاحيات المجلس (المواد من 2 إلى 10)؛
الباب الثالي، خصص لتأليف المجلي (الموادمن 11 إلى 17)؛
الباب الرابع، خصص لتنظيم المجلس (المواد من 18 إلى 22)؛
الباب الخامس، خصص لكيفيات تسيير المجلس (المواد من 23 إلى 28)؛
الباب السادس، خصص للتنظيم الاداري والمالي للمجلس (المواد من 29 إلى 35)؛
الباب السابع والأخير، خصص لأحكام مختلفة وانتقالية ( المواد من 36 إلى 40).
إلا أن نقاشنا سينصب على الباب الثاني المتعلق بصلاحيات المجلس، حتى نتمكن من الوقوف على مدى أحقية المجلس في إبداء الرأي بشأن اصلاح منظومة التقاعد، إنطلاقا من المشروعين القانونية الذي احالتهم الحكومة على المجلس.
إن القانون التنظيمي للمجلس رقم 12-128 يعتبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤسسة دستورية، كما أنها هيئة تمثيلية لعديد من القطاعات المهنية والاجتماعية والاقتصادية، وايضا هي هيئة استشارية تعمل على تقديم اقتراحات وأراء للسلطتين التنفيذية والتشريعية، للحكومة ولمجلسي النواب والمستشارين، حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجيات القطاعية والتوجهات الكبرى للدولة في عديد من الميادين الحيوية، وقد نصت المادة الثانية من قانون التنظيمي المتعلق بصلاحيات المجلس على أنه " طبقا لأحكام الفصل مائة واثنين وخمسين من الدستور، يضطلع المجلس بمهام استشارية لدى الحكومة ومجلس النواب ومجلس المستشارين.
ولهذا الغرض، يعهد إليه القيام، وفق الشروط والكيفية المنصوص عليها في القانون التنظيمي، بما يلي:
الإدلاء برأيه في الاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني والتنمية المستدامة وفي جميع القضايا الأخرى ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المتعلقة بالجهوية المتقدمة؛
تحليل الظرفية وتتبع السياسات الاقتصادية والاجتماعية الوطنية والجهوية والدولية وانعكاساتها؛
تقديم اقتراحات في مختلف الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛
تيسير وتدعيم التشاور والتعاون بين الفرقاء الاقتصاديين والاجتماعيين والمساهمة في بلورة ميثاق اجتماعي؛
إنجاز الدراسات والأبحاث في الميادين المرتبطة بممارسة صلاحياته".
كما أن المشرع اورد حالة الاستثناء، أثناء مزاولة المجلس للمهمة الاستشارية، حيث أستثني المجلس من الاستشارة في مشاريع قونين المالية للحكومة وللمجلسين، بحيث نصت المادة الثالثة من القانون التنظيمي للمجلس على أنه " باشتثناء مشاريع قوانين المالية، للحكومة ولمجلس النوب والمجلس المستشارين، كل في ما يحصه، أن يستشير المجلس حول:
1. مشاريع ومقترحات القوانين التي تضع إطارا للأهداف الأساسية للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية؛
2. المشاريع المرتبطة بالإختيارات الكبرى للتنمية ومشاريع الاستراتيجيات المتعلقة بالسياسة العامة للدولة في الميادين الاقتصادية والاجتماعية والبيئية".
ولكن في نفس الوقت منح المشرع الصلاحية للحكومة وللمجلسين النواب والمستشارين من استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي خاصة فيما يتعلق بمشاريع ومقترحات القوانين ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، ولا سيما الرامية منها إلى تنظيم العلاقات بين الأجراء والمشغلين وإلى سن أنظمة للتغطية الاجتماعية، وكذا كل ما له علاقة بالسياسة العمومية ذات الطابع الاقتصادي والاجتماعي، حسب المادة الرابعة من القانون التنظيمي.
كما أن المشرع ألزم المجلس على إدلاء برأيه بشأن المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه بموجب المادتين 3و4 من القانون التنظيمي للمجلس خلال مدة محددة، لكن دون تجاوز الآجال، وإلا أعتبرت المشاريع والمقترحات غير مثيرة لأية ملاحظة، حيث نصت المادة الخامسة على أنه" يجب على المجلس أن يدلي برأيه بخصوص المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه بموجب المادتين 3 و4 أعلاه، خلال مدة لا تتجاوز شهرين تسري ابتداء من تاريخ توصله بها.
وتقلص هذه المدة إلى عشرين يوما، إذا اثيرت حالة الاستعجال ودواعيها في رسالة الإحالة الموجهة إليه من قبل الحكومة أو من لدن أحد مجلسي البرلمان.
ويمكن للمجلس، بصفةاستثنائية، أن يطلب تمديد الأجلين المذكورين مع بيان الأسباب الموجبة، إذا تعذر عليه الإدلاء بالاستشارة المطلوبة خلالهما، على أن لا يتجاوز التمديد نصف المدة الأصلية.
وفي حالة عدم الإلاء برأيه في الآجال المشار إليها، تعتبر المشاريع والمقترحات والقضايا المحالة عليه، غير مثيرة لأية ملاحظات لديه".
وفي بعض الحالات قد يقوم المجلس من تلقاء نفسه بانجاز دراسات أو أبحاث، أو العمل على تقديم اقتراحات وإدلاء بأراء، لكن في مجال اختصاصاته المسندة إليه وفق القانون التنظيمي، على أساس أن يخبر الحكومة ومجلسي البرلمان بذلك، (المادة السادسة)، كما قد يتجه رئيس الجكومة أو رئيسي مجلس النواب والمستشارين، إلى طلب من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إبداء الرأي أو إنجاز دراسة أو بحث، حيث نصت المادة السابعة على أنه "يحال على المجلس طلب إبداء الرأي أو إعداد دراسة أو بحث، باسم الحكومة، من قبل رئيس الحكومة وباسم مجلسي البرلمان، حسب الحالة، من قبل رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين.
توجه الآراء والدراسات والأبحاث التي طلبتها الحكومة من المجلس إلى رئيس الحكومة، كما توجه إلى كل من رئيس مجلس النواب أو رئيس مجلس المستشارين الآراء والدراسات والأبحاث التي طلبها كل منهما".
كما ألزم المشرع الحكومة ومجلسي البرلمان ومختلف المؤسسات والهيئات أو المجالس أو اللجان على موافات المجلس تلقائيا أو بطلب منه، بكل المعلومات والمعطيات والوثائق التي من شأنها مساعدة المجلس على ممارسة صلاحياته، حسب المادة الثامنة.
وفي إطار الحالات المنصوص عليها في المواد 3و4و6 السابق ذكرها، فرئيس الحكومة ورئيسي البرلمان يقومون باخبار المجلس بمآل الآراء التي أدلى بها، حسب المادة التاسعة.
ومن صلاحيات المجلس، يقوم رئيسها برفع إلى جلالة الملك تقريرا سنويا حول الحالة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية للبلاد، وكذا حول أنشطة المجلس، وقبل نشره بالجريدة الرسمية يوجهه إلى رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، حسب المادة العاشرة.
بعد إطلاعنا على صلاحيات المجلس المسندة إليه قانونيا من خلال المواد من 2 إلى 10 من القانون التنظيمي رقم 12-128، يتضح ان لجوء رئيس الحكومة إلى استشارة المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، كمؤسسة دستورية، بشأن إبداء الرأي في نظام المعاشات المدنية، جاء طبقا للمقتضيات المادتين الثانية والسابعة من القانون التنظيمي.
رابعا: مضمون تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن نظام المعاشات المدنية
بعد أن أحال رئيس الحكومة، في فاتح غشت 2014 على المحلس الاقتصادي والاجتماعية والبيئي مشروعي القانونين من أجل الدراسة وإبداء الرأي، كل من :
مشروع القانون رقم 71.14 يغير ويتمم القانون رقم 011.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية؛
مشروع القانون رقم 72.14 يغير ويتمم القانون رقم 012.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها التقاعد موظفو وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية.
صادقت الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوم 30 أكتوبر 2014، أي الموالي للإضراب العام، وذلك بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، على مشروعي القانونين السالف ذكرهما، وذلك طبقا للمادة 25 من القانون التنظيم رقم 12-128.
ومباشرة بعد المصادقة، أحال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيه على رئيس الحكومة حول مشروعي قانونين، طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون التنظيمي 12-128 ، تقريرا مفصلا يتوفر على 64 صفحة يحتوي على:
ملخص تنفيذي؛
تقديم؛
المقاربة المنهجية التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأهداف الرأي؛
عناصر التحليل وخلاصات أعمال المجلس؛
مرتكزات إعداد الرأي؛
توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
إضافة إلى الملاحق الستة المكونة من :
1. عناصر التحليل والتقييم؛
2. تحليل أثر التدابير المقترحة من طرف المجلس في إطار توصيات تتعلق بالتدابير الاستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)؛
3. تحليل أثر التدابير المقترحة من طرف المجلس في إطار توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة المعاشات على المدى القصير؛
4. بيبلوغرافيا ووثائق مرجعية؛
5. يوم دراسي وجلسات إنصات؛
6. خلاصات اجتماع اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد المنعقد بتاريخ الأربعاء 30 يناير 2013.
إذا ماهو الإطار المرجعي الذي استند عليه المجلس في إعداد الرأي(أ)، وفي نفس الوقت ماهي المبادئ التي إرتكز عليها في إعداد الرأي(ب)؟ وكذلك ما هو رأي المجلس في المقترح الحكومي(ت)؟ وفي الأخير ما هي التوصيات التي أسفرت عن المجلس بشأن نظام المعاشات المدنية(ث)؟
أ: المجلس والإطار المرجعي المستند عليه في إعداد الرأي
إن المقاربة المنهجية التي اعتمدها المجلس من خلال التقرير الذي أنجزه بشأن المعاشات المدنية، لا تقتصر فقط على التدابير المقياسية لنظام المعاشات التي تقترحها الحكومة، بل يوجه تحليله في اتجاه إغناء رؤية مهيكلة ومتكاملة لإشكالية منظومة التقاعد بالمغرب، عبر دراسة مختلف جوانبها، وذلك في ضوء رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتضامن والإنصاف الاجتماعيين والحفاظ على مصالح الأجيال القادمة.
ونظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقطاع التقاعد بالمغرب، فقد إستند المجلس في إعداده على اطار مرجعي يقوم على:
توجهات الدستور المغربي لسنة 2011؛
المبادئ والحقوق التي يتضمنها الميثاق الاجتماعي الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2011، وتوصياته في هذا الشأن؛
المبادئ الموجهة وأهداف الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، الذي انطلق سنة 2004 من طرف اللجنتية الوطنية والتقنية المكلفتين باصلاح نظام التقاعد بالمغرب، والذي كان موضوع توافق بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمؤسساتيين؛
الرؤية التي بلورها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن سياسة الحماية الاجتماعية التي تترجمها مختلف توصياته في هذا الصدد، ذات الصلة بمنظومة التقاعد.
وبناء على الاطار المرجعي هذا، تمفصل تحليل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول مجموعة من الرهانات والاكراهات وهي:
• الرهانات الاجتماعية المرتبطة بفعالية منظومة التقاعد بالمغرب، وبتحسين نسبة التغطية الاجتماعية؛
• الرهانات الاقتصادية والمؤسساتية المتصلة بديمومة أنظمة التقاعد واستدامتها المالية؛
• الرهانات المتعلقة باستمرارية وديمومة منظومة التقاعد مع أخذ بعين الاعتبار متطلبات الانصاف فيما بين الأجيال وداخل الجيل الواحد؛
• الرهان المتعلق بتحديث أنظمة التقاعد وإرساء أسس الحكامة الجيدة للقطاع؛
• الاكراهات المتصلة بأفق ديمومة نظام المعاشات المدنية، وما يترتب عنها من ضرورة اتخاذ تدابير استعجالية نحو ضمان استدامة النظام على المدى القصير، في أفق تطبيق الإصلاح الشمولي.
وانطلاقا من هذا العمل، عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على بلورة الرأي حول مشروعي القانونين اللذين اقترحتهما الحكومة بشأن نظام المعاشات المدنية، وبشكل عام الوضعية العامة لأنظمة التقاعد بالمغرب، وذلك بعد وقوف المجلس على وضعية أنظمة التقاعد بالمغرب، وأبرز الاختلالات التي تعاني منها، وبالخصوص نظام المعاشات المدنية، معتمدا في ذلك على أعمال اللجنتين الوطنية والتقنية منذ سنة 2004، بالاضافة إلى التقارير المنجزة من طرف المؤسسات الوطنية والدولية في الموضوع، وخاصة تقرير المجلس الأعلى للحسايات يوليوز 2013، من جهة، ومن جهة أخرى بعد دراسة الآثار المترتبة على التدابير المقياسية المقترحة من طرف الحكومة مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية والاجتماعية ومدى آثارها على التوازنات المالية لنظام المعاشات المدنية، ثم مدى مساهمتها في عملية الاصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، هذا بالاضافة إلى بلورة المجلس لتوصيات تسعى إلى تحسين واستكمال التدابير المقترحة من قبل الحكومة، في اتجاه المساهمة في بناء الإصلاح الشامل في افق زمني معقول.
ب: المجلس والمبادئ التي إرتكز عليها في إعداد الرأي
إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أكد في تقريره من جهة، على الوعي العام بضرورة الاستعجال باصلاح نظام المعاشات المدنية، ومن جهة أخرى أكد على:
ضرورة إدراج هذه الاجراءات في سياق مقاربة للإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، مرتكزا على الأعمال المنجزة في هذا الشأن منذ سنة 2004؛
أهمية الحوار الاجتماعي المسؤل والشفاف بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة ضمانا لإنجاح الإصلاح والإنخراط فيه.
وبناء على ما سبق، نتساءل عن ماهية المبادئ التي إرتكز عليها المجلس في التقرير؟
إرتكز رأي المجلس في هذا التقرير، على ثمانية مبادئ كبرى وهي كالتالي:
1. ضرورة إنخراط أي إصلاح في إطار مقاربة شمولية لمنظومة التقاعد، وبصفة عامة في أفق بناء منظومة شمولية للتغطية الاجتنماعية؛
2. متطلبات تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين، واعادة التوازن لفائدة المواطنين ذوي الدخل المنخفض، والاقتسام المنصف لمجهود المساهة بما يتماشى مع المعايير الدولية (مساهمات تتوزع على اساس الثلث يؤديه المنخرط وزالثلثين يؤديه المشغل، الاتجاه نحو اعتماد نموذج متعدد الأشطر: اساسي وتكميلي وإضافي..)؛
3. أهمية مأسسة الحوار الاجتماعي الملزم والمسؤول بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة، لإنجاح أي أصلاح وقاعدة للتعاقدات الاجتماعية الكبرى؛
4. ضرورة الحرص المتواصل على ديمومة منظومة التقاعد، وعلى ملاءمتها للتطورات المالية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية؛
5. الاتجاه نحو احترام مبدأ التسعير العادل؛
6. ارساء أسس الحكامة التشاركية، وذلك بالحرص على التمثيلية الفعلية والمشروعة لممثلي الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في هيئات التوجيه والاستراتيجية لأنظمة التقاعد، وارساء قواعد شفافة لتقديم الحساب؛
7. ضرورة توفير رؤية واضحة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين حول كافة الجوانب المتعلقة بتطبيق الاصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد وأهم مراحله، مما يعزز مناخ الثقة؛
8. الطبيعة الاستعجالية، التي يؤكد عليها الفاعلين، للإنخراط في مرحلة أولى من الإصلاح، ولاسيما بالنسبة لنظام المعاشات المدنية، دون إغفال مساهمته في البعد الشمولي للإصلاح.
ث: رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المقترح الحكومي
بعد القراءة النقدية من طرف المجلس لمشروعي القانونين المقترحين من طرف الحكومة، وذلك انطلاقا من القراءة الأولية للتدابير المقترحة التي لا تهم سوى المنخرطين الناشطين والمستفيدين من النظام في المستقبل، اتضح للمجلس مايلي:
• إن هذه التدابير تنصب على الاستعجالية المتعلقة بالبنية المقياسية لنظام المعاشات المدنية فقط؛
• أنه إذا كان من شأن هذه التدابير ضمان أفق استدامة هذا النظام، فلا يبدو أنها منسجمة فيما بينها لكي تندرج في إطار مقاربة شمولية لمنظومة التقاعد، كما حددتها اللجنة الوطنية المكلفة باصلاح التقاعد؛
• إن اقتراح الحكومة لرفع سن الاحالة على التقاعد إلى 65 سنة وفق وتيرة مفاجئة وغير كافية. فهي تقترح رفع السن مباشرة إلى 62 سنة، أي بسنتين كاملتين دفعة واحدة، الأمر الذي سيؤثر سلبا وبصورة مفاجئة على المنخرطين الذين سيحالون على التقاعد ما بين سنة و3 سنوات القادمة؛
• إن اقتراح الحكومة لرفع نسبة المساهمة من 20 % إلى 28 % مع الابقاء على مبدأ التوزيع العادل بين المشغل والمنخرطين، الأمر الذي لايتلائم مع مبدأ العدالة في اقتسام مجهود المساهمة، ومع المعايير الدولية في هذا الشأن، التي تعتبر، بالنسبة للأنظمة الأساسية، أن يكون مجهود مساهمة المشغل ضعف مساهمة الأجراء (أي الدولة–المشغل تساهم بنسبة الثلثين، بينما يساهم المنخرطون بالثلث).
وفي هذا الاطار اعتبر المجلس أن الاصلاح المقترح لا يشجع على التقائية أنظمة القطب العمومي، ولا تسير في اتجاه بناء مرحلة أولية للإصلاح الشمولي مؤسسة للمراحل القادمة، إذا ما هي التوصيات التي أسفرت عن الجمعية العامة للمجلس في دورته الاستثنائية؟
د: توصيات أسفرت عن الجمعية العامة للمجلس بشأن نظام المعاشات المدنية
أمام الفعاليات المكونة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خبراء متخصصين في الميدان ومن ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا بالقطاع العام والقطاع الخاص ومن هيئات وجمعيات المهنية التي تمثل المقاولات والمشغلين اضافة إلى الشخصيات التي تمثل المؤسسات والهيئات في الدولة (المادة 11 من القانون التنظيمي للمجلس)، وما عرفه المقترح من نقاشات هامة ومثمرة داخل المجلس، أسفر اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعد المصادقة بالأغلبية خلال الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمجلس بتاريخ 30 أكتوبر 2014، على عدة توصيات والتي تتمحور حول:
• توصيات تتعلق بالإطار العام لإصلاح قطاع التقاعد؛
• توصيات تتعلق بالتدابير الإستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)؛
• توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة التقاعد على المدى القصير؛
• توصيات تتعلق بتدابير المواكبة.
توصيات تتعلق بالإطار العام لإصلاح قطاع التقاعد
استجابة لضرورة إدراج إصلاح نظام المعاشات في نطاق أوسع يهم منظومة الحماية الاجتماعية ككل، أعد المجلس توصياته المتعلقة بالإطار العام للإصلاح:
• إدماج بانتظام أبعاد العدالة الاجتماعية والانصاف بين أعضاء الجيل الواحد وبين الأجيال المختلفة في أية عملية إصلاح أو سياسة تنموية، مع الأخذ يعن الاعتبار التحولات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية؛
• أخذ بعين الاعتبار القدرات التمويلية للمشغلين(الرهانات التنافسية) والقدرة المساهماتية للمنخرطين (رهانات المحافظة على القدرة الشرائية)؛
• ضمان مستويات دنيا من الدخل والتغطية لكل مواطن، مع وضع الآليات المناسبة التي من شأنها تقويم وإعادة تقييم هذه المستويات بحسب تطورات الاجتماعية والاقتصادية للمغرب، والاكراهات المتعلقة بالقدرة التمويلية؛
• أخذ بعين الاعتبار، في سياق هذا الأفق الجديد للإستدامة الذي يقترحه المجلس بصدد هذه المرحلة الأولى من الإصلاح (ما يتعلق بنظام المعاشات المدنية)، مع ضرورة أن تتم بلورة الخطوة الكبرى الموالية وتطبيقها في حيز زمني أقصاه خمس سنوات.
كما أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بمايلي:
1. وضع قانون إطار، على اساس مقاربة تشاركية وبمساهمة الأطراف المعنية، وذلك داخل أجل محدد على المدى القصير في أفق يونيو 2015 على أن :
• يرتكز على المبادئ الموجهة للإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب والمنظومة المنشودة؛
• يحدد جدولا زمنيا دقيقا ولزم لجميع الأطراف لتنفيذ المراحل الكبرى للأصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد؛
• يحدد آليات تقييم وتتبع نتائج التدابير المتخذة لتنفيذ الاصلاح الشمولي؛
• مأسسة آليات حكامة وقيادة فعالة لعملية تنفيذ الاصلاح الشمولي.
2. تسريع وتيرة الأشغال التكميلية المتعلقة بالدراسات التي نصت عليها اللجنة الوطنية (إشكالية العمل الشاق، والأشخاص في وضعية إعاقة، وتوسيع مجال التغطية لتشمل المواطنين غير المتمتعين بالتغطية الاجتماعية)؛
3. توسيع تغطية التقاعد على المدى المتوسط لتشمل المواطنين غير المتمتعين حاليا بتغطية التقاعد، وبصفة أعم توسيع الحماية الاجتماعية، مع اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة، والأخذ كذلك بعين الاعتبار متطلبات توسيع مصادر التمويل عن طريق موارد أخرى غير الاقتطاعات الاجتماعية؛
4. وضع آليات لحكامة وقيادة أنظمة التقاعد، بقوة القانون، بهدف الحرص على استدامتها وملاءمتها للتطورات المالية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية، على أن تستجيب هذه الآليات لمتطلبات ضمان مستوى من القيادة الشمولية لمجموع الأنظمة على أساس إطار مرجعي احترازي مشترك، واعتماد مقاربة استباقية لتدبير المخاطر، وكذلك إلزامية من جهة، اعتماد آليات للتتبع ووضع الاسقاطات الدقيقية على المدى الطويل والطويل جدا (أفق زماني يمتد إلى ما يزيد عن 40 سنة)، ومن جهة، أخرى إلزامية التقييم المستمر لفعاليات الآليات المستعملة لقيادة وتدبير المخاطر، قصد تحيينها وتحسين نجاعتها؛
5. إرساء مبادئ الحكامة التشاركية والشفافية القائمة على فصل واضح بين صلاحيات التوجيه الاستراتيجي والقيادة، وبين تلك المتعلقة بالتدبير، مع الحرص على التمثيلية الفعلية والمشروعة للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، داخل هيئات التوجيه، وقيادة الأنظمة، وتلك الخاصة بوضع وتقييم سياسات الاستثمار وتوظيف الاحتياطيات المالية.
توصيات تتعلق بالتدابير الاستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)
تعتمد توصيات المجلس على المبدأ القاضي بإدراج جميع التدابير في اطار مقاربة الاصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد التي انطلقت سنة 2004، وفي هذا الصدد يوصي المجلس بمايلي:
1. بشأن المقترح المتعلق برفع سن الإحالة على التقاعد: ضرورة اعتبار الرفع من مدة المساهمة في احترام لمبادئ التضامن والمستلزمات الاستعجالية المتصلة بنظام المعاشات المدنية، وذلك بالحرص على:
أ. اعتماد مقاربة تدريجية (ممتدة على أفق زمني يتراوح بين 8 و 10 سنوات للوصول إلى السن الأقصى المستهدف)، مع الانتباه إلى أثرها على النظام ككل من جهة، ومن جهة أخرى على أجيال الموظفين الذين من المتوقع أن يحالوا على التقاعد في غضون السنوات الأولى. وفي هذا الصدد يقترح المجلس:
اعتماد وتيرة جد بطيئة في مرحلة أولى بمعدل 6 أشهر كل سنة خلال الست سنوات الأولى (63 سنة في 2020)؛
فتح الباب في وجه أولئك الذين يرغبون في استباق التدرج، مباشرة بعد دخول الاصلاح حبز التنفيذ، والضمان لهم امكانية الإحالة على التقاعد في سن يمكن أن يصل إلى 65 سنة؛
تقييم آثار الانخراط الطوعي، بعد سنتين أو ثلاث سنوات، وقياس تأثيرها على ديمومة النظام، وذلك قصد تمكين الأطراف المعنية باتخاذ القرارات للازمة، ولاسيما الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة خلال مرحلة إضافية تمتد من سنة واحدة إلى سنتين (201-2022)؛
ب. تعديل المادة 7 من المرسوم رقم 749-95-2 لتطبيق القانون رقم 43.95 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد: نحو تحديد الحد الأدنى للاحتياطات القانونية بما بعادل 5 مرات، عوضا عن مرتين، متوسط النفقات المثبتة خلال الثلاث سنوات الأخيرة؛
ت. مواكبة هذا الاجراء بإحداث درجة إضافية داخل الوظيفة العمومية، بحيث يشكل حافزا للانخراط الطوعي في الرفع من سن الاحالة على التقاعد (65 سنة) مما يمكن الموظفين من مواصلة تحسين أجورهم خلال مرحلة العمل الإضافية؛
2. بشأن المقترح المتعلق برفع نسبة المساهمة من 20% إى 28 % حلال الفترة ما بين 2015 و2016: يوصي المجلس بجعل هذه المراجعة فرصة سانحة لوضع مرتكزات المراجل القادمة والضرورية لإرساء قطب عمومي (وفقا لخطاطة الاصلاح الشمولي).
وتطبيقا لمبدأ التوزيع العادل لمجهود المساهمة، وتماشيا مع المعايير الدولية، واستعدادا للتمييز، في مرحلة ثانية، بين النظام الأساسي والنظام التكميلي، كل حسب خصوصيته، فإن المجلس يوصي بإحداث شطرين اثنين في بنية المساهمة داخل نظام المعاشات المدنية:
الشطر الأول: أساسي محدد بسقف قريب من المستويات المتوسطة للأجور في الوظيفة العمومية، بزيادة ما بين 15% و30 % (أي ما بين 8.000 و10.000 درهم)، بحيث يسمح هذا الشطر بتغطية معاش أساسي بنسبة تعويض تتراح ما بين 30% إلى 40%.
وتبلغ نسبة المساهة، بالنسبة لهذا الشطر الأساسي، ما بين 8% و 10%، يتم توزيعها على أساس الثلث (أي حولي 3% ) للأجير، والثلين ( أي حوالي6 %) للدولة المشغلة؛
الشطر الثاني: تكميلي من الدرهم الأول، والذي يمكن من بلوغ معاش إجمالي، يعادل مستوى المعاش المحتسب وفقا لمعدل الأقساط السنوية والحقوق المكتسبة قبل تاريخ دخول المقتضيات المقترحة حيز التنفيذ.
وما تبقى من مبلغ المساهمات التي تصل نسبتها إلى 28 % ، يتم رصدها للشطر الثاني، وتوزع بالتساوي ما بين الموظف/ المستخدم والدولة-المشغلة.
وهكذا، بالنسبة للأجور الأدنى من السقف، ستوزع المساهمة الإجمالية البالغة 28% على أساس %12.5 للمستخدم مقابل 15.5% للدولة المشغلة.
وتجدر الاشارة بأن هذين الشطرين مدعوان بمواكبة المراحل القادمة للإصلاح بما يقتضيه ذلك من تطور في المساهمات، والمبادئ المؤسسة لهما من أجل إرساء نظامين إجباريين: نظام أساس (الشطر الأول) ونظام تكميلي (الشطر الثاني).
3. بشأن المقترح المتعلق بقاعدة تصفية المعاش، اعتماد مبدأ "أفضل ثماني سنوات"، بدلا من "احتساب السنوات الثمانية الأخيرة"، وذلك في أفق خلق انسجام في مبادئ اشتغال القطبين العمومي والخاص.
توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة التقاعد على المدى القصير
على غرار نظام المعاشات المدنية يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالنسبة لباقي أنظمة التقاعد من حلال توصياته، على ضرورة الشروع منذ المرحلة الأولى للإصلاح، لتسهيل الالتقائية بين مختلف أنظمة التقاعد في أفق تنزيل الإصلاح الشمولي، بقطبيه العمومي والخاص.
1. بالنسبة لنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد(RCAR)، يتعين التحضير منذ الآن للمراحل القادمة الضرورية لإرساء قطب عمومي، وذلك من خلال البدء في إصلاح هذا النظام وفق المسالك التالية:
• اعتماد قاعدة احتساب وعاء تصفية المعاشات على أساس متوسط أفضل 10 سنوات، عوض متوسط مجموع سنوات العمل، وربط الاجراء بملائمة مؤشر إعادة تقييم المعاشات وفق منحى تنازلي يستفيد منه ذوو الدخل المنخفض (على سبيل المثال:3% بالنسبة للجزء الأول من الأجر، و2.75%، و%2، و0% بالنسبة للجزء الثاني من الأجر الذي يفوق السقف)؛
• تعميم النظام التكميلي بتطبيقه ابتداء من الدرهم الأول، لكي يستفيد منه ذوو الأجور المنخفضة، وبالتالي السماح لهم بتحسين تقاعدهم، ومصاحبة هذا الإجراء:
بتحديد سقف جديد يكون قريبا من الأجر المتوسط في الوظيفة العمومية، بزيادة تتراوح ما بين %15 و %30، أي ما بين 8.000 و10.000 درهم ( في أفق التقريب ما بين أنظمة القطب العمومي)؛
الرفع ب2% نسبة المساهمة في النظام التكميلي يتقاسمها بالتساوي المشغل والمستخدم (لترتفع من 6% إلى 8%)؛
إحداث سقف ثان يتم تطبيقه على النظام التكميلي، وتحفيز الموظفين الذين تتعدى أجورهم هذا السقف الثاني(2 أو 3 مرات السقف الأول) نحو الإنخراط في أنظمة إضافية اختيارية تعتمد على مبدأ الرسمالة؛
• إخضاع عملية إعادة تقييم المعاشات لنطاق يتم احتسابه وفق نسبة التضخم والنسبة المائوية للزيادة في الأجر المتوسط للمنخرطين.
• ضمان للمنخرطين، وبطلب منهم، إمكانية تأخير سن الاحالة على التقاعد في حدود 65 سنة، وذلك بهدف تحسين قاعدة احتساب معاشاتهم.
2. بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي(CNSS)،ينبغي كذلك إستغلال هذه المناسبة من أجل التحضير للمراحل القادمة للإصلاح:
• على غرار الأنظمة العمومية، تمكين الأجراء الذين يرغبون بتنسيق مع مشغليهم، تأخير إحالتهم على التقاعد في حدود 65 سنة، بهدف تحسين قاعدة احتساب معاشاتهم.
• إعادة النظر في النصوص المنظمة لقواعد توظيف احتياطات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قصد الوصول إلى استثمار أفضل في احترام تام للقواعد الاحترازية.
توصيات تتعلق بتدابير المواكبة
1. الإسراع في تفعيل السلطة الجديدة للتأمينات وهيئات الحماية الاجتماعية، التي ستتولى ضمن اختصاصاتها، مهمة الإشراف وتقنين عمل مجموع منظومة التقاعد والانظمة المكونة له؛
2. ملائمة المقتضيات المتعلقة بالقواعد والاهداف والإكراهات المرتبطة بتوظيف احتياطات صناديق التقاعد، وتوجيهها نحو نجاعة أكبر لسياسات الاستثمار وتخصيص الأصول وتدبير المخاطر المتصلة بها؛
3. تكريس واستكمال مقاربة النوع على مستوى مجموع الأنظمة، وربطها بسياسة الأسرة مراعاة لخصوصية وضعية المرأة، وذلك بتمكين النساء المنخرطات في المنظومة من ربح سنة المساهمة عن كل وضع (طفل)، في حدود 3 سنوات (وفقا للممارسات الجاري بها العمل على الصعيد الدولي)؛
4. بالنظر إلى أهمية التي تكتسيها أنظمة التقاعد، بالنسبة لاقتصاد البلاد ولتوازناتها الاجتماعية، فإنه يتعين ضمان ولوج واسع إلى المعلومة (مفتوحة في وجه العموم). وينبغي أن يشمل هذا الولوج عناصر الخيارات الاستراتيجية المحددة للأنظمة، وتتبع أوضاع هذه الأنظمة، والنتائج التي أسفرت عنها الاستراتيجية المعتمدة؛
5. فتح نقاشات حول الإصلاح الشامل للوظيفة العمومية، والتوجهات المستقبلية للقطاع، في ضوء أهداف المردودية والجودة والانتاجية التي تؤشر إلى فعالية المرفق العمومي في الاستجابة للحاجيات والانتظارات المشروعة للمواطنات والمواطنين، وكذا رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
مشروع القانون رقم 71.14 يغير ويتمم القانون رقم 011.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحدث بموجبه نظام المعاشات المدنية؛
مشروع القانون رقم 72.14 يغير ويتمم القانون رقم 012.71 الصادر في 12 من ذي القعدة 1391(30 ديسمير 1971) المحددة بموجبه السن التي يجب أن يحال فيها التقاعد موظفو وأعوان الدولة والبلديات والمؤسسات العامة المنخرطون في نظام المعاشات المدنية.
صادقت الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي يوم 30 أكتوبر 2014، أي الموالي للإضراب العام، وذلك بأغلبية أصوات الأعضاء الحاضرين، على مشروعي القانونين السالف ذكرهما، وذلك طبقا للمادة 25 من القانون التنظيم رقم 12-128.
ومباشرة بعد المصادقة، أحال المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي رأيه على رئيس الحكومة حول مشروعي قانونين، طبقا لمقتضيات الفقرة الثانية من المادة السابعة من القانون التنظيمي 12-128 ، تقريرا مفصلا يتوفر على 64 صفحة يحتوي على:
ملخص تنفيذي؛
تقديم؛
المقاربة المنهجية التي اعتمدها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي وأهداف الرأي؛
عناصر التحليل وخلاصات أعمال المجلس؛
مرتكزات إعداد الرأي؛
توصيات المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي.
إضافة إلى الملاحق الستة المكونة من :
1. عناصر التحليل والتقييم؛
2. تحليل أثر التدابير المقترحة من طرف المجلس في إطار توصيات تتعلق بالتدابير الاستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)؛
3. تحليل أثر التدابير المقترحة من طرف المجلس في إطار توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة المعاشات على المدى القصير؛
4. بيبلوغرافيا ووثائق مرجعية؛
5. يوم دراسي وجلسات إنصات؛
6. خلاصات اجتماع اللجنة الوطنية المكلفة بإصلاح أنظمة التقاعد المنعقد بتاريخ الأربعاء 30 يناير 2013.
إذا ماهو الإطار المرجعي الذي استند عليه المجلس في إعداد الرأي(أ)، وفي نفس الوقت ماهي المبادئ التي إرتكز عليها في إعداد الرأي(ب)؟ وكذلك ما هو رأي المجلس في المقترح الحكومي(ت)؟ وفي الأخير ما هي التوصيات التي أسفرت عن المجلس بشأن نظام المعاشات المدنية(ث)؟
أ: المجلس والإطار المرجعي المستند عليه في إعداد الرأي
إن المقاربة المنهجية التي اعتمدها المجلس من خلال التقرير الذي أنجزه بشأن المعاشات المدنية، لا تقتصر فقط على التدابير المقياسية لنظام المعاشات التي تقترحها الحكومة، بل يوجه تحليله في اتجاه إغناء رؤية مهيكلة ومتكاملة لإشكالية منظومة التقاعد بالمغرب، عبر دراسة مختلف جوانبها، وذلك في ضوء رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتضامن والإنصاف الاجتماعيين والحفاظ على مصالح الأجيال القادمة.
ونظرا للأهمية الاقتصادية والاجتماعية لقطاع التقاعد بالمغرب، فقد إستند المجلس في إعداده على اطار مرجعي يقوم على:
توجهات الدستور المغربي لسنة 2011؛
المبادئ والحقوق التي يتضمنها الميثاق الاجتماعي الذي أعده المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي سنة 2011، وتوصياته في هذا الشأن؛
المبادئ الموجهة وأهداف الإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، الذي انطلق سنة 2004 من طرف اللجنتية الوطنية والتقنية المكلفتين باصلاح نظام التقاعد بالمغرب، والذي كان موضوع توافق بين مختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمؤسساتيين؛
الرؤية التي بلورها المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بشأن سياسة الحماية الاجتماعية التي تترجمها مختلف توصياته في هذا الصدد، ذات الصلة بمنظومة التقاعد.
وبناء على الاطار المرجعي هذا، تمفصل تحليل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول مجموعة من الرهانات والاكراهات وهي:
• الرهانات الاجتماعية المرتبطة بفعالية منظومة التقاعد بالمغرب، وبتحسين نسبة التغطية الاجتماعية؛
• الرهانات الاقتصادية والمؤسساتية المتصلة بديمومة أنظمة التقاعد واستدامتها المالية؛
• الرهانات المتعلقة باستمرارية وديمومة منظومة التقاعد مع أخذ بعين الاعتبار متطلبات الانصاف فيما بين الأجيال وداخل الجيل الواحد؛
• الرهان المتعلق بتحديث أنظمة التقاعد وإرساء أسس الحكامة الجيدة للقطاع؛
• الاكراهات المتصلة بأفق ديمومة نظام المعاشات المدنية، وما يترتب عنها من ضرورة اتخاذ تدابير استعجالية نحو ضمان استدامة النظام على المدى القصير، في أفق تطبيق الإصلاح الشمولي.
وانطلاقا من هذا العمل، عمل المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي على بلورة الرأي حول مشروعي القانونين اللذين اقترحتهما الحكومة بشأن نظام المعاشات المدنية، وبشكل عام الوضعية العامة لأنظمة التقاعد بالمغرب، وذلك بعد وقوف المجلس على وضعية أنظمة التقاعد بالمغرب، وأبرز الاختلالات التي تعاني منها، وبالخصوص نظام المعاشات المدنية، معتمدا في ذلك على أعمال اللجنتين الوطنية والتقنية منذ سنة 2004، بالاضافة إلى التقارير المنجزة من طرف المؤسسات الوطنية والدولية في الموضوع، وخاصة تقرير المجلس الأعلى للحسايات يوليوز 2013، من جهة، ومن جهة أخرى بعد دراسة الآثار المترتبة على التدابير المقياسية المقترحة من طرف الحكومة مع الأخذ بعين الاعتبار الآثار الاقتصادية والاجتماعية ومدى آثارها على التوازنات المالية لنظام المعاشات المدنية، ثم مدى مساهمتها في عملية الاصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، هذا بالاضافة إلى بلورة المجلس لتوصيات تسعى إلى تحسين واستكمال التدابير المقترحة من قبل الحكومة، في اتجاه المساهمة في بناء الإصلاح الشامل في افق زمني معقول.
ب: المجلس والمبادئ التي إرتكز عليها في إعداد الرأي
إن المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أكد في تقريره من جهة، على الوعي العام بضرورة الاستعجال باصلاح نظام المعاشات المدنية، ومن جهة أخرى أكد على:
ضرورة إدراج هذه الاجراءات في سياق مقاربة للإصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد، مرتكزا على الأعمال المنجزة في هذا الشأن منذ سنة 2004؛
أهمية الحوار الاجتماعي المسؤل والشفاف بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة ضمانا لإنجاح الإصلاح والإنخراط فيه.
وبناء على ما سبق، نتساءل عن ماهية المبادئ التي إرتكز عليها المجلس في التقرير؟
إرتكز رأي المجلس في هذا التقرير، على ثمانية مبادئ كبرى وهي كالتالي:
1. ضرورة إنخراط أي إصلاح في إطار مقاربة شمولية لمنظومة التقاعد، وبصفة عامة في أفق بناء منظومة شمولية للتغطية الاجتنماعية؛
2. متطلبات تحقيق العدالة الاجتماعية بين جميع المواطنين، واعادة التوازن لفائدة المواطنين ذوي الدخل المنخفض، والاقتسام المنصف لمجهود المساهة بما يتماشى مع المعايير الدولية (مساهمات تتوزع على اساس الثلث يؤديه المنخرط وزالثلثين يؤديه المشغل، الاتجاه نحو اعتماد نموذج متعدد الأشطر: اساسي وتكميلي وإضافي..)؛
3. أهمية مأسسة الحوار الاجتماعي الملزم والمسؤول بين الفرقاء الاجتماعيين والحكومة، لإنجاح أي أصلاح وقاعدة للتعاقدات الاجتماعية الكبرى؛
4. ضرورة الحرص المتواصل على ديمومة منظومة التقاعد، وعلى ملاءمتها للتطورات المالية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية؛
5. الاتجاه نحو احترام مبدأ التسعير العادل؛
6. ارساء أسس الحكامة التشاركية، وذلك بالحرص على التمثيلية الفعلية والمشروعة لممثلي الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين في هيئات التوجيه والاستراتيجية لأنظمة التقاعد، وارساء قواعد شفافة لتقديم الحساب؛
7. ضرورة توفير رؤية واضحة لمختلف الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين حول كافة الجوانب المتعلقة بتطبيق الاصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد وأهم مراحله، مما يعزز مناخ الثقة؛
8. الطبيعة الاستعجالية، التي يؤكد عليها الفاعلين، للإنخراط في مرحلة أولى من الإصلاح، ولاسيما بالنسبة لنظام المعاشات المدنية، دون إغفال مساهمته في البعد الشمولي للإصلاح.
ث: رأي المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي في المقترح الحكومي
بعد القراءة النقدية من طرف المجلس لمشروعي القانونين المقترحين من طرف الحكومة، وذلك انطلاقا من القراءة الأولية للتدابير المقترحة التي لا تهم سوى المنخرطين الناشطين والمستفيدين من النظام في المستقبل، اتضح للمجلس مايلي:
• إن هذه التدابير تنصب على الاستعجالية المتعلقة بالبنية المقياسية لنظام المعاشات المدنية فقط؛
• أنه إذا كان من شأن هذه التدابير ضمان أفق استدامة هذا النظام، فلا يبدو أنها منسجمة فيما بينها لكي تندرج في إطار مقاربة شمولية لمنظومة التقاعد، كما حددتها اللجنة الوطنية المكلفة باصلاح التقاعد؛
• إن اقتراح الحكومة لرفع سن الاحالة على التقاعد إلى 65 سنة وفق وتيرة مفاجئة وغير كافية. فهي تقترح رفع السن مباشرة إلى 62 سنة، أي بسنتين كاملتين دفعة واحدة، الأمر الذي سيؤثر سلبا وبصورة مفاجئة على المنخرطين الذين سيحالون على التقاعد ما بين سنة و3 سنوات القادمة؛
• إن اقتراح الحكومة لرفع نسبة المساهمة من 20 % إلى 28 % مع الابقاء على مبدأ التوزيع العادل بين المشغل والمنخرطين، الأمر الذي لايتلائم مع مبدأ العدالة في اقتسام مجهود المساهمة، ومع المعايير الدولية في هذا الشأن، التي تعتبر، بالنسبة للأنظمة الأساسية، أن يكون مجهود مساهمة المشغل ضعف مساهمة الأجراء (أي الدولة–المشغل تساهم بنسبة الثلثين، بينما يساهم المنخرطون بالثلث).
وفي هذا الاطار اعتبر المجلس أن الاصلاح المقترح لا يشجع على التقائية أنظمة القطب العمومي، ولا تسير في اتجاه بناء مرحلة أولية للإصلاح الشمولي مؤسسة للمراحل القادمة، إذا ما هي التوصيات التي أسفرت عن الجمعية العامة للمجلس في دورته الاستثنائية؟
د: توصيات أسفرت عن الجمعية العامة للمجلس بشأن نظام المعاشات المدنية
أمام الفعاليات المكونة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي من خبراء متخصصين في الميدان ومن ممثلي النقابات الأكثر تمثيلا بالقطاع العام والقطاع الخاص ومن هيئات وجمعيات المهنية التي تمثل المقاولات والمشغلين اضافة إلى الشخصيات التي تمثل المؤسسات والهيئات في الدولة (المادة 11 من القانون التنظيمي للمجلس)، وما عرفه المقترح من نقاشات هامة ومثمرة داخل المجلس، أسفر اجتماع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بعد المصادقة بالأغلبية خلال الدورة الاستثنائية للجمعية العامة للمجلس بتاريخ 30 أكتوبر 2014، على عدة توصيات والتي تتمحور حول:
• توصيات تتعلق بالإطار العام لإصلاح قطاع التقاعد؛
• توصيات تتعلق بالتدابير الإستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)؛
• توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة التقاعد على المدى القصير؛
• توصيات تتعلق بتدابير المواكبة.
توصيات تتعلق بالإطار العام لإصلاح قطاع التقاعد
استجابة لضرورة إدراج إصلاح نظام المعاشات في نطاق أوسع يهم منظومة الحماية الاجتماعية ككل، أعد المجلس توصياته المتعلقة بالإطار العام للإصلاح:
• إدماج بانتظام أبعاد العدالة الاجتماعية والانصاف بين أعضاء الجيل الواحد وبين الأجيال المختلفة في أية عملية إصلاح أو سياسة تنموية، مع الأخذ يعن الاعتبار التحولات الاجتماعية والاقتصادية والديموغرافية؛
• أخذ بعين الاعتبار القدرات التمويلية للمشغلين(الرهانات التنافسية) والقدرة المساهماتية للمنخرطين (رهانات المحافظة على القدرة الشرائية)؛
• ضمان مستويات دنيا من الدخل والتغطية لكل مواطن، مع وضع الآليات المناسبة التي من شأنها تقويم وإعادة تقييم هذه المستويات بحسب تطورات الاجتماعية والاقتصادية للمغرب، والاكراهات المتعلقة بالقدرة التمويلية؛
• أخذ بعين الاعتبار، في سياق هذا الأفق الجديد للإستدامة الذي يقترحه المجلس بصدد هذه المرحلة الأولى من الإصلاح (ما يتعلق بنظام المعاشات المدنية)، مع ضرورة أن تتم بلورة الخطوة الكبرى الموالية وتطبيقها في حيز زمني أقصاه خمس سنوات.
كما أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بمايلي:
1. وضع قانون إطار، على اساس مقاربة تشاركية وبمساهمة الأطراف المعنية، وذلك داخل أجل محدد على المدى القصير في أفق يونيو 2015 على أن :
• يرتكز على المبادئ الموجهة للإصلاح الشمولي لقطاع التقاعد بالمغرب والمنظومة المنشودة؛
• يحدد جدولا زمنيا دقيقا ولزم لجميع الأطراف لتنفيذ المراحل الكبرى للأصلاح الشمولي لمنظومة التقاعد؛
• يحدد آليات تقييم وتتبع نتائج التدابير المتخذة لتنفيذ الاصلاح الشمولي؛
• مأسسة آليات حكامة وقيادة فعالة لعملية تنفيذ الاصلاح الشمولي.
2. تسريع وتيرة الأشغال التكميلية المتعلقة بالدراسات التي نصت عليها اللجنة الوطنية (إشكالية العمل الشاق، والأشخاص في وضعية إعاقة، وتوسيع مجال التغطية لتشمل المواطنين غير المتمتعين بالتغطية الاجتماعية)؛
3. توسيع تغطية التقاعد على المدى المتوسط لتشمل المواطنين غير المتمتعين حاليا بتغطية التقاعد، وبصفة أعم توسيع الحماية الاجتماعية، مع اعتماد مقاربة شمولية ومندمجة، والأخذ كذلك بعين الاعتبار متطلبات توسيع مصادر التمويل عن طريق موارد أخرى غير الاقتطاعات الاجتماعية؛
4. وضع آليات لحكامة وقيادة أنظمة التقاعد، بقوة القانون، بهدف الحرص على استدامتها وملاءمتها للتطورات المالية والاقتصادية والاجتماعية والديموغرافية، على أن تستجيب هذه الآليات لمتطلبات ضمان مستوى من القيادة الشمولية لمجموع الأنظمة على أساس إطار مرجعي احترازي مشترك، واعتماد مقاربة استباقية لتدبير المخاطر، وكذلك إلزامية من جهة، اعتماد آليات للتتبع ووضع الاسقاطات الدقيقية على المدى الطويل والطويل جدا (أفق زماني يمتد إلى ما يزيد عن 40 سنة)، ومن جهة، أخرى إلزامية التقييم المستمر لفعاليات الآليات المستعملة لقيادة وتدبير المخاطر، قصد تحيينها وتحسين نجاعتها؛
5. إرساء مبادئ الحكامة التشاركية والشفافية القائمة على فصل واضح بين صلاحيات التوجيه الاستراتيجي والقيادة، وبين تلك المتعلقة بالتدبير، مع الحرص على التمثيلية الفعلية والمشروعة للشركاء الاقتصاديين والاجتماعيين، داخل هيئات التوجيه، وقيادة الأنظمة، وتلك الخاصة بوضع وتقييم سياسات الاستثمار وتوظيف الاحتياطيات المالية.
توصيات تتعلق بالتدابير الاستعجالية الخاصة بنظام المعاشات المدنية (على المدى القصير والقصير جدا)
تعتمد توصيات المجلس على المبدأ القاضي بإدراج جميع التدابير في اطار مقاربة الاصلاح الشمولي لأنظمة التقاعد التي انطلقت سنة 2004، وفي هذا الصدد يوصي المجلس بمايلي:
1. بشأن المقترح المتعلق برفع سن الإحالة على التقاعد: ضرورة اعتبار الرفع من مدة المساهمة في احترام لمبادئ التضامن والمستلزمات الاستعجالية المتصلة بنظام المعاشات المدنية، وذلك بالحرص على:
أ. اعتماد مقاربة تدريجية (ممتدة على أفق زمني يتراوح بين 8 و 10 سنوات للوصول إلى السن الأقصى المستهدف)، مع الانتباه إلى أثرها على النظام ككل من جهة، ومن جهة أخرى على أجيال الموظفين الذين من المتوقع أن يحالوا على التقاعد في غضون السنوات الأولى. وفي هذا الصدد يقترح المجلس:
اعتماد وتيرة جد بطيئة في مرحلة أولى بمعدل 6 أشهر كل سنة خلال الست سنوات الأولى (63 سنة في 2020)؛
فتح الباب في وجه أولئك الذين يرغبون في استباق التدرج، مباشرة بعد دخول الاصلاح حبز التنفيذ، والضمان لهم امكانية الإحالة على التقاعد في سن يمكن أن يصل إلى 65 سنة؛
تقييم آثار الانخراط الطوعي، بعد سنتين أو ثلاث سنوات، وقياس تأثيرها على ديمومة النظام، وذلك قصد تمكين الأطراف المعنية باتخاذ القرارات للازمة، ولاسيما الرفع من سن التقاعد إلى 65 سنة خلال مرحلة إضافية تمتد من سنة واحدة إلى سنتين (201-2022)؛
ب. تعديل المادة 7 من المرسوم رقم 749-95-2 لتطبيق القانون رقم 43.95 القاضي بإعادة تنظيم الصندوق المغربي للتقاعد: نحو تحديد الحد الأدنى للاحتياطات القانونية بما بعادل 5 مرات، عوضا عن مرتين، متوسط النفقات المثبتة خلال الثلاث سنوات الأخيرة؛
ت. مواكبة هذا الاجراء بإحداث درجة إضافية داخل الوظيفة العمومية، بحيث يشكل حافزا للانخراط الطوعي في الرفع من سن الاحالة على التقاعد (65 سنة) مما يمكن الموظفين من مواصلة تحسين أجورهم خلال مرحلة العمل الإضافية؛
2. بشأن المقترح المتعلق برفع نسبة المساهمة من 20% إى 28 % حلال الفترة ما بين 2015 و2016: يوصي المجلس بجعل هذه المراجعة فرصة سانحة لوضع مرتكزات المراجل القادمة والضرورية لإرساء قطب عمومي (وفقا لخطاطة الاصلاح الشمولي).
وتطبيقا لمبدأ التوزيع العادل لمجهود المساهمة، وتماشيا مع المعايير الدولية، واستعدادا للتمييز، في مرحلة ثانية، بين النظام الأساسي والنظام التكميلي، كل حسب خصوصيته، فإن المجلس يوصي بإحداث شطرين اثنين في بنية المساهمة داخل نظام المعاشات المدنية:
الشطر الأول: أساسي محدد بسقف قريب من المستويات المتوسطة للأجور في الوظيفة العمومية، بزيادة ما بين 15% و30 % (أي ما بين 8.000 و10.000 درهم)، بحيث يسمح هذا الشطر بتغطية معاش أساسي بنسبة تعويض تتراح ما بين 30% إلى 40%.
وتبلغ نسبة المساهة، بالنسبة لهذا الشطر الأساسي، ما بين 8% و 10%، يتم توزيعها على أساس الثلث (أي حولي 3% ) للأجير، والثلين ( أي حوالي6 %) للدولة المشغلة؛
الشطر الثاني: تكميلي من الدرهم الأول، والذي يمكن من بلوغ معاش إجمالي، يعادل مستوى المعاش المحتسب وفقا لمعدل الأقساط السنوية والحقوق المكتسبة قبل تاريخ دخول المقتضيات المقترحة حيز التنفيذ.
وما تبقى من مبلغ المساهمات التي تصل نسبتها إلى 28 % ، يتم رصدها للشطر الثاني، وتوزع بالتساوي ما بين الموظف/ المستخدم والدولة-المشغلة.
وهكذا، بالنسبة للأجور الأدنى من السقف، ستوزع المساهمة الإجمالية البالغة 28% على أساس %12.5 للمستخدم مقابل 15.5% للدولة المشغلة.
وتجدر الاشارة بأن هذين الشطرين مدعوان بمواكبة المراحل القادمة للإصلاح بما يقتضيه ذلك من تطور في المساهمات، والمبادئ المؤسسة لهما من أجل إرساء نظامين إجباريين: نظام أساس (الشطر الأول) ونظام تكميلي (الشطر الثاني).
3. بشأن المقترح المتعلق بقاعدة تصفية المعاش، اعتماد مبدأ "أفضل ثماني سنوات"، بدلا من "احتساب السنوات الثمانية الأخيرة"، وذلك في أفق خلق انسجام في مبادئ اشتغال القطبين العمومي والخاص.
توصيات تتعلق بالتدابير الموازية الخاصة بباقي أنظمة التقاعد على المدى القصير
على غرار نظام المعاشات المدنية يقترح المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بالنسبة لباقي أنظمة التقاعد من حلال توصياته، على ضرورة الشروع منذ المرحلة الأولى للإصلاح، لتسهيل الالتقائية بين مختلف أنظمة التقاعد في أفق تنزيل الإصلاح الشمولي، بقطبيه العمومي والخاص.
1. بالنسبة لنظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد(RCAR)، يتعين التحضير منذ الآن للمراحل القادمة الضرورية لإرساء قطب عمومي، وذلك من خلال البدء في إصلاح هذا النظام وفق المسالك التالية:
• اعتماد قاعدة احتساب وعاء تصفية المعاشات على أساس متوسط أفضل 10 سنوات، عوض متوسط مجموع سنوات العمل، وربط الاجراء بملائمة مؤشر إعادة تقييم المعاشات وفق منحى تنازلي يستفيد منه ذوو الدخل المنخفض (على سبيل المثال:3% بالنسبة للجزء الأول من الأجر، و2.75%، و%2، و0% بالنسبة للجزء الثاني من الأجر الذي يفوق السقف)؛
• تعميم النظام التكميلي بتطبيقه ابتداء من الدرهم الأول، لكي يستفيد منه ذوو الأجور المنخفضة، وبالتالي السماح لهم بتحسين تقاعدهم، ومصاحبة هذا الإجراء:
بتحديد سقف جديد يكون قريبا من الأجر المتوسط في الوظيفة العمومية، بزيادة تتراوح ما بين %15 و %30، أي ما بين 8.000 و10.000 درهم ( في أفق التقريب ما بين أنظمة القطب العمومي)؛
الرفع ب2% نسبة المساهمة في النظام التكميلي يتقاسمها بالتساوي المشغل والمستخدم (لترتفع من 6% إلى 8%)؛
إحداث سقف ثان يتم تطبيقه على النظام التكميلي، وتحفيز الموظفين الذين تتعدى أجورهم هذا السقف الثاني(2 أو 3 مرات السقف الأول) نحو الإنخراط في أنظمة إضافية اختيارية تعتمد على مبدأ الرسمالة؛
• إخضاع عملية إعادة تقييم المعاشات لنطاق يتم احتسابه وفق نسبة التضخم والنسبة المائوية للزيادة في الأجر المتوسط للمنخرطين.
• ضمان للمنخرطين، وبطلب منهم، إمكانية تأخير سن الاحالة على التقاعد في حدود 65 سنة، وذلك بهدف تحسين قاعدة احتساب معاشاتهم.
2. بالنسبة للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي(CNSS)،ينبغي كذلك إستغلال هذه المناسبة من أجل التحضير للمراحل القادمة للإصلاح:
• على غرار الأنظمة العمومية، تمكين الأجراء الذين يرغبون بتنسيق مع مشغليهم، تأخير إحالتهم على التقاعد في حدود 65 سنة، بهدف تحسين قاعدة احتساب معاشاتهم.
• إعادة النظر في النصوص المنظمة لقواعد توظيف احتياطات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، قصد الوصول إلى استثمار أفضل في احترام تام للقواعد الاحترازية.
توصيات تتعلق بتدابير المواكبة
1. الإسراع في تفعيل السلطة الجديدة للتأمينات وهيئات الحماية الاجتماعية، التي ستتولى ضمن اختصاصاتها، مهمة الإشراف وتقنين عمل مجموع منظومة التقاعد والانظمة المكونة له؛
2. ملائمة المقتضيات المتعلقة بالقواعد والاهداف والإكراهات المرتبطة بتوظيف احتياطات صناديق التقاعد، وتوجيهها نحو نجاعة أكبر لسياسات الاستثمار وتخصيص الأصول وتدبير المخاطر المتصلة بها؛
3. تكريس واستكمال مقاربة النوع على مستوى مجموع الأنظمة، وربطها بسياسة الأسرة مراعاة لخصوصية وضعية المرأة، وذلك بتمكين النساء المنخرطات في المنظومة من ربح سنة المساهمة عن كل وضع (طفل)، في حدود 3 سنوات (وفقا للممارسات الجاري بها العمل على الصعيد الدولي)؛
4. بالنظر إلى أهمية التي تكتسيها أنظمة التقاعد، بالنسبة لاقتصاد البلاد ولتوازناتها الاجتماعية، فإنه يتعين ضمان ولوج واسع إلى المعلومة (مفتوحة في وجه العموم). وينبغي أن يشمل هذا الولوج عناصر الخيارات الاستراتيجية المحددة للأنظمة، وتتبع أوضاع هذه الأنظمة، والنتائج التي أسفرت عنها الاستراتيجية المعتمدة؛
5. فتح نقاشات حول الإصلاح الشامل للوظيفة العمومية، والتوجهات المستقبلية للقطاع، في ضوء أهداف المردودية والجودة والانتاجية التي تؤشر إلى فعالية المرفق العمومي في الاستجابة للحاجيات والانتظارات المشروعة للمواطنات والمواطنين، وكذا رهانات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
خلاصـــــــــــــة:
أخذت عملية إصلاح منظومة التقاعد وقتا طويلا بالمغرب، لقد تأحر البلاد في مباشرة هذا الورش الكبير والحساس، بالرغم من التقارير والدراسات المنجزة وطنيا كانت أو دولية كما تعرضنا إليها سابقا.
وقد نتج عن المقترح الحكومي احتجاجات ومظاهرات ومسيرات واضرابات لا تهم المغرب فقط، بل في الحقيقة إشكالية عالمية، تفرض نفسها بإلحاح، أمام ما يعرفه العالم من تحولات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية من جهة، وأمام الأزمة الاقتصادية المالية التي يعيشها العالم من جهة أخرى، وبالخصوص ما يشوب انظمة التقاعد بالمغرب من اختلالات، وكان سببا كافيا في التفكير بالتعجيل والاسراع في اصلاحات منظومة التقاعد واتخاذ التدابير اللازمة.
وفضلا عن ذلك، إذا كانت الحكومات المتعاقبة لم تتحلى بالجرأة والشجاعة السياسية لاتخاذ إجراءات وقرارات جريئة من أجل إصلاح منظومة التقاعد، فان تماطل الحكومة الحالية في التعاطي والفصل في الموضوغ يجب أن يكون بعيدا عن الانتخابات والحسابات السياسية، وهي مدعوة لإثيات حسن نيتها وتجسيد جرأتها المعبر عنها في كل خطاباتها.
في نظري حان الوقت -مادامت الحكومة والفرقاء الاجتماعيين عازمنن على اصلاح منظومة التقاعد- لتجميع ودمج جميع الأنظمة الأساسية والاجبارية للتقاعد في نظام واحد، وكذا الأنظمة التكميلية الاختيارية في نظام واحد كذلك، أي التوفر على نظامين، الأساسي والتكميلي، لكن لا يجب أن يكون الاصلاح على حساب الموظفين والمستخدمين والاجراء والعمال، بقدر ما يجب على الحكومة، أن تعمل على تحسين الوضعية المالية للمتقاعدين، عن طريق الرفع من معاشاتهم الهزيلة، عوض الرفع من المعيشة اليومية.
وإذا صعب إدماجهم وتجميعهم في الوقت الراهن، فيجب على الأقل خلق آليات للتنسيق بين أنظمة التقاعد، مع إنشاء شبكة الكترونية مشتركة، والعمل كذلك على إحداث الشباك الوحيد، والسير تدريجيا لتوحيد أنظمة التقاعد.
إذاً، هل ستنجح المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا أثناء المفاوضات الجماعية مع الحكومة، في انتزاع مكاسب جديدة أكثر فائدة لصالح المنخرطين في أنظمة التقاعد، دون المساس بالحقوق المكتسبة؟ أم ستكتفي بالمحافظة على المكاسب الحالية؟ أم سيؤجل اتخاذ القرار النهائي في اصلاح منظومة التقاعد إلى ما بعد انتخابات المأجورين، من جهة، أمام ما برز مؤخرا سواء داخل النقايات الأكثر تمثيلا وحتى النقابات الموالية للحكومة، أو داخل المجلس الاداري للصندوق المغربي للتقاعد، على أن ما روجته الحكومة فيما يخص أزمة الصندوق المغربي للتقاعد لا أساس له من الصحة، وإنما الغرض منها تهويل الموضوع وتضخيم الأمر، بل عرفت مالية الصندوق المغربي للتقاعد فائضا ماليا يقدر بالملايير، وهذا في اعتقادي يتطلب التحقيق في الموضوع أثناء أشغال لجنة نظام المعاشات المدنية التي ستنطلق أعمالها يوم 23 فبراير 2015، ومن جهة أخرى، أمام ما يقتضيه الاصلاح من الإعداد القانوني، من مشاريع قوانين ومراسم تطبيقية في الموضوع، وهو ما لم يتم لحد الآن.
وقد نتج عن المقترح الحكومي احتجاجات ومظاهرات ومسيرات واضرابات لا تهم المغرب فقط، بل في الحقيقة إشكالية عالمية، تفرض نفسها بإلحاح، أمام ما يعرفه العالم من تحولات ديموغرافية واقتصادية واجتماعية من جهة، وأمام الأزمة الاقتصادية المالية التي يعيشها العالم من جهة أخرى، وبالخصوص ما يشوب انظمة التقاعد بالمغرب من اختلالات، وكان سببا كافيا في التفكير بالتعجيل والاسراع في اصلاحات منظومة التقاعد واتخاذ التدابير اللازمة.
وفضلا عن ذلك، إذا كانت الحكومات المتعاقبة لم تتحلى بالجرأة والشجاعة السياسية لاتخاذ إجراءات وقرارات جريئة من أجل إصلاح منظومة التقاعد، فان تماطل الحكومة الحالية في التعاطي والفصل في الموضوغ يجب أن يكون بعيدا عن الانتخابات والحسابات السياسية، وهي مدعوة لإثيات حسن نيتها وتجسيد جرأتها المعبر عنها في كل خطاباتها.
في نظري حان الوقت -مادامت الحكومة والفرقاء الاجتماعيين عازمنن على اصلاح منظومة التقاعد- لتجميع ودمج جميع الأنظمة الأساسية والاجبارية للتقاعد في نظام واحد، وكذا الأنظمة التكميلية الاختيارية في نظام واحد كذلك، أي التوفر على نظامين، الأساسي والتكميلي، لكن لا يجب أن يكون الاصلاح على حساب الموظفين والمستخدمين والاجراء والعمال، بقدر ما يجب على الحكومة، أن تعمل على تحسين الوضعية المالية للمتقاعدين، عن طريق الرفع من معاشاتهم الهزيلة، عوض الرفع من المعيشة اليومية.
وإذا صعب إدماجهم وتجميعهم في الوقت الراهن، فيجب على الأقل خلق آليات للتنسيق بين أنظمة التقاعد، مع إنشاء شبكة الكترونية مشتركة، والعمل كذلك على إحداث الشباك الوحيد، والسير تدريجيا لتوحيد أنظمة التقاعد.
إذاً، هل ستنجح المركزيات النقابية الأكثر تمثيلا أثناء المفاوضات الجماعية مع الحكومة، في انتزاع مكاسب جديدة أكثر فائدة لصالح المنخرطين في أنظمة التقاعد، دون المساس بالحقوق المكتسبة؟ أم ستكتفي بالمحافظة على المكاسب الحالية؟ أم سيؤجل اتخاذ القرار النهائي في اصلاح منظومة التقاعد إلى ما بعد انتخابات المأجورين، من جهة، أمام ما برز مؤخرا سواء داخل النقايات الأكثر تمثيلا وحتى النقابات الموالية للحكومة، أو داخل المجلس الاداري للصندوق المغربي للتقاعد، على أن ما روجته الحكومة فيما يخص أزمة الصندوق المغربي للتقاعد لا أساس له من الصحة، وإنما الغرض منها تهويل الموضوع وتضخيم الأمر، بل عرفت مالية الصندوق المغربي للتقاعد فائضا ماليا يقدر بالملايير، وهذا في اعتقادي يتطلب التحقيق في الموضوع أثناء أشغال لجنة نظام المعاشات المدنية التي ستنطلق أعمالها يوم 23 فبراير 2015، ومن جهة أخرى، أمام ما يقتضيه الاصلاح من الإعداد القانوني، من مشاريع قوانين ومراسم تطبيقية في الموضوع، وهو ما لم يتم لحد الآن.