خلص تقرير خبراء إحدى الهيئات التابعة للأمم المتحدة، أن المغرب من ضمن البلدان المتأخرة في سلم السعادة، أو بمعنى آخر من البلدان الأكثر تعاسة.
ومهما اختلفت معايير التقارير الدولية في ترتيب الدول والمجتمعات، سواء في سلاليم التنمية أو الحرية، أو الكرامة، فإن المقاييس التي تعتمد في هذه التقارير، تكون في مجملها مبنية على مؤشرات المستوى المعيشي والاجتماعي والحقوقي والبيئي للسكان.
وبالنسبة للمغرب يجمع الكل، معارضة وحكومة، أن أسباب تدني المقاييس هو الفساد، إلا أن تميز فساد مغربنا الحبيب هو شموليته، حيث يغطي ويخترق كل القطاعات المدنية والرسمية، تارة متسترا وتارة واضحا وظاهرا، كما هو الشأن في الاقتصاد الريعي الذي يعوق المنافسة وينتج الفقر، والفساد الإداري الذي يعوق الخدمات العامة للمؤسسات ويخلق الظلم بدل العدل، والمرض بدل الصحة، والأمية بدل التعليم ومدن الصفيح بدل السكن اللائق والبطالة بدل الشغل والتعاسة بدل السعادة، كنتيجة.
إن التعاسة عندنا أيها السادة، ليست فقط حالة نفسية نتيجة إحباط أو فشل ما، بل هي حالة وجودية مجسدة في عدة مظاهر أصبحت منتشرة ومتزايدة في النسيج والجسد المغربي الكبير مثل الكآبة النفسية، الحزن، الحمق، التشرد، التخدير، العنف، التفسخ، الجريمة.
المفارقة أن كل هذه الإفرازات المجتمعية المؤكدة لعمق المرض، يتم تغليفها بالغناء والمهرجانات ومواسيم الرقص، للتوهيم بوجود سعادة، ومبرمجو هذا الوهم يريدون من وراءه، إخفاء عمق التعاسة المعاشة، وبالتالي فإن معارضي هذه المهرجانات على أرضية أو مرجعية أخلاقية فقط، هم كذلك واهمون، لأن أصلها اجتماعي، واقتصادي وسياسي، كما أثبت التقرير الأممي الأخير، الذي جاء كتحصيل حاصل، لما تجرأ عدة وزراء من حزب العدالة والتنمية بالكشف عنه، من ملفات فساد في القطاعات التي يشرفون عليها، والتي لم تتجاوز حدود الكشف والنبش ولم تنتقل إلى مرحلة المعالجة والتصفية، بالإضافة إلى كون هذا الإقرار الرسمي ببعض مظاهر الفساد لم يشمل باقي قطاعات وزراء الأحزاب المكونة للحكومة.
الآن المغرب عند مفترق الطرق، إما معالجة التعاسة بمحاربة الفساد الشامل، طبعا ليس بمهرجانات الفرجة، ولا بالبقاء عند حدود إعلان النوايا ونشر لوائح بعض المتورطين في الفساد، بل بالانتقال إلى مرحلة جديدة، تعيد رسم قاعدة توزيع الثروة أو على الأقل تنظيمها وإخضاعها لأسس المنافسة في الاستثمار ، لأن المنافسة الاقتصادية هي القاعدة الأساسية للديمقراطية في السياسة، وكلاهما يشكلان قاعدة الحكامة في الإدارة، لتستقيم تقديم الخدمات الطبية، والتعليمية، والعدل والشغل والبيئة، في أفق بناء مجتمع سليم وقوي، والذي بدونه لن تقوم قائمة لدولة المؤسسات، لأن دولة الحق والقانون تستمد قوتها من قوة المجتمع المدني، عكس دولة المخزن التي تستمد قوتها من ضعف وتفكك ومرض وتفقير المجتمع المدني.
إن المغرب الآن لم يعد ممكنا فيه لا زمانيا ولا جغرافيا، رمي الكرة إلى الأمام، أي تأجيل معالجة الملفات بشكل جدي، وفق مقولة قضاء الشيء بتركه، كما كان سابقا، وذلك لكون الزمن الحالي وبكل بساطة يتضمن مساحتين، مساحة شرعية بلغة القانون وهي الحكومة والأحزاب المعارضة لها برلمانيا، ومساحة معارضة لكل الخريطة الشرعية قانونا، وأن أي ضياع للمرحلة أو تأزيم للحكومة الحالية، لن يقوي بالضرورة المعارضة الرسمية لها أي: الاتحاد الاشتراكي، حزب الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار، بل ستؤدي حتما إلى تقوية واتساع مساحة معارضة الحكم وليس الحكومة، إن الواجب يستوجب دعم جرأة الفريق الوزاري المصباحي، وتعميم سياسة تعرية الفساد ومحاربته بشكل يفضي إلى تمتيع الشعب بالولوج للخدمات العمومية، لأنها وحدها الكفيلة باستمرار هيبة الدولة ومصداقية مؤسساتها، أما من يراهن على كون عرقلة المصباح ستؤدي إلى تقوية الأحزاب الرسمية المعارضة للحكومة، فرهانه خاطئ، لأنه الآن أصبح تأزيم المصباح يؤدي إلى تأزيم النظام ككل، من جهة ومن جهة أخرى إلى تقوية وتمتين قاعدة معارضة الحكم وليس الحكومة، وهي قاعدة موجودة بحكم الفعل والشرط الموضوعي والذاتي محليا وجهويا ودوليا، في تموجات الحراك الاجتماعي وهيئاته الحقوقية والجمعوية والسياسية، المستقلة عن الحقل الرسمي على الأقل منذ 20 فبراير والمتزايدة شروط تجدرها كما وكيفا.
فلا تسقطوا المصباح لأن زيته ستشعل النار في الهشيم المتراكم أصلا.
ومهما اختلفت معايير التقارير الدولية في ترتيب الدول والمجتمعات، سواء في سلاليم التنمية أو الحرية، أو الكرامة، فإن المقاييس التي تعتمد في هذه التقارير، تكون في مجملها مبنية على مؤشرات المستوى المعيشي والاجتماعي والحقوقي والبيئي للسكان.
وبالنسبة للمغرب يجمع الكل، معارضة وحكومة، أن أسباب تدني المقاييس هو الفساد، إلا أن تميز فساد مغربنا الحبيب هو شموليته، حيث يغطي ويخترق كل القطاعات المدنية والرسمية، تارة متسترا وتارة واضحا وظاهرا، كما هو الشأن في الاقتصاد الريعي الذي يعوق المنافسة وينتج الفقر، والفساد الإداري الذي يعوق الخدمات العامة للمؤسسات ويخلق الظلم بدل العدل، والمرض بدل الصحة، والأمية بدل التعليم ومدن الصفيح بدل السكن اللائق والبطالة بدل الشغل والتعاسة بدل السعادة، كنتيجة.
إن التعاسة عندنا أيها السادة، ليست فقط حالة نفسية نتيجة إحباط أو فشل ما، بل هي حالة وجودية مجسدة في عدة مظاهر أصبحت منتشرة ومتزايدة في النسيج والجسد المغربي الكبير مثل الكآبة النفسية، الحزن، الحمق، التشرد، التخدير، العنف، التفسخ، الجريمة.
المفارقة أن كل هذه الإفرازات المجتمعية المؤكدة لعمق المرض، يتم تغليفها بالغناء والمهرجانات ومواسيم الرقص، للتوهيم بوجود سعادة، ومبرمجو هذا الوهم يريدون من وراءه، إخفاء عمق التعاسة المعاشة، وبالتالي فإن معارضي هذه المهرجانات على أرضية أو مرجعية أخلاقية فقط، هم كذلك واهمون، لأن أصلها اجتماعي، واقتصادي وسياسي، كما أثبت التقرير الأممي الأخير، الذي جاء كتحصيل حاصل، لما تجرأ عدة وزراء من حزب العدالة والتنمية بالكشف عنه، من ملفات فساد في القطاعات التي يشرفون عليها، والتي لم تتجاوز حدود الكشف والنبش ولم تنتقل إلى مرحلة المعالجة والتصفية، بالإضافة إلى كون هذا الإقرار الرسمي ببعض مظاهر الفساد لم يشمل باقي قطاعات وزراء الأحزاب المكونة للحكومة.
الآن المغرب عند مفترق الطرق، إما معالجة التعاسة بمحاربة الفساد الشامل، طبعا ليس بمهرجانات الفرجة، ولا بالبقاء عند حدود إعلان النوايا ونشر لوائح بعض المتورطين في الفساد، بل بالانتقال إلى مرحلة جديدة، تعيد رسم قاعدة توزيع الثروة أو على الأقل تنظيمها وإخضاعها لأسس المنافسة في الاستثمار ، لأن المنافسة الاقتصادية هي القاعدة الأساسية للديمقراطية في السياسة، وكلاهما يشكلان قاعدة الحكامة في الإدارة، لتستقيم تقديم الخدمات الطبية، والتعليمية، والعدل والشغل والبيئة، في أفق بناء مجتمع سليم وقوي، والذي بدونه لن تقوم قائمة لدولة المؤسسات، لأن دولة الحق والقانون تستمد قوتها من قوة المجتمع المدني، عكس دولة المخزن التي تستمد قوتها من ضعف وتفكك ومرض وتفقير المجتمع المدني.
إن المغرب الآن لم يعد ممكنا فيه لا زمانيا ولا جغرافيا، رمي الكرة إلى الأمام، أي تأجيل معالجة الملفات بشكل جدي، وفق مقولة قضاء الشيء بتركه، كما كان سابقا، وذلك لكون الزمن الحالي وبكل بساطة يتضمن مساحتين، مساحة شرعية بلغة القانون وهي الحكومة والأحزاب المعارضة لها برلمانيا، ومساحة معارضة لكل الخريطة الشرعية قانونا، وأن أي ضياع للمرحلة أو تأزيم للحكومة الحالية، لن يقوي بالضرورة المعارضة الرسمية لها أي: الاتحاد الاشتراكي، حزب الأصالة والمعاصرة، التجمع الوطني للأحرار، بل ستؤدي حتما إلى تقوية واتساع مساحة معارضة الحكم وليس الحكومة، إن الواجب يستوجب دعم جرأة الفريق الوزاري المصباحي، وتعميم سياسة تعرية الفساد ومحاربته بشكل يفضي إلى تمتيع الشعب بالولوج للخدمات العمومية، لأنها وحدها الكفيلة باستمرار هيبة الدولة ومصداقية مؤسساتها، أما من يراهن على كون عرقلة المصباح ستؤدي إلى تقوية الأحزاب الرسمية المعارضة للحكومة، فرهانه خاطئ، لأنه الآن أصبح تأزيم المصباح يؤدي إلى تأزيم النظام ككل، من جهة ومن جهة أخرى إلى تقوية وتمتين قاعدة معارضة الحكم وليس الحكومة، وهي قاعدة موجودة بحكم الفعل والشرط الموضوعي والذاتي محليا وجهويا ودوليا، في تموجات الحراك الاجتماعي وهيئاته الحقوقية والجمعوية والسياسية، المستقلة عن الحقل الرسمي على الأقل منذ 20 فبراير والمتزايدة شروط تجدرها كما وكيفا.
فلا تسقطوا المصباح لأن زيته ستشعل النار في الهشيم المتراكم أصلا.