الحس الوطني : هو نتاج للوعي الوطني الذي هو الادراك العقلي والوجداني لأحوال الوطن ؛ ادراك نقاط قوته و نقاط ضعفه ، و ادراك التحديات التي تواجهه ان كان محتلا من طرف الاجانب ، او متخلفا بسبب سوء تدبير أحواله السياسية و الاجتماعية و الاقتصادية و التعليمية مع التفكير في سبل تحريره في حالة الاحتلال ، و الاسهام في تقدمه في حالة التخلف ، و السعي الى فهم عوامل تفكك اواصره المجتمعية و أجزاءه الترابية في حالة مداهمته من طرف اعداءه من الداخل او الخارج بما يروجون له من افكار هدامة تمهد لاضعافه و الزج به في متاهات الفتنة و السقوط .
المواطنة : هي المشاركة في بناء الوطن على الصورة التي تجعله متقدما ، يعيش أهله حالة الاستقرار و الرخاء، و يكون ذلك بانخراط المواطنين كافراد كبارا و صغارا ، اغنياء و فقراء في تكوين انفسهم و تكوين الاخرين ، و جعلهم مسلحين بالمعارف اللازمة ، و بالاستعداد البدني و النفسي اللائقين لتقديم الخدمات الضرورية لفائدة المجتمع ، بالانضمام الى العمل الجماعي ، و المشاركة في الجمعيات ، و التنظيم في اطار المنظمات الثقافية و الاجتماعية و السياسية ، و تكون الغاية هي الحفاظ على وحدته و سيادته كاملة و على تماسكه الاجتماعي و رقي أبناءه فكريا و معرفيا و علميا و خلقيا . و يكون ذلك بما ينبغي من الاحساس الدائم بالغيرة عليه و على مواطنيه و ان يعيشوا احرارا و كرماء في وطنهم و خارجه .
السلوك المدني : هو ترجمة الحس و الوعي الوطني و روح المواطنة ترجمة فعلية ملموسة من خلال جعل السلوك محققا لهدف الوعي الوطني و مطلب المواطنة الايجابية ، و ذلك بنهج الافراد و المواطنين سلوكا متمدنا ، و متحضرا و راقيا ، ليستلهم روح القوانين و القيم الوطنية و الاجتماعية المثالية ، و تتجلى في المواقف و المعاملات و الظهور بمظهر الشخص الملتزم كمواطن و المثقف و المشبع بالقيم الاخلاقية التي تجعل منه مواطنا صالحا مستدمجا لكل القيم التي بتمثلها يتحقق ضمان تحرر الوطن و المواطنين و عيشهم في اجواء من التقدم و الرقي و الرفاه .
و اذا كان الحس الوطني غائبا او مغيبا بإرادة ووعي زائف بعدم جدواه و أهميته مقارنة مع ما يطلق عليه عند الاخوان المسلمين بالوعي الاسلامي و الحس القومي الديني الذي يجب أن يكون موجِّها لكل سلوك فردي و محدِّدا لكل علاقةِ مشاركةٍ .
في العمل من أجل البناء فإنه من المتعذّر ان يتحقق اي انجاز لصالح الوطن سواء على صعيد بناء ثقافته أو ارساء قيمه التي تحفظ وجوده و تماسكه و تضمن أمنه المادي والجسدي في اطار حدوده الجغرافية الترابية ، أو امنه الروحي في اطار حدوده العقائدية و المذهبية .
كما يكون صعبا الاقناع بان حاملي ما يسمى ”بالوعي الاسلامي” و المدافعين عنه هم اناس يتمتعون بالحس الوطني الذي يرفده الوعي الوطني . و يكون كذبا و نفاقا الادعاء بان المشاركة في الشأن العام من لدن المتحمسين لمصطلح الوعي الاسلامي الاخواني هي مشاركة مجسدة لمطلب المواطنة . و يكون ايضا إدعاءا كاذبا و منافقا التصريح بأن كل ما يُترجَم من سلوك بخلفية دينية اسلامية اخوانية هو سلوك مدني . ”فالميّة تكذب الغطاس ” دائما كما يقول اخواننا المصريون هو مثل ينطبق تماما على كل الذين يستطيبون و يشعرون بارتياح عميق ، في كل مرة ، للاحدات و الافعال المعبرة عن معاداة الحريات الفردية و التي هي الاحدات و الافعال المناقضة في الصميم لجوهر السلوك المدني و المتنافية مع روح المواطنة التي تقبل الاخر كيفما كان شكله او لونه او معتقده او ميوله مشاركا في البناء دون ان يكون بالضرورة نسخة مطابقة لغيره في الفكر والذوق و اختياره لنمط عيشه المستجيب لظروفه الحياتية الخاصة و خصوصياته الذاتية .
و يكون هذا السلوك المُوجَّه بما يطلق عليه ب ”الوعي الاسلامي الاخواني ” بعيدا اكثر عن ان يكون مدنيا حين يتعارض مع المصلحة الوطنية ، و ذلك حين يضرب بها بعرض الحائط لصالح مصلحة اخرى تتعدى حدود الوطن و مصالح و حريات المواطنين الفردية .