HakaikPress - حقائق بريس - جريدة الكترونية مستقلة

خلفيات انسحاب العدل والإحسان من احتجاجات 20 فبراير

الجماعة فشلت في تحويل الحركة إلى حصان طروادة لتمرير شعاراتها


سعيد الكحل
السبت 24 ديسمبر 2011




خلفيات انسحاب العدل والإحسان من احتجاجات 20 فبراير
أصدرت الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان يوم الأحد 18 دجنبر الجاري، بيانا فاجأ المتتبعين للشأن السياسي في المغرب تعلن فيها قرارها بوقف مشاركتها في الحركات الاحتجاجية التي تقودها حركة 20 فبراير، إذ لم يكن منتظرا من الجماعة اتخاذ الموقف إياه، وفي هذا الظرف بالضبط. وسيكون لهذا القرار انعكاسات مباشرة على مسار ومستقبل حركة 20 فبراير والأطراف السياسية التي أسست كل رهانها على الحركة، خاصة الأحزاب التي قاطعت الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، واختارت التظاهر في الشارع لممارسة مزيد من الضغوط في أفق بناء «الملكية البرلمانية».

أصدرت الأمانة العامة للدائرة السياسية لجماعة العدل والإحسان يوم الأحد 18 دجنبر الجاري، بيانا فاجأ المتتبعين للشأن السياسي في المغرب تعلن فيها قرارها بوقف مشاركتها في الحركات الاحتجاجية التي تقودها حركة 20 فبراير، إذ لم يكن منتظرا من الجماعة اتخاذ الموقف إياه، وفي هذا الظرف بالضبط. وسيكون لهذا القرار انعكاسات مباشرة على مسار ومستقبل حركة 20 فبراير والأطراف السياسية التي أسست كل رهانها على الحركة، خاصة الأحزاب التي قاطعت الانتخابات التشريعية ليوم 25 نونبر 2011، واختارت التظاهر في الشارع لممارسة مزيد من الضغوط في أفق بناء «الملكية البرلمانية».

إن قرار الجماعة ستكون له امتداداته في الساحة السياسية على أكثر من صعيد ، سنعود لملامستها بعد التطرق لخلفيات هذا القرار ودوافعه، ذلك أن الجماعة سبق وقررت، منذ الإعلان عن تأسيس حركة 20 فبراير،أنها ستدعم الحركة وستشارك في مسيراتها الاحتجاجية وكل الأساليب النضالية التي ستقررها، بل إن الجماعة تجاوزت حدود الدعم والمساندة إلى الإعلان عن قرار استمرار حركة 20 فبراير إلى حين إسقاط الفساد والاستبداد. فما الذي حدث حتى تضطر الجماعة إلى الانسحاب من الحركة ولم تتحقق الأهداف المركزية التي راهنت عليها الجماعة حين قررت دعم الحركة والنزول بكل ثقلها لفرض قرارات تخص رفع سقف المطالب، ونقل الاحتجاجات إلى الأحياء الشعبية، ومقاطعة الانتخابات الخ؟ إن بيان الجماعة يحمل إجابات دقيقة عن دواعي الانسحاب فيما سكت عن أخرى.

بخصوص دواعي الانسحاب المعلن عنها في بيان الجماعة نجد التالي:

1 ـ إن الجماعة فقدت زمام التحكم في مسار الحركة ورسم آفاقها وتحديد مطالبها. فالبيان يشير إلى العوامل التي أفسدت على الجماعة خططها وإستراتيجيتها في استغلال الحركة كالتالي(لكن الحركة حفلت بمن جعل كل همه كبح جماح الشباب، أو بث الإشاعات وتسميم الأجواء، أو الإصرار على فرض سقف معين لهذا الحراك وتسييجه بالاشتراطات التي تخرجه من دور الضغط في اتجاه التغيير الحقيقي إلى عامل تنفيس عن الغضب الشعبي، أو تحويله إلى وسيلة لتصفية حسابات ضيقة مع خصوم وهميين، أو محاولة صبغ هذا الحراك بلون إيديولوجي أو سياسي ضدا على هوية الشعب المغربي المسلم في تناقض واضح مع ما يميز حركة الشارع في كل الدول العربية).

بالتأكيد كانت للجماعة أهدافها الخاصة التي لا تتقاطع مع الأطراف المشاركة في حركة 20 فبراير إلا في ما يتعلق بالتظاهر والانضباط المرحلي لشعارات ومطالب لجان التنسيق المحلية التي عملت الجماعة على اختراقها ، ومن ثم التأثير على قراراتها ، لكنها فشلت ليقظة باقي مكونات الحركة ومؤسسيها الذين ظلوا متشبثين بالمطالب والأهداف التي تضمنها ميثاق تأسيس الحركة.

أمام إصرار باقي مكونات الحركة هذا، اضطرت الجماعة إلى فك ارتباطها بالحركة بعدما يئست من إحداث التغيير المطلوب على مستوى الشعارات والمطالب التي كانت الجماعة ترمي من خلالها إلى الدفع بالحركة نحو مواجهة مفتوحة مع الأجهزة الأمنية تستدرج الأخيرة إلى ارتكاب أعمال عنف ضد المتظاهرين بغاية استغلالها لزرع مشاعر النقمة وتأجيج الغضب الشعبي الذي سيترجم إلى أفواج متزايدة تلتحق بالحركة، حتى تتحول إلى ثورة شعبية على النحو الذي عرفته تونس ومصر وسوريا، لكن هذه الرهان فشل .

2 ـ العامل الرئيسي الثاني لقرار الانسحاب حدده بيان الجماعة في تمكن النظام من إنجاح إستراتيجيته، وسحب البساط من تحت أقدام حركة 20 فبراير، وضمنها جماعة العدل والإحسان.

وهذا واضح في بيان الجماعة، كالتالي (كان رد النظام المخزني الالتفاف والمناورة والخديعة، بدء بخطاب مارس الفضفاض والغامض، ومرورا بالتعديلات الدستورية الشكلية التي حافظت على الروح الاستبدادية لنظام الحكم، وبعض الخطوات الترقيعية في المجال الاجتماعي والحقوقي، ثم انتخابات مبكرة شبيهة بسابقاتها في الإعداد والإشراف، وانتهاء بالسماح بتصدر حزب العدالة والتنمية لنتائجها وتكليفه بقيادة حكومة شكلية دون سلطة أو إمكانيات قصد امتصاص الغضب الشعبي لإطالة عمر المخزن وإجهاض آمال الشعب في التغيير الحقيقي وتلطيخ سمعة الإسلاميين، وإضفاء الشرعية الدينية على الإسلام المخزني الموظف للدين قصد تبرير الاستبداد). ويفهم من نص البيان أن النظام لعب بذكاء وتجاوز خطر الثورة دون أدنى خسائر، بل خرج أقوى مما كان عليه قبل اندلاع الحراك السياسي، الأمر الذي وضع الحركة والجماعة في حالة حرج والمنتظم الدولي يشيد بالتغيير الذي تحقق في المغرب ومدى قدرة النظام على التجاوب والانفتاح على مطالب الشعب وقواه الحية .

لم يبق من مسوغ لتواصل الجماعة احتجاجها سوى أن تعلن صراحة أنها تريد إسقاط النظام؛ الأمر الذي سيضعها في مواجهة مكشوفة ومباشرة مع النظام وبدون سند سياسي أو شعبي، سيعجل بنهايتها. أما الأسباب التي سكت عنها البيان، وكان لها دور في قرار الجماعة بالانسحاب، فيمكن الإشارة إلى التالي:

أ ـ منذ منتصف شهر غشت، بدأت عوامل التوتر داخل حركة 20 فبراير تطفو على السطح بين جماعة العدل والإحسان وحزب اليسار الاشتراكي الموحد . فقد أدرك مناضلو الحزب وقادته أن أهداف الجماعة غير أهدافهم ، وأنها تستغل الحركة لإسقاط النظام وإقامة نظام بديل. وفي محاضرة للأستاذ محمد الساسي، العضو القيادي في الحزب الاشتراكي الموحد، شدد على أن العمل السياسي والنضالي هو تعاقد حر وإرادي شبهه بركوب حافلة متجهة إلى وجهة ما افترضها مدينة طنجة، وتحمل ركابا من مدن أخرى في الاتجاه نفسه مثل سوق الأربعاء الغرب أو العرائش. ومن يريد النزول في أي مدينة أو محطة له الحق في ذلك ولا ينبغي أن يلزمه أحد بمواصلة الرحلة إلى مدينة طنجة أو ينحرف به سائق الحافلة من طريق آخر ليأخذه مباشرة إلى طنجة دون المرور على مدينة وجهته، وهي إشارة موجهة إلى جماعة العدل والإحسان التي تسعى لاختطاف حركة 20 فبراير، والقفز على شعار الملكية البرلمانية . وهذا حال النضال من داخل حركة 20 فبراير الذي ينبغي أن يحترم قناعات الأطراف المشاركة، ومنها الحزب الاشتراكي الموحد الذي يقبل بالملكية البرلمانية ولا يقبل بالجمهورية.

يقول الساسي "لا يمنعني أحد من النزول في مدينة سوق الأربعاء ويفرض علي الذهاب إلى طنجة. أنا باغي الملكية البرلمانية، لما أصل إلى مدينة سوق الأربعاء، أنا سأنزل من الحافلة، لأني وصلت إلى هدفي)، وهذا ما سيؤكد عليه الأستاذ إبراهيم ياسين في عرض سياسي بسيدي سليمان ليلة 19 غشت 2011، لما نبه إلى أن النظام الجمهوري لا يكون بالضرورة ديمقراطيا ، إذ توجد جمهوريات ديمقراطية، كما توجد جمهوريات أكثر استبدادا؛ وبالمقابل ليس النظام الملكي دائما استبداديا إذ توجد ملكيات ديمقراطية وأخرى استبدادية، لهذا حذر من سعي جماعة العدل والإحسان والنهج إلى السطو على قرار حركة 20 فبراير (هناك أطراف مشاركة في الحركة لها أهداف لا تعلنها .. دخلت على أساس الالتزام بقضيتين مركزيتين: برنامج الحركة والتظاهر السلمي، ولكنها تسعى بطرق ذكية للاستيلاء على القرار في حركة 20 فبراير في كل مدينة وكلما أتيحت لها المناسبة. الآن هذا الاتجاه يسعى للخروج على الأمرين معا: البرنامج والتظاهر السلمي ). إذن، سيتصدى مناضلو الاشتراكي الموحد لكل محاولات الجماعة خطف الحركة وفرض شعارات غير متفق حولها، ولا تلزم بالميثاق التأسيسي لحركة 20 فبراير.

ب ـ اتفاق تنسيقيات حركة 20 فبراير في كثير من المدن فك الارتباط بالجماعة ومنعها من المشاركة في نفس المظاهرات الاحتجاجية التي ينظمونها. وكان لهذا القرار أثره المباشر على الجماعة التي لن تستطيع التظاهر بمفردها وبدون الغطاء السياسي الذي توفره لها حركة 20 فبراير، فاقتصرت مشاركتها على بعض المدن كطنجة وآسفي.

وأمام هذا المستجد، لا يمكن للجماعة مواجهة "المخزن" بمفردها ومعزولة عن السند الشعبي/الشبابي. وقد حاولت، فكانت خسائرها أكبر أقر بها البيان، وإن لم يدرجها ضمن أسباب فك الارتباط كالتالي، (وأرفق النظام كل هذا الخداع بحملات القمع والتشويه وبث الفرقة بين شباب ومكونات هذا الحراك، ونالت جماعة العدل والإحسان نصيبا وافرا من هذه الحملات). إذن، الجماعة تدرك خطورة استفراد النظام بها، خصوصا بعد الإصلاحات الدستورية والسياسية التي انخرط فيها المغرب، وحملت حزب العدالة والتنمية ذا المرجعية الإسلامية إلى السلطة. لهذا لا خيار لها سوى الانسحاب وفك الارتباط بحركة 20 فبراير التي فشلت الجماعة في تحويلها إلى حصان طروادة . للموضوع بقية .

         Partager Partager

تعليق جديد
Twitter

شروط نشر التعليقات بموقع حقائق بريس : مرفوض كليا الإساءة للكاتب أو الصحافي أو للأشخاص أو المؤسسات أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم وكل ما يدخل في سياقها

مقالات ذات صلة
< >

الخميس 19 ديسمبر 2024 - 18:57 اغتيال عمر بنجلون جريمة لا تغتفر

أخبار | رياضة | ثقافة | حوارات | تحقيقات | آراء | خدمات | افتتاحية | فيديو | اقتصاد | منوعات | الفضاء المفتوح | بيانات | الإدارة و التحرير